تم نسخ النصتم نسخ العنوان
شرح :( ثم اضطجع رسول الله صلى الله عليه وسلم... - ابن عثيمينالقارئ :  ثمّ اضطجع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حتّى طلع الفجر ، وصلّى الفجر ، حين تبيّن له الصّبح ، بأذانٍ وإقامةٍ ، ثمّ ركب القصواء ، حتّى أتى المش...
العالم
طريقة البحث
شرح :( ثم اضطجع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى طلع الفجر وصلى الفجر حين تبين له الصبح بأذان وإقامة ثم ركب القصواء حتى أتى المشعر الحرام فاستقبل القبلة فدعاه وكبره وهلله ووحده فلم يزل واقفا حتى أسفر جدا فدفع قبل أن تطلع الشمس وأردف الفضل بن عباس وكان رجلا حسن الشعر أبيض وسيما فلما دفع رسول الله صلى الله عليه وسلم مرت به ظعن يجرين فطفق الفضل ينظر إليهن فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على وجه الفضل فحول الفضل وجهه إلى الشق الآخر ينظر فحول رسول الله صلى الله عليه وسلم يده من الشق الآخر على وجه الفضل يصرف وجهه من الشق الآخر ينظر حتى أتى بطن محسر فحرك قليلا ثم سلك الطريق الوسطى التي تخرج على الجمرة الكبرى حتى أتى الجمرة التي عند الشجرة فرماها بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة منها مثل حصى الخذف رمى من بطن الوادي ثم انصرف إلى المنحر فنحر ثلاثا وستين بيده ثم أعطى عليا فنحر ما غبر وأشركه في هديه ثم أمر من كل بدنة ببضعة فجعلت في قدر فطبخت فأكلا من لحمها وشربا من مرقها ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأفاض إلى البيت فصلى بمكة الظهر فأتى بني عبد المطلب يسقون على زمزم فقال انزعوا بني عبد المطلب فلولا أن يغلبكم الناس على سقايتكم لنزعت معكم فناولوه دلوا فشرب منه )
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
القارئ : ثمّ اضطجع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حتّى طلع الفجر ، وصلّى الفجر ، حين تبيّن له الصّبح ، بأذانٍ وإقامةٍ ، ثمّ ركب القصواء ، حتّى أتى المشعر الحرام ، فاستقبل القبلة ، فدعاه وكبّره وهلّله ووحّده ، فلم يزل واقفًا حتّى أسفر جدًّا ، فدفع قبل أن تطلع الشّمس ، وأردف الفضل بن عبّاسٍ ، وكان رجلًا حسن الشّعر أبيض وسيمًا ، فلمّا دفع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مرّت به ظعن يجرين ، فطفق الفضل ينظر إليهنّ ، فوضع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يده على وجه الفضل ، فحوّل الفضل وجهه إلى الشّقّ الآخر ينظر ، فحوّل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يده من الشّقّ الآخر على وجه الفضل ، يصرف وجهه من الشّقّ الآخر ينظر ، حتّى أتى بطن محسّرٍ ، فحرّك قليلًا ، ثمّ سلك الطّريق الوسطى الّتي تخرج على الجمرة الكبرى ، حتّى أتى الجمرة الّتي عند الشّجرة ، فرماها بسبع حصياتٍ ، يكبّر مع كلّ حصاةٍ منها ، مثل حصى الخذف ، رمى من بطن الوادي ، ثمّ انصرف إلى المنحر ، فنحر ثلاثًا وستّين بيده ، ثمّ أعطى عليًّا ، فنحر ما غبر ، وأشركه في هديه ، ثمّ أمر من كلّ بدنةٍ ببضعةٍ ، فجعلت في قدرٍ ، فطبخت ، فأكلا من لحمها وشربا من مرقها ، ثمّ ركب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فأفاض إلى البيت ، فصلّى بمكّة الظّهر ، فأتى بني عبد المطّلب ، يسقون على زمزم ، فقال : انزعوا ، بني عبد المطّلب ، فلولا أن يغلبكم النّاس على سقايتكم لنزعت معكم ، فناولوه دلواً فشرب منه .

الشيخ : في هذه الجملة من الحديث : أن النبي صلى الله عليه وسلم اضطجع حتى طلع الفجر ، ولم يذكر جابر رضي الله عنه أنه أوتر ، أو أنه قام في الليل ، ولكن عدم ذكره له لا يدل على عدم فعل الرسول صلى الله عليه وسلم له فهو شاهد ما رأى ، ونقل ما رأى وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان لا يترك الوتر حضرًا ولا سفرًا ، وعلى هذا فنأخذ بما ثبت عنه أنه لا يتركه حضرًا ولا سفرًا ، ونقول : يوتر ، لكن لا يحيي هذه الليل بالقيام ، إعطاءً للنفس حظها ، لأنهم كما تعلمون الرسول صلى الله عليه وسلم وقف طيلة النهار من بعد صلاة الظهر إلى أن غربت الشمس ، ثم أتى على الإبل ، فسوف يكون في ذلك مشقة عليه ، فرأى أن أرفق بنفسه أن يضطجع ولا يتهجد حتى يطلع الفجر ، لأن لنفس الإنسان عليه حقًّا .
وفيه أن الرسول صلى الله عليه وسلم صلّى الفجر مبادرًا بها ، ولهذا قال : حين تبين له الصبح
وفيه أيضًا : أنه لا يجوز أن يصلي الفجر قبل أن يتبين الصبح ، وهذا يؤخذ من أدلة أخرى .
وفيه أيضًا أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن مبيته في مزدلفة في نفس المشعر الحرام ، بل في مكان آخر ولهذا لما صلى الفجر أمر بالقصواء فرحلت له ، ثم أتى المشعر ركب حتى أتى المشعر الحرام فوقف عليه ووحد الله وكبره وهلله ، ودعا حتى أسفر جدًّا ، يعني حتى أسفر إسفارًا قويًا بيّنًا ظاهرًا ، ودفع قبل أن تطلع الشمس .
وكانت قريش تقول : أشرق ثبير كيما نغير ، ولا تدفع من مزدلفة إلا إذا تطلع الشمس ، فخالفهم النبي صلى الله عليه وسلم في الدفع ، ودفع قبل أن تطلع الشمس كما خالفهم في الدفع من مزدلفة ، فقد كانوا يدفعون متى ؟ قبل الغروب من عرفة ، وخالفهم في المزدلفة فكان لا يدفعون إلا بعد طلوع الشمس ، ولكنه دفع قبل طلوع الشمس صلوات الله وسلامه عليه ، ثم ذكر قصة النساء وما حصل من الفضل ابن العباس رضي الله عنه فإنه كان حسن الشعر وسيمًا فجعل ينظر إلى هؤلاء النسوة ، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم خاف عليه الفتنة منه وبه فصرف وجهه إلى الشق الآخر ، فجعل ينظر فصرف وجهه مرة أخرى ولم يتكلم عليه بشيء ، وإنما اقتصر على صرف وجهه
فإما أن يقال : إن الرسول صلى الله عليه وسلم أراد أن يهون الأمر عليه ، وإما أن يقال أراد أن يهجره باللفظ وينكر عليه بالفعل ، فالله أعلم لكن ظني والله أعلم أن الفضل ابن عباس لا ينظر إليهن هنا نظر شهوة جنسية ، ولكنه ينظر إلى عملهن وقوتهن لأنهن كن يجرين ، وهذا يدل على نشاطهن .
واستدل النووي رحمه الله وغيره من العلماء بهذا الحديث على أنه لا يجوز للرجل أن ينظر إلى المرأة بل يجب عليه صرف نظره عنها لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقر الفضل ، ولا شك أنه إن كان لشهوة فهو حرام ، وإذا كان لغير شهوة فإن الذي يدل عليه النصوص الأخرى أنه لا يجوز له النظر إليها ، وأنه يجب عليها أن تحتجب لئلا ينظر إليها .
وفيه أيضًا : أن الرسول صلى الله عليه وسلم حرك في بطن محسر ، ومحسر هذا وادٍ يفصل بين مزدلفة ومنى ، وسمي محسّرًا لأنه يحسر سالكه ، أي : يتعبه ، وذلك لكثرة الرمل الذي فيه ، فلماذا حرّك ، هل لأنه أسهل على الناقة لأنه إذا مشت بسرعة سار أسهل لها في مجاوزة الرمل الذي حمله السيل في مجرى هذا الوادي ، أو حرّك لأن الفيل أهلك فيه ، أو حرّك لأن قريشًا كانت تقف هناك وتذكر أمجاد آبائها وأجدادها .

Webiste