هل يجوز أن يطلق على الفرق الموجودة في العصر الحاضر مثل " القاديانية " و " الشيعة " وغيرهم ، وكذلك الذين يدعون إلى الإسلام ولكن بطرق مختلفة عن طريقة السلف أنهم من أهل النار الذين يشملهم الحديث : ( افترقت ) ؟
الشيخ محمد ناصر الالباني
السائل : سؤال قريب منه ؛ هل يجوز أن يُطلق على الفرق الموجودة في العصر الحاضر مثل " القاديانية " و " الشيعة " وغيرهم ، وكذلك الذين يدعون إلى الإسلام ولكن بطرق مختلفة عن طريقة السلف أنهم من أهل النار الذين يشملهم الحديث : افترقت إلى آخره ؟
الشيخ : لا شك أن .
نعم ؟
سائل آخر : ... .
السائل : حاضر .
هل يجوز أن يُطلَقَ على الفرق الموجودة في العصر الحاضر مثل " القاديانية " و " الشيعة " وغيرهم ، وكذلك الذين يدعون إلى الإسلام ولكن بطرق مختلفة عن طريقة السلف أنهم من أهل النار الذين يشملهم الحديث : افترقت اليهود إلى آخر قوله : كلُّها في النار إلا واحدة ؟
الشيخ : كلُّ مَن خالف الإسلام وكان على بيِّنة من هذه المخالفة ؛ فلا شك في ذلك أنه من تلك الفرق التي ذكرَها الرسول - عليه الصلاة والسلام - ، وأنَّ عددها اثنتين وسبعين فرقة .
أقول : كلُّ مَن تبيَّنت له الحقيقة ثم خالفها فهو من أهل النار ، فإذا كانت المخالفة - كما قلنا آنفًا - اعتقادًا فهو من أهل النار المؤبَّدين فيها ، وإن كانت المخالفة ليست اعتقادًا وإنما عملًا فهو لا يخلُد في النار ، بل حكمه إلى الله - تبارك وتعالى - كما جاء في حديث عبادة بن الصامت : خمس صلوات الله كتبهنَّ الله على العباد ؛ فمن أدَّاها وأحسَنَ أداءها ، وأتمَّ خشوعها وركوعها وسجودها ؛ كان له عهدٌ عند الله أن يدخله الجنة ، ومن لم يؤدِّها ولم يتمَّ خشوعها وركوعها وسجودها لم يكن له عند الله عهد ؛ إن شاء عذَّبه ، وإن شاء غفر له . وهذا الحديث وأمثاله هو في الواقع كتفسير وتفصيل للآية التي ذَكَرناها في الأمس القريب : إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ، فكلُّ مَن كفر أو أشرك وهو على علمٍ بأن هذا شرك في الإسلام فهو مخلَّد في النار ، وكلُّ مَن عصى الله - عز وجل - عملًا لا اعتقادًا وهو على علم بذلك فهو يستحقُّ العذاب عند الله - عز وجل - ، ولكنه تحت مشيئته - تبارك وتعالى - ورحمته كما سمعتم في حديث عبادة : إن شاء عذَّبه وإن شاء غفر له .
هذا هو الحكم ... للفرق الإسلامية كلها ، لكن لا يُصار إلى التكفير ... إلا إذا تبيَّن لنا نحن أنه كفر جحدًا ، و ... في مكان ؛ لذلك نجد أئمة السنة وأئمة الحديث في الوقت الذي ... تلك الفرق كالمعتزلة والخوارج والجبرية والمرجئة وغيرهم حينما يضلِّلون هذه الفرق كلها لا يقطعون بكفرهم كفر ردَّة ؛ لذلك نجدهم يوثِّقون أفرادًا من هؤلاء من حيث الصدق والرواية ، ولكن من جهةٍ أخرى يحكمون عليهم بالضلالة في العقيدة ، لكنهم لا يكفِّرونهم لِاحتمال أن يكون الأمر قد شُبِّه لهم ، لِاحتمال أن يكون لهم عذر عند الله - عز وجل - ، ونحن لا يهمُّنا ولا نستفيد شيئًا ما من أن نحاول أن نكشف عن قلوب الناس ، وعمَّا انطوت عليها نفوسهم وقلوبهم ؛ ذلك لأن الإسلام إنما يأمرنا أن نحكم بالظاهر ، والله - عز وجل - يتولَّى السرائر .
فمَن أعلَنَ لنا الكفر وأعرض ... ألحَقْناه بالكفار ، أما إذا اجتهد فأخطأ ولو كان خطؤه في أصلٍ من أصول الشريعة ، وكان الله - عز وجل - يعلم حُسْن قصده ، ولا يعلم منه الجحد لِمَا أنزل الله - عز وجل - في شريعته ؛ هذا ربُّنا - عز وجل - لا يؤاخذه ، على هذا جرى السلف ؛ لذلك تجد مثل " عمران بن حطان " من رؤوس الخوارج ، ومن الذين جاءت فيهم أحاديث رهيبة جدًّا ، مع ذلك فهو من الرواة الذين روى عنهم إمام المحدِّثين الإمام " محمد بن إسماعيل البخاري " في " صحيحه " ؛ فهذا معناه أن أئمَّتنا أئمة السنة حينما كانوا يحكمون بضلال تلك الفرق المخالفة للسنة وللسلف الصالح ما كانوا يكفِّرونهم ؛ لأن التكفير أمرٌ خطير جدًّا ، ولِاحتمال أن يكون لهذا الذي ظَهَرَ لنا ضلاله وألحقناه بأهل الضلال ... أما أن نحكم بأنه من المخلَّدين في النار ؛ فهذا ... إلا إن جزم وصرَّح بما يوجب الكفر .
ومن هنا يُمكِنُنا أن نبحث حديثًا يُشكل على بعض الناس ، هذا الحديث الذي أخرجه الإمام البخاري ومسلم في " صحيحيهما " من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - وغيره - أيضًا - عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أنه قال : كان فيمَن قبلكم رجلٌ لم يعمَلْ خيرًا قطُّ ، فلما حضَرَتْه الوفاة جمعَ بنيهِ حوله ، وقال لهم : أيُّ أبٍ كنت لكم ؟ قالوا : خير أبٍ . قال : فإني مذنبٌ مع ربي ، ولَئِن قَدِرَ الله عليَّ - الشاهد هنا فانتبهوا - قال : فإني مذنبٌ مع ربي ، ولَئِنَ قَدِرَ الله علي لِيُعذِبَنِّي عذابًا شديدًا ، فإذا أنا متُّ فحرِّقوني بالنار ، ثم ذرُّوا نصفي في البحر ونصفي في الريح - فمات الرجل فحرَّقوه بالنار ، وأخذوا رماده نصفه في الريح الهائج ، ونصفه الآخر في البحر المائج - ، فقال الله - تبارك وتعالى - لذرَّاته : كوني فلانًا ؛ فكان بشرًا سويًّا . قال الله - عز وجل - : أي عبدي ، ما حَمَلَك على ما فعلت ؟ قال : ربِّي خشيتك . قال : فقد غفرتُ لك .
هذا الحديث قد يُشكل على البعض ؛ لأنه بظاهره يتعارض مع الآية السابقة : إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ ؛ لا سيَّما بعد أن بيَّنَّا لكم بالأمس القريب أنَّ معنى يشرك ؛ أي : يكفر ، بمعنى أنه يدخل في الشرك الكفر ، فلا فرق بين الكفر والشرك كما تذكرون ، فهذا الرجل ماذا فعل ؟ إنه أُلقِيَ في نفسه ، وكان الذي ألقى ما ألقى في نفسه خوفُه من ربِّه ؛ أنه إن أوصى تلك الوصيَّة الجائرة التي يصعب على الإنسان أن يتصوَّر وصيَّةً أعرق منها في الضلال ! خُيِّل له أنه إذا نُفِّذت وصيَّته فحُرِّق بالنار ، ووُزِّع رماد جسده نصفه في البحر ونصفه في الريح أن يضلَّ على ربِّه ، وأن الله - عز وجل - لا يقدر عليه ؛ فكأنه نُسِيَ ذلك الحكم الذي ذكرَه الله في - عز وجل - في خاتمة سورة يس : وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ * قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي [ أَنْشَأَهَا ] . فهذا الرجل نُسي هذه الحقيقة ؛ أن الله - عز وجل - الذي خلق الإنسان من عدم هو أيسر عليه لو كان هناك عنده ... أيسر عليه أن يُعيده من هذه الذَّرَّات التي لم ... جسده ، نسي هذا الإنسان هذه الحقيقة ، لكن الذي نَسَّاه هو أمرٌ حسن ، وهو خوفه من ربه - تبارك وتعالى - ؛ لذلك أوصى بما أوصى ، ونُفِّذت وصيَّته ، فأعاده الله - عز وجل - كما كان بشرًا سويًّا ، وقال له : ما حَمَلَك على ما فعلت ؟ قال : خشيتك . فكأن الله - عز وجل - يقول له : ما دام أن الذي حمَلَك على ذلك الخطأ وعلى ذلك الضلال الفاحش الكافر إنما هو خشيتك منِّي ؛ فاذهب ؛ فإني غفرت لك .
الشاهد : هذا ميزان الله وهذا حكمه ، أما نحن فلنا الظاهر ؛ لو رأينا إنسانًا أوصى بهذه الوصية لَبادرنا بلا شك إلى تكفيره كفر ردَّة ، وإذا ربُّنا - عز وجل - له معاملات بميزانه الحكم العدل غير ميزاننا نحن القاصر العاجز المبني على ظواهر الأمور ؛ لذلك المعتزلة - مثلًا - حينما أنكروا رؤيةَ الله - عز وجل - في الآخرة لا شك أنهم ضلُّوا في ذلك ضلالًا بعيدًا ، وكان هذا الإنكار منهم من أسباب حكم أهل السنة عليهم بالضلال ، لكن ما حَكَمَ أهل السنة عليهم بالكفر والرِّدَّة ، وكذلك نقول كما ذكرنا آنفًا بالنسبة لكل المذاهب الأخرى والطرق الأخرى ؛ ذلك منهم جمع بين ما يظهر من ضلالهم الذي لا مجال لنا من عدم الاعتراف به لا بد منه ، وبين أن يكون هناك احتمال أن الله - عز وجل - يعلم من بعض هؤلاء على الأقل عذرًا لهم فيما ذهبوا إليه ؛ لذلك كان مذهب أهل السنة حقيقةً الذين لا يُغالون ولا يتشدَّدون ، وإنما يمشون على خطِّ الوسط هو تضليل مَن انحرف عن السنة دون قرن ذلك بالتكفير والإخراج عن الملة ؛ لأن هذا التكفير مبنيٌّ على بواطن الأمور ، فيُوكل أمره إلى الله - تبارك وتعالى - .
غيره ؟
الشيخ : لا شك أن .
نعم ؟
سائل آخر : ... .
السائل : حاضر .
هل يجوز أن يُطلَقَ على الفرق الموجودة في العصر الحاضر مثل " القاديانية " و " الشيعة " وغيرهم ، وكذلك الذين يدعون إلى الإسلام ولكن بطرق مختلفة عن طريقة السلف أنهم من أهل النار الذين يشملهم الحديث : افترقت اليهود إلى آخر قوله : كلُّها في النار إلا واحدة ؟
الشيخ : كلُّ مَن خالف الإسلام وكان على بيِّنة من هذه المخالفة ؛ فلا شك في ذلك أنه من تلك الفرق التي ذكرَها الرسول - عليه الصلاة والسلام - ، وأنَّ عددها اثنتين وسبعين فرقة .
أقول : كلُّ مَن تبيَّنت له الحقيقة ثم خالفها فهو من أهل النار ، فإذا كانت المخالفة - كما قلنا آنفًا - اعتقادًا فهو من أهل النار المؤبَّدين فيها ، وإن كانت المخالفة ليست اعتقادًا وإنما عملًا فهو لا يخلُد في النار ، بل حكمه إلى الله - تبارك وتعالى - كما جاء في حديث عبادة بن الصامت : خمس صلوات الله كتبهنَّ الله على العباد ؛ فمن أدَّاها وأحسَنَ أداءها ، وأتمَّ خشوعها وركوعها وسجودها ؛ كان له عهدٌ عند الله أن يدخله الجنة ، ومن لم يؤدِّها ولم يتمَّ خشوعها وركوعها وسجودها لم يكن له عند الله عهد ؛ إن شاء عذَّبه ، وإن شاء غفر له . وهذا الحديث وأمثاله هو في الواقع كتفسير وتفصيل للآية التي ذَكَرناها في الأمس القريب : إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ، فكلُّ مَن كفر أو أشرك وهو على علمٍ بأن هذا شرك في الإسلام فهو مخلَّد في النار ، وكلُّ مَن عصى الله - عز وجل - عملًا لا اعتقادًا وهو على علم بذلك فهو يستحقُّ العذاب عند الله - عز وجل - ، ولكنه تحت مشيئته - تبارك وتعالى - ورحمته كما سمعتم في حديث عبادة : إن شاء عذَّبه وإن شاء غفر له .
هذا هو الحكم ... للفرق الإسلامية كلها ، لكن لا يُصار إلى التكفير ... إلا إذا تبيَّن لنا نحن أنه كفر جحدًا ، و ... في مكان ؛ لذلك نجد أئمة السنة وأئمة الحديث في الوقت الذي ... تلك الفرق كالمعتزلة والخوارج والجبرية والمرجئة وغيرهم حينما يضلِّلون هذه الفرق كلها لا يقطعون بكفرهم كفر ردَّة ؛ لذلك نجدهم يوثِّقون أفرادًا من هؤلاء من حيث الصدق والرواية ، ولكن من جهةٍ أخرى يحكمون عليهم بالضلالة في العقيدة ، لكنهم لا يكفِّرونهم لِاحتمال أن يكون الأمر قد شُبِّه لهم ، لِاحتمال أن يكون لهم عذر عند الله - عز وجل - ، ونحن لا يهمُّنا ولا نستفيد شيئًا ما من أن نحاول أن نكشف عن قلوب الناس ، وعمَّا انطوت عليها نفوسهم وقلوبهم ؛ ذلك لأن الإسلام إنما يأمرنا أن نحكم بالظاهر ، والله - عز وجل - يتولَّى السرائر .
فمَن أعلَنَ لنا الكفر وأعرض ... ألحَقْناه بالكفار ، أما إذا اجتهد فأخطأ ولو كان خطؤه في أصلٍ من أصول الشريعة ، وكان الله - عز وجل - يعلم حُسْن قصده ، ولا يعلم منه الجحد لِمَا أنزل الله - عز وجل - في شريعته ؛ هذا ربُّنا - عز وجل - لا يؤاخذه ، على هذا جرى السلف ؛ لذلك تجد مثل " عمران بن حطان " من رؤوس الخوارج ، ومن الذين جاءت فيهم أحاديث رهيبة جدًّا ، مع ذلك فهو من الرواة الذين روى عنهم إمام المحدِّثين الإمام " محمد بن إسماعيل البخاري " في " صحيحه " ؛ فهذا معناه أن أئمَّتنا أئمة السنة حينما كانوا يحكمون بضلال تلك الفرق المخالفة للسنة وللسلف الصالح ما كانوا يكفِّرونهم ؛ لأن التكفير أمرٌ خطير جدًّا ، ولِاحتمال أن يكون لهذا الذي ظَهَرَ لنا ضلاله وألحقناه بأهل الضلال ... أما أن نحكم بأنه من المخلَّدين في النار ؛ فهذا ... إلا إن جزم وصرَّح بما يوجب الكفر .
ومن هنا يُمكِنُنا أن نبحث حديثًا يُشكل على بعض الناس ، هذا الحديث الذي أخرجه الإمام البخاري ومسلم في " صحيحيهما " من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - وغيره - أيضًا - عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أنه قال : كان فيمَن قبلكم رجلٌ لم يعمَلْ خيرًا قطُّ ، فلما حضَرَتْه الوفاة جمعَ بنيهِ حوله ، وقال لهم : أيُّ أبٍ كنت لكم ؟ قالوا : خير أبٍ . قال : فإني مذنبٌ مع ربي ، ولَئِن قَدِرَ الله عليَّ - الشاهد هنا فانتبهوا - قال : فإني مذنبٌ مع ربي ، ولَئِنَ قَدِرَ الله علي لِيُعذِبَنِّي عذابًا شديدًا ، فإذا أنا متُّ فحرِّقوني بالنار ، ثم ذرُّوا نصفي في البحر ونصفي في الريح - فمات الرجل فحرَّقوه بالنار ، وأخذوا رماده نصفه في الريح الهائج ، ونصفه الآخر في البحر المائج - ، فقال الله - تبارك وتعالى - لذرَّاته : كوني فلانًا ؛ فكان بشرًا سويًّا . قال الله - عز وجل - : أي عبدي ، ما حَمَلَك على ما فعلت ؟ قال : ربِّي خشيتك . قال : فقد غفرتُ لك .
هذا الحديث قد يُشكل على البعض ؛ لأنه بظاهره يتعارض مع الآية السابقة : إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ ؛ لا سيَّما بعد أن بيَّنَّا لكم بالأمس القريب أنَّ معنى يشرك ؛ أي : يكفر ، بمعنى أنه يدخل في الشرك الكفر ، فلا فرق بين الكفر والشرك كما تذكرون ، فهذا الرجل ماذا فعل ؟ إنه أُلقِيَ في نفسه ، وكان الذي ألقى ما ألقى في نفسه خوفُه من ربِّه ؛ أنه إن أوصى تلك الوصيَّة الجائرة التي يصعب على الإنسان أن يتصوَّر وصيَّةً أعرق منها في الضلال ! خُيِّل له أنه إذا نُفِّذت وصيَّته فحُرِّق بالنار ، ووُزِّع رماد جسده نصفه في البحر ونصفه في الريح أن يضلَّ على ربِّه ، وأن الله - عز وجل - لا يقدر عليه ؛ فكأنه نُسِيَ ذلك الحكم الذي ذكرَه الله في - عز وجل - في خاتمة سورة يس : وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ * قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي [ أَنْشَأَهَا ] . فهذا الرجل نُسي هذه الحقيقة ؛ أن الله - عز وجل - الذي خلق الإنسان من عدم هو أيسر عليه لو كان هناك عنده ... أيسر عليه أن يُعيده من هذه الذَّرَّات التي لم ... جسده ، نسي هذا الإنسان هذه الحقيقة ، لكن الذي نَسَّاه هو أمرٌ حسن ، وهو خوفه من ربه - تبارك وتعالى - ؛ لذلك أوصى بما أوصى ، ونُفِّذت وصيَّته ، فأعاده الله - عز وجل - كما كان بشرًا سويًّا ، وقال له : ما حَمَلَك على ما فعلت ؟ قال : خشيتك . فكأن الله - عز وجل - يقول له : ما دام أن الذي حمَلَك على ذلك الخطأ وعلى ذلك الضلال الفاحش الكافر إنما هو خشيتك منِّي ؛ فاذهب ؛ فإني غفرت لك .
الشاهد : هذا ميزان الله وهذا حكمه ، أما نحن فلنا الظاهر ؛ لو رأينا إنسانًا أوصى بهذه الوصية لَبادرنا بلا شك إلى تكفيره كفر ردَّة ، وإذا ربُّنا - عز وجل - له معاملات بميزانه الحكم العدل غير ميزاننا نحن القاصر العاجز المبني على ظواهر الأمور ؛ لذلك المعتزلة - مثلًا - حينما أنكروا رؤيةَ الله - عز وجل - في الآخرة لا شك أنهم ضلُّوا في ذلك ضلالًا بعيدًا ، وكان هذا الإنكار منهم من أسباب حكم أهل السنة عليهم بالضلال ، لكن ما حَكَمَ أهل السنة عليهم بالكفر والرِّدَّة ، وكذلك نقول كما ذكرنا آنفًا بالنسبة لكل المذاهب الأخرى والطرق الأخرى ؛ ذلك منهم جمع بين ما يظهر من ضلالهم الذي لا مجال لنا من عدم الاعتراف به لا بد منه ، وبين أن يكون هناك احتمال أن الله - عز وجل - يعلم من بعض هؤلاء على الأقل عذرًا لهم فيما ذهبوا إليه ؛ لذلك كان مذهب أهل السنة حقيقةً الذين لا يُغالون ولا يتشدَّدون ، وإنما يمشون على خطِّ الوسط هو تضليل مَن انحرف عن السنة دون قرن ذلك بالتكفير والإخراج عن الملة ؛ لأن هذا التكفير مبنيٌّ على بواطن الأمور ، فيُوكل أمره إلى الله - تبارك وتعالى - .
غيره ؟
الفتاوى المشابهة
- حكم الشيخ على الإباضية وأمثالهم بالضلال وعدم ا... - الالباني
- ستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة - اللجنة الدائمة
- ضرب الشيخ لبعض الأمثلة توضح ضلال من حاد عن الك... - الالباني
- كلام الشيخ عمن دخل الإسلام عن طريق القاديانية... - الالباني
- التحذير من القاديانية ومذهبهم المنحرف. - الالباني
- ما هي حقيقة القاديانية ؟ - الالباني
- ردٌّ على الطائفة القاديانية . - الالباني
- رد الشيخ على الطائفة القاديانية . - الالباني
- الكلام على الفرقة القاديانية . - الالباني
- هل يجوز أن يطلق على الفرق الموجودة في العصر ال... - الالباني
- هل يجوز أن يطلق على الفرق الموجودة في العصر ال... - الالباني