تم نسخ النصتم نسخ العنوان
بيان اختلاف العلماء في معنى الورود المذكور في... - الالبانيالشيخ : لكن المفسرون اختلفوا في معنى الورود في الآية :  وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا  على أقوالٍ ثلاثة : القول الأول : هو الظاهر مِن الآية : واردها...
العالم
طريقة البحث
بيان اختلاف العلماء في معنى الورود المذكور في قوله تعالى : (( وإن منكم إلا واردها )) ، وبيان الراجح من الأقوال.
الشيخ محمد ناصر الالباني
الشيخ : لكن المفسرون اختلفوا في معنى الورود في الآية : وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا على أقوالٍ ثلاثة : القول الأول : هو الظاهر مِن الآية : واردها أي : داخلها .القول الثاني : واردها يعني : مارر من فوقها .القول الثالث : يمر بطرفها وبجنبها . ولكلٍّ من هذه الأقوال الثلاثة مستند من الناحية العربية ، لأن الورود يأتي بمعنى الولوج والدخول ، ويأتي بمعنى المرور من فوق ، ويأتي بمعنى الاقتراب من المكان كإيراد مثلًا إبل على الحوض ، ليس معناه الدخول وإنما على طرف الحوض ، فلكل من هذه الأقوال الثلاثة في تفسير الورود في الآية السابقة : وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا مستند من الناحية اللغوية .ولكن هنا يظهر للباحث المسلم أهمية السنة التي كما يقولون اليوم " تضع النقاط على الحروف " وتُزيل الاحتمالات التي ترد في بعض النصوص من القرآن كهذا النص : الورود يفسر بثلاثة معاني كما ذكرنا .السنة تحدد لنا أن الورود معناه الدخول ، والأدلة على ذلك كثيرة ولا أريد أن أستطرد في ذكرها كثيرًا ، وإنما أذكر نصًا واحدًا منها : روى الإمام مسلم في " صحيحه " من حديث جابر بن عبد الله الأنصاري ، أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قال يومًا : لا يدخل النار أحدٌ من أصحاب الشجرة : أصحاب الشجرة الذين ذكروا في القرآن الكريم وأنهم بايعوا النبي - صلى الله عليه وسلم - تحت الشجرة ، هؤلاء أَخبر النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -وطبعًا خبره وحي السماء من الله - تبارك وتعالى - أنهم لا أحد منهم يدخل النار ، لا يدخل النار أحد من أصحاب الشجرة أو من أهل الشجرة ، فأشكل الأمر على إحدى إمهات المؤمنين أزواج النبي الكريم ، أَلَا وهي حفصة بنت عمر بن الخطار - رضي الله عنها - أشكل هذا الخبر : لا يدخل أحد من أهل الشجرة النار . قالت : كيف يا رسول الله والله - عز وجل - يقول : وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا : فمن هذا الإشكال الذي أوردته السيدة حفصة بناء على ما فهمته من نصِّ نبيِّها وزوجها لا يدخل أحدٌ النارَ من أصحاب الشجرة لما أوردت الآية معنى ذلك أنها فهمت أن الآية على خلاف الحديث ، أي : معنى الآية : وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا داخلها ، فكيف يقول الرسول - عليه السلام - : لا يدخل النار أحدٌ من أصحاب الشجرة ؟! لذلك أشكل عليها الأمر ، أُريد أن أُدندِن حول هذا الاستدلال من السيدة حفصة ، استدلت بالآية أنه لا بد لكل مخلوق مِن أن يدخل النار ومن هؤلاء أصحاب الشجرة فلذلك أشكل الأمر عليها حينما سمعت نبيها يقول : لا يدخل النارَ أحدٌ من أصحاب الشجرة ، فلو كان معنى الورود في الآية غير الخروج لصحَّح النبي - صلى الله عليه وسلم - لها المعنى الذي فهمته من الآية ، ولكن الواقع أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أقرَّها على هذا الفهم وعلى أن المعنى للورود هو الدخول ، إلا أنَّه بين لها أن الإشكال الذي ورد عليها طائح ذاهب مِن أصله لأنه قال - عليه الصلاة والسلام - لها : ألم تقرئي ما بعد الآية : وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا * ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا .
إذًا هذا الحديث يوضح لنا معنى الآية : أن الورود هو بمعنى الدخول أولًا ، وأن هذا الدخول عامٌّ شامل للمؤمن والكافر ، للصالح والطالح وَإِنْ مِنْكُمْ ، ولكن من كان مستحقًّا للخلاص من النار بدون عذاب أنجاه الله - عز وجل - منها وأخرجه بسلام ، ومن كان مُستحقًا للبقاء فيها ما شاء الله فهو الذي قال الله - عز وجل - : وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا ، هذا الدخول إذًا قسمان : دخول مقرون بعذاب وهذا خاص بالفجار أو الكفار كل بحسبه . أو دخول ليس مقرونًا بعذاب ، إذًا ما الحكمة من ذلك ؟! لقد ذكر علماء التفسير وبخاصة منهم فخر الدين الرازي في تفسيره المعروف : " مفاتيح الغيب " ذكر لذلك حكمٌ كثيرة منها : أن الأبرار حينما يدخلون النار ولا تمسهم بعذاب يرون أهل النار كيف يُعذَّبون وهم لا يُعذَّبون ، هذه آية عجيبة من آيات الله - عز وجل - يوم القيامة ، المسلمون في قلب النار لكن النار لا تؤثر فيهم إطلاقًا ولكنها تحرِّق من يستحقُّ التحريق وتعذب من يستحقُّ العذاب من الكفار أو الفجار ، فهم حينما يرون هذه الأنواع من العذاب يحمدون الله - عز وجل - أن نجاهم من النار ، فهذا من عبرة دخولهم النار مرورًا ورؤيتهم أهل النار يعذبون .

Webiste