الشيخ : قال الله تبارك وتعالى : { ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس } ، كان أهل مكة لا يقفون بعرفة في الحج يقفون في مزدلفة ، يقولون نحن أهل الحرم لا يمكن أن نقف إلا بالحرم ، فيقفون في مزدلفة ، فقال الله تعالى : { ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس } أي من المكان الذي أفاض الناس منه وهو عرفة ، ولهذا قال جابر رضي الله عنه وهو يصف حج النبي صلى الله عليه وسلم : "أجاز رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولا تشك قريشٌ إلا أنه واقفٌ عند المشعر الحرام كما كانت قريشٌ تفعل في الجاهلية" . ولكنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم تجاوزها ونزل بنمرة ، ثم لما زالت الشمس ذهب إلى عرفة ووقف هناك .
فأمر الله تعالى الناس جميعاً ومنهم قريش أن يفيضوا من حيث أفاض الناس .
{ واستغفروا الله } يعني : اسألوا الله المغفرة ، والمغفرة هي ستر الذنب والعفو عنه ، { إن الله غفور رحيم }.
{ فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا } وذلك أن الإنسان إذا فرغ من العبادة ربما يلحقه كسل أو ملل فيغفل عن ذكر الله، فأمر الله تعالى أن يذكر الإنسان ربه إذا قضى نسكه ، وهذا كقوله تعالى في سورة الجمعة : { يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ، ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون ، فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون } . فأمر بذكره لأن الإنسان مظنة الغفلة إذا خرج من الصلاة ثم سعى في التجارة فإنه مظنة الغفلة فلهذا قال : { واذكروا الله كثيراً لعلكم تفلحون } .
ثم قسم الله تعالى الناس إلى قسمين :
منهم من يقول : { ربنا آتنا في الدنيا } وليس له همٌ في الآخرة .
ومنهم من يقول : { ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار أولئك لهم نصيبٌ مما كسبوا والله سريع الحساب }.