إذًا نستطيع أن نقول : سمعوا ولم يسمعوا ، سمعوا باسمه ولم يسمعوا باسمه على حقيقته ؛ كيف وهم عاشوا هذه القرون الطويلة وهم يُلقَّنون من قسِّيسيهم ورهبانهم خلاف ما يعلم هؤلاء القسِّيسون والرهبان من حقيقة الرسول - عليه الصلاة والسلام - ، فهم إذا بالغوا في الافتراء والبَهْت قالوا فيه - عليه السلام - كلَّ سوء ، وإذا قصَّروا ولم يبالغوا قالوا : رجل عاقل رئيس قبيلة جاء إلى العرب بقانون بنظام إلى آخره ، وليس له علاقة بدعوة البشر والعالم كله إلى التديُّن بدينه إلى آخره ، وهذا مما كان اليهود أنفسهم يقولون به في زمنه - عليه السلام - ؛ يقولون بأنه أرسِلَ للعرب ولم يُرسل إلى اليهود ، العرب الأميين هم بحاجة إلى مثله - عليه السلام - زعموا ، أما اليهود فعندهم التوراة ؛ فهم ليسوا بحاجة إلى مثله - عليه الصلاة والسلام - !
فالنصارى ومثلهم اليهود اليوم مضلَّلون أشدَّ التضليل ؛ فهم لا يعرفون حقيقة دعوة الرسول - عليه الصلاة والسلام - ؛ لذلك يتأكَّد على المسلمين الواجب الذي أشرتُ إليه سابقًا ؛ وهو أنه ينبغي عليهم أن يبلِّغوا دعوة محمد - صلى الله عليه وسلم - على حقيقتها إلى أولئك الأقوام والشعوب المضلَّلين من قبل رؤسائهم ورهبانهم .