تم نسخ النصتم نسخ العنوان
بيان وجه مطابقة الحديث للترجمة . - الالبانيالشيخ : هذا الحديث كله ترجم به المصنِّف لهذا الباب : " باب إذا لم يتكلَّم الكبير ؛ هل للأصغر أن يتكلَّم ؟ " ، هكذا فقه البخاري بيترجم عن الحديث بباب يتس...
العالم
طريقة البحث
بيان وجه مطابقة الحديث للترجمة .
الشيخ محمد ناصر الالباني
الشيخ : هذا الحديث كله ترجم به المصنِّف لهذا الباب : " باب إذا لم يتكلَّم الكبير ؛ هل للأصغر أن يتكلَّم ؟ " ، هكذا فقه البخاري بيترجم عن الحديث بباب يتساءل فيه : هل له أن يتكلَّم ؟ ما بيعطيك الجواب ؛ لأنه يريد مِن طالب العلم أن يأخذ الجواب هو بنفسه من دراسته وتفقُّهه في الحديث الذي أورَدَه تحت الباب ، فالآن ماذا نفهم من هذا التساؤل : " هل للصغير أن يتكلَّم إذا لم يتكلَّم الكبير ، وقد أورد المصنف تحت هذا الباب هذا الحديث الصحيح ؟ قد يتبادر لأذهان بعض الناس القارئين لهذا الحديث أن الجواب : لا ؛ لأنُّو ابن عمر ما تكلم ، لكن الصحيح أن الجواب له أن يتكلم ؛ ذلك لأن الرسول - عليه السلام - لما وجَّهَ الخطابَ بقوله : أخبروني عن شجرة مَثَلُها كذا وكذا ؛ ما خصَّ أبا بكر ولا عمر ولا غيرهما من كبار الصحابة ... وإنما وجَّهَ خطابًا عامًّا ، فلما لم يُبادِرْ إلى الإجابة عن هذا السؤال كبار الصحابة حينئذٍ يأتي دور صغارهم أمثال عبد الله بن عمر ؛ فلا مانع هناك بعد ذاك أن يُبادر إلى الجواب عن هذا السؤال ، فهذا مَثَلُه تمامًا كمَثَل معلِّم الدرس أو أستاذ الدرس أو شيخ الدرس أو ما شابه ذلك يوجِّه سؤالًا إلى الحاضرين جميعًا ؛ ماذا تقولون في كذا وكذا ؛ يجوز أو لا يجوز ؟ فالسؤال موجَّه للجميع ، لو كان موجَّهًا إلى كبار القوم فهناك يأتي الأدب الذي التزم به عبد الله بن عمر ، لا بأس عبد الله بن عمر التزمَ ، لكن إلى متى ؟ ما دام وجد أبا بكر وعمر سَكَتَا فكان عليه أن يُفضِيَ بما أنعَمَ الله عليه من الفقه بكلام الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - ، وأن يقول : هي النخلة يا رسول الله .
فنحن نأخذ أن تساؤل البخاري في هذا الباب : " هل له أن يتكلَّم الصغير إذا سكت الكبير ؟ " نأخذ الجواب من هذا الحديث بالإيجاب وليس بالسَّلب من ناحيتين ؛ الناحية الأولى ما شرحناه آنفًا ؛ أن السؤال كان موجَّهًا للجميع ، فلما لم يتكلم الكبير فعلى الصغير أن يتكلم ، والناحية الأخرى أن أحد الكبراء - وهو عمر بن الخطاب والد عبد الله هو نفسه - قال : لو تكلَّمت لَكان أحبَّ إليَّ من كذا وكذا ، فلو كان ليس من أدب المجلس أن يتكلم الصغير حينما يصمت الكبير ما تمنَّى عمر بن الخطاب لابنه خلاف الأدب .
إذًا نستلخص من هذا الدرس ومن الدرس السابق أدبَين اثنين ؛ الأدب الأول أنه إذا كان هناك مجلس لا سيَّما إذا كان له خطورته ، وهناك كبار في العلم وفي السِّنِّ ؛ فمن أدب الصغار أن لا يتقدَّموا بالكلام بين يدي الكبار ، والأدب الآخر أنه إذا عجز الكبير أن يتكلم بما يناسب الموضوع ؛ فهناك ينبغي على الصغير أن يُثبِتَ نفسه وشخصيَّته وعلمه ؛ لأن القضية ليست قضية السِّنِّ فقط ، فكثيرًا ما يكون الأمر على العكس من ذلك ، لكن القاعدة هو مراعاة الأكبر فالأكبر ، فإذا لم يتكلَّم الكبير فعلى الصغير أن يتكلَّم كما أوحى بذلك قول عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - لابنه : " لو كنتَ قلتَها كان أحبَّ إليَّ من كذا وكذا " .

Webiste