تفسير الآية : (( فإن حآجوك فقل أسلمت وجهي لله ومن اتبعن ... )) .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
ثم قال تعالى: فإن حاجوك فقل أسلمت وجهي لله ومن اتبعن فإن حاجوك الخطاب للرسول صلى الله عليه وسلم وضمير الغائبة حاجوك الواو هل هي لليهود، أو للنصارى، أو للمشركين، أو للعامة ؟ ثلاثة أقوال: قيل: لليهود، وقيل: للنصارى لأن الآيات التي في أول سورة آل عمران كلها نزلت في النصارى، وقيل: للمشركين لأنه كانوا يحاجون الرسول عليه الصلاة والسلام، قالوا له: إنك يا محمد تزعم الذين يدعون أحدا غير الله يكون هو ومن يدعوه من نار إنكم وما تعبدون حصب جهنم إذا عيسى في النار لأنه يعبد من دون الله، هذا محاج فأنزل الله بعد الآية مباشرة: إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون لا يسمعون حسيسها وهم في ما اشتهت أنفسهم خالدون فالمهم أن الرسول عليه الصلاة والسلام يحاج يجادله المشركون ويجادله اليهود ويجادله النصارى ولكن يقول الله عزوجل إن حاجوك فقل لهم قولا تخلص به منهم قل أسلمت وجهي لله ومن اتبعن وإذا أسلم الإنسان وجهه لله قبل كل ما يخبر الله به وامتثل كل ما يأمر به، وانتهى عن كل ما نهى عنه، لأنه مسلم وجهه لله والمراد بالوجه هنا ليس الوجه الجارحة التي في الرأس ولكن مرادها قصد كما قال الشاعر:
رب العباد إليه الوجه والعمل
تقصد لوجهك أي الوجه الذي هو وجه القلب تسلمه لله، وربما نقول: إنه يشمل هذا وهذا، لأن الإنسان يسلم وجهه لله فتجد يضع وجهه الذي هو أشرف أعضاءه يضعه على التراب ذلا لله واستسلاما له أليس كذلك؟ لو أن أكبر ملوك الدنيا قال لك اسجد ولو على فراش لقلت لا سمعا ولا طاعة لا أسجد لك لكن الرب عزوجل يأمرك أن تسجد لك فتسجد على الأرض وعلى التراب ذا استسلام لله تعالى استسلام لوجه الله، طيب إذا قلت: أسلمت وجهي لله ومن اتبعن ما الذي يترتب على هذا؟ ولا تخلصوا منهم؟ الجواب: نعم، لأنه يترتب عليه تصديق خبر الله ويش بعد يا غانم؟ ويش يترتب عليه؟ والثاني: امتثال أمره واجتنابه نهيه، فأنا الآن هذه طريقتي ومن ذلك أمرت أن أبلغكم؟ فبلغت وليس على أكثر من ذلك ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء وبهذا نعرف وجه مطابقة الجواب لأيش؟ للشرط وإلا فإن الإنسان قد يتوقع جوابا غير هذا قد يتوقع أن يقال: فإن حاجوك فحاجهم، قد يتوقع هذا، لكن قال: إن حاجوك فقل أسلمت وجهي لله ومن اتعبن وآمنت به وانقدت لأوامره ومن ذلك أنني أبلغكم وقد فعلت فإن اهتديتم فلأنفسكم وإن ظللتم فعليكم . وقوله: لله ومن اتبعن من هذه معطوفة على أيش؟ على أسلمت وعلى ت، ت هذه هذا ضمير في أسلمت، اختصارا طيب على الضمير في أسلمت ولا يجوز أن يكون معطوفا على لفظ الجلالة أليس كذلك؟ لأن الرسول لا يسلم لمن اتبعه إنما يسلم وجهه لله ومثل ذلك قوله تعالى: يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين فإن بعض المعربين قالوا إن من معطوفة على لفظ الجلالة يعني: حسبك الله وحسبك من اتبعك من المؤمنين، وهذا غلط لأن النبي صلى الله عليه وسلم حسبه الله وحده وحسب من اتبعه من المؤمنين كأن الذين قالوا إن من اتبعك من المؤمنين معطوف على لفظ الجلالة استندوا على قوله تعالى: هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين ولكن بينهما فرق عظيم لأيش؟ لأن أيدك أي أسند التأييد إلى من؟ إلى الله، وجعل النصر والمؤمنين وسيلة فالمؤيد هو الله فبينها وبين قوله: حسبك الله ومن اتبعك فرق ظاهر، على كل حال أن قوله: ومن اتبعن معطوفة على التاء في أسلمت أي على الضمير . وقوله: وجهي لله فيها قراءتان: قراءة: سكون الياء، وقراءة: فتح الياء، وجهي لله الثاني: وجهي لله أما الهاء فهي مكسورة، ويشكل على هذا: كيف تكون معطوفة على ما هو في محل الرفع وهو التاء ثم تكون مكسورة ؟ إذا الضمة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم باشتغال المحل بحركة المناسبة لأن الياء لا يمكن أن تطابق غير الكسرة، لا يمكن أن تطابق يكسر الشيء الذي قبلها من أجلها، فلهذا نقول: اشتغال المحل بحركة مناسبة وهي الكسرة . وقوله: ومن اتبعن اتبعن على أيش؟ على ما جئت به من العقيدة والقول والعمل، وعلامة المتبع للرسول عليه الصلاة والسلام حقا هو الذي إذا قيل له: قال رسول الله صار كقول من قال له: قال الله،ن وإذا قيل له: فعل رسول الله لم يعدل بفعله فعل أحد من الناس هذه حقيقة المتبع، أما من قال شيئا أو فعل شيئا أو اعتقد شيئا ثم حاول أن يصرف كلام الرسول عليه الصلاة والسلام إليه فهذا حقيقة ليس بمتبع لأيش؟ لأنه لم يذعن لما جاء به الرسول إنما اتبع هواه ثم حاول أن يلوي أعناق النصوص إلى ما يوافق هواه وهذه مسألة خطيرة، ولهذا إذا قرأت في بعض الأحيان كتب العلماء في باب المناقشة تتعجب كيف يبنون الأدلة على عقائدهم على ما يعتقدون من الأحكام أو من العقائد القلبية فيحاولون أن يصرفوا هذه النصوص إلى ما يعتقدون وتستكبر هذا الأمر منهم وهم علماء أجلة وهذه المهنة لا يسلم منها إلا من عصمه الله نسأل الله أن يعصمني وإياكم منها ـ مهنة عظيمة أن تجعل الهدى تابعا لهوى والواجب أن تكون الهوى تابعا للهدى .
رب العباد إليه الوجه والعمل
تقصد لوجهك أي الوجه الذي هو وجه القلب تسلمه لله، وربما نقول: إنه يشمل هذا وهذا، لأن الإنسان يسلم وجهه لله فتجد يضع وجهه الذي هو أشرف أعضاءه يضعه على التراب ذلا لله واستسلاما له أليس كذلك؟ لو أن أكبر ملوك الدنيا قال لك اسجد ولو على فراش لقلت لا سمعا ولا طاعة لا أسجد لك لكن الرب عزوجل يأمرك أن تسجد لك فتسجد على الأرض وعلى التراب ذا استسلام لله تعالى استسلام لوجه الله، طيب إذا قلت: أسلمت وجهي لله ومن اتبعن ما الذي يترتب على هذا؟ ولا تخلصوا منهم؟ الجواب: نعم، لأنه يترتب عليه تصديق خبر الله ويش بعد يا غانم؟ ويش يترتب عليه؟ والثاني: امتثال أمره واجتنابه نهيه، فأنا الآن هذه طريقتي ومن ذلك أمرت أن أبلغكم؟ فبلغت وليس على أكثر من ذلك ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء وبهذا نعرف وجه مطابقة الجواب لأيش؟ للشرط وإلا فإن الإنسان قد يتوقع جوابا غير هذا قد يتوقع أن يقال: فإن حاجوك فحاجهم، قد يتوقع هذا، لكن قال: إن حاجوك فقل أسلمت وجهي لله ومن اتعبن وآمنت به وانقدت لأوامره ومن ذلك أنني أبلغكم وقد فعلت فإن اهتديتم فلأنفسكم وإن ظللتم فعليكم . وقوله: لله ومن اتبعن من هذه معطوفة على أيش؟ على أسلمت وعلى ت، ت هذه هذا ضمير في أسلمت، اختصارا طيب على الضمير في أسلمت ولا يجوز أن يكون معطوفا على لفظ الجلالة أليس كذلك؟ لأن الرسول لا يسلم لمن اتبعه إنما يسلم وجهه لله ومثل ذلك قوله تعالى: يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين فإن بعض المعربين قالوا إن من معطوفة على لفظ الجلالة يعني: حسبك الله وحسبك من اتبعك من المؤمنين، وهذا غلط لأن النبي صلى الله عليه وسلم حسبه الله وحده وحسب من اتبعه من المؤمنين كأن الذين قالوا إن من اتبعك من المؤمنين معطوف على لفظ الجلالة استندوا على قوله تعالى: هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين ولكن بينهما فرق عظيم لأيش؟ لأن أيدك أي أسند التأييد إلى من؟ إلى الله، وجعل النصر والمؤمنين وسيلة فالمؤيد هو الله فبينها وبين قوله: حسبك الله ومن اتبعك فرق ظاهر، على كل حال أن قوله: ومن اتبعن معطوفة على التاء في أسلمت أي على الضمير . وقوله: وجهي لله فيها قراءتان: قراءة: سكون الياء، وقراءة: فتح الياء، وجهي لله الثاني: وجهي لله أما الهاء فهي مكسورة، ويشكل على هذا: كيف تكون معطوفة على ما هو في محل الرفع وهو التاء ثم تكون مكسورة ؟ إذا الضمة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم باشتغال المحل بحركة المناسبة لأن الياء لا يمكن أن تطابق غير الكسرة، لا يمكن أن تطابق يكسر الشيء الذي قبلها من أجلها، فلهذا نقول: اشتغال المحل بحركة مناسبة وهي الكسرة . وقوله: ومن اتبعن اتبعن على أيش؟ على ما جئت به من العقيدة والقول والعمل، وعلامة المتبع للرسول عليه الصلاة والسلام حقا هو الذي إذا قيل له: قال رسول الله صار كقول من قال له: قال الله،ن وإذا قيل له: فعل رسول الله لم يعدل بفعله فعل أحد من الناس هذه حقيقة المتبع، أما من قال شيئا أو فعل شيئا أو اعتقد شيئا ثم حاول أن يصرف كلام الرسول عليه الصلاة والسلام إليه فهذا حقيقة ليس بمتبع لأيش؟ لأنه لم يذعن لما جاء به الرسول إنما اتبع هواه ثم حاول أن يلوي أعناق النصوص إلى ما يوافق هواه وهذه مسألة خطيرة، ولهذا إذا قرأت في بعض الأحيان كتب العلماء في باب المناقشة تتعجب كيف يبنون الأدلة على عقائدهم على ما يعتقدون من الأحكام أو من العقائد القلبية فيحاولون أن يصرفوا هذه النصوص إلى ما يعتقدون وتستكبر هذا الأمر منهم وهم علماء أجلة وهذه المهنة لا يسلم منها إلا من عصمه الله نسأل الله أن يعصمني وإياكم منها ـ مهنة عظيمة أن تجعل الهدى تابعا لهوى والواجب أن تكون الهوى تابعا للهدى .
الفتاوى المشابهة
- قوله تعالى :(( أسلمت وجهي لله )) هل المراد ا... - ابن عثيمين
- معنى قوله تعالى :" ذلك بأن الذين كفروا اتبعو... - ابن عثيمين
- الكلام على صفة الوجه لله. - ابن عثيمين
- دعوى أن المسلم من أسلم وجهه لله ولو يهوديا - اللجنة الدائمة
- شرح قول المصنف : وقوله :(إن يتبعون إلا الظن). - ابن عثيمين
- تفسير قوله تعالى: (فقالوا أبشرا منا واحدا نت... - ابن عثيمين
- شرح قول المصنف : باب لا يسأل بوجه الله إلا ا... - ابن عثيمين
- معنى قول عليك وجه الله - اللجنة الدائمة
- مناقشة حول الآية : (( فإن حآجوك فقل أسلمت وج... - ابن عثيمين
- فوائد الآية : (( فإن حآجوك فقل أسلمت وجهي لل... - ابن عثيمين
- تفسير الآية : (( فإن حآجوك فقل أسلمت وجهي لل... - ابن عثيمين