تم نسخ النصتم نسخ العنوان
تفسير قوله تعالى :" ومن أحسن قولا ممن دعا إل... - ابن عثيمينالشيخ :  ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين .كلمة من هل هي موصولة أو شرطية أو استفهامية أو ماذا؟الطالب : اسم موصول.الشيخ : ...
العالم
طريقة البحث
تفسير قوله تعالى :" ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين ".
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
الشيخ : ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين .
كلمة من هل هي موصولة أو شرطية أو استفهامية أو ماذا؟
الطالب : اسم موصول.

الشيخ : توافقون على هذا؟ يقول إنها موصولة.
الطالب : ...

الشيخ : استفهامية؟ توافقونه؟
الطالب : نعم.

الشيخ : نعم، هي استفهامية، من أحسن ، لكن هذا الاستفهام بمعنى النفي، أي: لا أحد أحسن قولا ممن دعا إلى الله.
فإذا قال قائل : ما هو الفائدة من كون الاستفهام يقع موقع النفي؟
قلنا: إن الاستفهام إذا جاء مرادا به النفي صار مشربا بالتحدي، يعني كأن المتكلم يتحدى المخاطب، يقول : أرني أحدا أحسن من كذا وكذا؟
يعني لا أحد أحسن، وإذا كنت تدعي ذلك فأرنيه، من الأحسن؟ أين الأحسن؟
وهذه قاعدة ينبغي لطالب العلم أن يفهمها: كلما جاء الاستفهام بمعنى النفي كان مشربا معنى ايش؟ التحدي.
لا أحد أحسن قولا ممن دعا إلى الله.
وتأمل قوله : ممن دعا إلى الله أي: إلى دين الله عز وجل، ليس يدعو الناس إلى قوله، وهناك فرق بين شخص يدعو الناس إلى قوله ويريد أن ينتصر لقوله سواء أخطأ أم أصاب، وبين شخص يدعو الناس إلى سبيل الله.
الأول ليس يدعو للهدى وإنما يدعو للهوى، والثاني هو الذي يدعو للهدى.
نعم لو أن الإنسان دعا لقوله على أنه هو الحق لا لأنه قوله فقد لا يلام على ذلك، أما أن ينتصر لنفسه ويريد من الناس أن يأخذوا بقوله لأنه قوله فهذا خطأ عظيم، وهذا الذي يريد من الناس أن يقبلوا قوله لأنه قوله قد نزل نفسه منزلة..
فلا تشعر بأنك تدعو الناس إلى قولك لأنه قولك، ولكن تدعوهم إلى قولك، لأنه قول الله ورسوله أي: لأنه هو الذي دل عليه قول الله ورسوله، فلا أحد أحسن ممن دعا إلى الله.
ومن علامات كون الرجل يدعو إلى قوله لأنه قوله: أنك تجده إذا خالفه الناس في اجتهاده يغضب وربما يعاديهم وربما يتخذ من ذلك المخالفة تسلطا على هذا المخالف بالقدح فيه في المجالس وفي كل مناسبة، وهذا يدل على أن الرجل لا يريد الحق، لأن الإنسان الذي يريد الحق إذا أخذ به فإنه يعذر غيره إذا أخذ به. فأنت مثلا إذا كنت تخالفني في رأي ليس من حقي أن ألومك أو أعتب عليك، كما أنه ليس من حقك أن تلومني أو تعتب علي، لأني لو لمتك لكنت أنت بنفسك توجه إلي هذا، وتقول: أنا ألومك أن تخالفني.
والإنسان الذي يريد الحق هو الذي يفقه الحق بقدر استطاعته ولا يلوم غيره إذا خالفه فيما يسوغ فيه الاجتهاد.
وهذا له أمثلة كثيرة، منها: لو رأيت شخصا إذا قام يصلي لا يضع يده اليمنى على يده اليسرى في الصلاة، فكم من الناس من يكره هذا الرجل ويبغضه ويعاديه ويتكلم فيه في المجالس، مع أن هذا الرجل قد خالفه بدليل كان عنده، وهذا خطا، بل أنت يجب عليك أن تعذره فيما يسوغ فيه الاجتهاد.
كذلك لو رأيت إنسانا إذا نزل إلى السجود يقدم يديه وأنت ترى أن الراجح أن يقدم ركبتيه فليس من حقك أن تلومه على اجتهاده، وأن تجعل من ذلك سلما للكلام فيه بين الناس والقدح فيه، لأنك إذا سلكت هذا الطريق فسوف يسلك هو هذا الطريق معك أيضا. ويحصل التنازع والتفرق والتباغض.
ولو رأيت شخصا إذا قام إلى الثانية أو إلى الرابعة في الرباعية جلس قليلا ثم قام، فصرت تلومه على هذا الجلوس فهذا أيضا ليس من حقك، لأن هذا الرجل جلس عن ايش؟ عن اجتهاد، هذا الذي أداه إليه اجتهاده، فإن لمته على فعل ما أداه إليه اجتهاده، فله الحق أن يلومك في ترك الشيء الذي أداك إليه اجتهادك.
فالمهم أن الداعي إلى الله حقيقة هو الذي لا يدعو الناس إلى قوله لأنه قوله، بل يدعو الناس للحق وإن كان هو الذي قال به، ففرق بين من يدعو الناس إلى الحق ويكون هو الذي قال به، وبين من يدعو الناس إلى قوله على كل حال.

Webiste