تم نسخ النصتم نسخ العنوان
هل ذكر الرسول صلى الله عليه و سلم بشكل جماعي... - ابن عثيمينالسائل : على بركة الله نبدأ هذا اللقاء برسالة وصلت من المستمع ع م جمهورية مصر العربية يقول فضيلة الشيخ هل ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم بشكل جماعي في أي...
العالم
طريقة البحث
هل ذكر الرسول صلى الله عليه و سلم بشكل جماعي في أيام محددة جائز ؟
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
السائل : على بركة الله نبدأ هذا اللقاء برسالة وصلت من المستمع ع م جمهورية مصر العربية يقول فضيلة الشيخ هل ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم بشكل جماعي في أيام محدّدة جائز أرجو منكم التوجيه مأجورين؟

الشيخ : الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى ءاله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، الجواب على هذا السؤال ينبني على ما سنذكره الأن إن شاء الله تعالى في هذا الموضوع فنقول إن العبادات التي يتقرّب بها الإنسان إلى ربه مبنية على أصلين، الأصل الأول الإخلاص لله عز وجل بأن يقصد الإنسان بتعبّده لله التقرّب إلى الله تعالى والوصول إلى دار كرامته لا يقصد بذلك مالا ولا جاها ولا رئاسة ولا غير ذلك من أمور الدنيا بل لا يقصد إلا التقرّب إلى الله والوصول إلى دار كرامته ودليل هذا من الكتاب والسنّة قال الله تبارك وتعالى فاعبد الله مخلصا له الدين وقال تعالى وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء وقال الله تبارك وتعالى فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا والأيات في هذا كثيرة.
وأما السنّة ففيها أحاديث منها حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال سمعت النبي صلى الله عليه وعلى ءاله وسلم يقول إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه .
فإن فُقِد الإخلاص من العبادة بأن شاركها الرياء وهو أن يعمل العمل الصالح لله لكن يظهره للناس ليمدحوه على ذلك فإن العبادة تكون باطلة مردودة لأن الإنسان أشرك فيها مع الله عز وجل حيث راءى الناس بها ومع كونها باطلة مردودة فهو ءاثم بذلك مشرك بالله إلا أن هذا الشرك شرك أصغر ليس مخرجا من الملة والشرك وإن كان أصغر فإن الله تعالى لا يغفره لعموم قول الله تعالى إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء .
وقال بعض العلماء إن الشرك الأصغر داخل تحت المشيئة لكن الذي يظهر القول الأول وأنه لا يغفر لكن صاحبه لا يخلّد في النار لأنه شرك أصغر.
إذًا لابد في كل عبادة من الإخلاص لله تعالى فيها فمن أشرك مع الله فيها غيره فإنه يأثم بذلك وتبطل عبادته.
الشرط الثاني أو الأصل الثاني الذي تنبني عليه العبادات اتباع رسول الله صلى الله عليه وعلى ءاله وسلم ويدل لهذا الأصل قوله تبارك وتعالى وَأَنَّ هذا صِراطي مُستَقيمًا فَاتَّبِعوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُم عَن سَبيلِهِ وقول الله تبارك وتعالى قُل إِن كُنتُم تُحِبّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعوني يُحبِبكُمُ اللَّهُ وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وقول الله تبارك وتعالى فَآمِنوا بِاللَّهِ وَرَسولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذي يُؤمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِماتِهِ وَاتَّبِعوهُ لَعَلَّكُم تَهتَدونَ ولا يُمكن أن تتم المتابعة والموافقة للرسول عليه الصلاة والسلام إلا إذا وافقت العبادة أو إذا وافق العمل الشرع في أمور ستة، الأول السبب يعني أن يكون سبب هذه العبادة ثابتا بالشرع.
والثاني الجنس بأن يكون جنس هذه العبادة ثابتا بالشرع.
والثالث القدر بأن يأتي الإنسان بالعبادة على القدر الذي جاءت به الشريعة.
والرابع الكيفية بأن يأتي الإنسان بالعبادة على الوجه التي جاءت به الشريعة.
والخامس الزمان بأن يأتي الإنسان بالعبادة في الزمن الذي حدّده الشرع لها.
والسادس المكان بأن يأتي الإنسان بالعبادة في المكان الذي حدّده الشارع لها.
فإذا اختل واحد من هذه الأمور الستة لم تتحقق المتابعة وصار هذا من البدع.
فأما الأول وهو السبب فإنه لابد أن يكون السبب الذي بنينا عليه هذه العبادة ثابتا بالشرع فإن لم يكن ثابتا بالشرع فإن ما بني على ما ليس بثابت شرعا فإنه ليس بمشروع ومن ذلك ما يُحدثه الناس في ليلة السابع والعشرين من شهر رجب حيث يُحدثون احتفالا زعما منهم أن النبي صلى الله عليه وعلى ءاله وسلم عُرج به في هذه الليلة ليلة سبع وعشرين وهذا لا أصل له في التاريخ ولا أصل له أيضا في الشرع فإن الذي يظهر من التاريخ أن الإسراء والمعراج كان في ربيع الأول.
وأما من الشرع فلا أصل له أيضا فإن رسول الله صلى الله عليه وعلى ءاله وسلم وخلفاءه الراشدين والصحابة أجمعين لم يرد عنهم أنهم كانوا يحتفلون في الليلة التي عرِج فيها برسول الله صلى الله عليه وعلى ءاله وسلم ومعلوم أن الشرع لا يأتي إلا من طريقهم قال النبي عليه الصلاة والسلام إنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا فعليكم بسنتي وسنّة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي فمن أحدث احتفالا ليلة السابع والعشرين من شهر رجب لهذه المناسبة فإنه بناها على سبب لم يثبت شرعا بل ولم يثبت تاريخيا كما ذكرنا.
الأمر الثاني أن تكون العبادة موافقة للشرع في الجنس فإن أتى بعبادة بغير الجنس الذي جاءت به الشريعة فإن عبادته مردودة عليه ولا تُقبل منه مثال ذلك أن يضحي الإنسان بالخيل بأن يذبح فرسا يوم عيد الأضحى يتقرّب به إلى الله عز وجل كما يتقرّب بذبح البقرة فإن هذه العبادة لا تُقبل منه ولا تكون أضحية لأنها من غير الجنس الذي وردت به الشريعة فإن الأضاحي إنما تكون من بهيمة الأنعام وهي الإبل والبقر والغنم.
الثالث أن تكون العبادة موافقة للشرع في قدرها فإن لم تكن موافقة للشرع في قدرها بأن نقصت أو زادت فإنها لا تُقبل ولهذا لو صلى الإنسان صلاة الظهر خمس ركعات لم تُقبل منه لأنه زاد على القدر الذي جاءت به الشريعة ولو أنه صلاها ثلاث ركعات لم تُقبل منه أيضا لأنه نقص عن القدر الذي جاءت به الشريعة.
الرابع أن تكون موافقة للشرع في كيفيتها بأن يأتي بها على الكيفية التي جاءت بها الشريعة فلو صلى الإنسان أربع ركعات لكنه كان يأتي بالسجود قبل الركوع فإن الصلاة لا تُقبل منه لأنه أتى بها على كيفية لم ترِد بها الشريعة فكانت مردودة عليه لعدم تحقّق الاتباع في حقه.
الخامس أن تكون موافقة للشرع في زمانها فإن لم تكن موافقة للشرع في زمانها فإنها لا تُقبل فلو صام في شهر رجب بدلا عن شهر رمضان فإن ذلك لا يُقبل منه ولا يجزئه عن رمضان وذلك لأن رمضان خُصّ الصيام فيه دون غيره من الشهور فمن أتى به في زمن ءاخر لم يكن أتى بهذه العبادة في الوقت الذي حدّده الشرع وكذلك لو صلى الظهر قبل زوال الشمس فإنها لا تُقبل منه لأنه أتى بها في غير الزمن الذي حدده الشارع لها.
السادس أن تكون موافقة للشرع في مكانها فلو أن الإنسان اعتكف في بيته في العشر الأواخر من رمضان بدلا من أن يعتكف في المساجد فإن هذا الاعتكاف لا يصح منه لأنه في غير المكان الذي حدده الشارع للاعتكاف.
وليُعلم أن مخالفة الشريعة في هذه الأمور الستة أو في واحد منها يقتضي أمرين أو يترتب عليه أمران، الأمر الأول الإثم إذا كان عامدا والأمر الثاني البطلان فإن كان جاهلا فإنه يسقط عنه الإثم ولكن العبادة تبقى باطلة فإن كانت مما يُقضى إذا بطل وجب عليه قضاؤها وإن كانت مما لا يقضى سقطت عنه.
بناء على ذلك نقول في جواب هذا السؤال.

السائل : هل ذكر الرسول ..

الشيخ : إن، نعم، إن ذكر الرسول صلى الله عليه وعلى ءاله وسلم في غير الأوقات التي ورد فيها ذكره ليس بمشروع فلو أن الإنسان أراد أن يأتي بقوله أشهد أن محمدا رسول الله التي تُقال في الأذان وفي غير الأذان أيضا أتى بها في الضحى بناء على أنه يُريد الأذان فإننا نقول لا يُقبل منه ذلك لأن الأذان له وقت معيّن وهو ما إذا دخل وقت الصلاة وأراد أن يُصلي ثم إن ذكر النبي صلى الله عليه وعلى ءاله وسلم لا شك أنه من أجَلّ العبادات والصلاة على النبي صلى الله عليه وعلى ءاله وسلم من أفضل الأعمال ومن صلى على النبي صلى الله عليه وعلى ءاله وسلم مرة واحدة صلى الله عليه بها عشرا فالإكثار من الصلاة عليه بلا عدد وبدون زمن معيّن وبدون مكان معيّن هذا خير من أن يجعل الإنسان لهذه الصلاة وقتا معيّنا وعددا معيّنا وصفة معيّنة لأن كل شيء يسنّه الإنسان من عند نفسه ولو كان أصله مشروعا يكون من البدع ويكون من البدع في كيفيته أو زمانه أو مكانه حسب ما فصّلنا ءانفا.
والإنسان إذا استغنى بالسنّة عن غيرها كفته وحصل بها الخير الكثير وإن كان الإنسان قد يتقال السنّة في بعض الأحيان ويقول أنا أريد أن أعمل أكثر من ذلك فإن النبي صلى الله عليه وعلى ءاله وسلم أنكر على الذين تقالّوا سنّته وهديه وأرادوا أن يزيدوا على ذلك حيث اجتمع نفر فقال بعضهم لبعض حين سألوا عن عمل النبي صلى الله عليه وسلم في السر أي فيما لا يبدو للناس فكأنهم تقالّوا هذا العمل وقالوا إن رسول الله صلى الله عليه وعلى ءاله وسلم قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر يعني ونحن لم يحصل لنا ذلك فقال بعضهم أنا أصوم ولا أفطر وقال الثاني أنا أقوم ولا أنام وقال الثالث أنا لا أتزوّج النساء فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وعلى ءاله وسلم فأنكر عليهم وقال من رغب عن سنّتي فليس مني .
فاتباع السنّة خير حتى وإن كان الإنسان يظن أنه عمل قليل فإن ما وافق السنّة وإن كان أقل فهو خير مما لم يوافق السنّة وإن كان أكثر ولهذا لو أن الإنسان أراد أن يُطيل ركعتي الفجر أي سنّة الفجر أراد أن يطيلها وقال أنا أحب أن أزداد من قراءة القرءان وأحب أن أزداد من التسبيح وأحب أن أزداد من الدعاء فأحب أن أطيل ركعتي الفجر فإننا نقول له هذا ليس بصحيح ومنهجك هذا غير صحيح لأن السنّة في سنّة الفجر التخفيف كما كان النبي عليه الصلاة والسلام يخفّفها حتى تقول عائشة " حتى إني أقول أقرأ بأم القرءان " فلو كان عندنا رجلان أحدهما صلى سنّة الفجر على وجه خفيف لكنه محافظ على الطمأنينة.
والثاني صلاها على وجه أطول قلنا إن الأول أصْوب وأفضل من الثاني من أجل موافقة السنّة ثم إنه يُبيّن ذلك أيضا أن الرسول عليه الصلاة والسلام أرسل رجلين في حاجة فلم يجدا الماء فتيمما وصليا ثم وجدا الماء في الوقت فأحدهما توضأ وأعاد الصلاة والأخر لم يُعد الصلاة فقال النبي صلى الله عليه وعلى ءاله وسلم للذي لم يُعد الصلاة قال له أصبت السنّة وقال للأخر لك الأجر مرتين فصوّب الأول ولم يصوّب الثاني لكنه جعل له الأجر مرتين لأنه فعل ما يعتقده عبادة متأوّلا ظانا أن هذا هو الذي يجب عليه فأثيب على هذا الاجتهاد وإن كانت السنّة في خلافه. نعم.

السائل : بارك الله فيكم يا شيخ محمد، أيضا هذا السائل ذكر الشكل الجماعي للذكر يا فضيلة الشيخ؟

الشيخ : الشكل؟

السائل : بشكل جماعي، بشكل جماعي.

الشيخ : أي نعم، كذلك أيضا اجتماع الناس على الذكر جماعيا بأن يقولوا بصوت واحد الله أكبر أو الحمد لله أو لا إله إلا الله أو اللهم صلي على محمد أو ما أشبه ذلك هذا لا نعلم له أصلا في سنّة الرسول صلى الله عليه وعلى ءاله وسلم بل كان الصحابة يذكرون الله تعالى ويُثنون عليه كل على نفسه فها هم في حجة الوداع مع النبي عليه الصلاة والسلام منهم المهل ومنهم المكبّر ولا أحد يتبع أحدا في ذلك ولم يجتمعوا على التلبية وإنما كان كل إنسان يلبي بنفسه فهذا هو المشروع.
أما ما وردت به السنّة من الاجتماع على الدعاء وعلى الذكر فهذا يتبع فيه السنّة كالاجتماع على دعاء القنوت في الوتر في صلاة التراويح وما أشبه ذلك فهذا يتبع فيه السنّة.

السائل : بارك الله فيكم فضيلة الشيخ.

Webiste