تم نسخ النصتم نسخ العنوان
حدثنا يحيى بن يحيى أخبرنا أبو معاوية عن هشام... - ابن عثيمينالقارئ : حدّثنا يحيى بن يحيى ، قال : أخبرنا أبو معاوية ، عن هشام بن عروة، عن أبيه ، عن عائشة رضي الله عنها، قالت : "كان قريش ومن دان دينها يقفون بالمزدل...
العالم
طريقة البحث
حدثنا يحيى بن يحيى أخبرنا أبو معاوية عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت كان قريش ومن دان دينها يقفون بالمزدلفة وكانوا يسمون الحمس وكان سائر العرب يقفون بعرفة فلما جاء الإسلام أمر الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم أن يأتي عرفات فيقف بها ثم يفيض منها فذلك قوله عز وجل ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
القارئ : حدّثنا يحيى بن يحيى ، قال : أخبرنا أبو معاوية ، عن هشام بن عروة، عن أبيه ، عن عائشة رضي الله عنها، قالت : "كان قريش ومن دان دينها يقفون بالمزدلفة ، وكانوا يسمّون الحمس ، وكان سائر العرب يقفون بعرفة، فلمّا جاء الإسلام أمر الله عزّ وجلّ نبيّه صلّى الله عليه وسلّم أن يأتي عرفاتٍ فيقف بها ، ثمّ يفيض منها، فذلك قوله عزّ وجلّ : { ثمّ أفيضوا من حيث أفاض النّاس }".

الشيخ : سبق لنا بالأحاديث أن النبي صلى الله عليه وسلم وقف في مكتنه في عرفة وقال : "وقفت هنا وعرفة كلها موقف" ، فدلّ الحديث بمنطوقه على أن عرفة كلها موقف ، من جميع الجوانب ، ودل بمفهومه على أن ما خرج عن عرفة فليس بموقف ، وعلى هذا فبطن عرنة ليست بموقف ، لأنه ليس من عرفة ، وقيل : بل هو منها ولكنه ليس موقفًا لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالبعد عنه فقال : "عرفة كلها موقف وارفعوا بطن عرنة" .
والحكمة من قوله عليه الصلاة والسلام : "وقفت ههنا وعرفة كلها موقف" ليبين للناس أن الموقف لا يختص بمكان معين من عرفة ، كلها موقف ، وكأنه يقول للناس : على رسلكم ،كلّ يقف في مكانه ، وعلى هذا فيكون وقوف الرسول عليه الصلاة والسلام ثم ليس لخاصية في ذلك المكان ، ولكن لعله - والله أعلم - من أجل أن يكون خلف الصحابة رضي الله عنهم ، لأن ما وقف عنده الرسول صلى الله عليه وسلم هو أقصى ما يكون من عرفة .
وبه نعرف أن الجبل الذي وقف عنده النبي صلى الله عليه وسلم ليس له حظ من القدسية ، خلافًا لعامة الناس الجهلاء الذين يرون أن هذا الجبل مقدّس ، ويصعدون إليه ، ويصلّون به بعد العصر ، ويعلقون عليه الخرق كأنها ذات أنواط ، ويكتبون الكتابات على الصخرات ، وكل هذا من البدع التي يجب على طلبة العلم أن يبينوها للناس حتى يكونوا على بصيرة . وكذلك قال الرسول عليه الصلاة والسلام : "لقد وقفت ههنا وجمع كلها موقف" ، يعني : وقف عند المشعر الحرام صلى الله عليه وسلم وجمع يعني : مزدلفة كلها موقف ، وذكرنا أن مزدلفة لأنها أقرب المشعرين إلى مكّة ، وأما من قال لأن الناس يزدلفون فيها فيتقربون فيها إلى الله فغير مطابق للفظ ، لأن اللفظ مزدلفة اسم فاعل ، ولو كان يقصد بها ما ذكره بعض العلماء لكانت "مزدلفة" .
وقال : "نحرت ههنا ومنى كلها منحر، فانحروا في رحالكم" فبين أن منى كلها منحر ، وجاء في الحديث في السنن "فجاج مكة كلها طريق ومنحر" ، وسبق لنا أن بينا أن من نحر هدي التمتع أو القران أو ما وجب لترك واجب ما نحره خارج حدود الحرم فهو غير مجزئ ، وبناء عليه يجب أن ننبه الناس الذين يذهبون يوم العيد إلى الغنم خارج الحل في عرفات أو غيرها فينحرون هناك أنها لا تجزئهم هداياهم .
حديث عائشة قالت : كانت قريش ومن دان بدينها يقفون في المزدلفة ، يعني : من تعبد بعبادتهم ، وهذا إشارة إلى أن قريشًا كانوا على دين فيما يتعلق بالحج ، لكن زادوا فيها ونقصوا ، لأن الحج تواتر بين الناس ، وتوارثوه قرنًا بعد قرن ، حتى وصل إلى عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، يقفون بزدلفة وكانوا يسموا "الحمس" بضم الحاء ، جمع "أحمس" لماذا يقفون بالمزدلفة ؟ حمية الجاهلية ، يقولون : نحن أهل الحرم ولا يمكن أن نخرج في حجنا عن الحرم ، والناس يقفون في عرفة ، وعرفة من الحل ، فكانوا لعصبيتهم وحميتهم الجاهلية يقفون في مزدلفة .
تقول : وسائر العرب يقفون بعرفة ، فلما جاء الإسلام أمر الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم أن يأتي عرفات فيقف بها ثم يفيض منها فذلك قوله عز وجل : { ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس } أي : من المكان الذي أفاض الناس منه ، وما هو المكان الذي أفاض الناس منه ؟ هو عرفات .

Webiste