ما معنى قوله - تعالى - : (( وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا )) ؟
الشيخ محمد ناصر الالباني
الشيخ : ... ثلاث ، الأول : ما معنى الآية : وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا إلى آخر الآية ؟
ما أدري ما الذي خَفِيَ على السَّائل ، هذا السؤال تقرير ؛ أي : إن هذا الذي يدعو إلى الله إلى دينه إلى توحيده لا أحسن قولًا منه ، فالآية ليست بحاجة إلى توضيح ؛ فهي واضحة ، ليس هناك أحسن قولًا من هذا المسلم الذي يدعو إلى الله ولا يقنع بالدعوة ، وإنما يضمُّ إلى ذلك أنه يعمل صالحًا .
والواقع أن من إعجاز القرآن وفصاحته أنه يجمع البيان في جملة واحدة ، إنه في الوقت الذي يريد حضَّ المسلمين على الدعوة إلى الله لا يترك إلفات نظرهم إلى وجود العناية بأشخاصهم وبإصلاح أعمالهم ، وهذا في الواقع كل الدعاة الإسلاميين بحاجة إلى أن يتذكَّروا هذه الآية ؛ لأن كثيرين منَّا يقنع بالدعوة إلى الله ، وقد يفخر بذلك ثم ينسى نفسه وينسى أهله وينسى ولدَه ، فلا تجد هناك فرقًا بينه بصفته داعية وبين زوجه بصفتها زوجًا له ، وأولاده باعتبارهم أولادًا له ؛ لا فرق بين هذه المجموعة وعلى رأسها هذا الداعية ، وبين مجموعات أخرى ؛ ذلك لأن الدعوة إلى الإسلام - أقول آسفًا ! - أصبحت موضة العصر الحاضر .
ولقد لفتُّ النظر في الدرس الماضي أن هذه الموضة تجاوزت الرجال إلى النساء ، فأصبح - أيضًا - في النساء داعيات ، وأصبحت هذه النسوة يتنقَّلْنَ من بلد إلى آخر كما يفعل الرجال تمامًا ، لا يباليْنَ في ذلك أنهنَّ يسافرن سفرًا محرَّمًا إلا مع محرم ، موضة العصر الحاضر هو الدعوة إلى الإسلام ، حتى عُقِد أخيرًا في شهر صفر في الحجاز في المدينة المنورة مؤتمر عظيم جدًّا ، جمع نحو ثلاث مئة داعية مسلم ، مؤتمر الدعوة والدعاة ، ومن المؤسف أنك ترى صورًا عجيبة من هؤلاء الدعاة هم بحاجة - كثيرون منهم طبعًا - هم بحاجة إلى أن يُدعَوا إلى الإسلام !!
اتفق أن جلس بجانبي شاب تركي ، هو داعية مسلم في " بلجيكا " ، فأخذ يسألني سؤالًا بعد سؤال ، كان من هذه الأسئلة : هل من مانع هناك أن نفتح باب الاختلاط بين الشباب والشابات المسلمين جميعًا ، قال يعني هو لُقِّنَ - مع الأسف - الشبهة أو الدسيسة الغربية ؛ أنُّو إذا ظَلَلْنا نفرِّق بين الشابات والشُّبَّان فيُصاب هؤلاء الشُّبَّان بالكبت ، بينما هذا يُقضى عليه فيما إذا سمحنا لهم بالمخالطة ، وهو شاب وملتحي وعليه عمامة بيضاء !! لكن - مع الأسف - هو يسأل عن مثل هذا الأمر الذي لا يشكُّ مسلم بتحريمه ؛ كيف لا ؟ والإسلام فرَّق في أقدس الأماكن بين الرجال والنساء ، سُئِل الرسول - عليه السلام - عن خير البقاع وشرِّ البقاع ؟ فأجاب : خير البقاع المساجد ، وشرُّها الأسواق ، في المساجد فرَّق الرسول بين الرجال والنساء ، فصفوف النساء متأخِّرة عن الرجال ، وجَعَلَ آخر صف من صفوف النساء خير الصفوف ، وأول صفٍّ من صفوف النساء شر الصفوف ، إلى هذه الدرجة بالغ الرسول - عليه السلام - في التفريق بين الرجال والنساء ، وهناك مَن يتساءل : ألا يمكن أن نبيح الاختلاط ؟ كتب كتَّاب كثيرون في مصر وغيره - مع الأسف - كالشَّيخ الباقوري - مع الأسف - وأمثاله في إباحة مثل هذا الاختلاط .
لذلك حينما يقول ربنا - عز وجل - في هذه الآية : وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا معناه يجب أن هذا الداعية أن يعمل صالحًا ولا ينسى نفسه ، لكني كما قلت في كثير من الكلمات أن الذي يريد أن يعمل صالحًا يجب أن يكون عالمًا ، ثم هذا الذي يجب أن يكون عالمًا يجب أن يكون عالمًا بالكتاب والسنة ، وهذا الذي يجب أن يكون عالمًا بالسنة يجب أن يكون عالمًا بالسنة الصحيحة ، وكلُّ عالم يزعم لنفسه أو يزعمه له غيره في العلم لا تتوفَّر فيه هذه الشروط والقيود فهو ليس بعالم ، إنما هو كما قال لي مرة بعض الظُّرفاء : " الناس أو العلماء قسمان : قسم عالم عامل ، وقسم عامل عالم " ، تعبير هذا عامي شامي ، لكنه بديع ؛ " الناس قسمان : عالم عامل ، والقسم الثاني : عامل عالم " ، وهو ليس بعالم .
فهذه الحقيقة أنَّ مَن كان علمه ليس مستندًا إلى الكتاب والسنة فسوف لا يكون عملُه صالحًا إلا فيما أجمعت عليه الأمة ، أما المسائل التي فيها خلاف كثير وكثير جدًّا ؛ فلا يستطيع هذا الذي قد يكون عامل عالم لا يستطيع أن يعرف الصواب فيها ؛ فلا يستطيع أن يعمل صالحًا إلا قليلًا .
الخلاصة : هذه الآية تبيِّن أن أحسَنَ الناس قولًا هم الذين يدعون إلى الله ولكن لا ينسون أنفسهم فيعمل كلٌّ منهم صالحًا .
ما أدري ما الذي خَفِيَ على السَّائل ، هذا السؤال تقرير ؛ أي : إن هذا الذي يدعو إلى الله إلى دينه إلى توحيده لا أحسن قولًا منه ، فالآية ليست بحاجة إلى توضيح ؛ فهي واضحة ، ليس هناك أحسن قولًا من هذا المسلم الذي يدعو إلى الله ولا يقنع بالدعوة ، وإنما يضمُّ إلى ذلك أنه يعمل صالحًا .
والواقع أن من إعجاز القرآن وفصاحته أنه يجمع البيان في جملة واحدة ، إنه في الوقت الذي يريد حضَّ المسلمين على الدعوة إلى الله لا يترك إلفات نظرهم إلى وجود العناية بأشخاصهم وبإصلاح أعمالهم ، وهذا في الواقع كل الدعاة الإسلاميين بحاجة إلى أن يتذكَّروا هذه الآية ؛ لأن كثيرين منَّا يقنع بالدعوة إلى الله ، وقد يفخر بذلك ثم ينسى نفسه وينسى أهله وينسى ولدَه ، فلا تجد هناك فرقًا بينه بصفته داعية وبين زوجه بصفتها زوجًا له ، وأولاده باعتبارهم أولادًا له ؛ لا فرق بين هذه المجموعة وعلى رأسها هذا الداعية ، وبين مجموعات أخرى ؛ ذلك لأن الدعوة إلى الإسلام - أقول آسفًا ! - أصبحت موضة العصر الحاضر .
ولقد لفتُّ النظر في الدرس الماضي أن هذه الموضة تجاوزت الرجال إلى النساء ، فأصبح - أيضًا - في النساء داعيات ، وأصبحت هذه النسوة يتنقَّلْنَ من بلد إلى آخر كما يفعل الرجال تمامًا ، لا يباليْنَ في ذلك أنهنَّ يسافرن سفرًا محرَّمًا إلا مع محرم ، موضة العصر الحاضر هو الدعوة إلى الإسلام ، حتى عُقِد أخيرًا في شهر صفر في الحجاز في المدينة المنورة مؤتمر عظيم جدًّا ، جمع نحو ثلاث مئة داعية مسلم ، مؤتمر الدعوة والدعاة ، ومن المؤسف أنك ترى صورًا عجيبة من هؤلاء الدعاة هم بحاجة - كثيرون منهم طبعًا - هم بحاجة إلى أن يُدعَوا إلى الإسلام !!
اتفق أن جلس بجانبي شاب تركي ، هو داعية مسلم في " بلجيكا " ، فأخذ يسألني سؤالًا بعد سؤال ، كان من هذه الأسئلة : هل من مانع هناك أن نفتح باب الاختلاط بين الشباب والشابات المسلمين جميعًا ، قال يعني هو لُقِّنَ - مع الأسف - الشبهة أو الدسيسة الغربية ؛ أنُّو إذا ظَلَلْنا نفرِّق بين الشابات والشُّبَّان فيُصاب هؤلاء الشُّبَّان بالكبت ، بينما هذا يُقضى عليه فيما إذا سمحنا لهم بالمخالطة ، وهو شاب وملتحي وعليه عمامة بيضاء !! لكن - مع الأسف - هو يسأل عن مثل هذا الأمر الذي لا يشكُّ مسلم بتحريمه ؛ كيف لا ؟ والإسلام فرَّق في أقدس الأماكن بين الرجال والنساء ، سُئِل الرسول - عليه السلام - عن خير البقاع وشرِّ البقاع ؟ فأجاب : خير البقاع المساجد ، وشرُّها الأسواق ، في المساجد فرَّق الرسول بين الرجال والنساء ، فصفوف النساء متأخِّرة عن الرجال ، وجَعَلَ آخر صف من صفوف النساء خير الصفوف ، وأول صفٍّ من صفوف النساء شر الصفوف ، إلى هذه الدرجة بالغ الرسول - عليه السلام - في التفريق بين الرجال والنساء ، وهناك مَن يتساءل : ألا يمكن أن نبيح الاختلاط ؟ كتب كتَّاب كثيرون في مصر وغيره - مع الأسف - كالشَّيخ الباقوري - مع الأسف - وأمثاله في إباحة مثل هذا الاختلاط .
لذلك حينما يقول ربنا - عز وجل - في هذه الآية : وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا معناه يجب أن هذا الداعية أن يعمل صالحًا ولا ينسى نفسه ، لكني كما قلت في كثير من الكلمات أن الذي يريد أن يعمل صالحًا يجب أن يكون عالمًا ، ثم هذا الذي يجب أن يكون عالمًا يجب أن يكون عالمًا بالكتاب والسنة ، وهذا الذي يجب أن يكون عالمًا بالسنة يجب أن يكون عالمًا بالسنة الصحيحة ، وكلُّ عالم يزعم لنفسه أو يزعمه له غيره في العلم لا تتوفَّر فيه هذه الشروط والقيود فهو ليس بعالم ، إنما هو كما قال لي مرة بعض الظُّرفاء : " الناس أو العلماء قسمان : قسم عالم عامل ، وقسم عامل عالم " ، تعبير هذا عامي شامي ، لكنه بديع ؛ " الناس قسمان : عالم عامل ، والقسم الثاني : عامل عالم " ، وهو ليس بعالم .
فهذه الحقيقة أنَّ مَن كان علمه ليس مستندًا إلى الكتاب والسنة فسوف لا يكون عملُه صالحًا إلا فيما أجمعت عليه الأمة ، أما المسائل التي فيها خلاف كثير وكثير جدًّا ؛ فلا يستطيع هذا الذي قد يكون عامل عالم لا يستطيع أن يعرف الصواب فيها ؛ فلا يستطيع أن يعمل صالحًا إلا قليلًا .
الخلاصة : هذه الآية تبيِّن أن أحسَنَ الناس قولًا هم الذين يدعون إلى الله ولكن لا ينسون أنفسهم فيعمل كلٌّ منهم صالحًا .
الفتاوى المشابهة
- تفسير قوله تعالى: (إلا الذين آمنوا وعملوا ال... - ابن عثيمين
- تفسير قوله تعالى: (وعملوا الصالحات) - ابن عثيمين
- معنى قوله تعالى:" إن الذين آمنوا وعملوا الصا... - ابن عثيمين
- تتمة التعليق على تفسير الجلالين : (( ومن أحس... - ابن عثيمين
- فوائد قوله تعالى : (( ومن أحسن قولا ممن دعا... - ابن عثيمين
- مناقشة تفسير قوله تعالى : (( ومن أحسن قولا م... - ابن عثيمين
- التعليق على تفسير الجلالين : (( ومن أحسن قول... - ابن عثيمين
- حكم قراءة: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَع... - ابن باز
- تفسير قوله تعالى :" ومن أحسن قولا ممن دعا إل... - ابن عثيمين
- معنى قوله تعالى :" ومن أحسن قولا ممن دعا إلى... - ابن عثيمين
- ما معنى قوله - تعالى - : (( وَمَنْ أَحْسَنُ قَ... - الالباني