أحكام القيام للغير .
الشيخ محمد ناصر الالباني
الشيخ : كان قصدي من الكلمة التي ابتدأتها حين دخولي إلى هذا المجلس العامر إن شاء الله بالعلم والإيمان توطئة لأصل إلى التذكير بمسألة , قلت إن بعض أخوتنا الحاضرين رأيناهم لأول مرة في هذه الليلة وإن كنا رأيناهم سابقاً منذ مدة لكن أنت مثلاً وبعض إخوانك نحن حديثوا عهدٍ بكم حيث كنا جالسين إليكم بالأمس القريب أريد الحقيقة أن أقول إن كان لإخواننا الذين رأيناهم الليلة لهم شيء العذر أن يقوموا إلى الشيخ وليس أن يقوموا له إن كان لهم شيء من العذر , وهو أنهم يرونه لأول مرة في سفرتهم هذه فأنت ما هو عذرك وأنت حديث عهدٍ فقيامك ليس قيام استقبال وإنما هو قيام تعظيم وإكرام وهنا بيت القصيد كما يقال من هذا الكلام أعني قد يكون القيام للاستقبال مشروعاً , القيام للاستقبال أي إلى القادم وليس القيام للقادم ويجب أن نتذكر الفرق بين القيام إلى فلان والقيام لفلان هذا أمرٌ هامٌ جداً أعني التفريق بين قام لفلان وقام إلى فلان لأن الغفلة عن هذا الفارق بين إلى واللام يؤدي إلى إساءة فهم كلام الرسول عليه الصلاة والسلام في بعض أحاديثه الصحيحة وهذا مع الأسف بمواقع ولو أن ما وقع وقع من بعض طلاب العلم , وطلاب العلم المحدثين اليوم لكان الخطب سهلاً لكنه وقع من علماء مشهود لهم بالعلم والفهم والفقه ذلك أنه قد جاء في صحيح البخاري أن النبي صلى الله وعلى آله وصحبه وسلم لما جاء إليه سعد ابن معاذ وقد كان اليهود ارتضوه حكَماً بينهم وبين الرسول عليه السلام فجاء وهو جريحٌ على دابته كان قد أصيب في مُكحلِه في عضده في المعركة فقال عليه السلام لأتباعه الأنصار قوموا إلى سيدكم ففهِم بعض العلماء أن في هذا الحديث جواز القيام للداخل للإكرام وهنا الشاهد من التذكير بين إلى وبين لـ فلان نحتج بالحديث أنه يدل على جواز قيام الجالسين للداخل إكراماً فرد عليهم علماء آخرون بأن هذا الاستدلال منظورٌ فيه , بل هو منتقدٌ انتقاد ظاهر بسببين اثنين أولاً أن الحديث سياقه قوموا إلى سيدكم وليس قوموا لسيدكم . ثانياً أن سبب ورود الحديث يقتضي أن تكون روايته كما هو أو كما هي واقعها إلى سيدكم لأنه جاء كما ذكرنا آنفاً وهو على دابته مريض فأمر أصحابه بأن يعينوه أن ينزلوه من دابته لذلك قال عليه السلام قوموا إلى سيدكم ثم جاءت روايةٌ أخرى . هذه الرواية الأولى التي في صحيح البخاري هي من رواية أبي سعيد الخدري ثم جاءت رواية أخرى في مسند الإمام أحمد عن السيدة عائشة رضي الله تعالى عنها تروي القصة بتمامها وتروي هذا الطّرف من الحديث بزيادةٍ تعتبر كما يقال اليوم من باب وضع النقاط على الحروف حيث روت الحديث بلفظ قوموا إلى سيدكم فأنزلوه وبهذا سقط الاستدلال بالحديث من أصله على فهمه أنه تشريع للقيام من الجالسين إلى الدّاخل إكراماً ونصَّ على أن الأمر إنما كان للإنزال فقام أصحابه الأنصار وأنزلوه من دابته فليس هناك في السنة ما يدل إطلاقاً على هذه العادة التي مع الأسف الشديد ما تزال مستمرة في كل البلاد الإسلامية ولا أقول بين كل الطوائف أو الجماعات الإسلامية ذلك لأن النبي صلى الله وعلى آله وسلم يقول كما تعلمون لا تزال طائفةٌ من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله أو حتى تقوم الساعة حسب الروايات يظنون أن مثل هذا القيام للداخل هو قيام مشكور للإكرام , وإكرام المؤمن و لا شك و لا ريب أنه مأمورٌ أمراً عاماً لا سيما إذا كان عالماً فاضلاً وبصورة أخص إذا كان شيخاً جليلاً فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله من إجلال الله إجلال ذي الشيبة المسلم لكن لا يكون الإجلال ولا يكون الإكرام إلا في الحدود وفي الطريق الذي سلّكناه الرسول عليه الصلاة والسلام , ولعلكم تذكرون معي قصة معاذ ابن جبل رضي الله تعالى عنه لما رجع من الشام إلى المدينة فكان لما وقع بصره على النبي صلى الله عليه وسلم همّ بأن يسجد له عليه السلام ولم يكن هذا عبادةً له وإنما في تصوره هو على الأقل تعظيم وإكرام للرسول عليه السلام فنهاه عن ذلك وأنكر عليه قال " يا رسول الله إني أتيت الشام فرأيت النصارى يسجدون لقسيسيهم ورهبانهم ورأيتك أنت أحق بالسجود منهم " الحقيقة هذا المنطق هو منطق كثير من المشايخ أو العلماء الذين يظن فيهم العلم صواباً أو خطئاً هذا بحث ثان ممن يحكمون عقولهم فمعاذ بن جبل هذا الذي وقع فيه إنه قايس بين النصارى وقسيسيهم وبين المسلمين ونبيهم فعبر عما جال في نفسه إنه رأيت النصارى يسجدون لقسيسيهم ورهبانهم و رأيتك أنت أحق بالسجود منهم هذا منطق سليم لو كان أصل السجود مشروعاً في ديننا و أقول في ديننا لكن الرسول عليه السلام قال لوكنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد لأمرت الزوجة أن تسجد لزوجها لعظم حقه عليها وأنا أستدرك الآن حتى ما آخذ من وقتكم الشيء الكثير فأقول أردت أن أذكر بأن القيام من الجالسين للداخل للإكرام والتعظيم ليس بسنة وللبحث في هذا صلة فلنفسح المجال لنستمع إلى بعض الأسئلة
الفتاوى المشابهة
- بيان الشيخ حرمة القيام للغير . - الالباني
- حكم القيام للداخل إكراما وتعظيما. - الالباني
- بيان حكم القيام للداخل والتفريق بينه وبين القي... - الالباني
- حكم قيام الرجل لغيره - ابن باز
- حكم القيام للداخل إلى المجلس . - الالباني
- الكلام على بعض أحكام قيام الليل ؟ - الالباني
- ما حكم القيام للسلام .؟ - ابن عثيمين
- تكلم الشيخ عن حكم القيام للغير . - الالباني
- قوله :( قوموا إلى سيدكم ) هل فيه القيام للدا... - ابن عثيمين
- ما حكم القيام للضيف وحكم القيام لمن يريد السلام ؟ - الالباني
- أحكام القيام للغير . - الالباني