ما تفسير قوله - تعالى - : ( وإن منكم إلا واردها ) ؟
الشيخ محمد ناصر الالباني
الشيخ : أما معنى قوله - عليه الصلاة والسلام - لم تمسَّه النار إلا تحلَّة القسم ؛ ففي الحديث إشارة إلى قوله - تبارك وتعالى - ، قال - عز وجل - وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتمًا مقضيًّا ثم ننجِّي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيًّا - الخطاب للإنس والجن - ، وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتمًا مقضيًّا ؛ أي : إن ذلك كان في الكتاب مسطورًا ، فلا بد لكلٍّ من الجنسين من الإنس والجن لكلِّ فردٍ من أفراد هذَين الثَّقلين لا بد من أن يدخلوا النار ، ثم قال - تعالى - : ثم ننجِّي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيًّا .
فلا بد إذًا لكل من البشر أن يدخل النار ، ولكن مع فارق كبير ، المسلم يدخل النار ولا تمسَّه النار بعذاب ، أما الكافر أو الفاسق فكلٌّ بحسب ما كان ارتكب من معاصٍ ، أما الكافر فمُخلَّد في النار ، أما مَن دونه فكما ذكرنا .
و واردها في هذه الآية الكريمة اختلفوا في التفسير على أقوال ثلاثة :
القول الأول : أن المقصود من الورود هو المرور بجانب النار ، وليس الدخول ؛ لأنهم يقولون في اللغة العربية : أورد الناقة الحوض لا يعني أنه دخل بها الحوض ؛ فإذًا معنى قوله - تعالى - : وإن منكم إلا واردها على القول الأول ؛ أي : يمر بها مرورًا جانبيًّا ، لكن مَن كان من الكفار أو الفساق فهو داخلها رغم أنفه ، أما مَن كان مؤمنًا فهو يمرُّ بجانبها ، هذا هو القول الأول .
والقول الثاني : وإن منكم إلا واردها أي : مار عليها ، فهو يرى النار ، ولكن لا يحسُّ بلهيبها ودخانها .
والقول الثالث - والأخير ، وهو الصحيح - : أن المقصود بالورود الدخول ، ويكفي أن يكون الدخول هو من نفس الصراط ، فيكون الصراط كالنَّفق في الجبل ، فيحيط المار بالداخلين ولكن مَن كان مثل هذا الذي لم تمسَّه النار إلا تحلة القسم لا تؤثِّر فيه النار .
وهذا القول كما ذكرت آنفًا هو الراجح ؛ لماذا ؟
لأن الإمام مسلمًا قد روى في " صحيحه " من حديث حفصة فيما أظن أو جابر بن عبد الله - أشك الآن - ، لكن القصة تتعلق يقينًا بحفصة بنت عمر زوجة النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ، قال : قال - عليه الصلاة والسلام - لا يدخل النار أحدٌ من أهل بدر والحديبية ، قالت حفصة : كيف ذاك يا رسول الله ؟ والله يقول : وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتمًا مقضيًّا ؟ فنلاحظ هنا شيئًا هامًّا جدًّا ؛ أن الورود المذكور في الآية فَهِمَتْه السيدة حفصة بمعنى الدخول ، ولذلك أشكل عليها قول الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - أنه : لا يدخل النار أحد من أهل بدر والحديبية ، فأشكل عليها هذا النفي مع تعليم رب العالمين بالآية الدخول للثقلين كلهم لا استثناء ، فنجد الرسول - عليه السلام - كان موقفُه تُجاهَ فهم السيدة حفصة لمعنى الورود للفظ الورود بمعنى الدخول أن الرسول أقرَّها على ذلك وما قال لها لا يا حفصة ؛ الورود هنا إنما هو بمعنى المرور بجانب النار ، أو من فوق جهنَّم ؛ لكنه - عليه السلام - أقرَّها أولًا على فهمها أن معنى الورود هو بمعنى الدخول المنفي في حديثه - عليه السلام - ؛ وهو : لا يدخل النار أحدٌ من أهل بدر والحديبية .
أقرَّها على هذا الفهم ، ولكنه - عليه الصلاة والسلام - لفتَ نظرها إلى خطئها في وقوفها عند لفظة الورود دون إتمام الآية ، فقال لها : وماذا بعد ذلك ؟ قالت : ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيًّا ؛ إذًا نخرج من هذا الحديث بأن معنى الورود هو معنى الدخول ؛ لأن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قد أقرَّ السيدة حفصة على فهمها للآية ، الورود بمعنى الدخول ، ولكنه قال تمام الآية : ثم ننجِّي الذين اتقوا ؛ أي : إن هذا الدخول بالنسبة للأبرار لا يكون إلا للعبرة ولرؤية الَّذين كانوا يستهزئون بهم في الحياة الدنيا فاليوم الذين آمنوا من الكفَّار يضحكون على الأرائك ينظرون هل ثوب الكفار ما كانوا يفعلون .
ويحسن أن نذكر هنا حديثًا آخر هو صريح أصرح من حديث جابر كما قلنا - أو حفصة - ، لكن هذا الحديث نذكره - أيضًا - كما نصنع أحيانًا نرمي به عصفورين بحجر واحد ، نُبيِّن أولًا أن معناه كمعنى حديث حفصة ، وثانيًا أنه ضعيف السند فيمكن الاستشهاد به وليس الاستدلال به ، الحديث أخرجه الإمام أبو عبد الله الحاكم في " المستدرك " بإسناد فيه جهالة وضعف ، عن جابر بن عبد الله الأنصاري أنه : لقيه رجل في الطريق في المدينة ؛ فسأله عن هذه الآية بعد أن قصَّ عليه أن خلافًا وقع في مجلسٍ من المجالس حول معنى الورود فيها ؟ فكلٌّ ذهب إلى معنى من المعاني الثلاثة ، فكان جواب جابر أن وضع أصبعيه في أذنيه وقال : صُمَّتا إن لم أكن سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - قال : لا يبقى برٌّ ولا فاجرٌ إلا ويدخلها ، ثم تكون بردًا وسلامًا على المؤمنين كما كانت على إبراهيم - عليه الصلاة والسلام - ، هذا الحديث يؤكِّد معنى حديث جابر في " صحيح مسلم " ، ونخرج بالخلاصة : أن معنى تحلة القسم أن الدخول لا بد منه ؛ لأن الله قال في الآية : وإن منكم إلا واردها ، هذا هو القسم لكن لا تمسَّه النار ؛ لأن الله - عز وجل - قد عصم الأبرار من أن تمسَّهم النار ، أما الدخول فلا بدَّ منه ، فمن كان له اثنان من الولد ثم ربنا - عز وجل - توفَّاهما قبل أن يبلغوا الحنث ، واحتسب أبوهما وأمُّهما الأجرَ عند الله ؛ فلا تمسَّهم النار بعذاب .
ولعل في هذا ما يكفي - إن شاء الله - جوابًا عن السؤال .
السائل : جزاك الله خير ، الله يحفظك - إن شاء الله - .
فلا بد إذًا لكل من البشر أن يدخل النار ، ولكن مع فارق كبير ، المسلم يدخل النار ولا تمسَّه النار بعذاب ، أما الكافر أو الفاسق فكلٌّ بحسب ما كان ارتكب من معاصٍ ، أما الكافر فمُخلَّد في النار ، أما مَن دونه فكما ذكرنا .
و واردها في هذه الآية الكريمة اختلفوا في التفسير على أقوال ثلاثة :
القول الأول : أن المقصود من الورود هو المرور بجانب النار ، وليس الدخول ؛ لأنهم يقولون في اللغة العربية : أورد الناقة الحوض لا يعني أنه دخل بها الحوض ؛ فإذًا معنى قوله - تعالى - : وإن منكم إلا واردها على القول الأول ؛ أي : يمر بها مرورًا جانبيًّا ، لكن مَن كان من الكفار أو الفساق فهو داخلها رغم أنفه ، أما مَن كان مؤمنًا فهو يمرُّ بجانبها ، هذا هو القول الأول .
والقول الثاني : وإن منكم إلا واردها أي : مار عليها ، فهو يرى النار ، ولكن لا يحسُّ بلهيبها ودخانها .
والقول الثالث - والأخير ، وهو الصحيح - : أن المقصود بالورود الدخول ، ويكفي أن يكون الدخول هو من نفس الصراط ، فيكون الصراط كالنَّفق في الجبل ، فيحيط المار بالداخلين ولكن مَن كان مثل هذا الذي لم تمسَّه النار إلا تحلة القسم لا تؤثِّر فيه النار .
وهذا القول كما ذكرت آنفًا هو الراجح ؛ لماذا ؟
لأن الإمام مسلمًا قد روى في " صحيحه " من حديث حفصة فيما أظن أو جابر بن عبد الله - أشك الآن - ، لكن القصة تتعلق يقينًا بحفصة بنت عمر زوجة النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ، قال : قال - عليه الصلاة والسلام - لا يدخل النار أحدٌ من أهل بدر والحديبية ، قالت حفصة : كيف ذاك يا رسول الله ؟ والله يقول : وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتمًا مقضيًّا ؟ فنلاحظ هنا شيئًا هامًّا جدًّا ؛ أن الورود المذكور في الآية فَهِمَتْه السيدة حفصة بمعنى الدخول ، ولذلك أشكل عليها قول الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - أنه : لا يدخل النار أحد من أهل بدر والحديبية ، فأشكل عليها هذا النفي مع تعليم رب العالمين بالآية الدخول للثقلين كلهم لا استثناء ، فنجد الرسول - عليه السلام - كان موقفُه تُجاهَ فهم السيدة حفصة لمعنى الورود للفظ الورود بمعنى الدخول أن الرسول أقرَّها على ذلك وما قال لها لا يا حفصة ؛ الورود هنا إنما هو بمعنى المرور بجانب النار ، أو من فوق جهنَّم ؛ لكنه - عليه السلام - أقرَّها أولًا على فهمها أن معنى الورود هو بمعنى الدخول المنفي في حديثه - عليه السلام - ؛ وهو : لا يدخل النار أحدٌ من أهل بدر والحديبية .
أقرَّها على هذا الفهم ، ولكنه - عليه الصلاة والسلام - لفتَ نظرها إلى خطئها في وقوفها عند لفظة الورود دون إتمام الآية ، فقال لها : وماذا بعد ذلك ؟ قالت : ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيًّا ؛ إذًا نخرج من هذا الحديث بأن معنى الورود هو معنى الدخول ؛ لأن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قد أقرَّ السيدة حفصة على فهمها للآية ، الورود بمعنى الدخول ، ولكنه قال تمام الآية : ثم ننجِّي الذين اتقوا ؛ أي : إن هذا الدخول بالنسبة للأبرار لا يكون إلا للعبرة ولرؤية الَّذين كانوا يستهزئون بهم في الحياة الدنيا فاليوم الذين آمنوا من الكفَّار يضحكون على الأرائك ينظرون هل ثوب الكفار ما كانوا يفعلون .
ويحسن أن نذكر هنا حديثًا آخر هو صريح أصرح من حديث جابر كما قلنا - أو حفصة - ، لكن هذا الحديث نذكره - أيضًا - كما نصنع أحيانًا نرمي به عصفورين بحجر واحد ، نُبيِّن أولًا أن معناه كمعنى حديث حفصة ، وثانيًا أنه ضعيف السند فيمكن الاستشهاد به وليس الاستدلال به ، الحديث أخرجه الإمام أبو عبد الله الحاكم في " المستدرك " بإسناد فيه جهالة وضعف ، عن جابر بن عبد الله الأنصاري أنه : لقيه رجل في الطريق في المدينة ؛ فسأله عن هذه الآية بعد أن قصَّ عليه أن خلافًا وقع في مجلسٍ من المجالس حول معنى الورود فيها ؟ فكلٌّ ذهب إلى معنى من المعاني الثلاثة ، فكان جواب جابر أن وضع أصبعيه في أذنيه وقال : صُمَّتا إن لم أكن سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - قال : لا يبقى برٌّ ولا فاجرٌ إلا ويدخلها ، ثم تكون بردًا وسلامًا على المؤمنين كما كانت على إبراهيم - عليه الصلاة والسلام - ، هذا الحديث يؤكِّد معنى حديث جابر في " صحيح مسلم " ، ونخرج بالخلاصة : أن معنى تحلة القسم أن الدخول لا بد منه ؛ لأن الله قال في الآية : وإن منكم إلا واردها ، هذا هو القسم لكن لا تمسَّه النار ؛ لأن الله - عز وجل - قد عصم الأبرار من أن تمسَّهم النار ، أما الدخول فلا بدَّ منه ، فمن كان له اثنان من الولد ثم ربنا - عز وجل - توفَّاهما قبل أن يبلغوا الحنث ، واحتسب أبوهما وأمُّهما الأجرَ عند الله ؛ فلا تمسَّهم النار بعذاب .
ولعل في هذا ما يكفي - إن شاء الله - جوابًا عن السؤال .
السائل : جزاك الله خير ، الله يحفظك - إن شاء الله - .
الفتاوى المشابهة
- معنى الورود في قوله تعالى: {وإن منكم إلا واردها} - ابن باز
- ما معنى الورود في قوله تعالى ( و إن منكم إلا... - ابن عثيمين
- معنى وإن منكم إلا واردها - اللجنة الدائمة
- بيان اختلاف العلماء في معنى الورود المذكور في... - الالباني
- ما هو التأويل الصحيح لقوله تعالى (( وإن منكم إ... - الالباني
- سؤال :ما معنى قوله تعالى "وإن منكم إلا واردها"؟ - ابن عثيمين
- تفسير قوله تعالى: {وإن منكم إلا واردها...} - ابن باز
- تفسير قوله تعالى: {وإن منكم إلا واردها} - ابن باز
- تفسير قوله تعالى {وإن منكم إلا واردها} - ابن باز
- تفسير قوله تعالى (( وإن منكم إلا واردها )). - الالباني
- ما تفسير قوله - تعالى - : ( وإن منكم إلا وارده... - الالباني