ما تفسير الآية الكريمة (( رب المشرقين ورب المغربين )) والآية الأخرى (( ذلك تقدير العزيز العليم )) ؟
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
السائل : ما تفسير الآية الكريمة : رب المشرقين ورب المغربين والآية الأخرى : ذلك تقدير العزيز العليم ؟
الشيخ : الحمد لله رب العالمين ، وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين .
الجواب عن الآية الأولى : أن اللله سبحانه تعالى يخبر عن نفسه بأنه رب المشرقين ورب المغربين والمراد بهما : مشرقا الصيف والشتاء ، مشرق الصيف حيث تكون الشمس في أقصى مدرا لها نحو الشمال ، ومشرق الشتاء حيث تكون الشمس في أقصى مدار لها نحو الجنوب ، ونص الله تعالى على ذلك لما في اختلافهما من المصالح العظيمة للخلق ، ولما في اختلافهما من الدلالة الواضحة على تمام قدرة الله سبحانه وتعال وكمال رحمته وحكمته ، إذا لا أحد يقدر على أن يصرف الشمس من مشرق إلى مشرق ومن مغرب إلى مغرب إلا الله عز وجل ، ولهذا قال : رب المشرقين ورب المغربين فبأي آلاء ربكما تكذبان وفي تعقيب هذه الآية بالسابقة إلى أن هذا من آلاء الله ونعمه العظيمة على عباده و إذن فالمراد بالمشرقين والمغربين : مشرقا الشمس في الصيف والشتاء ومغرباها في الصيف والشتاء .
وقد قال الله تعالى في آية أخرى : فلا أقسم برب المشارق والمغارب فجمع المشرق والمغرب ، وقال تعالى في آية ثالثة : رب المشرق والمغرب لا إله إلا هو فاتخذه وكيلاً ولا تناقض بين هذه الآيات الكريمة ، فالمراد بآية التثنية ما أسلفناه ، والمراد بآية الجمع إما مشارق الشمس ومغاربها باعتبار مشرقها ومغربها كل يوم ، لأن كل يوم لها مشرق ومغرب غير مشرقها ومغربها بالأمس ، أو أن المراد بالمشارق والمغارب مشارق النجوم والكواكب والشمس والقمر .
وأما قوله تعالى : رب المشرق والمغرب فالمراد بها الناحية أي أنه مالك كل شيء ورب كل شيء ، سواء كان ذلك الشيء في المشرق أو في المغرب .
وليعلم أن كتاب الله وما صح من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يمكن أن يكون فيه تناقض لا فيما بينها وبين النصوص ، ولا فيما بينها وبين الواقع ، فإن توهم واهم التناقض أو التعارض فذلك إما لقصور في علمه أو نقص في فهمه أو تقصير في تدبره وتأمله ، وإلا فإن الحقيقة الواقعة أنه ليس بين نصوص الكتاب والسنة تناقض ولا بينها وبين الواقع أيضاً.
وأما قوله تعالى : والشمس تجري لمستقر لها وهو الفقرة الثانية من سؤاله ، فمعناه أن هذه الشمس العظيمة التي جعلها الله تعالى سراجاً وهاجاً عظيم الحرارة عظيم النور ، هذه الشمس تجري بإذن الله عز وجل ، أي تسير لمستقر لها أي لغاية حددها الله عز وجل بعلمه ، ولهذا قال : ذلك تقدير العزيز العليم فهو لعزته سبحانه وتعالى وقهره خلق هذه الشمس العظيمة وسخرها تجري بأمره وبمقتضى علمه وحكمته إلى حيث أراد الله عز وجل ، والمستقر هو مستقرها تحت العرش حيث أنها تذهب كل يوم إذا غربت وتسجد تحت العرش ، عرش الرحمان جل وعلا وتستأذن ، فإن أذن لها وإلا رجعت من حيث جاءت وخرجت من مغربها ، وهذا هو ما يشير إليه قوله تعالى : يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفس إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً فإن الناس إذا رأوها خرجت من المغرب آمنوا أجمعون ، ولكن لا ينفع نفس إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً .
كذلك تجري لمستقر آخر وهو منتهاها يوم القيامة الدال عليه قوله تعالى : إذا الشمس كورت .
وفي هذا الآية دلالة واضحة على أن الشمس تدور على الأرض ، وهو الذي يدل عليه ظاهر القرآن وهو الذي نعتقده وندين الله به حتى يأتينا دليل محسوس ظاهر يسوغ لنا أن نؤول ظاهر الآية إلى ما يقال الآن بأن اختلاف الليل والنهار وطلوع الشمس وغروبها إنما هو بسبب دوران الأرض ، فإنه لا يحل لأحد أن يعدل عن الكتاب والسنة إلا بدليل يكون حجة له أمام الله عز وجل يوم القيامة ، يسوغ له أن يصرف ظاهر القرآن والسنة إلا ما يطابق ذلك الشيء المدعى ، وما دمنا لم نرى شيئاً محسوساً تطمئن إليه نفوسنا ونراه مسوغاً لنا جواز صرف القرآن عن ظاهره ، فإن الواجب علينا معشر المؤمنين أن نؤمن بظاهر القرآن والسنة وأن لا نلتفت إلى قول أحد خالفهما كائناً من كان ، وإلى الآن لم يتبين لي صحة ما ذهب إليه هؤلاء من أن اختلاف الليل والنهار بالشروق والغروب كان بسبب دوران الأرض .
وعليه فإن عقيدتي التي أدين الله بها أن الشمس هي التي يحصل بها اختلاف الليل والنهار وهي التي تدور على الأرض والله على كل شيء قدير ، ألم ترى إلى قوله تعالى : وترى الشمس إذا طلعت تزوار عن كهفهم ذات اليمين وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال وألم ترى إلى قوله تعالى : إني أحببت حب الخير عن ذكر ربي حتى توارت بالحجاب وألم ترى إلى قوله تعالى : حتى إذا بلغ مطلع الشمس حتى إذا بلغ مغرب الشمس ففي هذه الآيات المتعددة إضافة الطلوع والغروب ، وإضافة التزاور وإضافة القرض إلى الشمس ، وإضافة التواري أيضاً إلى الشمس ، فما بالنا نصرف هذه الأفعال المسندة إلى الشمس عن ظاهرها إلى قول لم يتبين لنا أنه واقع حسناً ، إن هذا لا يجوز أبداً ، فيجب علينا أن نعتقد ما دل عليه ظاهر الكتاب والسنة إلا بدليل محسوس يستطيع الإنسان أن يواجه به ربه يوم القيامة ويقول يا ربي إني رأيت الأمر المحسوس يخالف ظاهر ما خاطبتنا به وأنت أعلم وأحكم وكتابك منزه عن أن يناقض الواقع المحسوس ، فإذا تبين بالحس الواضح البين أن اختلاف الليل والنهار بسبب دوران الأرض فإن فهمي يكون خطأً ، وأما ما دام الأمر هكذا مجرد أقاويل فإني أعتقد أنه لا يجوز لأحد أن يخالف ظاهر الكتاب والسنة بمثل هذه الأمور .
وخلاصة القول أن معنى قوله تعالى : والشمس تجري لمستقر لها أن الله يخبر بأن الشمس تسير بإذن الله عز وجل لمستقر لها لغاية تنتهي إليها وهو يوم القيامة ، ولمستقر لها لغاية تنتهي إليه يومياً وهو سجودها تحت العرش كما صح ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث أبي ذر الذي رواه البخاري وغيره .
الشيخ : الحمد لله رب العالمين ، وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين .
الجواب عن الآية الأولى : أن اللله سبحانه تعالى يخبر عن نفسه بأنه رب المشرقين ورب المغربين والمراد بهما : مشرقا الصيف والشتاء ، مشرق الصيف حيث تكون الشمس في أقصى مدرا لها نحو الشمال ، ومشرق الشتاء حيث تكون الشمس في أقصى مدار لها نحو الجنوب ، ونص الله تعالى على ذلك لما في اختلافهما من المصالح العظيمة للخلق ، ولما في اختلافهما من الدلالة الواضحة على تمام قدرة الله سبحانه وتعال وكمال رحمته وحكمته ، إذا لا أحد يقدر على أن يصرف الشمس من مشرق إلى مشرق ومن مغرب إلى مغرب إلا الله عز وجل ، ولهذا قال : رب المشرقين ورب المغربين فبأي آلاء ربكما تكذبان وفي تعقيب هذه الآية بالسابقة إلى أن هذا من آلاء الله ونعمه العظيمة على عباده و إذن فالمراد بالمشرقين والمغربين : مشرقا الشمس في الصيف والشتاء ومغرباها في الصيف والشتاء .
وقد قال الله تعالى في آية أخرى : فلا أقسم برب المشارق والمغارب فجمع المشرق والمغرب ، وقال تعالى في آية ثالثة : رب المشرق والمغرب لا إله إلا هو فاتخذه وكيلاً ولا تناقض بين هذه الآيات الكريمة ، فالمراد بآية التثنية ما أسلفناه ، والمراد بآية الجمع إما مشارق الشمس ومغاربها باعتبار مشرقها ومغربها كل يوم ، لأن كل يوم لها مشرق ومغرب غير مشرقها ومغربها بالأمس ، أو أن المراد بالمشارق والمغارب مشارق النجوم والكواكب والشمس والقمر .
وأما قوله تعالى : رب المشرق والمغرب فالمراد بها الناحية أي أنه مالك كل شيء ورب كل شيء ، سواء كان ذلك الشيء في المشرق أو في المغرب .
وليعلم أن كتاب الله وما صح من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يمكن أن يكون فيه تناقض لا فيما بينها وبين النصوص ، ولا فيما بينها وبين الواقع ، فإن توهم واهم التناقض أو التعارض فذلك إما لقصور في علمه أو نقص في فهمه أو تقصير في تدبره وتأمله ، وإلا فإن الحقيقة الواقعة أنه ليس بين نصوص الكتاب والسنة تناقض ولا بينها وبين الواقع أيضاً.
وأما قوله تعالى : والشمس تجري لمستقر لها وهو الفقرة الثانية من سؤاله ، فمعناه أن هذه الشمس العظيمة التي جعلها الله تعالى سراجاً وهاجاً عظيم الحرارة عظيم النور ، هذه الشمس تجري بإذن الله عز وجل ، أي تسير لمستقر لها أي لغاية حددها الله عز وجل بعلمه ، ولهذا قال : ذلك تقدير العزيز العليم فهو لعزته سبحانه وتعالى وقهره خلق هذه الشمس العظيمة وسخرها تجري بأمره وبمقتضى علمه وحكمته إلى حيث أراد الله عز وجل ، والمستقر هو مستقرها تحت العرش حيث أنها تذهب كل يوم إذا غربت وتسجد تحت العرش ، عرش الرحمان جل وعلا وتستأذن ، فإن أذن لها وإلا رجعت من حيث جاءت وخرجت من مغربها ، وهذا هو ما يشير إليه قوله تعالى : يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفس إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً فإن الناس إذا رأوها خرجت من المغرب آمنوا أجمعون ، ولكن لا ينفع نفس إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً .
كذلك تجري لمستقر آخر وهو منتهاها يوم القيامة الدال عليه قوله تعالى : إذا الشمس كورت .
وفي هذا الآية دلالة واضحة على أن الشمس تدور على الأرض ، وهو الذي يدل عليه ظاهر القرآن وهو الذي نعتقده وندين الله به حتى يأتينا دليل محسوس ظاهر يسوغ لنا أن نؤول ظاهر الآية إلى ما يقال الآن بأن اختلاف الليل والنهار وطلوع الشمس وغروبها إنما هو بسبب دوران الأرض ، فإنه لا يحل لأحد أن يعدل عن الكتاب والسنة إلا بدليل يكون حجة له أمام الله عز وجل يوم القيامة ، يسوغ له أن يصرف ظاهر القرآن والسنة إلا ما يطابق ذلك الشيء المدعى ، وما دمنا لم نرى شيئاً محسوساً تطمئن إليه نفوسنا ونراه مسوغاً لنا جواز صرف القرآن عن ظاهره ، فإن الواجب علينا معشر المؤمنين أن نؤمن بظاهر القرآن والسنة وأن لا نلتفت إلى قول أحد خالفهما كائناً من كان ، وإلى الآن لم يتبين لي صحة ما ذهب إليه هؤلاء من أن اختلاف الليل والنهار بالشروق والغروب كان بسبب دوران الأرض .
وعليه فإن عقيدتي التي أدين الله بها أن الشمس هي التي يحصل بها اختلاف الليل والنهار وهي التي تدور على الأرض والله على كل شيء قدير ، ألم ترى إلى قوله تعالى : وترى الشمس إذا طلعت تزوار عن كهفهم ذات اليمين وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال وألم ترى إلى قوله تعالى : إني أحببت حب الخير عن ذكر ربي حتى توارت بالحجاب وألم ترى إلى قوله تعالى : حتى إذا بلغ مطلع الشمس حتى إذا بلغ مغرب الشمس ففي هذه الآيات المتعددة إضافة الطلوع والغروب ، وإضافة التزاور وإضافة القرض إلى الشمس ، وإضافة التواري أيضاً إلى الشمس ، فما بالنا نصرف هذه الأفعال المسندة إلى الشمس عن ظاهرها إلى قول لم يتبين لنا أنه واقع حسناً ، إن هذا لا يجوز أبداً ، فيجب علينا أن نعتقد ما دل عليه ظاهر الكتاب والسنة إلا بدليل محسوس يستطيع الإنسان أن يواجه به ربه يوم القيامة ويقول يا ربي إني رأيت الأمر المحسوس يخالف ظاهر ما خاطبتنا به وأنت أعلم وأحكم وكتابك منزه عن أن يناقض الواقع المحسوس ، فإذا تبين بالحس الواضح البين أن اختلاف الليل والنهار بسبب دوران الأرض فإن فهمي يكون خطأً ، وأما ما دام الأمر هكذا مجرد أقاويل فإني أعتقد أنه لا يجوز لأحد أن يخالف ظاهر الكتاب والسنة بمثل هذه الأمور .
وخلاصة القول أن معنى قوله تعالى : والشمس تجري لمستقر لها أن الله يخبر بأن الشمس تسير بإذن الله عز وجل لمستقر لها لغاية تنتهي إليها وهو يوم القيامة ، ولمستقر لها لغاية تنتهي إليه يومياً وهو سجودها تحت العرش كما صح ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث أبي ذر الذي رواه البخاري وغيره .
الفتاوى المشابهة
- أثر عمر ما بين المشرق والمغرب قبلة هل صح. - الالباني
- في الحديث ( اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما... - ابن عثيمين
- توضيح الشيخ للطلاب اتجاه القبلة ، وبيان المقصو... - الالباني
- ما تفسير قوله تعالى ( و الشمس تجري لمستقر لها... - الالباني
- ما معنى "أبعد مِمَّا بَين الْمشرق"؟ - ابن باز
- تفسير الآية :(وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ... - الفوزان
- التعليق على تفسير الجلالين : (( رب السماوات... - ابن عثيمين
- المراد بالمشرقين والمغربين - اللجنة الدائمة
- له سؤالٌ أخير يقول فيه قال الله تعالى في كتا... - ابن عثيمين
- تفسير قوله تعالى: (رب المشرقين ورب المغربين) - ابن عثيمين
- ما تفسير الآية الكريمة (( رب المشرقين ورب ال... - ابن عثيمين