السائل : المستطيع ... .

الشيخ : كيف ؟

السائل : المستطيع للجهاد ... .

الشيخ : الاستطاعة - أخي - هذه تختلف من شخص إلى آخر ، وليست في خصوص الجهاد في كل شيء ، مثلًا الرسول يقول : صلِّ قائمًا ، فإن لم تستطع فقاعدًا ، فإن لم تستطع فعلى جنب ، من الذي يحكم على زيد من الناس أنه يستطيع أن يصلي قائمًا أو لا يستطيع ؟ الطبيب ما يحكم عليه ، إنما هو بنفسه يحكم على نفسه ، فما بالك بقضية لها شعب كثيرة جدًّا متعلقة بهذا الذي يُقال إنه يستطيع أن يجاهد في سبيل الله أو لا يستطيع ؛ هذا أمر هو الذي يحكم فيه على نفسه . بالأمس القريب ضربنا مثلَين متباينين كلَّ التباعد ، وما بينَهما أمثلة بالعشرات إن لم نقل بالمئات ؛ لأن المسألة بشعرة بسيطة تختلف عن الأخرى :
المثل الأول : شاب وحيد لشيخَين كبيرين ليس لهما مَن يقوم بشؤونهما الضرورية سواه ، فهذا يقال يستطيع أو لا يستطيع ؟ نحن عند القاعدة ، لكن بالنظر أن هذا لو تَرَكَهما وخرج إلى الجهاد في سبيل الله أضاعَهما ؛ يعني في سبيل تحقيق فرض مقبل ضيَّع فرضًا قائمًا متحقِّقًا ؛ وهو القيام على خدمة الوالدين .
المثل الآخر الذي يقابل هذا : والدان شابان نشيطان رُزِقا ما شاء الله من الأولاد ، فإذا ذهب أحدهم ليس للجهاد في سبيل الله ؛ أي سفرة سافرها ما يحسُّون في نقص وقع بالنسبة لخدمتهما والقيام بما يجب لهما على أولادهما ؛ فما بالك إذا كان هذا الفرد هذا الولد الواحد خرج في سبيل الله ؛ فهنا يظهر أنه يستطيع أن يجاهد في سبيل الله .
انظروا إلى هذين المثلين المتباعدين بعضهما عن بعض ، لكن أرجع إلى هذا الأخير ، هذا الأخير قد يعرض له أنه لا يسمح له بالخروج ، وهو ليس عصفورًا يطير ، هو بشر يمشي على وجه الأرض ، إذًا هذا لم يستطع أن يسافر ، لكن من إيش ؟ من جهة أخرى ، ما من حيث تعلق عدم الاستطاعة بأبويه ؟ لا ، هو من هذه الزاوية مستطيع ، لهذه الدقائق من الأمور المتعلقة بالإنسان وباستطاعة الإنسان سلبًا أو إيجابًا لا يجوز لأحد أن يقول على فلان إنه يستطيع أو لا يستطيع ، وإنما الأمر كما قال - تعالى - : بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ .
غيره ؟