تفسير قوله تعالى : (( وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا )).
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
الشيخ : وداعيا الى الله بإذنه وسراجا منيرا داعيا إلى الله أي تدعو الناس إلى الله عز وجل إلى شريعته الموصلة إليه. لأن الله تعالى وضع طريقا يوصل إليه لا يوصله شيء إلى هذا الطريق إلا وهو دين الله فهذا الدين إذا استمسكت به أوصلك إلى الله. ولهذا قال : داعيا إلى الله بأن الإنسان إذا تمسك بما دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم وصل إلى الله إلى ثوابه وجنته والنظر إليه حتى يحصل له كمال النعيم. وفي قوله : داعيا إلى الله دليل على الإخلاص في الدعوة إلى الله عز وجل. وأن ذلك وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم فهل هذا وصف لكل داعية أو يجب أن يكون وصفا لكل داعية؟ الثاني ولا الأول ؟ الثاني لأن من الدعاة من يدعو إلى نفسه لا إلى ربه. يريد أن يكون قوله هو المهيمن على كل الأقوال . يريد أن يرى الناس مكانه من العلم والدعوة. إذا خولف ولو بحق انتفخ وغضب وقام يتأوى على الناس الناس خالفوا الحق وهو لا يدري أن الحق في خلاف ما قال هذا يكون داعيا إلى من؟ إلى نفسه. والذي لا يدعو إلى الله عز وجل هو الذي لا يبالي بما حصل من مخالفته إذا كان ذلك هو الحق. ولذلك ترى الذي يدعو إلى الله عز وجل إذا خالفه غيره بمقتضى الدليل يشعر بأن ذلك الغير لم يخالفه بل سلك سبيله لأن كل الداعية والمدعو إنما يريدان الوصول إلى ايش؟ إلى الحق.
فإذا خالفني بمقتضى الدليل عنده فليس من حقي أن أغضب. بل أرى أنه موافق لي فيما دعوت لأني إنما أدعو إلى الحق وهو يرى أن الحق في خلاف ما أقول وحسابه على الله إذا كان مفرطا في طلب الحق غير مستقص في التبين فأمره إلى الله لكني ما دمت أعرف أنه خالفني ليس للهوى ولكن اتباعا للهدى عنده فإنه لا يجوز لي أن أحمل في نفسي عليه شيئا.
ولهذا تجد الصحابة رضي الله عنهم يختلفون لكن هذا الاختلاف لا يحمل اختلاف القلوب، وتجد الأئمة من صدر هذه الأمة يختلفون وقلوبهم على أكمل ما يكون من المحبة والتآلف لكن من كان يدعو لغير الله وإنما يدعو إلى نفسه فسوف يغضب إذا خولف ولو في الحق إذن لا بد من الإخلاص في الدعوة إلى الله.
وقوله : بإذنه . إذن الله تعالى تنقسم أو ينقسم. إذن الله تعالى ينقسم إلى قسمين : إذن شرعي وإذن كوني.
فما تعلق بالشرع فهو إذن شرعي مثل قوله تعالى : قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ ومثل قوله تعالى : شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله . أي لم يأذن به شرعا أو قدرا؟ شرعا لأنه أذن به قدرا وقع.
وأما الإذن الكوني فهو الذي يتعلق بالخلق والكون. مثل هذه الآية هل نحملها على الكوني أو على الشرعي؟ وداعيا الى الله بإذنه أي الإذنين ؟ طيب كلاهما لأنه عليه الصلاة والسلام إنما يدعو وفق شريعة الله وهذا هو الإذن الشرعي وقد دعا فعلا بقدر الله وهذا هو الإذن الكوني. فهو صلى الله عليه وسلم داع إلى الله بإذنه الكوني أو الشرعي ثم إن الدعوة بالإذن الشرعي لابد فيها من شروط :
الشرط الأول : الإخلاص واعلم أنك إذا دعوت لغير الإخلاص فإنك فاشل حتى لو نجحت برهة من الزمن فالفشل حليفك لأن الله تعالى لا يقبل شيئا لا يراد به وجهه فيكون من دعا إلى الله لغير الله فاشلا وإن ازدانت له الدنيا يوما من الدهر فإن عاقبته الفشل.
الثاني : الشرط الثاني : أن تكون دعوته وفق الشريعة الإسلامية وهذه مأخوذة من قوله من أين؟ بإذنه . الإخلاص من قوله إلى الله ولكونه موافقا للشريعة من قوله : بإذنه . فلابد أن يكون موافقا للشريعة وإذا كان لابد أن يكون موافقا للشريعة فلا بد أن تكون الدعوة مسبوقة بعلم بالشريعة وعلى هذا فنضيف العلم أن يكون الإنسان عالما بما يدعو إليه شرعا فلا يحل لشخص أن يكون داعية إلى الله وليس معه علم لأن هذا يفسد أكثر مما يصلح.
وكذلك لابد للداعية من العلم بأحوال المدعويين حتى يكون على بصيرة من أمرهم ولهذا لما بعث النبي صلى الله عليه وسلم معاذا إلى اليمن قال له : إنك تأتي قوما أهل كتاب فأخبره بحالهم ليكون مستعدا لمقابلتهم فلو كنت تدعو أحدا إلى شيء ما وأنت لا تعرف عن حالهم شيئا فربما يكون فيهم الذكي العبقري الفصيح فيقوم معارضا لما تدعو إليه من الحق وتنهزم أمامه لأنه ليس معك سلاح واستعداد لمقابلتهم وربما تدعوهم إلى شيء وهم قد قاموا به لكنك لا تعلم أنهم قد قاموا به وربما تنهاهم عن شيء هم لا يفعلونه فيكون كلامك لغوا لا فائدة منه. إذن لابد للداعية من العلم بالحكم الشرعي والعلم بأحوال المدعوين.
ولابد أيضا في الداعية أن يكون على جانب كبير من الحلم والتأني والتبصر حتى يقبل قوله لأنه إذا لم يكن عنده حلم فسيجد معارضا بلا شك لأن الداعية إلى الله لابد أن يجد من يعارضه فإذا لم يكن معه حلم واسع يتسع صدره فإنه سوف يستحسر ويقول إنني لم أُقبل ويدع الدعوة إلى الله فلابد أن يكون عند الداعي حلم يتسع به صدره لمقابلة الناس وما يخشى أن يوجه إليه من لوم أو عتاب أو مناظرة فيقع في الاستحسار ويدع الدعوة إلى الله عز وجل.
فإذا خالفني بمقتضى الدليل عنده فليس من حقي أن أغضب. بل أرى أنه موافق لي فيما دعوت لأني إنما أدعو إلى الحق وهو يرى أن الحق في خلاف ما أقول وحسابه على الله إذا كان مفرطا في طلب الحق غير مستقص في التبين فأمره إلى الله لكني ما دمت أعرف أنه خالفني ليس للهوى ولكن اتباعا للهدى عنده فإنه لا يجوز لي أن أحمل في نفسي عليه شيئا.
ولهذا تجد الصحابة رضي الله عنهم يختلفون لكن هذا الاختلاف لا يحمل اختلاف القلوب، وتجد الأئمة من صدر هذه الأمة يختلفون وقلوبهم على أكمل ما يكون من المحبة والتآلف لكن من كان يدعو لغير الله وإنما يدعو إلى نفسه فسوف يغضب إذا خولف ولو في الحق إذن لا بد من الإخلاص في الدعوة إلى الله.
وقوله : بإذنه . إذن الله تعالى تنقسم أو ينقسم. إذن الله تعالى ينقسم إلى قسمين : إذن شرعي وإذن كوني.
فما تعلق بالشرع فهو إذن شرعي مثل قوله تعالى : قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ ومثل قوله تعالى : شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله . أي لم يأذن به شرعا أو قدرا؟ شرعا لأنه أذن به قدرا وقع.
وأما الإذن الكوني فهو الذي يتعلق بالخلق والكون. مثل هذه الآية هل نحملها على الكوني أو على الشرعي؟ وداعيا الى الله بإذنه أي الإذنين ؟ طيب كلاهما لأنه عليه الصلاة والسلام إنما يدعو وفق شريعة الله وهذا هو الإذن الشرعي وقد دعا فعلا بقدر الله وهذا هو الإذن الكوني. فهو صلى الله عليه وسلم داع إلى الله بإذنه الكوني أو الشرعي ثم إن الدعوة بالإذن الشرعي لابد فيها من شروط :
الشرط الأول : الإخلاص واعلم أنك إذا دعوت لغير الإخلاص فإنك فاشل حتى لو نجحت برهة من الزمن فالفشل حليفك لأن الله تعالى لا يقبل شيئا لا يراد به وجهه فيكون من دعا إلى الله لغير الله فاشلا وإن ازدانت له الدنيا يوما من الدهر فإن عاقبته الفشل.
الثاني : الشرط الثاني : أن تكون دعوته وفق الشريعة الإسلامية وهذه مأخوذة من قوله من أين؟ بإذنه . الإخلاص من قوله إلى الله ولكونه موافقا للشريعة من قوله : بإذنه . فلابد أن يكون موافقا للشريعة وإذا كان لابد أن يكون موافقا للشريعة فلا بد أن تكون الدعوة مسبوقة بعلم بالشريعة وعلى هذا فنضيف العلم أن يكون الإنسان عالما بما يدعو إليه شرعا فلا يحل لشخص أن يكون داعية إلى الله وليس معه علم لأن هذا يفسد أكثر مما يصلح.
وكذلك لابد للداعية من العلم بأحوال المدعويين حتى يكون على بصيرة من أمرهم ولهذا لما بعث النبي صلى الله عليه وسلم معاذا إلى اليمن قال له : إنك تأتي قوما أهل كتاب فأخبره بحالهم ليكون مستعدا لمقابلتهم فلو كنت تدعو أحدا إلى شيء ما وأنت لا تعرف عن حالهم شيئا فربما يكون فيهم الذكي العبقري الفصيح فيقوم معارضا لما تدعو إليه من الحق وتنهزم أمامه لأنه ليس معك سلاح واستعداد لمقابلتهم وربما تدعوهم إلى شيء وهم قد قاموا به لكنك لا تعلم أنهم قد قاموا به وربما تنهاهم عن شيء هم لا يفعلونه فيكون كلامك لغوا لا فائدة منه. إذن لابد للداعية من العلم بالحكم الشرعي والعلم بأحوال المدعوين.
ولابد أيضا في الداعية أن يكون على جانب كبير من الحلم والتأني والتبصر حتى يقبل قوله لأنه إذا لم يكن عنده حلم فسيجد معارضا بلا شك لأن الداعية إلى الله لابد أن يجد من يعارضه فإذا لم يكن معه حلم واسع يتسع صدره فإنه سوف يستحسر ويقول إنني لم أُقبل ويدع الدعوة إلى الله فلابد أن يكون عند الداعي حلم يتسع به صدره لمقابلة الناس وما يخشى أن يوجه إليه من لوم أو عتاب أو مناظرة فيقع في الاستحسار ويدع الدعوة إلى الله عز وجل.
الفتاوى المشابهة
- ما هي الصفات والشروط التي يجب أن تتوفر في ال... - ابن عثيمين
- سمى أولاده بشير ونذير وسراج ومنير - اللجنة الدائمة
- شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما ن... - ابن عثيمين
- تفسير آيات من سورة الفرقان قوله تعالى: (( تَ... - ابن عثيمين
- الشروط الواجبة في الداعي إلى الله سبحانه و تعالى. - الفوزان
- لا شك أن الداعي إلى الله لابد أن تشترط فيه ش... - ابن عثيمين
- كلمة في أهمية الدعوة إلى الله وشروط الداعي إ... - ابن عثيمين
- ما هي شروط الداعي إلى الله تعالى ؟ - ابن عثيمين
- شرح قول المصنف ".. الأول: أن رسالة النبي صلى... - ابن عثيمين
- هل يجوز وصف النبي صلى الله عليه وسلم بالسراج... - ابن عثيمين
- تفسير قوله تعالى : (( وداعيا إلى الله بإذنه... - ابن عثيمين