فوائد الأحاديث .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
الشيخ : هذا مع أنه لو شاء لسارت معه الجبال ذهبا صلى الله عليه وسلم ما شبع ثلاث ليال تباعا من خبز البر وفي لفظ آخر من خبز الشعير وإذا رأى الإنسان حالنا اليوم وجد أن الإنسان يقدم له على الغداء عدة أصناف وعلى العشاء كذلك ولا كنا نحدث أنفسنا بأن هذا من فضل الله علينا وأنه لو شاء لسلبنا إياه كما قال الله عز وجل : أفرأيتم ما تحرثون أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون لو نشاء لجعلناه حطاما وقال في الماء : أفرأيتم الماء الذي تشربون أأنتم أنزلتموه من المزن أم نحن المنزلون لو نشاء جعلناه أجاجا وقال في النار : أفرأيتم النار التي تورون أأنشأتم شجرتها أم نحن المنشؤون ولو شاء الله تعالى لسبها حرارتها ولكانت بردا لا تفيد في الطعام ، نحن في الحقيقة غافلون عن هذه الحقائق كأن هذا أمر عادي يمر بنا أو كأنه مفروض لنا ومحتم لنا على الله عز وجل ولو أننا نظرنا قليلا أيضا في أمكنة قريبة منا وجدنا أنهم يموتون من الجوع تعلن الأخبار كل ليلة أو كل أسبوع عن مجاعات عظيمة يموت بها الأطفال بالمئات والعجائز والكبار يعجز الشاب أن يذهب من بلدته التي فيها الجوع إلى بلدة أخرى يموت في أثناء الطريق ونحن الآن في هذه النعم الوفيرة وليتنا نشعر بأنها نعم من الله عز وجل وفضل منه وإحسان فنحمده إذا انتهينا من الأكل أو الشرب كثير منا في غفلة عن هذا مع أن هذه البلاد يحدثنا أهلنا الذين هم أكبر منا أنه أتاها مجاعات عظيمة كانوا يموتون في الأسواق يموتون من الجوع في الأسواق ، وكان ذوي الإحسان الأغنياء من هذا البلد يخرجون بتمرات معهم معجونة وماء فإذا وجدوا أحدا على آخر رمق صبوا عليه على فمه لعله يبقى ما يموت أحيانا يموت ما يستطيعون ويصلى في المساجد على جنائز متعددة كل هذا من الجوع فالذي أصابنا بالأمس يمكن أن يأتينا اليوم إذا بطرنا هذه النعمة ولم نشكرها وحدثني شخص الآن موجود أنه كان إذا أتى أبوه بالنوى اجتمع عليه هو وإخوته لعلهم يجدون نواة فيها سِلْب يأخذونها يمصونها وهذا الذي حدثني موجود الآن أكبر مني قليلا وكذلك أيضا حدثني شخص كبير السن موجود الآن أيضا يقول بتنا أقمنا ثلاثة أيام أنا ووالدتي لا نأكل ولا نشرب يمكن الشرب يشربون عندهم آبار في البيوت أو قريب منهم يقول فلما كانت ذات ليلة عجزنا ننام من الجوع فقالت له اذهب إلى الحيالة مبيعة العلف ومبيعة اللحم لعلك تجد فيها ولو علف نطبخه ونأكله وإلا عظم وإلا شيء يقول فذهبت ووجدت أربع خفاف تعرفون خفاف الإبل؟ خف الإبل كانوا يلحونه بالأول ويرمونه وأخذت من العلف من ورق القت وشبهه وأتيت به بعد صلاة العشاء يقول فجعلنا نطبخ هذا الذي أتينا به من العلف وشوينا الخفاف ودقيناه وصرنا نذرها على هذا العلف فلما نضج أكلناه ، هذا شيء يحكيه علي وهو إنسان ثقة فإذا كان الأمر هكذا فالواجب أن الإنسان يعتبر ويتعظ وهذا الرسول صلى الله عليه وسلم الذي لو شاء أن تسير الجبال معه ذهبا لسارت مع ذلك تمر عليه الثلاث ليال ما يشبع منها تباعا من خبز الشعير أو من خبز البر أقول هذا تذكيرا لنفسي ولكم بهذه النعم التي نرتع فيها الآن نعم كثيرة عظيمة وافرة وأمن أمن عظيم شوف القماش الآن في المظلة قماش يسير يمكن إنسان يشيل منه ما شاء كذلك الأطعمة في السوق ليس عليها حارس أبواب الدكاكين الآن من الزجاج وهذا الشبك الخفيف ومع ذلك الأمن ولله الحمد متوفر لكن ألا يمكن أن يبدل الله هذا الأمن خوفا وهذا الرغد جوعا وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف أعوذ بالله لباس اللباس لا يفارق واللباس شعار يماس البدن لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون ما ظلمهم الله ولكن كانوا أنفسهم يظلمون وقال تعالى في سور الرعد : تصيبهم بما صنعوا قارعة أو تحل قريبا من دارهم حتى يأتي وعد الله فالقوارع التي تحل قريبا منا إنذار لأنه قال : تحل قريبا من دارهم حتى يأتي وعد الله الذي هو أذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون لهذا أذكر نفسي وإياكم بهذه النعم العظيمة وأسأل الله أن يعيننا جميعا على ذكره وشكره وحسن عبادته الإنسان بالحقيقة إذا وكل إلى نفسه وكل إلى ضعف وعجز وعورة لكن عليه أن يستعين الله عز وجل على شكر هذه النعم وأن يتذكر إذا وضعت هذه الموائد بين يديه فيها من كل صنف يتذكر حال النبي صلى الله عليه وسلم وما هو عليه من الجوع وقلة ذات اليد ومع هذا فهو صابر صلوات الله وسلامه عليه ما سأل الله يوما من الدهر أن ينوع له أصناف المآكل والمشارب أبدا لكنه يدعو الله عز وجل أن يجعل رزقه كفافا لا يحتاج إلى أحد ولكنه لا يكون سببا للبطر حتى إنه عليه الصلاة والسلام ذات يوم جاءه ضيف فأرسل إلى أهله مر الرسول على الأبيات التسعة تسعة أبيات من أبيات الرسول عليه الصلاة والسلام ما وجد عندهم إلا الماء تسعة أبيات ما فيها إلا الماء للرسول عليه الصلاة والسلام وهذا يوجب للإنسان أن يزهد في الدنيا وألا يجعلها إلا مطية للآخرة بحيث لا تكون هي أكبر همه ومبلغ علمه وهي التي لا يفكر إلا بها فإن هذا والله دناءة ودنو وانحطاط لأن الدنيا كما هي دنيا لكن الآخرة هي الحيوان هي الحياة يقول يا ليتني قدمت لحياتي نسأل الله تعالى أن يجعلنا الله وإياكم ممن أتاه الله في الدنيا وفي الآخرة حسنة ووقاه عذاب النار.