الشيخ : إنه تكلم حول البدعة كلامًا ما عرفته عليه وذكر فارقا جوهريا بين البدعة التي يشملها عموم قوله - عليه السلام - : كل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار يفرِّق بين هذه البدعة المذمومة ذمًّا عامًّا وبين بعض الحوادث التي تحدث وتدخل في باب المصالح المرسلة فهو يقول : إذا حدث أمر ما واقتضت المصلحة تشريعا ما للقضاء على هذا الأمر الحادث أو لمجابهتها أو لأي شيء آخر المهم يتطلب حكما قال : نظرنا وهنا الشاهد فيما يتعلق بالسؤال السابق : " إن كان المقتضي لإحداث الحكم الذي ندعي أنها من المصالح المرسلة " وأنا أقول الآن تدخل في باب سدِّ الذريعة إن كان المقتضي لإيجاد هذا الحكم بسبب ما حدث كان قائمًا في عهد الرسول - عليه السلام - فلا يجوز أبدا أن نحدث حكمًا بدعوى أن المصلحة تقتضي ذلك ؛ لأن هذه المصلحة لو كانت مشروعة كانت شرعت يوم وجد المقتضي لوجودها فلم توجد في عهد الرسول - عليه السلام - ومن هنا تعلمون انحراف بعض القوانين التي أحدثها بعض الحكام قديمًا وحديثًا مما يدخل في باب ما يسمُّونه الجباية جباية الأموال أو بصورة أوضح الضرائب نحن نقول : لا يجوز تشريع مثل هذه القوانين لجلب الأموال وبدعوى أن الدولة بحاجة إلى أموال إلا في حالة واحدة وقبل أن أتحدث عنها أقول لم ؟ لأن الشارع الحكيم قد وضع نظاما لتكون الدولة غنية بثروتها تساعدها هذه الثروة بالقيام على بما يجب عليها من خدمة الأمة وذلك هو بكتاب الزكاة أو كتاب الأموال التي ألف فيها بعض الكتب من السلف الصالح فإحداث قوانين مع إهمال تطبيق هذه الأحكام الشرعية هذه تدخل في البدعة الضلالة وليست مصلحة مرسلة متى تكون مصلحة مرسلة ؟ وهذا أيضًا مما - يرحمك الله - مما دندن حوله الإمام أبو إسحاق الشاطبي في كتابه العظيم " الاعتصام " قال : " إذا فوجئت الدولة المسلمة بغزو من بعض الكفار ولم تكن الأموال المجموعة في خزينة الدولة كافية لصد هذا الهجوم حينئذٍ لا مانع أبدا بل ذلك من الواجب أن تفرض الدولة ضرائب على الأغنياء دون الفقراء وأن تفرض هذه الفرائض مؤقتا حتى إذا ما زال السبب الموجب لهذه الضرائب أزيلت الضرائب عن الأمة وعن الشعب " هكذا قضية المصلحة المرسلة تطبق .