تم نسخ النصتم نسخ العنوان
إذا غضب الوالد غير الملتزم بأمور دينية من صي... - ابن عثيمينالسائل : هذه رسالة وصلت من محمد الطيب من السودان بعث برسالة يقول فيها إذا غضب الوالد غير الملتزم بأمور دينية من صلاة وصيام وزكاة من ابنه عندما ينصحه ويح...
العالم
طريقة البحث
إذا غضب الوالد غير الملتزم بأمور دينية من صيام وصلاة وزكاة من ابنه وعندما ينصحه ويحاول معه أن يلتزم بأمور الشرع هل يأثم الابن من هذا الغضب ؟ وهل يدخل في باب العقوق ؟
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
السائل : هذه رسالة وصلت من محمد الطيب من السودان بعث برسالة يقول فيها إذا غضب الوالد غير الملتزم بأمور دينية من صلاة وصيام وزكاة من ابنه عندما ينصحه ويحاول معه أن يلتزم بأمور الشرع هل يأثم الابن من هذا الغضب وهل يدخل في باب العقوق نرجو بهذا الإفادة؟

الشيخ : نصيحة الابن لأبيه أو لأمه أو لأقاربه ليست عقوقا للوالدين ولا قطيعة للأقارب بل هذا من بر الوالدين وصلة الأقارب فالواجب على الإنسان أن يبر بوالديه بنصيحتهما وأن يصل أرحامه بنصيحتهم كما قال الله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم { وأنذر عشيرتك الأقربين } وإذا غضب الوالدان أو الأقارب من هذه النصيحة فغضبهم عليهم وليس عليك منه شيء ولا يُعد إغضابهم بالنصيحة قطيعة ولا عقوقا ولكن يجب عليك أن تكون حكيما في النصيحة بأن تتحرّى الأحوال التي يكونون بها أقرب إلى الإجابة والقبول وأن لا تعنّف وتسب وتشتم لأن هذا قد يُنفر من تُوجه إليهم النصيحة فإذا أتيت بالتي هي أحسن مخلصا لله عز وجل ممتثلا لأمره ناصحا لعباده كان في هذا خير كثير ولا يضرك غضب من غضب، ألم تر إلى هذه القصة التي جرت بين إبراهيم الخليل وأبيه في سورة مريم حيث قال عليه الصلاة والسلام لأبيه { يا أَبَتِ لِمَ تَعبُدُ ما لا يَسمَعُ وَلا يُبصِرُ وَلا يُغني عَنكَ شَيئًا } فتأمل هذا التلطّف في الخطاب يقول له { يا أبت } وهو يعلم أنه مشرك { لِمَ تَعبُدُ ما لا يَسمَعُ وَلا يُبصِرُ وَلا يُغني عَنكَ شَيئًا * يا أَبَتِ إِنّي قَد جاءَني مِنَ العِلمِ ما لَم يَأتِكَ فَاتَّبِعني أَهدِكَ صِراطًا سَوِيًّا } ولم يقل يا أبت إني عالم وأنت جاهل بل قال { إِنّي قَد جاءَني مِنَ العِلمِ ما لَم يَأتِكَ } فلم يشأ أن يصف أباه بالجهل مع أن أباه لا شك أنه جاهل بما عند إبراهيم من علم { يا أَبَتِ لا تَعبُدِ الشَّيطانَ إِنَّ الشَّيطانَ كانَ لِلرَّحمانِ عَصِيًّا * يا أَبَتِ إِنّي أَخافُ أَن يَمَسَّكَ عَذابٌ مِنَ الرَّحمانِ فَتَكونَ لِلشَّيطانِ وَلِيًّا } فماذا قال له الأب { قالَ أَراغِبٌ أَنتَ عَن ءالِهَتي يا إِبراهيمُ لَئِن لَم تَنتَهِ لَأَرجُمَنَّكَ وَاهجُرني مَلِيًّا } فهل تجد غضبا أشد من هذا الغضب يقول لابنه { لَئِن لَم تَنتَهِ لَأَرجُمَنَّكَ } ويقول { وَاهجُرني مَلِيًّا } طويلا ماذا قال ابنه قال { قالَ سَلامٌ عَلَيكَ سَأَستَغفِرُ لَكَ رَبّي إِنَّهُ كانَ بي حَفِيًّا } فاتخذ من هذه القصة عبرة فإن إبراهيم عليه الصلاة والسلام أفضل الأنبياء بعد محمد عليه الصلاة والسلام وهو الذي قال الله لنبيه { ثُمَّ أَوحَينا إِلَيكَ أَنِ اتَّبِع مِلَّةَ إِبراهيمَ حَنيفًا وَما كانَ مِنَ المُشرِكينَ } ومع هذا يُخاطب أباه المشرك بهذا الخطاب وهذه المحاورة ثم يقول في الأخير { سَلامٌ عَلَيكَ سَأَستَغفِرُ لَكَ رَبّي إِنَّهُ كانَ بي حَفِيًّا * وَأَعتَزِلُكُم وَما تَدعونَ مِن دونِ اللَّهِ وَأَدعو رَبّي عَسى أَلّا أَكونَ بِدُعاءِ رَبّي شَقِيًّا } .
المهم أن الواجب عليك أن تنصح والدك على ما هو عليه من المعاصي لعل الله أن يمن عليه بالتوبة والهداية ولو غضب فلا يهمنك غضبه فإنما غضبه على نفسه. نعم.

السائل : بارك الله فيكم فضيلة الشيخ.

Webiste