تم نسخ النصتم نسخ العنوان
شرح :( وقد شنق للقصواء الزمام حتى إن رأسها ل... - ابن عثيمينالقارئ :  وقد شنق للقصواء الزمام ، حتى إن رأسها ليصيب مورك رحله ، ويقول بيده اليمنى : أيها الناس، السكينة السكينة ، كلما أتى حبلا من الحبال أرخى لها قلي...
العالم
طريقة البحث
شرح :( وقد شنق للقصواء الزمام حتى إن رأسها ليصيب مورك رحله ويقول بيده اليمني أيها الناس السكينة السكينة كلما أتى حبلا من الحبال أرخى لها قليلا حتى تصعد حتى أتى المزدلفة فصلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين ولم يسبح بينهما شيئا ثم اضطجع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى طلع الفجر وصلى الفجر حين تبين له الصبح بأذان وإقامة ثم ركب القصواء حتى أتى المشعر الحرام فاستقبل القبلة فدعاه وكبره وهلله ووحده فلم يزل واقفا حتى أسفر جدا فدفع قبل أن تطلع الشمس وأردف الفضل بن عباس)
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
القارئ : وقد شنق للقصواء الزمام ، حتى إن رأسها ليصيب مورك رحله ، ويقول بيده اليمنى : أيها الناس، السكينة السكينة ، كلما أتى حبلا من الحبال أرخى لها قليلا ، حتى تصعد ، حتى أتى المزدلفة، فصلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين ، ولم يسبح بينهما شيئا ، ثم اضطجع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى طلع الفجر ، وصلى الفجر ، حين تبين له الصبح ، بأذان وإقامة ، ثم ركب القصواء ، حتى أتى المشعر الحرام ، فاستقبل القبلة ، فدعاه وكبره وهلله ووحده ، فلم يزل واقفا حتى أسفر جداً ، فدفع قبل أن تطلع الشمس ، وأردف الفضل بن عباس .

الشيخ : هذه الجملة من الحديث تدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم دفع من عرفة بسكينة ، لا بسرعة وعجلة ، وقد شنق للقصواء الذمام حتى إن رأسها ليصيب مورك رحله ، من شدة شنقه لها ، يعني جذب رأسها ورده إلى مورك الرحل ، لئلا تسرع لأن البعير إذا أطلق عنقها أسرعت ، ولكن مع ذلك كان إذا أتى حبلًا من الحبال أرخى لها قليلًا حتى تصعد ، الحبل مثل ما نقول : الطلعة الصغيرة أرخى لها قليلًا حتى تصعد ، وفي حديث أنس أنه كلما وجد فجوة نصّ أي : أسرع وفي هذا دليل على حسن رعاية النبي صلى الله عليه وسلم حتى أنه ليحسن رعاية في البهائم فإنه إذا أتى حبلًا من الحبال وقد شنق ذمامها فإنه ربما يتعبها ، لكنه يرخي لها قليلًا حتى تصعد .
وفيه أيضًا : الإشارة من قائد القوم مع القوم ، لقوله يقول : بيده اليمنى : أيها الناس ، السكينة السكينة .
وفيه : إطلاق القول على الفعل ، يقول بيده ، لأنه يفعل وليس يقول .
ومثل ذلك قول الرسول صلى الله عليه وسلم لعمار بن ياسر في التيمم : إنما كان يكفيك أن تقول بيديك هكذا لكن لا بد من قرينة .
وقوله : السكينةَ السكينةَ ، بالنصب ، أي : إلزموا السكينة يعني : لا تسرعوا ، لا تعجلوا ، وقد جاء في الحديث الآخر : فإن البر ليس بالإيضاع يعني ليس بالسرعة .
وقوله : حتى أتى المزدلفة : فيه أن الرسول صلى الله عليه وسلم في غير هذا الحديث أنه في أثناء الطريق نزل وبال وتوضأ وضوءًا خفيفًا ، وقال له أسامة : الصلاة يا رسول الله ؟ قال : الصلاة أمامك .
وأخذ ابن حزم رحمه الله من هذا أنه لو صلى المغرب ليلة العيد في غير المزدلفة فصلاته غير صحيحة ، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : الصلاة أمامك لكن هذا ليس بصواب ، أعني أخذه هذه الفائدة من الحديث ، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم إنما قال : الصلاة أمامك لعدم تأتي الوقوف والناس سائرون إلى المزدلفة ، فإنه لو أوقف الحجيج حصل بذلك مشقة عليهم ، بالمكث والنزول ثم إن المزدلفة قريبة يحتاج أن ينزلوا مرتين في هذه المسافة القريبة ففيه مشقة ، فلهذا قال : الصلاة أمامك .
وفيه أيضًا : أنه ينبغي للإنسان أن يكون على وضوء دائمًا ، لأن الرسول توضأ وضوءًا خفيفًا ثم واصل السير إلى المزدلفة .
وسميت مزدلفة وأصلها مستلفة أي مقتربة وذلك لقربها من الكعبة ، لأنها قريبة من الكعبة ، وإن كان منى أقرب منها ، لكن الأسماء لا يشترط فيها مطابقة الاسم للمعنى الذي اشتقت منه .
وأيضًا منى تشتهر بما هو أولى من القرب من الكعبة ، وهو إراقة الدماء فيها ، يعني الهدايا ، ولهذا سمىت منى ، لكثرة ما يمنى فيها من الدماء أي : ما يراق .
يقول : فصلى بنا المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين فيه دليل على أنه يسن أن يصلي المغرب والعشاء جمعًا ، ولكن هل هو جمع تقديم أو تأخير ؟
إن من المعلوم أن الرسول صلى الله عليه وسلم جمع جمع تأخير ، لأنه لم يصل إلى المزدلفة إلا بعد أن دخل وقت العشاء ، لكن لو وصلها الإنسان قبل العشاء فهل نأمره بصلاة المغرب بدون جمع أو نقول لك أن تجمع إما تأخيرًا وإما تقديمًا ؟
أكثر العلماء على الثاني ، أنه يجمع جمع تأخير ، إلا إذا وافاها وقت الغروب فإنه يجمع جمع تقديم ، ولكن ابن مسعود رضي الله عنه لما بلغ المزدلفة قبل العشاء صلى المغرب ثم طلب عشاءه فتعشّى ، ثم أذن للعشاء وصلى العشاء .
وهذا يدل على أنه لم يجمع ، لأنه لا حاجة إلى الجمع في هذه الحال ، إذ أنه وصل إلى المزدلفة عند غروب الشمس قبل أن يدخل وقت العشاء ، لكن لو كان الإنسان يشق عليه إذا صلى المغرب في وقتها والعشاء في وقتها لقلة الماء ولكثرة الناس والضجيج وخوف الضياع ، فهنا لا بأس أن يجمع من حين أن يصل إلى المزدلفة ، يجمع جمع تأخير .

Webiste