رجل له أولاد بلغوا سن الرشد وكل واحد منهم متزوج وواحد منهم يعاونه في أعماله ويطيعه ويتفقد شؤون والده في مزرعته أو عمارته أما البقية فيصدون عن مثل هذه الأعمال ، وكل واحد يقوم بحاله الخاص ولكن الوالد جعل لهذا الولد الذي يساعده حق زائد على إخوانه مثل أنه يسكنه معه بدون مقابل أجرة أما الباقية يستأجرون في عمائر أخرى ، أفيدونا في مثل هذه القضايا ؟
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
السائل : رجل له أولاد بلغوا سن الرشد وكل واحد منهم متزوج وواحد منهم يُكاتفه ويُعاونه في أعماله ويطيعه ويتفقد شؤون والده في مزرعته أو عماراته وما أشبه ذلك أما البقية فيصدون عن مثل هذه الأعمال وكل واحد يقوم بحاله الخاص ولكن الوالد جعل لهذا الولد الذي يُساعده حق زائد على إخوانه مثل أنه يسكّنه معه بدون مقابل أجرة أما البقية فيستأجرون في عمائر أخرى أفيدونا في مثل هذه القضايا وفقكم الله؟
الشيخ : نعم. يجب أن نعلم قبل الإجابة على هذا السؤال أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم وذلك حين جاءه بشير بن سعد الأنصاري يُخبره بأنه نحل ابنه النعمان بن بشير نِحلة فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفعلت هذا بولدك كلهم؟ قال: لا فقال صلى الله عليه وسلم: أشهد على هذا غيري فإني لا أشهد على جور فتبرأ النبي صلى الله عليه وسلم من الشهادة عليه وقال: إني لا أشهد على جور وهذا يدل على أن الرجل إذا أعطى أحدا من أولاده ما لم يُعطي الأخرين فإنه جائر والجور حرام مخالف للعدل ولهذا قال صلى الله عليه وسلم في نفس الحديث: اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم وكيفية العدل أنه إذا كان ذلك في نفقة واجبة فإنه يُعطي كل واحد ما يحتاجه في نفقته قل أو كثُر فلو قدِّر أن له أولادا ثلاثة أحدهم قد بلغ سن الزواج ويرغب أن يتزوج والثاني دون ذلك والثالث دون ذلك لكن الثاني يدرس في كلية أو ثانوية يحتاج إلى كتب يُراجعها والثالث دونه ولا يحتاج إلى ما يحتاج إليه الثاني من الكتب فهنا نقول العدل أن تزوّج الأول ولو خسرت عليه ما خسرت من الدراهم ولا يلزمك أن تُعطي الاثنين مثله والعدل في الثاني أن تعطيه ما يحتاجه للكتب وإن كنت لا تُعطي الثالث مثله لأن الثالث لا يحتاجها وتعطي الثالث ما يحتاج إليه فلو قدّر أن الثاني حاجته من الكتب تبلغ خمسمائة ريال اشتر له كتبا بخمسمائة ريال والثالث لا يحتاج إلا خمسين ريالا اشتر له كتبا بخمسين ريالا والأول الذي كان يتزوج احتاج إلى عشرين ألفا للزواج زوّجه بعشرين ألفا ولا يُعد هذا جورا لأن هذا قيام بما يجب من النفقة.
لكن بعض الناس يقول: أنا سأوصي لولدي الذي لم يتزوج بمقدار المهر الذي ساعدت به أخاه الذي تزوّج فنقول: هذا لا يجوز لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: لا وصية لوارث لكن إن أدرك الصغير سن الزواج فزوّجه وإن لم يدرك ومت قبل أن يُدرك ذلك فلا حرج عليك لأن الزواج من النفقة فيُعطى كل واحد منهم ما يحتاج إليه فقط أما إذا كانت العطية تبرّعا محضا لا للحاجة فإنه يجب التعديل بينهم ولا يُعطى أحد دون الأخر.
وكيفية التعديل على القول الراجح أن يُعطى الذكر مثل حظ الأنثيين فإذا كان عنده ابن وبنت وأراد أن يعطيهما منحة تبرّعا لا في مقابل واجب النفقة فإنه إذا أعطى الولد ألفين يُعطي البنت ألفا فقط.
وبعد هذا نجيب على سؤال السائل الذي ذكر أن له ثلاثة أولاد وأن أحدهم يعمل مع أبيه في مزرعته وفي تجارته وفي عقاره وأنه يسكّنه مجانا وأن إخوته الأخرين يسكنون بالأجور من عند أنفسهم فنقول: إنه لا حرج عليه أن يسكّن ولده بإحدى بيوته مجانا بشرط أن تكون أجرة هذا البيت تساوي أجرة عمله مع أبيه فإذا قدّر أنه لو كان عاملا أجنبيا لاستحق كل شهر ألف ريال وكانت أجرة البيت تُساوي اثني عشر ألفا ريالا فإن هذا لا بأس به لأن سكناه بمقدار أجرة عمله أما لو قدر أن أجرة البيت أكثر مما يستحق مثل أن يكون استحقاقه لو استأجره عشرة ءالاف ريال وأجرة البيت اثني عشر ألفا فإنه لا يجوز أن يسكّنه مجانا بل لا بد أن يأخذ منه ألفي ريال وهي الزائدة على ما كان يستحقه لو كان أجيرا، اللهم إلا إذا كان هو أي هذا الابن فقيرا لا يملك أن يدفع الزيادة فإنه حينئذ يكون تسكينه إياه من باب الإنفاق عليه ولا حرج.
وعلى هذا فنقول: إذا كان أحد الأولاد قائماً بتجارة أبيه وأراد أبوه أن يجعل له أجرة شهرية تقدّر بأجرة الإنسان الأجنبي الذي ليس ولداً له فإن هذا لا بأس به، ولا يعد ذلك جورا ولا تفضيلا لهذا الولد. نعم.
السائل : بارك الله فيكم، فضيلة الشيخ إذا رضي الأولاد بحالة أخيهم بنفوس مطمئنة يعني وحللوا؟
الشيخ : نعم. إذا رضي الأولاد وهم بالغون نرشدون بما فضل به والدهم لأخاهم فإن هذا لا بأس به لأن الحق لهم.
السائل : نعم. بارك الله فيكم. السؤال الأخير في رسالة المستمع يقول.
الشيخ : نعم. يجب أن نعلم قبل الإجابة على هذا السؤال أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم وذلك حين جاءه بشير بن سعد الأنصاري يُخبره بأنه نحل ابنه النعمان بن بشير نِحلة فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفعلت هذا بولدك كلهم؟ قال: لا فقال صلى الله عليه وسلم: أشهد على هذا غيري فإني لا أشهد على جور فتبرأ النبي صلى الله عليه وسلم من الشهادة عليه وقال: إني لا أشهد على جور وهذا يدل على أن الرجل إذا أعطى أحدا من أولاده ما لم يُعطي الأخرين فإنه جائر والجور حرام مخالف للعدل ولهذا قال صلى الله عليه وسلم في نفس الحديث: اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم وكيفية العدل أنه إذا كان ذلك في نفقة واجبة فإنه يُعطي كل واحد ما يحتاجه في نفقته قل أو كثُر فلو قدِّر أن له أولادا ثلاثة أحدهم قد بلغ سن الزواج ويرغب أن يتزوج والثاني دون ذلك والثالث دون ذلك لكن الثاني يدرس في كلية أو ثانوية يحتاج إلى كتب يُراجعها والثالث دونه ولا يحتاج إلى ما يحتاج إليه الثاني من الكتب فهنا نقول العدل أن تزوّج الأول ولو خسرت عليه ما خسرت من الدراهم ولا يلزمك أن تُعطي الاثنين مثله والعدل في الثاني أن تعطيه ما يحتاجه للكتب وإن كنت لا تُعطي الثالث مثله لأن الثالث لا يحتاجها وتعطي الثالث ما يحتاج إليه فلو قدّر أن الثاني حاجته من الكتب تبلغ خمسمائة ريال اشتر له كتبا بخمسمائة ريال والثالث لا يحتاج إلا خمسين ريالا اشتر له كتبا بخمسين ريالا والأول الذي كان يتزوج احتاج إلى عشرين ألفا للزواج زوّجه بعشرين ألفا ولا يُعد هذا جورا لأن هذا قيام بما يجب من النفقة.
لكن بعض الناس يقول: أنا سأوصي لولدي الذي لم يتزوج بمقدار المهر الذي ساعدت به أخاه الذي تزوّج فنقول: هذا لا يجوز لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: لا وصية لوارث لكن إن أدرك الصغير سن الزواج فزوّجه وإن لم يدرك ومت قبل أن يُدرك ذلك فلا حرج عليك لأن الزواج من النفقة فيُعطى كل واحد منهم ما يحتاج إليه فقط أما إذا كانت العطية تبرّعا محضا لا للحاجة فإنه يجب التعديل بينهم ولا يُعطى أحد دون الأخر.
وكيفية التعديل على القول الراجح أن يُعطى الذكر مثل حظ الأنثيين فإذا كان عنده ابن وبنت وأراد أن يعطيهما منحة تبرّعا لا في مقابل واجب النفقة فإنه إذا أعطى الولد ألفين يُعطي البنت ألفا فقط.
وبعد هذا نجيب على سؤال السائل الذي ذكر أن له ثلاثة أولاد وأن أحدهم يعمل مع أبيه في مزرعته وفي تجارته وفي عقاره وأنه يسكّنه مجانا وأن إخوته الأخرين يسكنون بالأجور من عند أنفسهم فنقول: إنه لا حرج عليه أن يسكّن ولده بإحدى بيوته مجانا بشرط أن تكون أجرة هذا البيت تساوي أجرة عمله مع أبيه فإذا قدّر أنه لو كان عاملا أجنبيا لاستحق كل شهر ألف ريال وكانت أجرة البيت تُساوي اثني عشر ألفا ريالا فإن هذا لا بأس به لأن سكناه بمقدار أجرة عمله أما لو قدر أن أجرة البيت أكثر مما يستحق مثل أن يكون استحقاقه لو استأجره عشرة ءالاف ريال وأجرة البيت اثني عشر ألفا فإنه لا يجوز أن يسكّنه مجانا بل لا بد أن يأخذ منه ألفي ريال وهي الزائدة على ما كان يستحقه لو كان أجيرا، اللهم إلا إذا كان هو أي هذا الابن فقيرا لا يملك أن يدفع الزيادة فإنه حينئذ يكون تسكينه إياه من باب الإنفاق عليه ولا حرج.
وعلى هذا فنقول: إذا كان أحد الأولاد قائماً بتجارة أبيه وأراد أبوه أن يجعل له أجرة شهرية تقدّر بأجرة الإنسان الأجنبي الذي ليس ولداً له فإن هذا لا بأس به، ولا يعد ذلك جورا ولا تفضيلا لهذا الولد. نعم.
السائل : بارك الله فيكم، فضيلة الشيخ إذا رضي الأولاد بحالة أخيهم بنفوس مطمئنة يعني وحللوا؟
الشيخ : نعم. إذا رضي الأولاد وهم بالغون نرشدون بما فضل به والدهم لأخاهم فإن هذا لا بأس به لأن الحق لهم.
السائل : نعم. بارك الله فيكم. السؤال الأخير في رسالة المستمع يقول.
الفتاوى المشابهة
- أهمية العدل بين الأولاد في العطية - ابن عثيمين
- ما حكم الشرع في نظركم في عدم إنصاف الوالدين... - ابن عثيمين
- رجل يعطي بعض أولاده خمس ريالات مثلا أو أكثر... - ابن عثيمين
- رجل له خمسة من الأولاد منهم ولد كبير في السن... - ابن عثيمين
- حكم عطية الوالد لولده دون إخوانه - ابن عثيمين
- ما الضابط في العدل بين الأولاد في العطايا وخ... - ابن عثيمين
- والد موسر و له ابن و بنات كلهم قد تزوجوا و ه... - ابن عثيمين
- مهندس زراعي يعمل بالأردن يقول في سؤاله نحن ث... - ابن عثيمين
- امرأة والدها له خير كثير وفي بعض الأحيان تأخ... - ابن عثيمين
- باب كراهة تفضيل الوالد بعض أولاده على بعض في... - ابن عثيمين
- رجل له أولاد بلغوا سن الرشد وكل واحد منهم مت... - ابن عثيمين