بيان مسألة ما إذا فعل الإنسان شيئا محرما خطأ أو ناسيا فلا شيء عليه مع ذكر الأمثلة مع تتمة تفسير الآية .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
الشيخ : فهاهنا ثلاث مسائل :
المسألة الأولى : إذا فعل الإنسان شيئا محرما خطأ لا يدري أنه محرم فليس عليه شيء مهما كان هذا الذنب ومهما عظم لكن إذا علم بالتحريم وجب عليه الكف وكذلك من فعل شيئا ناسيا مما حرم الله عليه فإنه لا حرج عليه ولا إثم عليه ولا كفارة عليه لأن الله عفى عن ذلك ، وكذلك من نسي ففعل شيئا محرما فلا شيء عليه ولا كفارة عليه ولا إثم عليه والحمد لله رب العالمين.
ولنضرب لهذا أمثلة.
رجل تكلم وهو يصلي جاهلا يظن أن الكلام في الصلاة حلال ثم جاء يستفتي فماذا نقول له؟ الجواب : نقول لا شيء عليك صلاتك صحيحة ولا إعادة عليك. فصلاتك صحيحة ويدل لهذا أن رجلا تكلم في الصلاة مع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فلما انصرف من الصلاة سأل من الذي تكلم فقال الرجل أنا يا رسول الله فأقر واعترف لكنه لا يدري ولم يؤمره النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن يعيد الصلاة.
بل قال له كلاما لعلنا نذكره في النهاية إن شاء الله.
المسألة الثانية : رجل بال في المسجد من غير أن يعلم أنه حرام ومن المعلوم أن هذا محرم فقام الناس يزجرونه فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : دعوه لا تزرموه أي لا تقطعوا عليه بوله أي لا تقطعوا عليه بوله فتركه يبول حتى قضى بوله فلما انتهى من الصلاة دعا النبي صلى الله عليه وسلم الرجل فقال له : إن هذه المساجد لا يصلح بيها شيء من الأذى إنما هي التكبير والتحميد وقراءة القرآن أو كما قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم. ولم يأمره بالإعادة. لماذا؟ لأنه كان جاهلا لا يدري.
مثال ثالث : رجل كان يصلي فسلم عليه آخر فقال هذا المصلي عليك السلام لكنه جاهل لا يدري أن هذا حرام ، فلم يأمره النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يؤمره بالإعادة لأنه كان جاهلا وقد عفى الله الجهل عن هذه الأمة ولله الحمد.
مثال آخر : رجل كان يصوم ولما استيقظ من الليل جعل يأكل ويشرب بناء على أن الليل باق فتبين له بعد ذلك أن الليل قد انتهى وأن الشمس قد طلعت فأمسك ولم يؤمره النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بالإعادة لأنه أكل جاهلا يظن أن الليل باق.
ومن ذلك : لو أن رجلا كان مسافرا ومعه أهله فجامع أهله في رمضان فإن صيامه صحيح لأن الصيام في حق هذا الرجل ليس بواجب. ولكن عليه قضاء يوم آخر بدل اليوم الذي صامه وأفسده بالفطر.
ومن ذلك : لو أن الرجل كان محرما في بحج أو عمرة ثم تطيب ناسيا فحجه صحيح ولكن عليه أن يغسل أثر الطيب لأنه لازال في إحرام.
ولو أن رجلا قال لزوجته إن كلمتي فلانا فأنت طالق ثم كلمت فلانا ولم تعلم أنه هو فإنها لا تطلق وليس عليه حنث لأنه حلف في هذا الطلاق جاهلا والحالف الجاهل لا شيء عليه.
ومن ذلك أيضا : لو أن رجلا محرما في بحج أو عمرة فوقف على عطار فأخذ برأس أصبعه ليشم هذا الطيب وهو لم يدر قبل أنه طيب فلا شيء عليه لكن عليه أن يغسل أثر الطيب.
كذلك مثال آخر : لو أن رجلا استكره إنسانا على الكفر والعياذ بالله وقال له إما أن تكفر وإما أقتلك. هذا الرجل تردد وارتبك ولكنه مضى وأجاب الذي أكرهه. أجابه على إكراهه فإنه ليس عليه شيء.
ولو أن رجلا كان محرما بحج أو عمرة ثم رمى صيدا وهو محرم لكنه لا يظن أنه صيد محرم فلا شيء عليه لا إثم ولا كفارة.
وهذه القاعدة ليست مكتوبة من خط عالم أو قول عالم. هذه قاعدة من عند الله عز وجل ولا يجوز لأحد أن يلزم شخصا فعل محظورا جاهلا بشيء من الكفارات أو القضاء إلا بدليل. ولهذا نقول " ما ثبت بدليل فإنه لا ينفسخ إلا بدليل "
نرى بعض العلماء يشدد في هذا ويوجب الكفارة على من كان ناسيا أو جاهلا أو مكرها وهذا القول ضعيف ولا أدري أين تكون حجة هذا المفتي عند الله عز وجل. إذا كان الله قد وسع على عباده فمن أين تأتي الرخصة. فدع الأمر دع الأمر على ما هو عليه وعلى رخصته والله عز وجل أعلم بعباده وأعلم بمصالحهم
وقوله تعالى : قالوا سمعنا وأطعنا سمعنا بآذاننا وأنقدنا بقلوبنا وهو ما يتضمن قوله : وأطعنا . فلما استسلم الصحابة رضي الله عنهم لهذا الحكم رضوا وسلموا ويسر الله لهم الأمور.
وقوله عز وجل : غفرانك يعني نسألك غفرانك والمغفرة هي أن يستر الله الذنب على العبد ويسقط عقوبته
وقوله تبارك وتعالى : ربنا وإليك المصير يعني أن مصير الخلق إلى الله كما قال الله تعالى : يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه فليتذكر الإنسان هذه الملاقاة وكيف يلاقي الله تبارك وتعالى بها ، وقال الله تعالى : واتقوا الله واعلموا أنكم ملاقوه وبشر المؤمنين
وقوله : سمعنا وأطعنا غفرانك الذي ينبغي للقارئ أن يقف عند قوله : سمعنا وأطعنا وأن يجعل قوله : غفرانك جملة جديدة حتى لا يلتبس على السامع أن معنى الآية سمعنا وأطعنا غفرانك . والصواب أن معناها سمعنا وأطعنا لقولك ربنا ولكننا نسألك غفرانك ومغفرة الذنوب من أقصى أو هي أقصى ما يطلبه الطالبون لأنه إذا غفر للمرء حصل له ... من الذنوب والفكاك من العيوب وسلم من أشياء كثيرة.
وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير .
ويأتي إن شاء الله الكلام على بقية الآية. نعم.
المسألة الأولى : إذا فعل الإنسان شيئا محرما خطأ لا يدري أنه محرم فليس عليه شيء مهما كان هذا الذنب ومهما عظم لكن إذا علم بالتحريم وجب عليه الكف وكذلك من فعل شيئا ناسيا مما حرم الله عليه فإنه لا حرج عليه ولا إثم عليه ولا كفارة عليه لأن الله عفى عن ذلك ، وكذلك من نسي ففعل شيئا محرما فلا شيء عليه ولا كفارة عليه ولا إثم عليه والحمد لله رب العالمين.
ولنضرب لهذا أمثلة.
رجل تكلم وهو يصلي جاهلا يظن أن الكلام في الصلاة حلال ثم جاء يستفتي فماذا نقول له؟ الجواب : نقول لا شيء عليك صلاتك صحيحة ولا إعادة عليك. فصلاتك صحيحة ويدل لهذا أن رجلا تكلم في الصلاة مع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فلما انصرف من الصلاة سأل من الذي تكلم فقال الرجل أنا يا رسول الله فأقر واعترف لكنه لا يدري ولم يؤمره النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن يعيد الصلاة.
بل قال له كلاما لعلنا نذكره في النهاية إن شاء الله.
المسألة الثانية : رجل بال في المسجد من غير أن يعلم أنه حرام ومن المعلوم أن هذا محرم فقام الناس يزجرونه فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : دعوه لا تزرموه أي لا تقطعوا عليه بوله أي لا تقطعوا عليه بوله فتركه يبول حتى قضى بوله فلما انتهى من الصلاة دعا النبي صلى الله عليه وسلم الرجل فقال له : إن هذه المساجد لا يصلح بيها شيء من الأذى إنما هي التكبير والتحميد وقراءة القرآن أو كما قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم. ولم يأمره بالإعادة. لماذا؟ لأنه كان جاهلا لا يدري.
مثال ثالث : رجل كان يصلي فسلم عليه آخر فقال هذا المصلي عليك السلام لكنه جاهل لا يدري أن هذا حرام ، فلم يأمره النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يؤمره بالإعادة لأنه كان جاهلا وقد عفى الله الجهل عن هذه الأمة ولله الحمد.
مثال آخر : رجل كان يصوم ولما استيقظ من الليل جعل يأكل ويشرب بناء على أن الليل باق فتبين له بعد ذلك أن الليل قد انتهى وأن الشمس قد طلعت فأمسك ولم يؤمره النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بالإعادة لأنه أكل جاهلا يظن أن الليل باق.
ومن ذلك : لو أن رجلا كان مسافرا ومعه أهله فجامع أهله في رمضان فإن صيامه صحيح لأن الصيام في حق هذا الرجل ليس بواجب. ولكن عليه قضاء يوم آخر بدل اليوم الذي صامه وأفسده بالفطر.
ومن ذلك : لو أن الرجل كان محرما في بحج أو عمرة ثم تطيب ناسيا فحجه صحيح ولكن عليه أن يغسل أثر الطيب لأنه لازال في إحرام.
ولو أن رجلا قال لزوجته إن كلمتي فلانا فأنت طالق ثم كلمت فلانا ولم تعلم أنه هو فإنها لا تطلق وليس عليه حنث لأنه حلف في هذا الطلاق جاهلا والحالف الجاهل لا شيء عليه.
ومن ذلك أيضا : لو أن رجلا محرما في بحج أو عمرة فوقف على عطار فأخذ برأس أصبعه ليشم هذا الطيب وهو لم يدر قبل أنه طيب فلا شيء عليه لكن عليه أن يغسل أثر الطيب.
كذلك مثال آخر : لو أن رجلا استكره إنسانا على الكفر والعياذ بالله وقال له إما أن تكفر وإما أقتلك. هذا الرجل تردد وارتبك ولكنه مضى وأجاب الذي أكرهه. أجابه على إكراهه فإنه ليس عليه شيء.
ولو أن رجلا كان محرما بحج أو عمرة ثم رمى صيدا وهو محرم لكنه لا يظن أنه صيد محرم فلا شيء عليه لا إثم ولا كفارة.
وهذه القاعدة ليست مكتوبة من خط عالم أو قول عالم. هذه قاعدة من عند الله عز وجل ولا يجوز لأحد أن يلزم شخصا فعل محظورا جاهلا بشيء من الكفارات أو القضاء إلا بدليل. ولهذا نقول " ما ثبت بدليل فإنه لا ينفسخ إلا بدليل "
نرى بعض العلماء يشدد في هذا ويوجب الكفارة على من كان ناسيا أو جاهلا أو مكرها وهذا القول ضعيف ولا أدري أين تكون حجة هذا المفتي عند الله عز وجل. إذا كان الله قد وسع على عباده فمن أين تأتي الرخصة. فدع الأمر دع الأمر على ما هو عليه وعلى رخصته والله عز وجل أعلم بعباده وأعلم بمصالحهم
وقوله تعالى : قالوا سمعنا وأطعنا سمعنا بآذاننا وأنقدنا بقلوبنا وهو ما يتضمن قوله : وأطعنا . فلما استسلم الصحابة رضي الله عنهم لهذا الحكم رضوا وسلموا ويسر الله لهم الأمور.
وقوله عز وجل : غفرانك يعني نسألك غفرانك والمغفرة هي أن يستر الله الذنب على العبد ويسقط عقوبته
وقوله تبارك وتعالى : ربنا وإليك المصير يعني أن مصير الخلق إلى الله كما قال الله تعالى : يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه فليتذكر الإنسان هذه الملاقاة وكيف يلاقي الله تبارك وتعالى بها ، وقال الله تعالى : واتقوا الله واعلموا أنكم ملاقوه وبشر المؤمنين
وقوله : سمعنا وأطعنا غفرانك الذي ينبغي للقارئ أن يقف عند قوله : سمعنا وأطعنا وأن يجعل قوله : غفرانك جملة جديدة حتى لا يلتبس على السامع أن معنى الآية سمعنا وأطعنا غفرانك . والصواب أن معناها سمعنا وأطعنا لقولك ربنا ولكننا نسألك غفرانك ومغفرة الذنوب من أقصى أو هي أقصى ما يطلبه الطالبون لأنه إذا غفر للمرء حصل له ... من الذنوب والفكاك من العيوب وسلم من أشياء كثيرة.
وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير .
ويأتي إن شاء الله الكلام على بقية الآية. نعم.
الفتاوى المشابهة
- تتمة تفسير قوله تعالى : << قال رجلان من الذي... - ابن عثيمين
- تتمة الكلام على الصيام والقيام . - ابن عثيمين
- بيان الشيخ الحكمة في الدعوة إلى الله ؟ وأمثلة... - الالباني
- بيان حكم الخطأ والنسيان في النواهي الشرعية .... - ابن عثيمين
- كل من ارتكب محرما في العبادة نسيانا أو جهلا... - ابن عثيمين
- تفسير قوله تعالى:" ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا... - ابن عثيمين
- تتمة على الإجابة السابقة :قاعدة : عدم المؤاخ... - ابن عثيمين
- تفسير قوله تعالى : (( ربنا لا تؤخذنا إن نسين... - ابن عثيمين
- تتمة ذكر الأمثلة في قاعدةالمنهيات - ابن عثيمين
- قاعدة: كل من فعل محرما جاهلا أو ناسيا فلا إث... - ابن عثيمين
- بيان مسألة ما إذا فعل الإنسان شيئا محرما خطأ... - ابن عثيمين