فهذا العمل مهما كان صالحًا مطابقًا للسنة فإذا لم يكن خالصًا لوجه الله - عز وجل - فهو - أيضًا - مردود كما لو كان خالصًا لوجه الله ولكنه لم يكن مطابقًا للسُّنَّة ؛ فهو كذلك مردود ؛ فهذان شرطان لكلِّ عمل صالح إذا اختلَّ أحدهما فيه لم يكن عمله صالحًا ، بل ينقلب عمله وزرًا عليه لو لم يفعله كان خيرًا له .
لو أن رجلًا صلى ركعتين في الليل والناس نيام وصلَّاهما على السُّنَّة بدون زيادة ولا نقصان ، إنما كان يبتغي من وراء ذلك أن يتحدَّث الناس عنه وأن يقولوا : فلان رجل صالح يقوم الليل والناس نيام ؛ بطل عمله ؛ لأنه أشرَكَ الناس مع الله في هذا العمل الصالح ، ولكن لو أن عمله بطل فقط ولم يُحاسب عليه لَكان صدق فيه ظاهر الحديث الصحيح المعروف : "كم من صائمٍ ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش ، وكم من قائمٍ ليس له من قيامه إلا التَّعب والسهر" ؛ فهذا ظاهره أنه خسر العمل ، لكن ليس هذا فقط ، بل انقلَبَ عمله وزرًا عليه ، هاتان الركعتان اللَّتان ضَرَبنا بهما مثلًا للعمل الصالح المطابق للسنة حينما لم يقصد وجه الله - عز وجل - فيهما كما لو ارتكَبَ معصية من المعاصي ؛ أي : إنه يُعاقبه الله - عز وجل - على هاتَين الركعتَين لأنه أشرك فيهما مع الله - عز وجل - ، فمن نام ولم يصلِّ خير منه وهو قد صلى ركعتين فقط ، فلو صلى إحدى عشرة ركعة وما زاد اتباعًا للسنة لكن - مثلًا - هو قال في نفسه نوى في هذه العبادة أو في هذه الطاعة أنُّو يرائي - مثلًا - إخواننا السلفيين ؛ أنُّو يقولوا عنه أصحابه : ها فلان سلفي ما يزيد على السنة ، لو نوى هذه النية بطل عمله وانقلب وزرًا عليه ، ينبغي أن يصلي على السنة يقصد بذلك خالصًا لوجه الله - عز وجل - لا يبتغي إرضاء الناس مطلقًا .
هذا مختصر من الكلام حول العمل الذي لا يُفارق صاحبَه ويدخل معه قبره ؛ هذا لا يفارقه سواء كان عملًا صالحًا أو طالحًا ، ولكن الذي يفيده إنما هو العمل الصالح ؛ فما هو العمل الصالح ؟ ما شرطه ؟
اثنان : أن يكون موافقًا للسنة ، وأن يكون خالصًا لوجه الله - تبارك وتعالى - ؛ فتذكَّروا هذين الشرطين واعملوا بهما لتكونوا صالحين مفلحين ، الشرط الأول أكثر الناس عنه غافلون ، بل هم عنه ضالُّون ؛ لأنهم يستحسنون الابتداع في الدين بمزاعم كثيرة طرقناها مرارًا وتكرارًا لا أريد الخوض فيها الآن .