تم نسخ النصتم نسخ العنوان
تفسير سورة الطور الآيات (17- 19) وآيات اخرى... - ابن عثيمينالشيخ : انتهينا فيما سبق إلى قول الله تبارك وتعالى:  إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ  هذه الجملة خبرية مؤكدة بإنوأشرح لكم التوكيد: إذا قلت مث...
العالم
طريقة البحث
تفسير سورة الطور الآيات (17- 19) وآيات اخرى مختارة وما يستفاد منها .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
الشيخ : انتهينا فيما سبق إلى قول الله تبارك وتعالى: إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ هذه الجملة خبرية مؤكدة بإن
وأشرح لكم التوكيد: إذا قلت مثلاً: العلم نافع، هذه جملة خبرية خالية من التوكيد، فإذا قلت: إن العلم نافع، فهذه جملة خبرية مؤكدة بمؤكد واحد وهو إن فإذا قلت: إن العلم لنافع، فهذه جملة خبرية مؤكدة بمؤكدين: إن، واللام، فإذا قلت: والله إن العلم لنافع، فهذه جملة خبرية مؤكدة بثلاثة مؤكدات وهي: القسَم، وإنّ، واللام، والتوكيد أسلوب من أساليب اللغة العربية مستعمل عند العرب، وهذا القرآن نزل بلغة العرب، وإلا ففي الواقع أن خبر الله عز وجل لا يحتاج إلى توكيد، لأنه أصدق القول، فالرب عز وجل إذا أخبر بخبر فإنه لا يحتاج إلى أن يؤكد، لأن خبر الله صدق، لكن لما كان القرآن العظيم نزل بلسانٍ عربي صار جارياً على ما كان يعرفه العرب في لغتهم.
هنا أكد الله عز وجل هذه الجملة: إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ بماذا؟ بإن يعني: بمؤكد واحد.
إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ من هم المتقون؟ المتقون: هم الذين قاموا بطاعة الله امتثالاً لأمره واجتناباً لنهيه، هذه هي التقوى.
إذن التقوى: طاعة الله بامتثال أمره واجتناب نهيه، فالذي يصلي امتثالاً لأمر الله نقول: هو متقٍ بصلاته، والذي يدع الزنا نقول: هو متقٍ بترك الزنا.
وإنما سمي ذلك تقوى، لأنه وقاية من عذاب الله، فإن الإنسان إذا قام بطاعة الله فقد اتخذ وقاية من عذاب الله عز وجل، هؤلاء المتقون يقول الله عز وجل: فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ وجنات جمع جنة وهي: الدار التي أعدها الله تعالى للمتقين في الآخرة، بدليل قول الله تبارك وتعالى: وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ نحن قلنا: التي أعدها الله تعالى لعباده في الدار الآخرة فهل يمكن أن تكون في الدنيا؟ نقول: أما بالنسبة لدخول الجنة التي هي الجنة فهذا لا يمكن في الدنيا، أما بالنسبة لكون الإنسان يأتيه من نعيم الجنة ما يأتيه، فهذا يمكن، وذلك في القبر إذا سئل الإنسان: عن ربه ودينه ونبيه، فأجاب بالصواب فإنه يفرش له فراش من الجنة، ويفتح له باب إلى الجنة، ويفسح له في قبره مد البصر.
إذن جنات جمع إيش؟
الطالب : جنة

الشيخ : وهي الدار التي أعدها الله للمتقين في الآخرة، وجمعها، لأنها أنواع ذكر الله في سورة الرحمن أربعة أنواع تذكرها؟ الأخ في سورة الرحمان ذكر الله أربعة أنواع
الطالب : ...

الشيخ : وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ ثم قال: وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَان إذن هذه أربع، وتختلف هذه الجنان الأربع بما جاء في وصفها في سورة الرحمن، يقول عز وجل: فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ نعيم أي: نعيم البدن ونعيم القلب، فهم في سرور دائم، وهم في صحة دائمة، وهم في حياة دائمة، فجميع أنواع النعيم كاملة لهم، نسأل الله أن يجعلنا وإياكم منهم.
فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ * فَاكِهِينَ بِمَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ فاكهين الفاكه: هو المسرور، كما في قوله تعالى: وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ أي: مسرورين.
بما آتاهم ربهم أي: بما أعطاهم ربهم من النعيم.
وَوَقَاهُمْ رَبُّهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ فحصلوا على السلامة من الشرور بوقاية الجحيم، وعلى تمام السرور في جنات النعيم.
قال تعالى: كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ كلوا نعربها على أنه إيش؟
الطالب : فعل أمر

الشيخ : فعل أمر، وهل هذا الأمر أمر تكليف أو تكريم؟ تكريم فالأمر هنا للتكريم، أي: يقال لهم: كلوا واشربوا، كلوا من كل ما في الجنة من النعيم، وفيها مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ وفيها فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ وفيها من كل النعيم.
واشربوا مما فيها من الأنهار، وأنهار الجنة ذكرها الله تعالى أربعة في سورة القتال، من يقرأها علينا ؟ فيها أنهار ارفع صوتك
الطالب : مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ

الشيخ : هذا واحد

السائل : وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفّىً

الشيخ : أحسنت، هذه أربعة: أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ معنى: غير آسن أي: غير متغير، المياه في الدنيا إذا لم يأتها ما يمدها وبقيت راكدة لا بد أن تتغير فتكون آسنةً، ماء الجنة لا يتغير غير آسن .
وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ اللبن في الدنيا إذا أبقى يتغير ويفسد، لكن في الآخرة لا.
وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ خمر الدنيا فيه رائحة كريهة، ثم فيه أنه يقلب العاقل إلى إيش؟ إلى مجنون، فيه أيضاً الصداع، فيه خراب المعدة، لكن في الجنة لا، أَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وقد قال الله تعالى في سورة الصافات: لا فِيهَا غَوْلٌ وَلا هُمْ عَنْهَا يُنْزَفُونَ
كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بما كنتم تعملون الهنيء: هو الذي لا يكون له عاقبة سيئة، ولا تبعة من تجاوز أو إسراف.
بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ أي: بسبب ما كنتم تعملون، فالباء هنا للسببية وليست الباء للعوض أقول هذا، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: لن يدخل الجنة أحد بعمله وهنا قال: كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ فجعل الله تعالى ذلك بسبب العمل، فقال بعض العلماء: كيف يقول الرسول الله صلى الله عليه وسلم: لن يدخل الجنة أحد بعمله مع أن الله يقول: بما كنتم تعملون ؟! والجواب على هذا الإشكال أن يقال: الباء تأتي للسببية وتأتي للبدلية، فإذا قيل: دخل الرجل الجنة بعمله، فالمعنى: السببية، وإذا قيل: لن يدخل الجنة أحد بعمله فالمعنى: البدلية
أضرب لك مثلاً يبين هذا: بعتك الثوب بدرهم، الباء للبدلية، لأن الدرهم صار عوضاً عن الثوب هذه للبدلية، وإذا قلت: أدبت الولد بعبثه، هذه للسببية، إذن كلنا لن يدخل الجنة بعمله، لأن الله سبحانه وتعالى لو حاسبنا على عملنا ما قابل عملنا نعمة من نعم الله، نعمة واحدة، النفس الآن الذي هو من ضرورة الحياة، يخرج منك ويدخل بدون تعب ومشقة، وكم يتنفس الإنسان في الدقيقة؟ نعم كثيراً، لو أننا حوسبنا على أعمالنا بالمعاوضة والمبادلة لكانت نعمة واحدة تستوعب جميع العمل، أليس كذلك؟ ونحن الآن لا نحس بنعمة النفس، لكن لو أصيب أحد منا بكتم النفس لوجد أن النفس من أكبر نعم الله، لذلك نقول: إن الباء في قوله: بما كنتم تعملون لإيش يا إخوان ؟ لسببية وليست للبدلية.
وفي قوله: بما كنتم تعملون شمول لكل العمل الجوارح والقلب واللسان، الجوارح كالأفعال كالركوع والسجود، والأقوال: كالأذكار، والقلوب: كالخوف والرجاء والتوكل وما أشبه ذلك، فكل هذه تسمى أعمالاً.
ثم قال الله تعالى : متكئين على سرر مصفوفة ونرجئ القول عليها إن شاء الله إلى الحلقة القادمة أو إلى اللقاء القادم إلا أننا نطلب منكم العذر في اللقاء الأسبوع القادم تسمحوا لنا ونسمح لكم نعم إن شاء الله تعالى فنبدأ بالأسئلة .
الآن للضيوف .

Webiste