السائل : فضيلة الشيخ جعلك الله سبحانه وتعالى ناصراً للسنة قامعاً للبدعة .

الشيخ : آمين .

السائل : ورد في مختصر الصواعق المرسلة للإمام ابن القيم رحمه الله حين أتى إلى قوله عز وجل: فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ ذكر أنه ورد لبعض السلف تفسير وذكر الشافعي منهم تفسير بأن المعنى في قوله: وَجْهُ اللَّهِ أي: قبلة الله، ثم نقض ذلك ترجيحاً من عدة وجوه، وقال من بينها: ما بالكم أخذتم هذه على قبلة الله، مع أنه في كل النصوص التي وردت فيها وجه الله هي إضافة الصفة إلى الموصوف، فرجح من عدة أوجه كما قلت قوله: أن تفسيرها نعني به إحاطة الله التامة والمطلقة، فكما تعلم الأشاعرة يؤولون قضية الدعاء ورفع الأيدي إلى السماء بقولهم: أن هذه قبلة الدعاء، فأنكر عليهم السلف ذلك وقالوا: إن هناك قبلة واحدة للصلاة وللدعاء، فهل للأشاعرة أن يقولوا: إن القول في قبلة الله في هذا التفسير أيضاً يحتم عدة قبل لله عز وجل، فأرجو من فضيلتكم إزالة مثل هذه الشبهة مأجورين وجزاكم الله خيراً؟

الشيخ : أولاً: أنا أرجو من الإخوان الحاضرين أن لا يوردوا مثل هذا السؤال المطول المعقد، وأكثر الإخوة الآن يمكن لا يفهمون هذا إطلاقاً ولا طرأ على بالهم إطلاقاً، فمثل هذا يكون بيني وبين السائل.
لكن الآية الكريمة فيها قولان للسلف: القول الأول: أن المعنى: فأينما تولوا فثم وجهت الله، أي: قبلته، بمعنى: أنك إذا أشكل عليك القبلة، ثم صليت وأنت في البر، صليت إلى جهة ظننتها القبلة ثم تبين إنها ليست القبلة فصلاتك صحيحة، لأن هذه الآية ذُكرت كمقدمة لقوله تعالى: سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ فهذه الآية كقوله في: وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ يعني: إن اتجهتم للكعبة فأنتم مولون وجه الله، وإن اتجهتم إلى بيت المقدس كما انتقدكم اليهود فأنتم مولون إلى وجه الله: لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ وهذا قول له قوته.
والقول الثاني: فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ أي: فالله تعالى قِبَل وجوهكم، ويؤيد هذا القول قول النبي صلى الله عليه وسلم في المصلي: إنه لا يتنخع قِبَل وجهه، قال: فإن الله قبل وجهه .
فالآية محتملة لهذا ولهذا، ومعناها صحيح على كلا القولين.
أما الأشاعرة وقولهم: إن هذا قبلة الدعاء، فيقال لهم: أنتم هل تدعون السماء ولا تدعون رب السماء؟ فإذا رفعتم أيديكم إلى السماء وقلتم: يا الله، فإنما تنادون من ؟ الله عز وجل، إذن فالله هناك، لستم تقولون: يا سماء، وكونهم يقولون: إن السماء قبلة الداعي، غلط، لأن قبلة الداعي هي الكعبة، فإن العبادة التي يُشرع فيها استقبال القبلة إنما يشرع إلى الكعبة.
نعم ، انتهى الوقت الآن ، نعم والأخ موسى الآن يشير إلى أن الوقت انتهى وإلى لقاء قادم إن شاء الله تعالى ، وإذا أحببتم أننا نقصر الكلام الذي يكون بين يدي الأسئلة من أجل أن يتوفر الوقت فهذا راجع إليكم. نعم يعني ... ربع ساعة عشر دقائق ثم تأتي الأسئلة لأني أرى الآن أن أكثركم لم يتمكن من الأسئلة ولا أدري أيضاً هل عنده سؤال أو لا ، لكن إذا رأيتم أن نقصر الكلام يكون هذا جيد إن شاء الله تعالى.
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.