تم نسخ النصتم نسخ العنوان
الحكمة من عيادة المرضى هو تذكُّر الآخرة ، والت... - الالبانيالشيخ : ولكن لا بد من التذكير بتلك الحقيقة التي أشرتُ إليها آنفًا من أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - حينما أمَرَ بعيادة المرضى في بعض الأحاديث علَّ...
العالم
طريقة البحث
الحكمة من عيادة المرضى هو تذكُّر الآخرة ، والتحذير من التشبه بالكفار في القصد من زيارتهم للمرضى .
الشيخ محمد ناصر الالباني
الشيخ : ولكن لا بد من التذكير بتلك الحقيقة التي أشرتُ إليها آنفًا من أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - حينما أمَرَ بعيادة المرضى في بعض الأحاديث علَّلَ ذلك بأنها "تذكِّركم الآخرة" ، فأنا أريد أن أذكِّركم بأن لا تنسَوْا دينكم ، وأن لا تنطبعوا بطبائع أعدائكم في العقيدة وفي الدين ؛ لأن عيادة المرضى هي في الواقع كأنها سنة كونية طبيعية ؛ ذلك لأن كل إنسان يمرض ، وكل إنسان يشعر بأنه يومًا ما سيمرض كما يمرض جاره ، وهو يأمل أن يُعاد وأن يُزار وأن يُعان كما فعل هو مع جاره ومع غيره ، ولكن يجب أن يكون الفرق بين المسلم العائد للمريض وبين غير المسلم في تحقيق تلك الغاية التي رَمَى إليها الشارع في تشريعه عيادة المريض ألا وهو تذكُّر الآخرة .
أنتم تعلمون أن بعض المِلَل اتَّخذت مهنة عيادة المرضى ومساعدتهم وسيلة للتبشير بدينهم ؛ ذلك لأن دينهم ليس له ركائز وليس له دعائم يمكن أن يدعوا الناس إليها بالمنطق وبالعقل السليم ، فهم يستغلُّون خدمة الناس البعيدين عن دينهم ، ومن ذلك بمساعدتهم في مرضهم ، يتَّخذون ذلك وسيلة لإدخالهم في دينهم ، ونحن تَلَوْنا على مسامعكم أكثر من مرة ، ويجب أن تعرفوا هذه الحقيقة لتتميَّزوا بإسلامكم عملًا وعقيدة عن غيركم ؛ إن كلَّ مَن ليس مسلمًا إذا تصوَّرنا أنه يؤمن بالله - عز وجل - ، أو تصوَّرنا أكثر من ذلك أنه يعبُدُ الله - عز وجل - فيجب أن نتذكَّر أنه لا يؤمن بالله - عز وجل - ، ولا يعبد الله - عز وجل - ، وإنما يؤمن بغيره ويعبد غيره ، تَلَوْنا عليكم أكثر من مرة تلك الآية الكريمة التي تُفصح بهذه الحقيقة فتقول : { قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ } .
فالسائد اليوم بين الناس وبخاصَّة بين بعض الكُتَّاب الإسلاميين أن هذا الجنس أو ذاك من الكفار غير المؤمنين هم إخواننا في الدين ، هم إخواننا في الإيمان بالله - عز وجل - زعموا ، وهم يجهلون وما أظنهم يتجاهلون تلك الحقيقة التي صدعت بها الآية السابقة : { لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ } .
لذلك من هذا الباقي التذكير يجب أن يكون هناك فرق في انطلاقكم ، في قيامكم بما شرع الله لكم إيجابًا أو استحبابًا ، من ذلك ما نحن في صدده الآن من عيادة المرضى أن لا تكون عيادتنا لمرضانا من هذا الباب ، باب النفاق الاجتماعي ، كما أنه ينبغي أن لا تكون تشييعنا لجنائزنا من هذا الباب نفسه ، وإنما يكون ذلك لوجه الله - عز وجل - وللغاية التي رَمَى إليها الشارع الحكيم ، فنحن نُشيِّع الجنائز ونعود المرضى لأن في ذلك مرضاةً لله - تبارك وتعالى - ، وفي ذلك تذكيرًا لنا بمصيرنا وعاقبة أمرنا ؛ ألا وهو الموت ، لا نقول نعود المرضى لأنه شيء جميل وحَسَن ، وهذا أمر متعارف بين الناس ، فكلُّ الناس في نظر الإسلام ليسوا ناسًا ، وإنما الناس هم الذين آمنوا بالله ورسوله .
إذًا ينبغي إذا عُدْنا المرضى أن نتذكَّر لماذا نعود ، أما الإعانة التي تأتي فهذا أمر من باب تحصيل الحاصل ، لكن الغاية التي ينبغي أن يحصلَ عليها المسلم ليتميَّز عن غيره هو أن يتذكَّر بعيادته للمريض الآخرة ، وهنا يمتاز المسلم عن غير المسلم ، وإلا فنحن نعلم أن النصارى يعود بعضهم بعضًا ، بل مَن لا دين له يعود مثله وغيره أيضًا ، كلُّ ذلك من باب هذا النفاق الاجتماعي ، ولا يفيدهم ذلك شيئًا عند الله - عز وجل - ؛ فنحن ينبغي إذًا أن نتميَّز في أعمالنا بمقاصدنا الشرعية ، وأن العمل إذا لم يقترِنْ به قصدٌ شرعيٌّ فلا قيمة له في الإسلام ، هذا الذي أريد أن أذكِّر به بمناسبة أن من حقِّ المسلم على المسلم أن المسلم إذا مرض أن يعوده .

Webiste