تفسير سورة التين كاملة .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
الشيخ : الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فهذا هو اللقاء الحادي والثمانون الذي يتم كل خميس من كل أسبوع، ولقاؤنا هذا في يوم الخميس الثالث عشر من شهر رجب عام خمسة عشر وأربعمائة وألف، ونفتتحه كالعادة بتفسير كلام الله عز وجل، وقد انتهينا من سورة الانشراح، وسنبدأ الآن بمعونة الله تعالى وتوفيقه بسورة التين.
يقول الله عز وجل بسم الله الرحمن الرحيم والتين والزيتون * وطور سنين * وهذا البلد الأمين إلى آخر السورة، فقوله تعالى: والتين والزيتون * وطور سنين * وهذا البلد الأمين إقسام بهذه الأشياء الأربعة: أقسم الله تعالى بالتين والزيتون وبطور سنين وهذا البلد الأمين يعني: مكة لأن السورة مكية، فالمشار إليه قريب وهو مكة والتين هو الثمر المعروف وكذلك الزيتون وأقسم الله بهما لأنهما يكثران في فلسطين، وطور سنين أقسم الله به لأنه الجبل الذي كلم الله عنده موسى صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
وهذا البلد الأمين أقسم الله به -أعني: مكة- لأنها أحب البقاع إلى الله وأشرف البقاع عند الله عز وجل، قال بعض أهل العلم: أقسم الله بهذه الثلاثة لأن الأول التين والزيتون أرض فلسطين التي فيها الأنبياء، وآخر أنبياء بني إسرائيل هو عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام، وبطور سنين لأنه الجبل الذي أوحى الله تعالى إلى موسى حوله، وأما البلد الأمين فهو مكة الذي بعث الله منه محمدًا صلى الله عليه وعلى آله وسلم، قال العلماء ومعنى قوله: وطور سنين أي: طور البركة لأن الله تعالى وصفه أو وصف ما حوله بالوادي المقدس.
لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم هذا هو المقسم عليه، أقسم الله تعالى أنه خلق الإنسان في أحسن تقويم، وإذا تأملت الجملة -أي: الجملة التي فيها المقسم عليه- تبين لك أنها مؤكدة بثلاثة مؤكدات: القسم، واللام، وقد، فأقسم الله أنه خلق الإنسان في أحسن تقويم في أحسن تقويم هيئة وخلقة، وفي أحسن تقويم فطرة وقصدًا، لأنه لا يوجد أحد من المخلوقات أحسن من بني آدم خلقة، فالمخلوقات الأرضية كلها دون بني آدم في الخلقة، لأن الله تعالى قال: لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم * ثم رددناه أسفل سافلين هذه الردة التي ذكرها الله عز وجل تعني أن الله تعالى يرد الإنسان أسفل سافلين خلقة كما قال الله تعالى: ومنكم من يرد إلى أرذل العمر فكلما ازداد في السن الإنسان تغير إلى أردى، لا في القوة الجسدية ولا في الهيئة الجسدية ولا في نظرات الوجه ولا غير ذلك، يرد أسفل سافلين، وإذا قلنا إن أحسن تقويم تشمل حتى الفطرة التي جبل الله الخلق عليها والعبادة التي تترتب أو تنبني على هذه الفطرة، فإن هذا إشارة إلى أن من الناس من تعود به حاله والعياذ بالله إلى أن يكون أسفل سافلين بعد أن كان في الأعلى والقمة من الإيمان والعلم، والآية تشمل المعنيين جميعًا.
ثم قال تعالى: إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم أجر غير ممنون هذا استثناء من قوله: ثم رددناه أسفل سافلين يعني: إلا المؤمنين الذين آمنوا وعملوا الصالحات فإنهم لا يردون إلى أسفل السافلين، لأنهم متمسكون بإيمانهم وأعمالهم فيبقون عليها إلى أن يموتوا، وقوله: فلهم أجر أي: ثواب غير ممنون غير مقطوع ولا ممنون به أيضًا فكلمة ممنون صالحة لمعنى القطع وصالحة لمعنى المنة، فهم لهم أجر لا ينقطع ولا يمنّ عليهم به، يعني: أنهم إذا استوفوا هذا الأجر لا يمنّ عليهم فيقال: أعطيناكم وفعلنا وفعلنا، وإن كانت المنة لله عز وجل عليهم بالإيمان والعمل الصالح والثواب كلها منة من الله، لكن لا يمن عليهم به أي لا يؤذون بالمن كما يجري ذلك في أمور الدنيا إذا أحسن إليك أحد من الناس فربما يؤذيك بمنه عليك في كل مناسبة، يقول: فعلت بك وأعطيتك وما أشبه ذلك.
ثم قال الله تبارك وتعالى: فما يكذبك بعد بالدين انتقل الله تعالى من الكلام على وجه الغيبة إلى الكلام على وجه المقابلة والخطاب قال: فما يكذبك بعد بالدين أي: أيُّ شيء يكذبك أيها الإنسان بعد هذا البيان بالدين أي بما أمر الله به من الدين، ولهذا كلما نظر الإنسان إلى نفسه وأصله وخلقته وأن الله اجتباه وأحسن خلقته وأحسن فطرته، فإنه يزداد إيمانًا بالله عز وجل وتصديقًا بكتابه وبما أخبرت به رسله، ثم قال: أليس الله بأحكم الحاكمين وهذا الاستفهام للتقرير يقرر الله عز وجل أنه أحكم الحاكمين، وأحكم هنا اسم تفضيل وهو مأخوذ من الحكمة ومن الحكم، فالحكم الأكبر الأعظم الذي لا يعارضه شيء هو حكم الله عز وجل، والحكمة العليا البالغة هي حكمة الله عز وجل، فهو سبحانه وتعالى أحكم الحاكمين قدرًا وشرعًا، وله الحكم وإليه يرجع الأمر كله.
نحن حرصنا على أن يكون التفسير في آخر أجزاء القرآن، لأنه تكثر قراءته في الصلوات والذي ينبغي لكل مؤمن أن يحرص على معرفة معاني كتاب الله عز وجل لأنه لا يستقيم العمل بالقرآن إلا بمعرفة معناه، بل إن الله تعالى وصف الذين لا يعلمون المعنى بأنهم أميون فقال: ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني يعني: إلا قراءة، وكثير من الناس اليوم إن لم أقل أكثرهم لا يعرفون من القرآن إلا اللفظ فقط، وحري بطلبة العلم أن يحرصوا في كل مناسبة إذا اجتمعوا بالعامة يأتوا بآية من كتاب الله يفسرونها لاسيما ما يكثر ترداده على العامة، مثل الفاتحة، الفاتحة لو تأتي لعامي بل لكثير من الناس تريد أن تسأله عن معناها لم يعرف شيئًا منها، نسأل الله تعالى أن يرزقنا وإياكم العلم بكتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم إنه على كل شيء قدير.
والآن إلى الأسئلة ونبدأ بالأيمن.
أما بعد: فهذا هو اللقاء الحادي والثمانون الذي يتم كل خميس من كل أسبوع، ولقاؤنا هذا في يوم الخميس الثالث عشر من شهر رجب عام خمسة عشر وأربعمائة وألف، ونفتتحه كالعادة بتفسير كلام الله عز وجل، وقد انتهينا من سورة الانشراح، وسنبدأ الآن بمعونة الله تعالى وتوفيقه بسورة التين.
يقول الله عز وجل بسم الله الرحمن الرحيم والتين والزيتون * وطور سنين * وهذا البلد الأمين إلى آخر السورة، فقوله تعالى: والتين والزيتون * وطور سنين * وهذا البلد الأمين إقسام بهذه الأشياء الأربعة: أقسم الله تعالى بالتين والزيتون وبطور سنين وهذا البلد الأمين يعني: مكة لأن السورة مكية، فالمشار إليه قريب وهو مكة والتين هو الثمر المعروف وكذلك الزيتون وأقسم الله بهما لأنهما يكثران في فلسطين، وطور سنين أقسم الله به لأنه الجبل الذي كلم الله عنده موسى صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
وهذا البلد الأمين أقسم الله به -أعني: مكة- لأنها أحب البقاع إلى الله وأشرف البقاع عند الله عز وجل، قال بعض أهل العلم: أقسم الله بهذه الثلاثة لأن الأول التين والزيتون أرض فلسطين التي فيها الأنبياء، وآخر أنبياء بني إسرائيل هو عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام، وبطور سنين لأنه الجبل الذي أوحى الله تعالى إلى موسى حوله، وأما البلد الأمين فهو مكة الذي بعث الله منه محمدًا صلى الله عليه وعلى آله وسلم، قال العلماء ومعنى قوله: وطور سنين أي: طور البركة لأن الله تعالى وصفه أو وصف ما حوله بالوادي المقدس.
لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم هذا هو المقسم عليه، أقسم الله تعالى أنه خلق الإنسان في أحسن تقويم، وإذا تأملت الجملة -أي: الجملة التي فيها المقسم عليه- تبين لك أنها مؤكدة بثلاثة مؤكدات: القسم، واللام، وقد، فأقسم الله أنه خلق الإنسان في أحسن تقويم في أحسن تقويم هيئة وخلقة، وفي أحسن تقويم فطرة وقصدًا، لأنه لا يوجد أحد من المخلوقات أحسن من بني آدم خلقة، فالمخلوقات الأرضية كلها دون بني آدم في الخلقة، لأن الله تعالى قال: لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم * ثم رددناه أسفل سافلين هذه الردة التي ذكرها الله عز وجل تعني أن الله تعالى يرد الإنسان أسفل سافلين خلقة كما قال الله تعالى: ومنكم من يرد إلى أرذل العمر فكلما ازداد في السن الإنسان تغير إلى أردى، لا في القوة الجسدية ولا في الهيئة الجسدية ولا في نظرات الوجه ولا غير ذلك، يرد أسفل سافلين، وإذا قلنا إن أحسن تقويم تشمل حتى الفطرة التي جبل الله الخلق عليها والعبادة التي تترتب أو تنبني على هذه الفطرة، فإن هذا إشارة إلى أن من الناس من تعود به حاله والعياذ بالله إلى أن يكون أسفل سافلين بعد أن كان في الأعلى والقمة من الإيمان والعلم، والآية تشمل المعنيين جميعًا.
ثم قال تعالى: إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم أجر غير ممنون هذا استثناء من قوله: ثم رددناه أسفل سافلين يعني: إلا المؤمنين الذين آمنوا وعملوا الصالحات فإنهم لا يردون إلى أسفل السافلين، لأنهم متمسكون بإيمانهم وأعمالهم فيبقون عليها إلى أن يموتوا، وقوله: فلهم أجر أي: ثواب غير ممنون غير مقطوع ولا ممنون به أيضًا فكلمة ممنون صالحة لمعنى القطع وصالحة لمعنى المنة، فهم لهم أجر لا ينقطع ولا يمنّ عليهم به، يعني: أنهم إذا استوفوا هذا الأجر لا يمنّ عليهم فيقال: أعطيناكم وفعلنا وفعلنا، وإن كانت المنة لله عز وجل عليهم بالإيمان والعمل الصالح والثواب كلها منة من الله، لكن لا يمن عليهم به أي لا يؤذون بالمن كما يجري ذلك في أمور الدنيا إذا أحسن إليك أحد من الناس فربما يؤذيك بمنه عليك في كل مناسبة، يقول: فعلت بك وأعطيتك وما أشبه ذلك.
ثم قال الله تبارك وتعالى: فما يكذبك بعد بالدين انتقل الله تعالى من الكلام على وجه الغيبة إلى الكلام على وجه المقابلة والخطاب قال: فما يكذبك بعد بالدين أي: أيُّ شيء يكذبك أيها الإنسان بعد هذا البيان بالدين أي بما أمر الله به من الدين، ولهذا كلما نظر الإنسان إلى نفسه وأصله وخلقته وأن الله اجتباه وأحسن خلقته وأحسن فطرته، فإنه يزداد إيمانًا بالله عز وجل وتصديقًا بكتابه وبما أخبرت به رسله، ثم قال: أليس الله بأحكم الحاكمين وهذا الاستفهام للتقرير يقرر الله عز وجل أنه أحكم الحاكمين، وأحكم هنا اسم تفضيل وهو مأخوذ من الحكمة ومن الحكم، فالحكم الأكبر الأعظم الذي لا يعارضه شيء هو حكم الله عز وجل، والحكمة العليا البالغة هي حكمة الله عز وجل، فهو سبحانه وتعالى أحكم الحاكمين قدرًا وشرعًا، وله الحكم وإليه يرجع الأمر كله.
نحن حرصنا على أن يكون التفسير في آخر أجزاء القرآن، لأنه تكثر قراءته في الصلوات والذي ينبغي لكل مؤمن أن يحرص على معرفة معاني كتاب الله عز وجل لأنه لا يستقيم العمل بالقرآن إلا بمعرفة معناه، بل إن الله تعالى وصف الذين لا يعلمون المعنى بأنهم أميون فقال: ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني يعني: إلا قراءة، وكثير من الناس اليوم إن لم أقل أكثرهم لا يعرفون من القرآن إلا اللفظ فقط، وحري بطلبة العلم أن يحرصوا في كل مناسبة إذا اجتمعوا بالعامة يأتوا بآية من كتاب الله يفسرونها لاسيما ما يكثر ترداده على العامة، مثل الفاتحة، الفاتحة لو تأتي لعامي بل لكثير من الناس تريد أن تسأله عن معناها لم يعرف شيئًا منها، نسأل الله تعالى أن يرزقنا وإياكم العلم بكتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم إنه على كل شيء قدير.
والآن إلى الأسئلة ونبدأ بالأيمن.
الفتاوى المشابهة
- تفسير سورة القدر كاملة . - ابن عثيمين
- هل يشرع الرد بقول بلى عند سماع آخر سورة التي... - ابن عثيمين
- تفسير سورة الضحى كاملة . - ابن عثيمين
- حكم قول (بلى) عند قراءة سورة التين في الصلاة - ابن باز
- زكاة التين - اللجنة الدائمة
- حكم قول المأمومين: بلى ونحن على ذلك من الشاهدين... - ابن باز
- إذا قرأ الإمام سورة التين قال بلى ونحن ع... - اللجنة الدائمة
- تفسير قوله تعالى: (والتين والزيتون) - ابن عثيمين
- تفسير سورة التين وقوله تعالى:" والتين والزيت... - ابن عثيمين
- تفسير سورة التين - ابن عثيمين
- تفسير سورة التين كاملة . - ابن عثيمين