تفسير قوله تعالى: (اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو.
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
تفسير قوله تعالى: (اعلموا أنما الحياة الدنيا لعبٌ ولهوٌ)
قال تعالى: اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرّاً ثُمَّ يَكُونُ حُطَاماً وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ [الحديد:٢٠] لما ذكر الله أحوال المؤمنين وأحوال الكافرين وهم في الدنيا كل يعمل على شاكلته، بين حقيقة الدنيا ما هي، وأمرنا أن نعلم ذلك من أجل أن يجتهد الإنسان في التأمل والتفكر، فالأمر في العلم بشيء واقع يعني أن المطلوب أن تتأمل كثيراً حتى يتبين لك الأمر.
اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وهي حياتنا هذه لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلادِ خمسة أشياء، اللعب بالجوارح، واللهو بالقلوب.
أما اللعب بالجوارح: كأن يعمل الإنسان أعمالاً تصده عن ذكر الله وعن الصلاة.
وأما اللهو بالقلوب وهو الغفلة، وهذا أشد وأعظم غفلة القلب أعاذنا الله وإياكم منها وأحيا قلوبنا وقلوبكم، الغفلة عظيمة تفقدك جميع لذات الطاعات، وتحرم من جميع آثارها، لقوله تعالى: وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ [الكهف:٢٨] لم يقل: لا تطع من أسكتنا لسانه، قال: (من أغفلنا قلبه) وما أكثر ذكرنا باللسان مع غفلة الجنان، وهذا لا شك أنه ينقص الثواب وينقص الآثار المترتبة على الذكر، من صلاح القلب والاتجاه إلى الله، وإنابته إليه، وغير ذلك.
لَعِبٌ وَلَهْوٌ اللعب في الجوارح، واللهو في القلوب.
وَزِينَةٌ نعم زينة في الملابس، زينة في المراكب، زينة في المساكن، زينة في كل شيء، ولذلك تجد الإنسان ولو كان فقيراً يحب أن يزين بيته بالديكور وغيره، وكذلك سيارته، عنده أزواج إذا أراد الزوج أن يركب سيارة يجعل عليها عقوداً من الأزهار زينة.
وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ كل واحد يفخر على الآخر، أنا من القبيلة الفلانية وأنت من القبيلة الفلانية، قبيلتك لا تساوي شيئاً في المجتمع، وقبيلتي قبيلة رفيعة يتفاخرون تفاخر في العلم، يكون هذا عنده علم في الطب وهذا لا يعرف الطب، هذا علمه بالهندسة وهذا لا يعرف فيفخر عليه، وأقبح من ذلك التفاخر بالعلم الشرعي؛ لأن العلم الشرعي يجب على الإنسان إذا اكتسبه ومنَّ الله عليه به أن يزداد تواضعاً وأن يعرف نفسه وقدر نفسه.
وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ ومن ذلك ما يحصل بين الشعراء في بعض الأحيان من التطاول على الآخرين والتفاخر، كما يوجد في بعض الأفراح وبعض المناسبات كما نسمع ذلك.
وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلادِ تكاثر كل واحد يحب أن يكون أكثر أموالاً وأكثر أولاداً، وهذا كقوله تعالى: زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا [آل عمران:١٤] هذه حقيقة الدنيا، ومع هذا اللهو واللعب والتفاخر والزينة هل تبقى؟ أبداً لا تبقى لا بد أن تزول، وإذا طال بالإنسان زمان عاد إلى الهرم، وفي هذا يقول الشاعر:
لا طيب للعيش ما دامت منغصة لذاته بادكار الموت والهرم
كل إنسان إذا فكر في عيشه وأنه في نعيم نقول: فما بعد ذلك؟ إما موت أو هرم، إما أن تموت وتنتهي من الدنيا، وإما أن تهرم وتكون عالة على ابنك وبنتك حتى أهلك يملون منك، ولهذا أشار الله عز وجل إلى هذه الحالة، فقال: إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ [الإسراء:٢٣] لأنهما إذا بلغا الكبر اختل تفكيرهما، وصارا يتعبان، فأنت إما أن تموت أو تصل إلى حال الهرم، هذا إن بقيت لك الدنيا وإلا فقد تسلب إياها قبل أن تصل إلى الهرم.
إذاً نأخذ من هذا الحذر من فتنة الدنيا، وكم من إنسان أطغته الحياة الدنيا فهلك، وفي الحديث القدسي: (إن من عبادي من إذا أغنيته أفسده الغنى) بل قد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (والله ما الفقر أخشى عليكم وإنما أخشى عليكم أن تفتح الدنيا عليكم فتنافسوا فيها كما تنافس فيها من قبلكم فتهلككم كما أهلكتهم) وصدق الرسول عليه الصلاة والسلام، أكثر الفسقة والكفرة من الملأ والأشراف، اقرءوا القرآن! من يكذب الرسل؟ الملأ والأشراف، اعتبروا بالواقع الآن، أكثر ما يفسد في الدنيا هم الأثرياء والأغنياء الذين فتحت عليهم الدنيا، فليحذرها العاقل اللبيب وليقتصر منها على ما ينفعه في الآخرة.
ثم ضرب الله لها مثلاً في قوله: كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرّاً ثُمَّ يَكُونُ حُطَاماً وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ [الحديد:٢٠] .
قال تعالى: اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرّاً ثُمَّ يَكُونُ حُطَاماً وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ [الحديد:٢٠] لما ذكر الله أحوال المؤمنين وأحوال الكافرين وهم في الدنيا كل يعمل على شاكلته، بين حقيقة الدنيا ما هي، وأمرنا أن نعلم ذلك من أجل أن يجتهد الإنسان في التأمل والتفكر، فالأمر في العلم بشيء واقع يعني أن المطلوب أن تتأمل كثيراً حتى يتبين لك الأمر.
اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وهي حياتنا هذه لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلادِ خمسة أشياء، اللعب بالجوارح، واللهو بالقلوب.
أما اللعب بالجوارح: كأن يعمل الإنسان أعمالاً تصده عن ذكر الله وعن الصلاة.
وأما اللهو بالقلوب وهو الغفلة، وهذا أشد وأعظم غفلة القلب أعاذنا الله وإياكم منها وأحيا قلوبنا وقلوبكم، الغفلة عظيمة تفقدك جميع لذات الطاعات، وتحرم من جميع آثارها، لقوله تعالى: وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ [الكهف:٢٨] لم يقل: لا تطع من أسكتنا لسانه، قال: (من أغفلنا قلبه) وما أكثر ذكرنا باللسان مع غفلة الجنان، وهذا لا شك أنه ينقص الثواب وينقص الآثار المترتبة على الذكر، من صلاح القلب والاتجاه إلى الله، وإنابته إليه، وغير ذلك.
لَعِبٌ وَلَهْوٌ اللعب في الجوارح، واللهو في القلوب.
وَزِينَةٌ نعم زينة في الملابس، زينة في المراكب، زينة في المساكن، زينة في كل شيء، ولذلك تجد الإنسان ولو كان فقيراً يحب أن يزين بيته بالديكور وغيره، وكذلك سيارته، عنده أزواج إذا أراد الزوج أن يركب سيارة يجعل عليها عقوداً من الأزهار زينة.
وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ كل واحد يفخر على الآخر، أنا من القبيلة الفلانية وأنت من القبيلة الفلانية، قبيلتك لا تساوي شيئاً في المجتمع، وقبيلتي قبيلة رفيعة يتفاخرون تفاخر في العلم، يكون هذا عنده علم في الطب وهذا لا يعرف الطب، هذا علمه بالهندسة وهذا لا يعرف فيفخر عليه، وأقبح من ذلك التفاخر بالعلم الشرعي؛ لأن العلم الشرعي يجب على الإنسان إذا اكتسبه ومنَّ الله عليه به أن يزداد تواضعاً وأن يعرف نفسه وقدر نفسه.
وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ ومن ذلك ما يحصل بين الشعراء في بعض الأحيان من التطاول على الآخرين والتفاخر، كما يوجد في بعض الأفراح وبعض المناسبات كما نسمع ذلك.
وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلادِ تكاثر كل واحد يحب أن يكون أكثر أموالاً وأكثر أولاداً، وهذا كقوله تعالى: زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا [آل عمران:١٤] هذه حقيقة الدنيا، ومع هذا اللهو واللعب والتفاخر والزينة هل تبقى؟ أبداً لا تبقى لا بد أن تزول، وإذا طال بالإنسان زمان عاد إلى الهرم، وفي هذا يقول الشاعر:
لا طيب للعيش ما دامت منغصة لذاته بادكار الموت والهرم
كل إنسان إذا فكر في عيشه وأنه في نعيم نقول: فما بعد ذلك؟ إما موت أو هرم، إما أن تموت وتنتهي من الدنيا، وإما أن تهرم وتكون عالة على ابنك وبنتك حتى أهلك يملون منك، ولهذا أشار الله عز وجل إلى هذه الحالة، فقال: إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ [الإسراء:٢٣] لأنهما إذا بلغا الكبر اختل تفكيرهما، وصارا يتعبان، فأنت إما أن تموت أو تصل إلى حال الهرم، هذا إن بقيت لك الدنيا وإلا فقد تسلب إياها قبل أن تصل إلى الهرم.
إذاً نأخذ من هذا الحذر من فتنة الدنيا، وكم من إنسان أطغته الحياة الدنيا فهلك، وفي الحديث القدسي: (إن من عبادي من إذا أغنيته أفسده الغنى) بل قد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (والله ما الفقر أخشى عليكم وإنما أخشى عليكم أن تفتح الدنيا عليكم فتنافسوا فيها كما تنافس فيها من قبلكم فتهلككم كما أهلكتهم) وصدق الرسول عليه الصلاة والسلام، أكثر الفسقة والكفرة من الملأ والأشراف، اقرءوا القرآن! من يكذب الرسل؟ الملأ والأشراف، اعتبروا بالواقع الآن، أكثر ما يفسد في الدنيا هم الأثرياء والأغنياء الذين فتحت عليهم الدنيا، فليحذرها العاقل اللبيب وليقتصر منها على ما ينفعه في الآخرة.
ثم ضرب الله لها مثلاً في قوله: كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرّاً ثُمَّ يَكُونُ حُطَاماً وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ [الحديد:٢٠] .
الفتاوى المشابهة
- تفسير الآيات ( 19 - 20 ) من سورة الحديد . - ابن عثيمين
- معنى قوله تعالى :" بل تؤثرون الحياة الدنيا .... - ابن عثيمين
- تفسير قوله تعالى: (فأعرض عمن تولى عن ذكرنا و... - ابن عثيمين
- ما معنى كلمة الحيوان في قوله تعالى : " وما ه... - ابن عثيمين
- ما معنى قوله تعالى : "وما هذه الحياة الدنيا... - ابن عثيمين
- تفسير قوله تعالى: (بل تؤثرون الحياة الدنيا) - ابن عثيمين
- باب : مثل الدنيا في الآخرة. وقوله تعالى : ((... - ابن عثيمين
- قراءة قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما... - ابن عثيمين
- معنى قول الله تعالى: (وما هذه الحياة الدنيا... - ابن عثيمين
- تفسير قوله تعالى: (اعلموا أنما الحياة الدنيا... - ابن عثيمين
- تفسير قوله تعالى: (اعلموا أنما الحياة الدنيا... - ابن عثيمين