الشيخ : يعطيه الشفاعة العظمى التي لا يتجاسر عليها أحد من الرسل الكرام حتى تصل إليه إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
الشفاعة العظمى أيها الإخوة أن الناس يبعثون يوم القيامة ويبقون خمسين ألف سنة ليس ألف سنة ولا عشرة آلاف سنة بل يبقون خمسين ألف سنة لا طعام ولا شراب ولا شيء الشمس تدنو منهم مقدار ميل ولا يسلم من حرها إلا من أظله الله تعالى في ظله يوم لا ظل إلا ظله يلحق الناس من الهم والغم ما لا يطيقون ويتعبون تعبا عظيما فيقول بعضهم لبعض ألا تطلبون من يشفع لنا إلى الله ليريحنا من هذا الموقف فيلهمهم الله أن يأتوا آدم وآدم هو ـ الأخ ـ أنت قم من آدم ؟
الطالب : أبو الأنبياء.

الشيخ : أبو الأنبياء فقط ؟ لا، لا بس آدم أبو من؟
الطالب : أبو البشر.

الشيخ : أبو البشر بارك الله فيك يأتون إلى آدم وهو أبو البشر ويقولون له أنت آدم خلقك الله بيده وأسجد لك ملائكته وعلمك أسماء كل شيء اشفع لنا إلى ربك ألا ترى ما نحن فيه فيعتذر يعتذر عن الشفاعة بماذا يعتذر يعتذر بأن الله نهاه عن الأكل من الشجرة ولكنه أكل منها وفي ذلك يقول الله تعالى : فعصى ربه آدم فغوى ثم اجتباه ربه وتاب عليه وهدى .
فإن قال قائل : كيف يعتذر من ذنب منه والله اجتباه بعده وهداه قلنا لأن مقام الشفاعة عظيم ويحتاح إلى منزلة عالية وهو عليه الصلاة والسلام أعني آدم خجل من الله تعالى أن يكون شفيعا للخلق مع أنه عصى ربه وتاب من هذا الذنب وتاب عليه ربه وهداه فيذهبون إلى نوح نوح وهو أول أجيبوا؟ هو أول الرسل، ليس أول الأنبياء هو أول الرسل أما أول الأنبياء فإن آدم أول نبي أوحى الله إليه بما أوحى لكن الرسل أولهم نوح يأتون إليه ويقولون له أنت أول رسول أرسله الله إلى أهل الأرض ويذكرون من مناقبه ألا ترى إلى ما نحن فيه اشفع لنا إلى الله فيعتذر يعتذر بماذا بأنه سأل ما ليس له به علم لأنه سأل ما ليس له به علم.
ما هذا السؤال يا إخوان؟
الطالب : قال رب إن ابني من أهلي .

الشيخ : نعم أحسنت وعده الله أي وعد الله نوحا عليه الصلاة والسلام أن ينجيه وأهله وكان أحد أبناء نوح كان كافرا، كافرا بأبيه وهو يرى الآيات لكن من يضلل الله فلا هادي له كان كافرا لما أراد الله عز وجل أن يهلك الكافرين أمر السماء بل فتح أبواب السماء بماء منهمر ماء عظيم جدا منهمر وتأمل قوله تعالى : فتحنا أبواب السماء ليتبين لك أن السماء من كل جهة تمطر وفجرنا الأرض عيونا لم يقل سبحانه وتعالى وفجرنا عيون الأرض قال كل الأرض صارت عيونا وما معنى عيونا أي مياها تسجر فالتقى الماء على أمر قد قدر وملأ الماء الأرض حتى وصل إلى قمم الجبال وابن نوح انصرف فقال له أبوه اركب معنا ولا تكن ايش؟ ولا تكن مع الكافرين قال سآوي إلى جبل يعصمني من الماء قال لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم وحال بينهما الموج فكان من المغرقين فقال نوح عليه الصلاة والسلام : ربي إن ابني من أهلي وقد وعدتني أن تنجني أنا وأهلي وإن وعدك الحق وأنت أحكم الحاكمين قال الله له : يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح فلا تسألني ما ليس لك به علم إني أعظك أن تكون من الجاهلين الله أكبر هذا كلام لأول رسول أرسله الله إلى أهل الأرض يقول إني أعظك أن تكون من الجاهلين فتسأل ما ليس لك به علم.
في هذه الآية مسألة فقهية وهي أن الكافر لا يرث من المسلم من أين نأخذها ؟ تفضل.
الطالب : ... .

الشيخ : من قوله : إنه ليس من أهلك مع أنه ابنه فيستفاد من هذه الآية الكريمة أنه إذا اختلف دين الميت وأقاربه فإنهم لا يرثون منه لأنهم ليس من أهله وإن كانوا قرابته من النسب لكن الأواصر الدينية هي الأصل.
المهم أن نوح يعتذر ما ليس له به علم.
يأتون إلى إبراهيم عليه الصلاة والسلام إمام الحنفاء والذي قال الله تعالى فيه ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين يأتون إليه ويقولون أنت خليل الله ويذكرون من صفاته اشفع لنا إلى ربك ألا ترى ما نحن فيه فيعتذر يعتذر بأنه كذب ثلاث كذبات وهذه الكذبات ليست كذبا حقيقة ولكنها تورية تورية. التورية هي أن المتكلم يريد بكلامه ما يخالف ظاهره فمثلا لو سألك سائل قال أتعرف فلانا ؟ وأنت تعرفه تماما فقلت لا أعرفه هو يفهم أنك ايش؟ لا تعرفه وأنت في الواقع تعرفه فكيف يمكن أن يكون هذا النفي حقا كيف يمكن؟
طيب تقول يمكن تقول لا أعرفه مسافرا مثلا يصح ولا ما يصح؟ والله ما فهمتم الظاهر واحد من جماعة كثيرة؟
سألك سائل : قال هل تعرف فلان بن فلان قلت لا أعرفه وأنت في الواقع تعرفه أنت قلت لا أعرفه يفهم المخاطب أنك لا تعرفه وأنت في الواقع تعرفه متى يكون هذا الكلام صدقا؟
مثلا تقول لا أعرفه يعني لا أعرفه مسافرا لا أعرفه يعني لا أعرفه كذابا لا أعرفه إذا كان لم يتزوج لا أعرفه متزوجا إذا كان شابا تقول لا أعرف أي لا أعرفه شيخا مثلا المهم أنك تؤول وفي التأويل مندوحة عن الكذب. إبراهيم عليه الصلاة والسلام قال قولا هو فيه متأول لكنه بحسب السامع غير صحيح فما هي الكذبات؟
الكذبات التي كذبها عليه الصلاة والسلام هي في الواقع غير كذبات قل الأولى ؟
الطالب : ... .

الشيخ : طيب استرح نظر نظرة في النجوم فقال إني سقيم لأن قومه كانوا يعبدون النجوم ولهذا حاجهم كما قال الله تبارك وتعالى : فلما جن عليه الليل رأى كوكبا قال هذا ربي وهل هو ربه ؟ لا لكن على زعمهم فلما أفل قال لا أحب الآفلين فلما رأى القمر بازغا قال هذا ربي يعني على زعم قومه فلما أفل قال لئن لم يهدني ربي لأكونن من القوم الظالمين فلما بزغت الشمس قال هذا ربي هذا أكبر فلما أفلت قال يا قومي إني بريء مما تشركون هو قال إني سقيم هل هو سقيم حينما قال إني سقيم ؟ لا سقيم يعني سوف أسقم والأصنام لا تغني شيئا هذه واحدة الثانية تفضل.
الطالب : ... .

الشيخ : نعم استرح إبراهيم عليه الصلاة والسلام دعا قومه إلى توحيد الله وكانوا يعبدون الأصنام فخرجوا ذات يوم فعاد إلى أصنامهم فكسرها قَالُوا مَنْ فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ قَالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلَى أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ قَالُوا أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ وهذا الذي كسر الأصنام هو هذا الصنم الكبير أو هو إبراهيم؟
الجواب : هو إبراهيم لكنه قال بل فعله كبيرهم هذا تحديا لقومه يعني أن هذا الكبير لا يريد أن ينازعه أحد في ربوبيته وألوهيته إشارة إلى أن الإله الحق وهو الله وجل لا يرضى أن أحدا ايش ؟ يكون له شريكا له في العبادة، هذه الثانية الثالثة ؟
الطالب : ... .

الشيخ : نعم، نعم تمام مر بملك ظالم يريد زوجته فقال له إبراهيم عليه الصلاة والسلام هذه أختي وهي في الواقع زوجته لكنه قال أنها أخته في ايش ؟ في الإسلام هذه في الواقع ليست كذبات باعتبار الحقيقة لكنها باعتبار المخاطب كذبات فإبراهيم عليه الصلاة والسلام اعتذر أنه كذب هذه الكذبات مع أنها حقيقة ليست كذبا .
اذهبوا إلى موسى يأتون إلى موسى عليه الصلاة والسلام وهو أفضل أنبياء بني إسرائيل فيسألونه يقولون أنت موسى كلمك الله واصطفاك لنفسه ويذكرون من مناقبه اشفع لنا إلى ربك ألا ترى إلى ما نحن فيه فيعتذر بأنه قتل نفسا لم يؤمر بقتلها ما هي النفس التي قتلها ولم يأمر بقتلها ؟
الطالب : ... .

الشيخ : ايه طيب هو أن موسى عليه الصلاة والسلام مر برجل من بني إسرائيل ورجل من الأقباط يتنازعان فاستغاث الإسرائيلي موسى عليه الصلاة والسلام أي طلب منه الغوث على من ؟ على القبطي وكان موسى عليه الصلاة والسلام رجلا شديدا قويا فوكز القبطي فقضى عليه معنى قضى عليه يعني هلك ومات. مر مرة أخرى وإذا صاحبه الإسرائيلي ايش؟ ينازع قبطيا آخر فلما أراد أن يبطش بالذي هو عدو لهما قال يا موسى أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسا بالأمس وكان آل فرعون يبحثون عن الذي قتل صاحبهم فعلم بذلك أن موسى هو الذي قتل القبطي فهو قتل القبطي بالأمس ولم يقتله في اليوم الثاني فقال إنه قتل نفسا لم يؤمر بقتلها وجعل ذلك من الأسباب التي يخجل بها أن يكون شفيعا إلى الله عز وجل كم هؤلاء من الأنبياء أربعة آدم ونوح وإبراهيم وموسى.
أتوا إلى عيسى عليه الصلاة والسلام وذكروا مناقبه وطلبوا منه أن يشفع لهم إلى الله ولكنه لم يفعل ولم يعتذر بذنب وإنما أحالهم على محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن الرسل كلهم يعترفون بأن محمدا هو أفضلهم جعلني الله وإياكم من أتباعه لأنه في ليلة المعراج صلى بهم إماما وكلهم خلفه ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء المهم أنه أحالهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم ولم يذكر شيئا يعتذر به وهذه من حكمة الله عز وجل أن الله ألهم البشر أن يذهبوا أولا إلى أبيهم ثم إلى أول رسول ثم إلى خليل الله إبراهيم ثم إلى موسى كل هؤلاء يعتذرون بما يرون أنه يحول بينهم وبين الشفاعة أما عيسى فلا يعتذر بشيء لكنه يعترف بالفضل لمن ؟ لرسول الله صلى الله عليه وسلم فتكون نهاية الطلب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بين معتذر منها بما يرى أنه مانع من الشفاعة وبين معترف بالفضل لرسول الله صلى الله عليه وسلم. فيقوم النبي صلى الله عليه وسلم ويشفع وهذا لا شك أن الرسول يرضى به ويفرح به ولهذا قال الله تعالى : وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا وهذا والله المقام وهذا المقام والله إنه لمحمود يحمده من ؟ الأولون والآخرون الذين من أمته والذين سبقوها فهو عليه الصلاة والسلام يعطيه ربه فيرضى طيب.