ما حكم المسح على الجوربين الخفيفين ؟
الشيخ محمد ناصر الالباني
الشيخ : هل يجوز المسح على الجوربين الخفيفين ؟
كان جوابي الجواز ، ونَقَل السائل - أيضًا - هذا الجواب عن بعض أفاضل علماء هذه البلاد ، وهو الشيخ الفاضل محمد بن عثيمين ، أجاب بأن اشتراط أن يكون الجوربان كثيفين لا يشفَّان الماء ، قال - ما معناه - : بأن هذا لا دليل عليه ، فقلت : لقد صدق وأصاب ، وجزاه الله خيرًا ؛ لأن قلَّ من العلماء اليوم من يَحيد عمَّا جاء في أكثر كتب الفقهاء خشية أن تزِلَّ به القدم ، وإنما يُصرِّح بمثل هذا الجواب مَن كان راسخًا في العلم ، وليس هو إلا الكتاب والسنة وما كان عليه السلف الصالح كما ذكرت آنفًا .
فأريد أن أقول توضيحًا لهذا القول الصواب ؛ وهو أنه يجوز المسح على الجوربين ولو كانا رقيقين ، وقلت مازحًا مع صاحبي وسائلي : يجوز المسح على الجوربين ولو كان رقيقين ، وكانت الرِّقَّة أرقَّ من دين اليهود ، لا يضرُّ المسح على الجوربين مهما كانا رقيقين ، والفلسفة التي نسمعها أنه يُشترط أن لا يتسرَّب الماء على الممسوح عليه إلى ظاهر القدم ؛ أنا أقول : فعلًا هذه فلسفة !! فبالرغم أنها لا أصل لها في الكتاب ولا في السنة ولا في شيء من أقوال سلفنا الصالح ؛ فـ " لو كان الدين بالرأي " - ماذا يقول علي بن أبي طلب ؟ - " لو كان الدِّين بالرأي لَكان المسح أسفل الخفِّ أولى من المسح أعلى الخفِّ ، ولكني رأيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وآله وسلم - يمسح على الخفَّين " ؛ إذًا ليس الدين بالرأي ، وبخاصَّة إذا خالف الرأي ما جاء في السنة ، وأنا أقول حتى في هذه المسألة لو كان الدين بالرأي لَقلتُ : الأولى أن يكون المسح على الجوربين الرَّقيقين أولى من المسح على الجَوربين الغليظين الكثيفين ؛ لماذا ؟ لأنَّ المسح بديل الغسل ، فإذا جمعنا بين الغسل أو وصول الماء يعني إلى ظاهر القدم وبين المسح ؛ فالمنطق والعقل يقول هذا أولى من أن يُشترط أن لا يصل ولا قطرة ماء إلى بشرة القدم ؛ من أين هذا الشرط جاء ؟
نقول بهذه المناسبة : قال - عليه الصلاة والسلام - : كلُّ شرطٍ ليس في كتاب الله فهو باطل ؛ ولو كان مائة شرط ، حديث رواه البخاري ومسلم في " صحيحيهما " من حديث عائشة - رضي الله عنها - ، ثم أقول : إن المسح على الخفَّين ، أو المسح على الجوربين ، أو المسح على النعلين ؛ كل ذلك إنما جاء من باب الترخيص والتيسير على الناس ، فإذا قُيِّد هذا المسح أو ذاك بشروط عادت الرُّخصة إلى عزيمة ، عادت الرخصة إلى أن لا يتيسَّر للناس استعمالها .
لقد جاء عن الحسن البصري حينما سُئل عن المسح على الجوربين المُخرَّقين ، هل يجوز المسح على الجوربين المُخرَّقين ؟ قال : " وهل كانت جوارب الأنصار والمهاجرين إلا مُخرَّقة ؟! " . وهذا منتهى الرخصة ، ذلك لأننا نعلم من حال السلف الأول وفقره ، فليس من الممكن أن نتصوَّر أن السلف الأول كان عنده من المال وغدق العيش ما يوجد اليوم في بعض البلاد الإسلامية كبلادكم هذه ؛ بحيث أن أحدهم لا يكاد يشعر بأن الجورب بدأ يظهر منه جانب من القدم إلا ويرميه أرضًا ثم يلبس غيره ؛ أولًا : لرخص ثمنه ، وثانيًا : لكثرة الأموال بين أيدي هؤلاء الناس ، أما الأنصار لم يكونوا كذلك ، هذا من جانب ، ومن جانب آخر ليس معقولًا أن يهتمَّ المسلم بجوربه كُلَّما شعر بأنه انخَرَق في ناحية أن يُرقِّع خرقه ، هذا تكليف يتنافى مع التيسير الذي جاء نصُّه في القرآن الكريم يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ، فكوْن المسح على هذه الأنواع المذكورة آنفًا ؛ الجَورب والنَّعل والخف كون ذلك من الرُّخَص يستلزم أن لا تُوضع على هذه الرُّخص هذه الشروط التي تُضيِّق من دائرة الرخصة فيها ؛ فالقول بأن الجورب يُشترط فيه كذا وكذا من شروط ، من ذلك أن لا يصل الماء كما ذكرنا ، من ذلك أن يستطيع أن يمشي كذا مسافة على الجورب ، ومن ذلك أن يقف ساقه ولا يتدلَّى إلى ما تحت الكعبين ، كلها آراء واجتهادات لا نشكُّ بأن الذين قالوها أرادوا بالأمة خيرًا ، ولكن ما ليس في كتاب الله ولا في سنة رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - فلا يجوز أن نَشُقَّ على المسلمين بأمرهم بها ، وفيما جاءنا عن رسول - صلى الله عليه وآله وسلم - ما يكفي ، وليس هناك أيُّ شرط في المسح على أيِّ نوعٍ من هذه الأنواع سوى شرط واحد وهو ميسَّر مذلَّل ؛ ألا وهو اقتصار المسح على الممسوح عليه من الجوربين أو الخفَّين أو النعلين يومًا وليلة للمقيم ، وثلاثة أيام بلياليها ؛ فقط هذا هو الشرط الذي جاء في السنة ، ولو كان هناك شرطٌ بَلْهَ شروط أخرى لَذَكَرَها رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - حكايةً عن ربِّه وما كان ربك نسيًّا .
لذلك نقول بجواز المسح على الخفَّين دون أيِّ شرط سوى الشرط المذكور آنفًا ، هذا ما لزِم بيانه بمناسبة هذه المسألة .
تفضل .
كان جوابي الجواز ، ونَقَل السائل - أيضًا - هذا الجواب عن بعض أفاضل علماء هذه البلاد ، وهو الشيخ الفاضل محمد بن عثيمين ، أجاب بأن اشتراط أن يكون الجوربان كثيفين لا يشفَّان الماء ، قال - ما معناه - : بأن هذا لا دليل عليه ، فقلت : لقد صدق وأصاب ، وجزاه الله خيرًا ؛ لأن قلَّ من العلماء اليوم من يَحيد عمَّا جاء في أكثر كتب الفقهاء خشية أن تزِلَّ به القدم ، وإنما يُصرِّح بمثل هذا الجواب مَن كان راسخًا في العلم ، وليس هو إلا الكتاب والسنة وما كان عليه السلف الصالح كما ذكرت آنفًا .
فأريد أن أقول توضيحًا لهذا القول الصواب ؛ وهو أنه يجوز المسح على الجوربين ولو كانا رقيقين ، وقلت مازحًا مع صاحبي وسائلي : يجوز المسح على الجوربين ولو كان رقيقين ، وكانت الرِّقَّة أرقَّ من دين اليهود ، لا يضرُّ المسح على الجوربين مهما كانا رقيقين ، والفلسفة التي نسمعها أنه يُشترط أن لا يتسرَّب الماء على الممسوح عليه إلى ظاهر القدم ؛ أنا أقول : فعلًا هذه فلسفة !! فبالرغم أنها لا أصل لها في الكتاب ولا في السنة ولا في شيء من أقوال سلفنا الصالح ؛ فـ " لو كان الدين بالرأي " - ماذا يقول علي بن أبي طلب ؟ - " لو كان الدِّين بالرأي لَكان المسح أسفل الخفِّ أولى من المسح أعلى الخفِّ ، ولكني رأيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وآله وسلم - يمسح على الخفَّين " ؛ إذًا ليس الدين بالرأي ، وبخاصَّة إذا خالف الرأي ما جاء في السنة ، وأنا أقول حتى في هذه المسألة لو كان الدين بالرأي لَقلتُ : الأولى أن يكون المسح على الجوربين الرَّقيقين أولى من المسح على الجَوربين الغليظين الكثيفين ؛ لماذا ؟ لأنَّ المسح بديل الغسل ، فإذا جمعنا بين الغسل أو وصول الماء يعني إلى ظاهر القدم وبين المسح ؛ فالمنطق والعقل يقول هذا أولى من أن يُشترط أن لا يصل ولا قطرة ماء إلى بشرة القدم ؛ من أين هذا الشرط جاء ؟
نقول بهذه المناسبة : قال - عليه الصلاة والسلام - : كلُّ شرطٍ ليس في كتاب الله فهو باطل ؛ ولو كان مائة شرط ، حديث رواه البخاري ومسلم في " صحيحيهما " من حديث عائشة - رضي الله عنها - ، ثم أقول : إن المسح على الخفَّين ، أو المسح على الجوربين ، أو المسح على النعلين ؛ كل ذلك إنما جاء من باب الترخيص والتيسير على الناس ، فإذا قُيِّد هذا المسح أو ذاك بشروط عادت الرُّخصة إلى عزيمة ، عادت الرخصة إلى أن لا يتيسَّر للناس استعمالها .
لقد جاء عن الحسن البصري حينما سُئل عن المسح على الجوربين المُخرَّقين ، هل يجوز المسح على الجوربين المُخرَّقين ؟ قال : " وهل كانت جوارب الأنصار والمهاجرين إلا مُخرَّقة ؟! " . وهذا منتهى الرخصة ، ذلك لأننا نعلم من حال السلف الأول وفقره ، فليس من الممكن أن نتصوَّر أن السلف الأول كان عنده من المال وغدق العيش ما يوجد اليوم في بعض البلاد الإسلامية كبلادكم هذه ؛ بحيث أن أحدهم لا يكاد يشعر بأن الجورب بدأ يظهر منه جانب من القدم إلا ويرميه أرضًا ثم يلبس غيره ؛ أولًا : لرخص ثمنه ، وثانيًا : لكثرة الأموال بين أيدي هؤلاء الناس ، أما الأنصار لم يكونوا كذلك ، هذا من جانب ، ومن جانب آخر ليس معقولًا أن يهتمَّ المسلم بجوربه كُلَّما شعر بأنه انخَرَق في ناحية أن يُرقِّع خرقه ، هذا تكليف يتنافى مع التيسير الذي جاء نصُّه في القرآن الكريم يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ، فكوْن المسح على هذه الأنواع المذكورة آنفًا ؛ الجَورب والنَّعل والخف كون ذلك من الرُّخَص يستلزم أن لا تُوضع على هذه الرُّخص هذه الشروط التي تُضيِّق من دائرة الرخصة فيها ؛ فالقول بأن الجورب يُشترط فيه كذا وكذا من شروط ، من ذلك أن لا يصل الماء كما ذكرنا ، من ذلك أن يستطيع أن يمشي كذا مسافة على الجورب ، ومن ذلك أن يقف ساقه ولا يتدلَّى إلى ما تحت الكعبين ، كلها آراء واجتهادات لا نشكُّ بأن الذين قالوها أرادوا بالأمة خيرًا ، ولكن ما ليس في كتاب الله ولا في سنة رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - فلا يجوز أن نَشُقَّ على المسلمين بأمرهم بها ، وفيما جاءنا عن رسول - صلى الله عليه وآله وسلم - ما يكفي ، وليس هناك أيُّ شرط في المسح على أيِّ نوعٍ من هذه الأنواع سوى شرط واحد وهو ميسَّر مذلَّل ؛ ألا وهو اقتصار المسح على الممسوح عليه من الجوربين أو الخفَّين أو النعلين يومًا وليلة للمقيم ، وثلاثة أيام بلياليها ؛ فقط هذا هو الشرط الذي جاء في السنة ، ولو كان هناك شرطٌ بَلْهَ شروط أخرى لَذَكَرَها رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - حكايةً عن ربِّه وما كان ربك نسيًّا .
لذلك نقول بجواز المسح على الخفَّين دون أيِّ شرط سوى الشرط المذكور آنفًا ، هذا ما لزِم بيانه بمناسبة هذه المسألة .
تفضل .
الفتاوى المشابهة
- ما شروط المسح على الجورب؟ . - الالباني
- حديث المسح على الجوربين هل يصح ؟ - الالباني
- الجورب الممزَّق هل يجوز المسح عليه للوضوء ؟ - الالباني
- ما هي أحكام المسح على الجوربين ؟ - الالباني
- المسح على الجوربين - اللجنة الدائمة
- المسح على الجوربين - ابن عثيمين
- حكم المسح على الجورب والخف - ابن باز
- حكم المسح على الجورب (الشراب) الخفيف - ابن عثيمين
- حكم المسح على أكثر من جورب - الفوزان
- هل المسح على الجوربين كالمسح على الخفَّين ؟ - الالباني
- ما حكم المسح على الجوربين الخفيفين ؟ - الالباني