الشيخ : ونعرج إلى آية قرأناها في الصلاة، وهي قوله تعالى : وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ الضمير في قوله وإنه، يعود إلى القرآن الكريم، وهذه الجملة مؤكدة بإن واللام، إن، واللام لتنزيل، وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ فإنه منزل من عند الله عز وجل، إذا هو كلام الله، أنزله إلينا، ولله المثل الأعلى المراسيم الملكية إذا نزلت من البلاط الملكي أو من الديوان الملكي صار لها شأن كبير، وصار الذي يخالف نصها أو لفظها معرضا للعقوبة، هذا القرآن الكريم نزل من عند من؟ من عند الله إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ ، نزل من عند الله، نزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ ، وهو جبريل، وسماه الله روحا لأنه ينزل بالروح، وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ، يعني القرآن، فهو ينزل بالوحي الذي هو حياة القلوب، وروح القلوب نزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ وأي أمين؟ نعم، أمانة عظيمة، وليس كما قيل إنه أرسل إلى علي بن أبي طالب فغلط وذهب إلى محمد، سبحان الله!، أمين مؤتمن، ذي قوة عند ذي العرش مكين ، كيف يكون يغلط في الرسالة؟ ويقره الله على ذلك حتى يموت محمد عليه الصلاة والسلام، نزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلَى قَلْبِكَ وهنا قال على قلبك، وفي آيات أخرى يقول عليك، لماذا قال على قلبك؟ لأن القلب محل الوعي، فالرسول صلى الله عليه وسلم وعى هذا القرآن، ولم يسقط منه حرفا ولا كلمة ولا آية، كان عليه الصلاة والسلام إذا نزل عليه الوحي يتعجل، يقرأ يتابع جبريل، فقيل له لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ فَإِذَا قَرَأْنَاهُ يعني قرأه جبريل الذي هو رسولنا إليك فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ ، من تكفل بيانه؟ الله عز وجل، ونعم الكفيل، تكفل بأن يبين هذا القرآن لعباده، لفظا ومعنى، ولهذا لا يوجد في القرآن كلمة لا يفهم أحد معناها، بمعنى أن الأمة كلها تطبق على عدم معرفتها هذا لا يمكن، صحيح أن من القرآن ما يخفى على بعض الناس دون بعض وهذا واضح، لكن لا يمكن أن يوجد في القرآن شيء لا تفهمه الأمة كلها، أبدا، ثم إن علينا بيانه ، فتكفل الله عز وجل أن يبين للناس هذا القرآن لفظا ومعنى، وهذا الواقع والحمد لله، فكتاب الله منذ نزل على محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم وإلى يومنا هذا وهو محفوظ ولله الحمد بحفظ الله، فمن زعم أنه نقص منه حرف واحد غير ما اختلف فيه القراء من بعض الحروف التي مثل واو قد تسقط من بعض القراءات أو الفاء أو ما أشبه ذلك، من زعم هذا فإنه مكذب للقرآن وإجماع الأمة، ليس في القرآن نقص، القرآن تلقاه الرسول من جبريل، وأبلغه الصحابة ونعم الصحابة الأمناء، وألقوه إلى التابعين، ثم بقي يأخذه الصغير عن الكبير إلى يومنا هذا ولله الحمد، لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ وقد كان عليه الصلاة والسلام من المنذرين، وكان أفضل المنذرين، وأصبر المنذرين، وأعلم المنذرين، وأخشى المنذرين لله، بأي لسان؟ نعم؟ بلسان عربي مبين وهذا فخر عظيم للسان العربي أن يكون كتاب الله العظيم نزل بهذا اللسان العربي، ومع ذلك لسان عربي مبين، مبين أي بين مبين، هو نفسه بين وهو كذلك مبين، فهذا القرآن بين واضح، ومبين للحق أيضا، بلسان عربي مبين وهو لسان العرب الذين هم أبلغ البلغاء، وأقول : إن هذا فخر عظيم للغة العربية أن ينزل القرآن بها، ولقد تعربت الأعاجم في صدر الإسلام حتى يصلوا إلى معاني القرآن، لأنه مهما كان الإنسان في فهمه إذا لم يكن لسانه عربيا فإنه لن يدرك طعم القرآن، إذا كان لسانه غير عربي مهما كان فهمه فإنه لن يدرك طعم القرآن تماما، لن يدرك طعم القرآن إلا من وفقه الله للفهم وكان لسانه لسانا عربيا، ولهذا تعربت الأمم في صدر الإسلام حتى كانوا عربا فصحاء في الكلام، البخاري ما نسبه؟ نعم؟ فارسي، البخاري بعيد عن العرب، لكنه تعرب، وكذلك غيره، الفيروزآبادي الذي له القاموس المحيط في اللغة العربية أصله غير عربي، لكن تعرب لأنه لا يمكن أن يفهم كتاب الله أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم إلا باللسان العربي، وكانت اللغة العربية مزدهرة في صدر الإسلام، العجم يتعلمونها حتى يكونوا عربا بلسانهم، ولكن مع الأسف الآن، مع الأسف الشديد أن أقوامنا العرب يريدون أن يقضوا على لغتنا العربية، على لغة الإسلام، الآن في رياض الأطفال مع الأسف هنا في المملكة السعودية في رياض الأطفال يعلمون الصبيان الصغار اللغة الإنجليزية أكثر مما يعلمونهم اللغة العربية، وسبحان الله أيريدون أن يخرج أبناؤنا وأطفالنا غدا باللغة الإنجليزية البعيدة عن اللغة العربية، حتى يصبحوا لا يفقهون كتاب الله ولا سنة رسوله، لأنهم سوف يعشقون هذه اللغة ويعشقونها ويتكلمون فيها، ولهذا أنا أنصح كل ذي طفل أن يبتعد عن هذه الرياض، وأن لا يدخل أبناءه فيها ولا بناته، لأنه مسئول عنهم، وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يضرب الناس إذا رطنوا رطانة الأعاجم يضربهم، كيف تذهبون عن اللغة العربية لغة دينكم وكتابكم وسنة نبيكم إلى لغة أعجمية، إذا كان الدين ضعيفا في عهدنا هذا، واللغة الأجنبية معشوقة يعلمها الصبيان من ذكور وإناث، ماذا تكون الحال في المستقبل؟ خطيرة، أنرضى أن يكون شعبنا غدا لا يتخاطب إلا باللغة الإنجليزية؟ لا أحد يرضى بذلك، وثقوا بأننا إذا علمنا أبناءنا اللغة الإنجليزية، فهو فخر للإنجليز، مثلا هم يفخرون أن لغتهم يتعلمها العرب حتى يدعوا لغتهم العربية، فنصيحتي من هذا المكان لله عز وجل ولإخواني المسلمين أن يبتعدوا عن هذه الرياض ما دامت على هذه المناهج، والحمد لله في المدارس الحكومية ما يغني عنها، اصبر، دع ولدك حتى يتم السن الذي يؤهله لدخول المدرسة الابتدائية مثلا وخليه يدخل، وإذا كنت تريد مصلحة ابنك فاجلس معه ساعة من نهار أو ساعة من ليل علمه الفاتحة، علمه السور القصيرة من القرآن، علمه ما يحتاج إليه في، في وضوئه وصلاته حتى تنشأه تنشأة صالحة دينية، أما أن ندخله رياضا لا نعلم عن مناهجها، وإن كنا لا نسيء الظن لكن أدنى ما فيها أنها تعلم اللغة الإنجليزية لهذا الصبيان، غدا تظهر ألسنتهم ألسنة إيش؟ إيش؟ ألسنة أجنبية، لماذا يا إخوة؟ ما نخاف الله؟، ألم يعلم الواحد منا أن كل واحد قد استرعاه الله ورسوله على أهله؟، الرجل راع في أهله ومسئول عن رعيته، فإذا مات الإنسان وهو غاش لرعيته، أي لأهله حيث لم يوجههم التوجيه السليم فقد جاء في الحديث أنه ما من مسلم يسترعيه الله على رعية يموت يوم يموت وهو غاش لها إلا حرم الله عليه الجنة المسألة ما هي هينة، أولادنا لسنا نربيهم ليأكلوننا إذا عجزنا بعد عن تحصيل الأكل، إنما نربيهم ليقوموا لله عز وجل، ليعبدوا الله، فنحن مسئولون عنهم من هذه الناحية .