تم نسخ النصتم نسخ العنوان
تفسير سورة (ق) الآيات (23- 29) وآيات اخرى مخ... - ابن عثيمينالشيخ : يقول الله تعالى:  وقال قرينه هذا ما لدي عتيد  قرين الإنسان هو الملَك الموكل به ليحفظ عنه أعماله، لأن الله تعالى وكّل بأعمال بني آدم عناية بهم وك...
العالم
طريقة البحث
تفسير سورة (ق) الآيات (23- 29) وآيات اخرى مختارة وما يستفاد منها .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
الشيخ : يقول الله تعالى: وقال قرينه هذا ما لدي عتيد قرين الإنسان هو الملَك الموكل به ليحفظ عنه أعماله، لأن الله تعالى وكّل بأعمال بني آدم عناية بهم وكل بهم ملائكة عن اليمين وعن الشمال قعيد وهذا من عناية الله بك أيها الإنسان أن وكّل بك هؤلاء الملائكة يعلمون ما تفعل ويكتبونه لا يزيدون فيه ولا ينقصون منه يقول: هذا ما لدي عتيد أي حاضر ويحضر للإنسان فيقال: ألقيا في جهنم كل كفار عنيد قوله: ألقيا في جهنم قد يشكل على طالب العلم، لأنه قال: وقال قرينه هذا ما لدي عتيد قرين مفرد أو مثنى ؟ قرين نعم مفرد وهنا ألقيا فيها ألف، ألف التثنية فكيف صح أن يخاطب الواحد بخطاب الاثنين اختلف المفسرون في الجواب عن هذا فقال بعضهم ألقيا ثنيت الجملة أو اتصل بها ضمير التثنية بناء على تكرار الفعل فيكون قوله: ألقيا مثل قوله: ألق ألق فالتكرار إذن للفعل لا للفاعل هذا قول
القول الثاني: أن قوله: وقال قرينه هذا ما لدي عتيد إما أن يكون مفردا مضافا والمعروف أن المفرد المضاف يكون للعموم فيشمل كل ما ثبت من قرين وعلى هذا فيكون قال قرينه أي الملكان الموكلان به فإذا قال قائل: أروني دليلا أو شاهدا على أن المفرد يكون لأكثر من واحد قلنا: مرحبا يقول الله عز وجل: وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها وهل نعمة الله واحدة؟ أجيبوا يا إخوان لا، لأن الله قال: وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة لكن نعمة الله مفرد مضاف فيكون شاملا لكل نعمة ويمكن أن يقول قائل إن قوله: وقال قرينه هو واحد من الملكين ولا شك أنه يجوز أن يتكلم واحد من الاثنين باسم الاثنين، وعلى كل حال فيكون قوله على هذا التقدير الثالث والثاني يكون قوله: ألقيا في جهنم على بابه أي أن الضمير هنا ضمير تثنية الفاعل كل كفار عنيد مناع للخير معتدٍ إيش؟ مريب الذي جعل مع الله إلها آخر خمسة أوصاف كل كفار وكفّار هذه صيغة مبالغة فإما أن يقال إنه كان صيغة مبالغة لأن هذا الكافر قد فعل أنواعا من الكفر فإذا جمعت الأنواع صارت كثيرة وقد يقال إن هذه الصيغة ليست صيغة مبالغة وإنما هي صيغة نسبة كما يقال نجار وحداد وما أشبه ذلك ممن ينسب إلى هذه الحرفة فيكون معنى كفّار أي كافر لكنه قد تمكّن الكفر في قلبه والعياذ بالله، عنيد أي: معاند للحق لا يقبل مهما عُرض له الحق بصورة شيقة بيّنة واضحة لا يقبل الوصف الثالث منّاع للخير يمنع الخير فيمنع الدعوة إلى الله ويمنع بذل أمواله فيما يرضي الله ويمنع كل خير، لأن قوله للخير لفظ عام يشمل كل خير وقوله: منّاع كأنه يلتمس كل خير فيمنعه فتكون هذه الصيغة صيغة مبالغة معتد أي يعتدي على غيره يعني ليته يمنع غيره من الخير بل يعتدي عليه انظروا مثلا إلى كفار قريش ماذا صنعوا مع الرسول منعوه من الخير أو لا؟ منعوه اعتدوا عليه؟ نعم اعتدوا عليه مريب أو واقع في الريبة والشك والقلق وكذلك أيضا يشكك غيره فيدخل في قلبه الريبة فكلمة مريب تقتضي وصف الإنسان بها وحمل هذا الوصف إلى غيره
الوصف الخامس: الذي جعل مع الله إلها آخر كفار عنيد مناع للخير معتد مريب الذي جعل مع الله إلهاً آخر نعم إذن الوصف السادس فتكون ستة أوصاف الذي جعل مع الله إلها آخر وما أوسع هذه الكلمة وإذا كانت هذه الكلمة وصفاً للكفار العنيد فالمعنى أنه يعبد مع الله غيره وكلنا يعلم أن المشركين كانوا يعبدون مع الله غيره فيعبدون اللات ويعبدون العزى ويعبدون منات ويعبدون هُبل ،كل قوم لهم طاغية يعبدونها، يعبدونها كما يعبدون الله يركعون لها ويسجدون لها ويحبونها كما يحبون الله ويخافون منها كما يخافون من الله نسأل الله العافية هذا إذا جعلنا الذي جعل مع الله إلها آخر وصفا لهذا الكافر العنيد أما إذا جعلناها أشمل من ذلك فإنها تعم كل إنسان تعبد لغير الله وتذلل لغير الله حتى التاجر الذي ليس له هم إلا تجارته وتنميتها فإنه عابد لها - أنتم معي؟ - حتى صاحب الإبل الذي ليس له همّ إلا إبله هو عابد لها الدليل الدليل على هذا: أن من انشغل بشيء عن طاعة الله فهو عابد له، الدليل قول النبي صلى الله عليه وسلم: تعس عبد الدينار تعس عبد الدرهم تعس عبد الخميصة تعس عبد الخميلة عبد الدينار هذا تاجر الذهب عبد الدرهم تاجر إيش؟ الفضة تعس عبد الخميصة تاجر الثياب لأن الخميصة هي الثوب الجميل المنقوش تعس عبد الخميلة تاجر الفرش أو ليس بتاجر يعني لا يتجر بهذه الأشياء ولكنه مشغول بها عن طاعة الله أن أعطي رضي وإن لم يعط سخط، فسمى النبي صلى الله عليه وسلم من اشتغل بهذه الأشياء الأربعة عن طاعة الله سماه عبدا لها
أيضا في القرآن الكريم ما يدل على أن العبادة أوسع من هذا أيضاً قال الله تعالى: أفرأيت من اتخذ إلهه هواه فدل ذلك على أن كل من قدم هوى نفسه على هدى ربه فهو إيش قد اتخذه إلها ولهذا يمكننا أن نقول إن جميع المعاصي داخلة في الشرك بهذا المعنى ما هو المعنى؟ أنه قدمها إيش؟ على مرضاة الله تعالى وطاعته فجعل هذا شريكا لله عز وجل في تعبده له واتباعه إياه فالشرك أمره عظيم وخطره جسيم حتى الرجل إذا تصدق بدرهم وهو يلاحظ لعل الناس يرونه ليمدحوه ويقولون إنه رجل كريم يعتبر إيش؟ مشرك مرائي والرياء شرك أخوف ما خاف النبي عليه الصلاة والسلام على أمته أخوف ما خاف عليهم الشرك الخفي وهو الرياء فعلى هذا نقول الذي جعل مع الله إلها آخر إن أردت أنها وصفاً خاصاً بالكفار العنيد فإنها تختص بمن يعبد الصنم والوثن وإن أردت بالعموم فهي تشمل كل من اشتغل بغير الله عن طاعة الله وعرفتم الأمثلة والأدلة على ما ذكرنا
قال الله تعالى: فألقياه في العذاب الشديد ألقياه بالعذاب الشديد وهو عذاب النار نسأل الله أن يعيذنا وإياكم منها بمنه وكرمه، بعده قال قرينه ربنا ما أطغيته ولكن كان في ضلال بعيد هو يدّعي أن قرينه هو الذي أطغاه وهو الذي صده عن سبيل الله فيقول قرينه ربنا ما أطغيتُه ما أمرته أن يكفر ولا أن يكون عنيدا ولا أن يكون معتدياً ولا أن يكون مريباً ولا أن يكون مشركا مع الله أحدا ما فعلت هذا ولكن كان في ضلال بعيد كان أي هذا الكافر في ضلال بعيد عن الحق حينئذٍ لدينا خصمان الكافر العنيد والقرين الكافر العنيد يدعي أن القرين هو الذي أغواه وأطغاه والقرين ينكر ذلك فيقول الله عز وجل لا تختصموا لدي الخصومة منقطعة، لأن الحجة قائمة ولا عذر لأحد وقد قدمت إليكم بالوعيد أي أوعدتكم على المخالفة فلا حجة لكم
ما يبدل القول لدي وما أنا بظلام للعبيد يعني لا أحد يستطيع أن يبدل قولي لأن الحكم لله عز وجل وحده فإذا كان الله تعالى قد وعد أو أوعد فهو صادق الوعد سبحانه وتعالى وأما الإيعاد فقد يغفر ما شاء من الذنوب إلا الشرك وما أنا بظلام للعبيد يعني لست أظلم أحدا وكلمة ظلام لا تظن أنها صيغة مبالغة وأن المعنى أني لست كثير الظلم بل هي من باب النسبة أي لست بذي ظلم والدليل على أن هذا هو المعنى وأنه يتعين أن يكون هذا المعنى قوله تبارك وتعالى: إن الله لا يظلم إيش؟ مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويقول عز وجل: ومن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا يخاف ظلماً ولا هضماً ويقول عز وجل ولا يظلم ربك أحدا والآيات في هذا كثيرة أن الله لا يظلم بل إننا إذا تأملنا وجدنا أن فضل الله وإحسانه أكثر من عدله جزاء سيئة إيش؟ سيئة مثلها جزاء حسنة عشرة أمثالها لو أردنا نأخذ بالعدل لكان السيئة بالسيئة والحسنة بالحسنة لكن فضل الله زائد على عدله عز وجل فهو سبحانه وتعالى يجزي بالفضل والإحسان لمن كان محسناً وبالعدل بدون زيادة لمن كان مسيئا ما يبدل القول لدي وما أنا بظلام للعبيد ويأتي إن شاء الله بقية الكلام على هذه السورة نسأل الله تعالى أن ينفعني وإياكم بما علمنا وأن يجعل علمنا دالا لنا على مرضاته إنه على كل شيء قدير والآن نبدأ بالأسئلة من اليمين تفضل

Webiste