"العلي العظيم.. يا أبا الحسن، فافعل ذلك ثلاث جمع أو خمسًا أو سبعًا، تجب بإذن الله، والذي بعثني بالحق ما أخطأ مؤمن قط" ، فما مدى صحة هذا الحديث، فإن كان صحيحًا، فمتى تصلى هذه الصلاة من يوم الجمعة، وهل يجوز حمل المصحف في الصلاة والقراءة منه مشاهدة، إن لم يكن المصلي حافظًا له، وكذلك الدعاء، هل يجوز كتابته في ورقة وقراءته في الصلاة من الورقة، وما هو الوقت الأفضل للدعاء في الصلاة، وهذا الحديث إذا لم يكن صحيحًا فهل هناك طريقة صحيحة ومفيدة لحفظ القرآن، والأمن من عدم ضياعه من الصدر؟
الجواب: أولًا: أما الحديث الذي ذكرت فقد رواه الإمام الترمذي في جامعه، في كتاب الدعوات، وقال: هذا حديث حسن غريب، لا نعرفه إلا من حديث الوليد بن مسلم، إلى أن قال ابن كثير: إنه من البين غرابته، بل نكارته، والله أعلم.
وعلق على ذلك الشيخ محمد رشيد رضا بقوله: بل أسلوبه أسلوب الموضوعات، لا أسلوب أفصح البشر محمد صلى الله عليه وسلم وعلي رضي الله عنه، ولا أسلوب عصرهما.
فعليه: لا أرى لك أن تعمل بهذا الحديث نظرًا لما قيل فيه، وأما من ناحية العمل الذي يثبت حفظ القرآن في صدرك، فعليك أن تكثر من تلاوته، ومن تعاهده؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أوصى بتعاهد هذا القرآن، وقال: "إنه أشد تفلتًا من الإبل في عقلها" ، فعليك أن تكثر من تلاوته وترديده،
حتى يثبت في صدرك، سواء في الصلاة أو خارج الصلاة، فلا وسيلة لحفظ القرآن إلا بأمرين:
أولًا: كثرة التلاوة.
وثانيًا: العمل بالقرآن، فإن العمل بالقرآن يؤدي إلى ثبوته في القلب واستذكاره، هذا الذي أوصيك به.
أما كتابه الأدعية في ورقة وأن تقرأها من ورقة وأن تصلي، فلا أرى لك ذلك، عليك أن تدعو بما تيسر وبما تحفظ ولا تتكلف الكتابة والقراءة؛ لأن هذا يشغلك عن الصلاة.
والقراءة في المصحف، إذا كان الإنسان لا يحفظ شيئًا من القرآن، لا مانع منها، فقد رخص فيها بعض السلف وهو مذهب جماعة من أهل العلم، إذا كان لا يستطيع القراءة حفظًا، ولا يحفظ شيئًا من القرآن، أو يريد أن يصلي بالليل مثلًا، ويتهجد ويريد أن يكثر القراءة لا مانع، وكذلك في صلاة التراويح، إذا كان لا يحفظ القرآن، فلا مانع أن يقرأ من المصحف لأجل الحاجة.