ما هي المساقاة و المزارعة و ما حكمهما و الحكمة من تشريعهما ؟
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
السائل : هذا السائل هادي ناصر يقول ما هي المساقاة والمزارعة وما حكمهما والحكمة من تشريعهما مأجورين؟
الشيخ : الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى ءاله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، المساقاة والمزارعة نوعان من المعاملات التي أحلّها الله تعالى ورسوله لعباده.
وليُعلم أن الأصل في المعاملات الحل إلا ما قام الدليل على تحريمه بخلاف العبادات فالأصل فيها المنع والتحريم إلا ما قام الدليل على مشروعيته وكوْن الأصل في المعاملات الحل إلا ما قام الدليل على تحريمه يدل على رحمة الله تعالى بعبادته وحكمته لأن الناس يحتاجون إلى معاملات متعدّدة وربما تحدث أشياء لا يُحيط بها الحصر ولو حُصرت في الناس لكان فيها تضييق ولكن من رحمة الله تعالى أن جعل المعاملات حلالا إلا ما قام الدليل على منعه ومن ذلك المساقاة والمزارعة.
المساقاة تكون على الشجر والمزارعة تكون على الأرض، مثال ذلك إنسان عنده بستان فيه أشجار من نخيل وأعناب وتين وبرتقال وغيرها فيتفق مع شخص على أن يقوم هذا الشخص بسقيها ومؤونتها وما يُصلحها بجزء مشاع معلوم من ثمرتها فيقول مثلا خذ هذا النخل قم على إصلاحه ولك نصف الثمرة أو ربع الثمرة أو ما يتفقان عليه ولا يحِل أن يقول خذ هذا النخل أو البستان قم عليه ولك من ثمرته مائة صاع أو مائة كيلو أو لك الجانب الشرقي ولي الجانب الغربي أو الجانب الشمالي ولي الجانب الجنوبي وما أشبه ذلك لحديث رافع بن خديج رضي الله عنه قال " كان الناس يؤاجرون على عهد النبي صلى الله عليه وعلى ءاله وسلم على الماذيانات وأقبال الجداول وأشياء من الزرع فيهلك هذا ويسلم هذا ويسلم هذا ويهلك هذا ولم يكن كراء للناس إلا هذا فلذلك زجر عنه " أي زجر عنه النبي صلى الله عليه وعلى ءاله وسلم فأما شيء معلوم مضمون فلا بأس به والشيء المعلوم المضمون هو السهم المشاع وذلك لأنك إذا جعلت للعامل شيئا مقدّرا غير مشاع أدّى إلى الغرر العظيم إذ قد لا تنتج الثمار إلا هذا القدر الذي جعلته للعامل وحينئذ تبقى أنت بلا فائدة وقد تنتج الثمار شيئا كثيرا كان العامل يظن أن ما اشترطه لنفسه يُساوي العشر مثلا أو النصف فإذا صار الإنتاج كثيرا صار لا يُساوي إلا أقل مما قدّر فيكون في هذا جهالة.
وكذلك إذا كان يُساقيه على شيء معلوم بالمكان بأن يقول لك الشرقي ولي الغربي أو ما أشبه ذلك فإنه ربما يهلك الشرقي المشروط للعامل فيخسر بدون فائدة وربما يهلك الغربي المشروط لصاحب الأرض أو لصاحب النخل فيتضرّر كذلك فلهذا لا تصح المساقاة إلا على سهم معلوم مشاع كنصف وثلث وربع وما أشبه ذلك.
واختلف العلماء رحمهم الله هل يجوز أن يؤجر النخل بأجرة معلومة كل سنة لصاحب النخل ويكون للعامل الثمرة كلها بأن يقول خذ هذا النخل لمدة عشر سنوات لك ثماره وتُعطيني كل سنة مائة ألف أو أقل أو أكثر فجمهور العلماء على أن ذلك ليس بجائز لاحتمال الغرر لأن النخل قد يُثمر ثمرات كثيرة وقد لا يُثمر إلا قليلا وقد لا يُثمر أصلا تُصاب الثمرة بآفات تفسدها ولكن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أجاز ذلك وقال " كما يجوز إجارة الأرض بأجرة معلومة ويكون الزرع كلها للمزارع فكذلك إجارة النخل ولا فرق " واستدل لذلك بأثر عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه إنه ضمّن بستان أسيد بن حضير رضي الله عنه في قضاء ديْن له وما قاله شيخ الإسلام رحمه الله هو عندي أقرب إلى الصواب لعدم الفارق المؤثّر بين إجارة الأرض للزرع وإجارة النخل للاستثمار.
وعلى هذا فتكون المساقاة لها وجهان، الوجه الأول أن يعطي الفلاح النخل يقوم عليه بجزء مشاع معلوم من ثمره كنصف وربع وما أشبه ذلك.
والوجه الثاني الإجارة بأن يقول خذ هذا النخل لمدة عشر سنوات قم عليه ولك ثمره وتُعطيني كل سنة عشرة ءالاف ريال مائة ألف ريال حسب ما يتفقان عليه.
وأما المزارعة فإنها تكون على الزرع الذي ليس بشجر وهي أن يُعطي الرجل أرضه لشخص يزرعها بجزء مشاع معلوم من الزرع كالثلث والربع ونحو ذلك فيقوم المزارع بزراعة الأرض ويكون ما يخرج من الزرع بينهما على حسب ما شرطاه لكن لابد أن يكون جزءا مشاعا معلوما فلو قال مثلا لك من الزرع مائة صاع والباقي لي فإن ذلك لا يصح لأن الزرع ربما لا يكون إلا مقدار مائة صاع فيخسر العامل وربما يكون أصواعا كثيرة لم تكن في تقدير المالك فيخسر المالك وهذا شبيه بالقمار ولذلك نهي عنه وهكذا أيضا لو قال لك الزرع الشرقي ولي الزرع الغربي أو لك الشمالي ولي الجنوبي فإن ذلك لا يصح أيضا لأنه ربما يهلك الجانب الذي لأحدهما فيكون الأخر مغبونا.
والمزارعة على وجهين كالمساقاة هذا أحدها أن يُعطيَه الأرض بجزء مشاع معلوم مما يخرج منها من الزرع كالثلث والربع وما أشبهها.
والوجه الثاني أن يعطيه الأرض إجارة بأن يقول خذ هذه الأرض ازرعها لمدة عشر سنوات وكل سنة تعطيني كذا وكذا من الدراهم لا مما يخرج منها فإن ذلك لا بأس به ولا حرج فيه وإن كان هذا يُسمّى إجارة لكنه نوع من المزارعة. نعم.
السائل : بارك الله فيكم.
الشيخ : الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى ءاله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، المساقاة والمزارعة نوعان من المعاملات التي أحلّها الله تعالى ورسوله لعباده.
وليُعلم أن الأصل في المعاملات الحل إلا ما قام الدليل على تحريمه بخلاف العبادات فالأصل فيها المنع والتحريم إلا ما قام الدليل على مشروعيته وكوْن الأصل في المعاملات الحل إلا ما قام الدليل على تحريمه يدل على رحمة الله تعالى بعبادته وحكمته لأن الناس يحتاجون إلى معاملات متعدّدة وربما تحدث أشياء لا يُحيط بها الحصر ولو حُصرت في الناس لكان فيها تضييق ولكن من رحمة الله تعالى أن جعل المعاملات حلالا إلا ما قام الدليل على منعه ومن ذلك المساقاة والمزارعة.
المساقاة تكون على الشجر والمزارعة تكون على الأرض، مثال ذلك إنسان عنده بستان فيه أشجار من نخيل وأعناب وتين وبرتقال وغيرها فيتفق مع شخص على أن يقوم هذا الشخص بسقيها ومؤونتها وما يُصلحها بجزء مشاع معلوم من ثمرتها فيقول مثلا خذ هذا النخل قم على إصلاحه ولك نصف الثمرة أو ربع الثمرة أو ما يتفقان عليه ولا يحِل أن يقول خذ هذا النخل أو البستان قم عليه ولك من ثمرته مائة صاع أو مائة كيلو أو لك الجانب الشرقي ولي الجانب الغربي أو الجانب الشمالي ولي الجانب الجنوبي وما أشبه ذلك لحديث رافع بن خديج رضي الله عنه قال " كان الناس يؤاجرون على عهد النبي صلى الله عليه وعلى ءاله وسلم على الماذيانات وأقبال الجداول وأشياء من الزرع فيهلك هذا ويسلم هذا ويسلم هذا ويهلك هذا ولم يكن كراء للناس إلا هذا فلذلك زجر عنه " أي زجر عنه النبي صلى الله عليه وعلى ءاله وسلم فأما شيء معلوم مضمون فلا بأس به والشيء المعلوم المضمون هو السهم المشاع وذلك لأنك إذا جعلت للعامل شيئا مقدّرا غير مشاع أدّى إلى الغرر العظيم إذ قد لا تنتج الثمار إلا هذا القدر الذي جعلته للعامل وحينئذ تبقى أنت بلا فائدة وقد تنتج الثمار شيئا كثيرا كان العامل يظن أن ما اشترطه لنفسه يُساوي العشر مثلا أو النصف فإذا صار الإنتاج كثيرا صار لا يُساوي إلا أقل مما قدّر فيكون في هذا جهالة.
وكذلك إذا كان يُساقيه على شيء معلوم بالمكان بأن يقول لك الشرقي ولي الغربي أو ما أشبه ذلك فإنه ربما يهلك الشرقي المشروط للعامل فيخسر بدون فائدة وربما يهلك الغربي المشروط لصاحب الأرض أو لصاحب النخل فيتضرّر كذلك فلهذا لا تصح المساقاة إلا على سهم معلوم مشاع كنصف وثلث وربع وما أشبه ذلك.
واختلف العلماء رحمهم الله هل يجوز أن يؤجر النخل بأجرة معلومة كل سنة لصاحب النخل ويكون للعامل الثمرة كلها بأن يقول خذ هذا النخل لمدة عشر سنوات لك ثماره وتُعطيني كل سنة مائة ألف أو أقل أو أكثر فجمهور العلماء على أن ذلك ليس بجائز لاحتمال الغرر لأن النخل قد يُثمر ثمرات كثيرة وقد لا يُثمر إلا قليلا وقد لا يُثمر أصلا تُصاب الثمرة بآفات تفسدها ولكن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أجاز ذلك وقال " كما يجوز إجارة الأرض بأجرة معلومة ويكون الزرع كلها للمزارع فكذلك إجارة النخل ولا فرق " واستدل لذلك بأثر عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه إنه ضمّن بستان أسيد بن حضير رضي الله عنه في قضاء ديْن له وما قاله شيخ الإسلام رحمه الله هو عندي أقرب إلى الصواب لعدم الفارق المؤثّر بين إجارة الأرض للزرع وإجارة النخل للاستثمار.
وعلى هذا فتكون المساقاة لها وجهان، الوجه الأول أن يعطي الفلاح النخل يقوم عليه بجزء مشاع معلوم من ثمره كنصف وربع وما أشبه ذلك.
والوجه الثاني الإجارة بأن يقول خذ هذا النخل لمدة عشر سنوات قم عليه ولك ثمره وتُعطيني كل سنة عشرة ءالاف ريال مائة ألف ريال حسب ما يتفقان عليه.
وأما المزارعة فإنها تكون على الزرع الذي ليس بشجر وهي أن يُعطي الرجل أرضه لشخص يزرعها بجزء مشاع معلوم من الزرع كالثلث والربع ونحو ذلك فيقوم المزارع بزراعة الأرض ويكون ما يخرج من الزرع بينهما على حسب ما شرطاه لكن لابد أن يكون جزءا مشاعا معلوما فلو قال مثلا لك من الزرع مائة صاع والباقي لي فإن ذلك لا يصح لأن الزرع ربما لا يكون إلا مقدار مائة صاع فيخسر العامل وربما يكون أصواعا كثيرة لم تكن في تقدير المالك فيخسر المالك وهذا شبيه بالقمار ولذلك نهي عنه وهكذا أيضا لو قال لك الزرع الشرقي ولي الزرع الغربي أو لك الشمالي ولي الجنوبي فإن ذلك لا يصح أيضا لأنه ربما يهلك الجانب الذي لأحدهما فيكون الأخر مغبونا.
والمزارعة على وجهين كالمساقاة هذا أحدها أن يُعطيَه الأرض بجزء مشاع معلوم مما يخرج منها من الزرع كالثلث والربع وما أشبهها.
والوجه الثاني أن يعطيه الأرض إجارة بأن يقول خذ هذه الأرض ازرعها لمدة عشر سنوات وكل سنة تعطيني كذا وكذا من الدراهم لا مما يخرج منها فإن ذلك لا بأس به ولا حرج فيه وإن كان هذا يُسمّى إجارة لكنه نوع من المزارعة. نعم.
السائل : بارك الله فيكم.
الفتاوى المشابهة
- هل مثل البادي أصحاب المزارع ؟ - ابن عثيمين
- رجل يعمل مزارعا عند صاحب الأرض فاختصما فقال... - ابن عثيمين
- عقد المزارعة بين صاحب الأرض والعامل - اللجنة الدائمة
- ما حكم مزارع عنده قمح زائد فيدخله باسم مواطن... - ابن عثيمين
- هل تجوز إجارة النخل بنسبة معلومة من الثمر.؟ - ابن عثيمين
- ما التوفيق بين نهي الرسول عن المزارعة وشرعها ؟ - الالباني
- عقد المزارعة - الفوزان
- هل يجوز السقي بأجرة و كيف تتم المساقاة ؟ - ابن عثيمين
- السنة في المساقاة - ابن عثيمين
- ما معنى المساقاة و المزارعة ؟ - ابن عثيمين
- ما هي المساقاة و المزارعة و ما حكمهما و الحك... - ابن عثيمين