تم نسخ النصتم نسخ العنوان
تتمة الكلام حول صفة الحج والعمرة وأنواع المن... - ابن عثيمينالشيخ : الحمد الله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد:فهذا هو اللقاء التاسع والتسعون بعد ...
العالم
طريقة البحث
تتمة الكلام حول صفة الحج والعمرة وأنواع المناسك.
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
الشيخ : الحمد الله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
فهذا هو اللقاء التاسع والتسعون بعد المائة من اللقاءات التي تسمى لقاء الباب المفتوح التي تتم كل يوم خميس، وهذا الخميس هو السادس عشر من شهر ذي القعدة عام تسعة عشر وأربعمائة وألف.
نبتدئ هذا اللقاء بالكلام عن صفة الحج والعمرة، لأن اللقاء السابق كان الكلام عن شروط وجوب الحج.
أما هذا اللقاء فسنخصصه عن صفة الحج والعمرة: إذا وصل الإنسان إلى الميقات فإنه مخير بين ثلاثة أنساك : التمتع، والقران، والإفراد.
التمتع : هو أن يحرم بالعمرة في أشهر الحج ويفرغ منها، فإذا كان اليوم الثامن أحرم بالحج، وسبق الكلام على العمرة.
القران : أن يحرم بالحج والعمرة جميعًا، فمن حين أن يحرم من الميقات يقول : لبيك عمرة وحجًّا.
والإفراد : أن يحرم بالحج وحده فيقول عند الميقات : لبيك حجًّا.
والقارن والمفرد سواء في الأفعال كلاهما يحرم من الميقات ولا يحل إلا يوم العيد، لكن يختلف كل واحد عن الآخر بأن القارن يحصل له حج وعمرة والمفرد ليس له إلا حج، والقارن عليه هدي والمفرد ليس عليه هدي.
نتكلم الآن عن الحج: إذا كان يوم الثامن أحرم الإنسان بالحج من مكانه الذي هو فيه، إن كان في مكة فمن مكة، إن كان في منى فمن منى، إن كان في أي مكان يحرم من مكانه، ويغتسل ويتطيب ويلبس ثياب الإحرام كما فعل في العمرة، لكنه يقول : لبيك حجًّا، فإذا أحرم من مكانه الذي هو فيه خرج إلى منى فنزل فيها من ضحى اليوم الثامن، وصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر قصرًا بلا جمع، فإذا طلعت الشمس في اليوم التاسع من ذي الحجة ارتحل إلى عرفة فينزل بمكان يقال له : نمرة إن تيسر له هذا إلى أن تزول الشمس، فإن لم يتيسر فليستمر في سيره إلى عرفة فينزل في مكانه، فإذا زالت الشمس صلى الظهر والعصر جمعًا وقصرًا بأذان واحد وإقامتين، وينبغي أن يصلي مع الإمام في مسجد نمرة إن تيسر، فإن لم يتيسر فليستمع إلى الخطبة، والاستماع إلى الخطبة في وقتنا الحاضر سهل والحمد لله ما عليه إلا أن يفتح الراديو ويستمع إلى الخطبة كأنما هو تحت المنبر، فإذا فرغ الإمام من الخطبة وهو في خيمته أذن لصلاة الظهر ثم صلى الظهر ركعتين ثم العصر ركعتين، وبعد هذا يتفرغ للدعاء والذكر وقراءة القرآن، ومن المعلوم أن الإنسان يحتاج إلى أكل فليأكل ولينو بأكله هذا التقوي على الذكر والطاعة فيكون هذا الأكل قربة إلى الله عز وجل، ثم ربما يحتاج إلى النوم أيضًا لأن النفوس الآن ضعيفة والهمة ضعيفة، ربما لا يتمكن أن يبقى يدعو إلى غروب الشمس فلينم أيضًا فلينم ولا حرج، ولينو بنومه نفض التعب السابق وتجديد القوة للاحق، فيستعين بهذا النوم على إيش ؟ على الذكر والدعاء، ثم في آخر النهار لا يشغله إلا بالدعاء والذكر ربما يمل الإنسان أيضًا من الذكر أو الدعاء، فليتخذ طريقة تيسر عليه الأمر ليأخذ المصحف ويقرأ، فإذا مر بآية رحمة سأل، وإذا مر بآية وعيد تعوذ، وإذا مر بآية تسبيح سبح، والقرآن كله إما وعيد أو وعد أو تسبيح أو أحكام فهذا مما يعينه على الذكر والدعاء في هذا الوقت، فليفعل هذا لا على أساس أنه يتقرب إلى الله تعالى بالقرآن في هذا الوقت لا، على أساس أنه قل : يستعين به على الذكر والدعاء حتى تغرب الشمس، وليجتهد في الدعاء والإلحاح على الله عز وجل في هذا اليوم، فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وقف رافعًا يديه متجهًا إلى القبلة حتى غابت الشمس، فإذا غابت الشمس دفع إلى مزدلفة ملبيًا، فإذا وصلها نزل فيها وصلى المغرب والعشاء جمعًا وقصرًا في أي الصلاتين القصر ؟ في صلاتين العشاء، المغرب لا تقصر يا أخي، العشاء فيصليها جمعًا ويبيت هناك، ولا يحيي هذه الليلة بصلاة ولا قرآن ولا ذكر بل السنة أن ينام، ليعطي نفسه راحتها لأنه تعب فيما سبق وسيتعب فيما يلحق فيعطي نفسه الراحة، فإذا طلع الفجر صلى الفجر مبكرًا في هذه الليلة يصلي الوتر يصلي الوتر مع العشاء، أو إذا قدر له أن من عادته أن يقوم في آخر الليل أخره إلى آخر الليل، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان لا يدع الوتر حضرًا ولا سفرًا، وإن كان الوتر لم يذكر في حديث جابر رضي الله عنه لكن عدم الذكر لا يدل على عدم الوقوع، ما دام عندنا قاعدة من هدي الرسول عليه الصلاة والسلام أنه لا يدع الوتر حضرًا ولا سفرًا يدخل في هذه الليلة، فإذا طلع الفجر أذن وصلى سنة الفجر ثم صلاة الفجر، ثم يبقى في مكانه يدعو الله تبارك وتعالى إلى أن يسفر جدًّا حتى يتبين الإسفار بيانًا واضحًا، إن تيسر أن يقوم عند المشعر فهذا المطلوب وإلا ففي مكانه ثم يدفع من مزدلفة متجهًا إلى منى، ولا يقف إلا عند جمرة العقبة، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لما دفع من مزدلفة لم يحط رحله حتى رمى جمرة العقبة، فيبدأ أول شيء برمي جمرة العقبة.
قال أهل العلم: ورمي جمرة العقبة بالنسبة لمنى كصلاة الركعتين بالنسبة لداخل المسجد، ولهذا يسمونها تحية منى، يرمي بها سبع حصيات يكبر مع كل حصاة كلما رمى قال : الله أكبر، وإن شاء كبر مع الرمي وإن شاء كبر قبل الرمي ثم رمى، الأمر في هذا واسع المهم أنه يكبر مع كل حصاة، ومن أين يأخذ الحصى ؟ يأخذها من أي مكان كان، ولا يسن أن يقصد أخذها من مزدلفة، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يأخذها من مزدلفة ولا أمر بأخذها من مزدلفة، يأخذها من حيث شاء إما من طريقه وهو ماشي إلى الجمرة أو من عند الجمرة، وقد ذكر ابن حزم رحمه الله في منسكه "أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أمر ابن عباس أن يلقط له الحصى وهو واقف عند جمرة العقبة" وأما استحباب أخذ الحصى من مزدلفة فليس عليه دليل، إلا أن بعض السلف قال : ينبغي أن يأخذ من مزدلفة من أجل ألا يحبسه حابس عن بدء الرمي من حين يصل إلى منى، لأنه قد لا يتهيأ للإنسان أن يحصل على الحصى من حين أن يصل إلى منى، ولكنه ليس بسنة فيرمي جمرة العقبة بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة ثم ينصرف فيذبح الهدي، ثم يحلق رأسه ويلبس الثياب ويتطيب ويحل له كل شيء من محظورات الإحرام إلا النساء، ثم ينزل إلى مكة فيطوف طواف الإفاضة ويسعى سعي الحج، والطواف هذا يسمى طواف الإفاضة وهو طواف الحج ركن في الحج، وإذا طاف وسعى بعد فعل ما سبق حل له كل شيء حتى النساء، أين يصلي الظهر ؟ إن تيسر أن يصلي في مكة بعد أن يطوف ويسعى فهذا خير، وإن لم يتيسر صلى في أي مكان لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : "جعلت لي الأرض كلها مسجدًا وطهورًا" ثم يرجع إلى منى ويبيت بها ليلة الحادي عشر، فإذا زالت الشمس من اليوم الحادي عشر رمى الجمرات الثلاث : الأولى والوسطى والعقبة، يرمي الأولى بسبع حصيات متعاقبات يكبر مع كل حصاة، ثم يتقدم قليلًا حتى لا يصيبه الحصى ويتأذى بالزحام، ويقف مستقبل القبلة رافعًا يديه يدعو الله تعالى دعاء طويلًا، ثم يرمي الوسطى كالأولى ويقف بعدها فيدعو، ثم يرمي العقبة بسبع حصيات ويكبر مع كل حصاة في الجميع، ولا يقف بعدها ينصرف إلى رحله، ويبيت ليلة -أكملوا- الثاني عشر فإذا زالت الشمس من اليوم الثاني عشر رمى الجمرات الثلاث كما رماها في اليوم الذي قبله، ثم إن شاء تعجل وخرج من منى، وإن شاء بقي إلى اليوم الثالث فيبيت في منى ليلة الثالث عشر ويرمي الجمرات في اليوم الثالث عشر بعد الزوال كما رماها في اليومين قبله وبهذا تم الحج، فإذا أراد أن يرجع إلى بلده لا بد أن يطوف للوداع، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أن يكون آخر عهد الإنسان بالبيت، آخر عهد الإنسان الطواف بالبيت فيطوف للوداع ولا يمكث بعده بل ينصرف إلى بلده، هذه خلاصة الحج.
ونعود فنقول : لو أحرم بالحج قبل اليوم الثامن فهل هذا جائز ؟ الجواب : نعم يجوز، لكن الأفضل ألا يحرم إلا في اليوم الثامن للحج.
لو أخر الإحرام لليوم التاسع فهل يجوز ؟ الجواب : نعم يجوز، لكنه خالف السنة وحرم نفسه الأجر، خالف السنة، لأن السنة أن يحرم في اليوم الثامن، وحرم نفسه الأجر، لأنه لو أحرم في اليوم الثامن لبقي من إحرامه إلى اليوم التاسع على عبادة فيفوت نفسه هذا الأجر، وكثير من الناس يتكاسل ولا يحرم إلا في اليوم التاسع وهذا الحرمان بلا شك، فالأفضل أن يحرم في اليوم الثامن.
لو لم يصل إلى عرفة إلا في العصر يجوز ؟ الجواب : نعم يجوز، لو لم يصل إليها إلا في الليل يجوز إلى طلوع الفجر من يوم العيد كل هذا وقت الوقوف، دليل ذلك: "أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم سأله عروة بن مضرس وقال : إنه ما ترك جبلا إلا وقف عنده، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم وهو قد وافاه في صلاة الفجر من وقف بعرفة ليلًا أو نهارًا فقد تم حجه وقضى تفثه". لو دفع من عرفة قبل الغروب لكان ذلك حرامًا عليه، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أخر الدفع من عرفة إلى إلى غروب الشمس وقال : "خذوا عني مناسككم" ولو كان الدفع جائزًا قبل الغروب لدفع الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم قبل الغروب لأنه أيسر على الناس، إذ أن النهار باق فهو أهون على الناس.
لو أنه دفع عن عرفة قبل غروب الشمس قلنا : إن هذا حرام، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم تأخر إلى غروب الشمس، ولو كان الدفع جائزًا قبل الغروب لدفع لأنه في النهار أوضح وأبين، لاسيما في عهد الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم حيث لا كهرباء ولا أنوار إلا نور القمر.
لو تأخر في الدفع من عرفة ولم يدفع إلا بعد ساعتين من الغروب كان ذلك جائزًا، ولكنه خلاف السنة، السنة من حين الغروب أن يمشي يدفع من عرفة لو حبسه الزحام ولم يصل إلى مزدلفة إلا متأخرًا فلا حرج، لكن إن خاف أن ينتصف الليل قبل الوصول إلى مزدلفة وجب عليه أن يصلي المغرب والعشاء ولو في الطريق، لأن وقت العشاء إلى نصف الليل فمن أخرها عن نصف الليل فقد صلاها في غير وقتها كمن أخر الفجر إلى ما بعد طلوع الشمس، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حدد وقت العشاء بإيش ؟ بنصف الليل، ومن قال من أهل العلم : إن وقتها يمتد إلى طلوع الفجر للضرورة فلا دليل عنده، لأن الأحاديث صريحة بأن وقت العشاء إلى نصف الليل، والقرآن الكريم يدل عليه فقد قال الله تعالى : { أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى } أو إلى طلوع الفجر ؟ { إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ } هذه أربعة أوقات متقاربة من زوال الشمس إلى نصف الليل كله أوقات للصلوات متقاربة، إذا دخل وقت الظهر بالزوال وخرج دخل وقت العصر مباشرة، إذا غابت الشمس انتهى وقت العصر ودخل وقت المغرب، إذا غاب الشفق انتهى وقت المغرب ودخل وقت العشاء، إذا دخل وقت العشاء متى ينتهي ؟ غسق الليل إلى غسق الليل وهو ظلمته وأشد ظلمة يكون الليل عند منتصفه، ما بعد منتصف الليل إلى طلوع الفجر ليس وقتًا للصلاة المفروضة، كما أن ما بين طلوع الشمس وزوال الشمس ليس وقتًا للصلاة المفروضة، المهم إذا خفت أن ينتصف الليل قبل أن تصل إلى مزدلفة وجب عليك أن تصلي ولو في الطريق، توقف السيارة وتصلي ولا يمكن أن تؤخر.
لو دفع من مزدلفة قبل الفجر فهل يجوز ؟ الجواب : يجوز لمن يشق عليه مزاحمة الناس من صغير وكبير، يعني شيخ كبير ومريض ونساء، كل هؤلاء يجوز لهم، وإذا عللنا بالزحام أمكن أن نقول : كل أحد يمكنه أن يدفع في آخر الليل في الوقت الحاضر، لأن الزحام الذي يكاد يكون مهلكًا موجود حتى للشباب أليس كذلك ؟ وعلى هذا نرخص في الدفع من مزدلفة في آخر الليل ما دام هذا الزحام الشديد، واضح؟ طيب إذا وصل إلى منى يفعل أولًا : الرمي، ثانيًا : الذبح، ثالثًا : الحلق، رابعًا : الطواف، خامسًا : السعي.
لو أنه قدم بعضها على بعض فهل يجوز ؟ الجواب : نعم يجوز، أفتى بذلك إمام المفتين محمد صلى الله عليه وسلم فما سئل عن شيء قدم ولا أخر في ذلك اليوم إلا قال : "افعل ولا حرج" ولم يقل : افعل ولا تعد قال : "افعل ولا حرج" ولما أسرع أبو بكرة ليدرك الركعة قال : "زادك الله حرصًا" وإيش ؟ "ولا تعد" فلو كان الترتيب واجبًا يسقط بالجهل لقال النبي صلى الله عليه وسلم : ولا تعد افعل ولا تعد بل قال : "افعل ولا حرج" وهذا من رحمة الله عز وجل، لأن الناس إذا كان الأمر مفتوحًا صار بعض الناس يمشي من مزدلفة إلى مكة لإيش ؟ ليطوف ويسعى ثم يرجع ويرمي، أو بعض الناس يرمي ثم ينزل إلى مكة قبل الذبح والحلق أو بعض الناس يرمي ثم يحلق ليحل التحلل الأول وينحر وهو لابس لابس ثيابه، المهم أن هذا من رحمة الله والحمد لله ومن سعة علم الله لأنه جل وعلا علم أن إيجاب الترتيب فيه مشقة على الناس، فالأكمل الترتيب كما ذكرنا، ولكن للإنسان رخصة أن يبدأ بما شاء.
وهل يبدأ بالسعي قبل الطواف ؟ الجواب : نعم، لأن هذا ورد بإسناد صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم "أن رجلًا قال : سعيت قبل أن أطوف ؟ قال : لا حرج" لا حرج، والإنسان قد يحتاج إلى السعي قبل الطواف مثل أن يدخل إلى مكة ويجد المطاف مزدحمًا شديدًا ويقول : أسعى لعله يخف المطاف تمام ولا لا وربما يقول : أسعى لأجل أن أؤخر الطواف إذا أردت أن أسافر، فإذا أخر الطواف من أجل أن يجعله عند السفر وطاف طواف الإفاضة عند السفر أجزأه عن طواف الوداع.
طيب لو رمى الجمرات بعد الغروب أيجزئ أو لا ؟ نعم يجزئ له إلى طلوع الفجر من اليوم الثاني، دليل ذلك أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وقت أول الرمي ولم يوقت آخره، فدل هذا على أن الأمر واسع ،وحددناه بطلوع الفجر قياسًا على الوقوف بعرفة، لأن الوقوف بعرفة ينتهي بطلوع الفجر.
لو رمى في أيام التشريق الجمرات الثلاث قبل الزوال أو بدأ ولو بحصاة واحدة قبل الزوال فهل يجزئ ؟ لا، لا يجزئ، لا في يوم الحادي عشر، ولا في اليوم الثاني عشر، ولا في اليوم الثالث عشر، لأن النبي صلى الله عليه وسلم رمى بعد الزوال وقال : "لتأخذوا عني مناسككم" ولأنه كان يتحين ويرتقب زوال الشمس ومن حين أن تزول يرمي قبل أن يصلي الظهر، مما يدل على شدة تحريه للزوال حتى يبادر، ولو كان الرمي قبل الزوال جائزًا لفعله النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولرخص فيه للضعفاء كما رخص في الرمي قبل طلوع الشمس يوم العيد، لأنه لو قدمه قبل الزوال أيهما أيسر قبل الزوال في البراد أو بعد الزوال في شدة الحر ؟ قبل الزوال، وكان من عادة النبي صلى الله عليه وسلم أنه ما خير بين اثنين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثمًا، ولو كان الرمي قبل الزوال جائزًا لأجازه للأمة، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم بالمؤمنين رؤوف رحيم ولا تغتر بمن يفتي بالرمي قبل الزوال في اليوم الثاني عشر محتجًّا بأن هذا أرفق بالناس، لأننا نقول في الجواب : لست أرفق من الله ورسوله { بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ } ولو كان هذا جائزًا لأجازه، فإذا قال قائل : إن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يدرك هذا الزحام الشديد وهذا العنف من بعض الحجاج وهذا الغشم ؟ قلنا : ولكن الله يعلم ذلك، أليس هكذا ؟ بلى يعلم هذا، ولو كان الرمي قبل الزوال جائزًا لأباحه الله عز وجل للضرورة كما أباح الميتة للضرورة، فلا يغتر مغتر بفتوى أحد من السابقين أو اللاحقين، الهدى مقدم على الهوى، الهدى مقدم على قول كل أحد، والهدى ما جاء به الكتاب والسنة، فإذا قال قائل : هل يكون زحام شديد إذا أخرنا الرمي في اليوم الثاني عشر إلى ما بعد الزوال ؟ قلنا : نعم سيكون زحام شديد عند الزوال يعني بعد الزوال مباشرة، لكن في آخر النهار يخف ثم إذا قدر أنه بقي الزحام إلى الغروب ارم بعد الغروب وامش لأنك متعجل والله عز وجل يقول : { فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ } لكن عجزت ما استطعت أن أرمي في اليومين فيكون تأخير الرمي إن لم يكن أداء فهو قضاء للضرورة فنقول : لا حرج أنت تأهب وامش وإذا حبسك حابس من زحام السيارات أو حابس من زحام الناس عند الجمرة فارم ولو بعد الغروب، واستمر في خروجك من منى، بهذا علمنا أن المسألة ما هي إلا من فعل الناس لا باعتبار الواقع، من فعل الناس وهو أنهم يزدحمون متى ؟ عند الزوال لينفروا، ولكن لو أنهم تأنوا وانتهزوا الفرصة ما حصل هذا فالأمر والحمد لله واسع.
لو أن الإنسان طاف للوداع قبل الرمي آخر يوم ثم رجع ورمى يجزئه الوداع أو لا ؟ لا يجزئه، يجب أن يعيد الطواف، لأن الواجب في طواف الوداع أن يكون آخر شيء، وهذا إذا طاف ثم رجع ورمى آخر شيء هو الرمي فلا يجوز أن يطوف للوداع قبل أن يرمي .

Webiste