تم نسخ النصتم نسخ العنوان
ما حكم كشف الوجه والكفين للمرأة ؟ وهل على ال... - ابن عثيمينالسائل : ما حكم كشف وجه المرأة وكفيها ؟ وهل على الزوج عقوبة إذا تركها كاشفة الوجه والكفين ؟الشيخ : القول الراجح في هذه المسألة هو وجوب ستر الوجه عن الرج...
العالم
طريقة البحث
ما حكم كشف الوجه والكفين للمرأة ؟ وهل على الزوج عقوبة إذا تركها كاشفة الوجه والكفين ؟
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
السائل : ما حكم كشف وجه المرأة وكفيها ؟ وهل على الزوج عقوبة إذا تركها كاشفة الوجه والكفين ؟

الشيخ : القول الراجح في هذه المسألة هو وجوب ستر الوجه عن الرجال الأجانب لقول الله تعالى : { وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ } إلى آخره ، ولقول الله تعالى : { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا } .
ولحديث أم عطية رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم : "أنه أمر أن يخرج النساء إلى صلاة العيد حتى الحيض وذوات الخدور يشهدن الخير ودعوة المسلمين"، وسئل عليه الصلاة والسلام عن المرأة ليس لها جلباب؟ فقال عليه الصلاة والسلام : "لتلبسها أختها من جلبابها" ولأدلة أخرى مذكورة في الكتب المعنية في هذه المسألة .
ولأن إخراج المرأة وجهها فتنة يفتتن بها من في قلبه مرض ، وهي أشد فتنة من أن يسمع الإنسان خلخال امرأة مستور في لباسها وقد قال الله تعالى : { وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ } فإذا كانت المرأة تنهى أن تضرب برجلها خوفا من أن يعلم ما تخفي من زينتها فما بالك بإبداء الوجه ، أليس هذا أعظم فتنة وأشد خطرا ؟.
والشريعة الإسلامية شريعة منتظمة لا تتناقض ولا يمكن أن تمنع شيئا وتحل شيئا أولى منه بالحكم ، والشريعة الإسلامية جاءت بمراعاة المصالح ودرء المفاسد ، ولا يرتاب عاقل أن المرأة لو أخرجت وجهها فإنه يترتب على ذلك مفاسد كثيرة ، منها لغيرها ومن غيرها لها ، فإنها إذا أذن لها بأن تخرج الوجه فلن تخرجه هكذا سوف تدخل عليه من التحسينات في العين والشفتين والخدين ما يوجب الفتنة الكبرى من النظر إليها وما وراءها .
ثم لو فرض أنها تحاشت ذلك كله وأخرجت نفس الوجه فإن ذلك فتنة يفتتن به من في قلبه مرض ، ولهذا أذن الله للقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحا أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة ، ففرق سبحانه وتعالى بين القواعد اللاتي لا يرجون نكاحا لكبرهن وتحول وجوههن إلى وجوه لا تحصل بها الفتنة ، وبين غيرهن .
وإن الإنسان ليعجب إذا قال : إنه يجب على المرأة أن تستر قدمها ولا يجب عليها أن تستر وجهها وكفيها ، فإنه على فرض أنه لم ترد نصوص بوجوب تغطية الوجه ، فإن من أقر بوجوب ستر القدم يلزمه بالقياس الأولوي أن يقول بوجوب ستر الوجه والكفين ، لأنهما أولى بالستر من ستر القدمين ، وهذا أمر إذا تأمله الإنسان وجد أنه لا يسوغ القول بجواز كشف الوجه مع منع تحريم كشف القدم لما في ذلك من التناقض الظاهر .
بقي أن يقال : إن كشف الوجه تحتاج المرأة إليه للنظر في طريقها .
والجواب عن ذلك أن يقال : إن الذين أجازوا كشف الوجه لم يقيدوا ذلك بحاجة بل أجازوا لها أن تكشف وجهها ولو كانت جالسة في مكانها ، ثم إن الحاجة تزول باستعمال النقاب الذي كان معروفا على عهد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كما يفيده قوله صلى الله عليه وسلم في المرأة المحرمة : "لا تنتقب المرأة" .
فإنه دليل على أن من عادتهن النقاب ، ومعلوم أن المرأة إذا تنقبت بأن فتحت لعينيها فتحتين بقدر الحاجة أنها سترى الطريق .
ولكن يبقى النظر أيضا في مسألة النقاب فإن النقاب وإن كان جائزا في الأصل لكننا نرى أن بعض النساء والعياذ بالله توسعت به وصارت تجمل عينيها بالكحل الفاتن ثم تفتح نقابا أوسع من عينها بحيث تظهر الحواجب ، وربما تظهر الجبهة أو بعضها ، وربما تظهر الوجنتان ، والنساء لقلة صبرهن ونقص دينهن لا يقفن على حد في هذه الأمور .
فلو قيل بمنع النقاب من باب سد الذرائع لكان له وجه ، لأن سد الذرائع مبدأ شرعي دل عليه الكتاب كتاب الله عز وجل ودلت عليه السنة ودلت عليه سيرة الخلفاء الراشدين :
ففي الكتاب يقول الله عز وجل : { وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ } فنهى الله تعالى عن سب آلهة المشركين مع أنه مطلوب شرعا سدا للذريعة إلى سب الله عز وجل .
وفي السنة أحاديث كثيرة تدل على درء المفاسد ومنع الوسائل إليه والذرائع ومن ذلك قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم حين سئل عن بيع رطب بالتمر : "أينقص إذا جف؟" قالوا: نعم ، فنهى عن ذلك .
وأما سيرة الخلفاء الراشدين في سد الذرائع فمنها إلزام عمر رضي الله عنه في الطلاق الثلاث إذا طلق الرجل زوجه ثلاثا ، فإنه كان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وعهد أبي بكر وسنتين من خلافة عمر يكون واحدة ، ثم إنه رأى الناس قد تعجلوا في هذا الأمر واستعجلوا ما فيه لهم أناة فألزمهم بالطلاق الثلاث ، ومنعهم من الرجوع إلى زوجاتهم من أجل أن ينتهوا عما استعجلوا فيه ، فنجد أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه منعهم ما هو حق لهم وهو الرجوع إلى زوجاتهم من أجل سد الذريعة إلى الطلاق الثلاث الذي يستعجلون به ما فيه أناة لهم .
فإذا منعنا من النقاب فإننا لا نمنعه على أنه حرام شرعا وليس لأحد أن يحرم ما أحل الله ورسوله ولكن نمنعه لأنه ذريعة إلى ما يتحول إليه من الفتنة ، والزيادة عما أحل الله عز وجل .
أما بالنسبة للزوج كما وقع في السؤال فعليه أن يمنع زوجته من كشف وجهها ما دام يرى أنه محرم أو أنه سبب للفتنة ، والزوج قد يغار من أن يتحدث الناس عن زوجته فيقولون ما أجمل زوجة فلان أو ما أقبح زوجة فلان ، ولا يرضى أحد أن تكون زوجته محلا للحديث في المجالس يتحدثون في قبحها إن كانت قبيحة في نظرهم أو عن جمالها إن كانت جميلة في نظرهم ، وهذه أيضا من الحكم التي تكون في ستر الوجه أن الإنسان يسلم هو وأهله من أن يكون حديث المجالس.

السائل : بارك الله فيكم.

Webiste