تم نسخ النصتم نسخ العنوان
تتمة فوائد حديث : ( ... جاءت امرأة إلى رسول... - ابن عثيمينالشيخ : ... قال لا، قال اذهب إلى أهلك فانظر هل تجد شيئا ولم يكتف بقوله لا، لأنه ربما يكون بعد ذهابه وبعد خروجه من أهله حصل له ما يمكن أن يجعله مهرا، ومن...
العالم
طريقة البحث
تتمة فوائد حديث : ( ... جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله جئت أهب لك نفسي فنظر إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فصعد النظر فيها وصوبه ثم طأطأ رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه فلما رأت المرأة أنه لم يقض فيها شيئا جلست فقام رجل من أصحابه فقال يا رسول الله : إن لم يكن لك بها حاجة فزوجنيها فقال : فهل عندك من شيء فقال : لا والله يا رسول الله فقال : اذهب إلى أهلك فانظر هل تجد شيئا فذهب ثم رجع فقال : لا والله ما وجدت شيئا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : انظر ولو خاتم من حديد فذهب ثم رجع فقال : لا والله يا رسول الله ولا خاتم من حديد ولكن هذا إزاري قال سهل : ماله رداء فلها نصفه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما تصنع بإزارك إن لبسته لم يكن عليها منه شيء وإن لبسته لم يكن عليك منه شيء والحاصل الرجل حتى إذا طال مجلسه قام فرآه رسول الله صلى الله عليه وسلم موليا فأمر به فدعى فلما جاء قال : ماذا معك من القرآن قال : معي سورة كذا وسورة كذا عددها فقال : تقرؤهن عن ظهر قلبك قال : نعم قال : اذهب فقد ملكتها بما معك من القرآن هذا حديث بن أبي حازم وحديث يعقوب يقاربه في اللفظ .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
الشيخ : ... قال لا، قال اذهب إلى أهلك فانظر هل تجد شيئا ولم يكتف بقوله لا، لأنه ربما يكون بعد ذهابه وبعد خروجه من أهله حصل له ما يمكن أن يجعله مهرا، ومن فوائد هذا الحديث جواز اليمين بدون استقسام، يعني أنه يجوز للإنسان أن يحلف دون أن يطلب منه الحلف، وذلك من أجل طمأنينة المخاطب فيما يخبر به عن نفسه أو غيره، ومن فوائد هذا الحديث أنه يجوز المهر ولو كان قليلا، لقوله ولو خاتما من حديد ، فإن قال قائل: كيف يقول الرسول عليه الصلاة والسلام وهو لا يدري عن المرأة ربما لا يقنعها هذا، فالجواب أننا نعلم علم اليقين أن المرأة سترضى بما اختاره الرسول صلى الله عليه وسلم لأنها تعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم أولى بها من نفسها، ومن فوائد هذا الحديث جواز لبس الخاتم من الحديد، مع أنه ورد في حديث أنه حلية أهل النار، ولكن هذا الحديث قال بعض العلماء إنه شاذ ضعيف لأن حديث الصحيحين أصح منه، أن الرسول قال التمس ولو خاتما من حديد ولو كان حراما أو كان حلية أهل النار ما أذن فيه الرسول عليه الصلاة والسلام أن يكون مهرا، ومن فوائد هذا الحديث بيان ما كان عليه الصحابة رضي الله عنهم من قلة ذات اليد، وأن غالبهم فقير لا يجد شيئا، لكنهم رضي الله عنهم يتوكلون على الله حق توكله، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لو توكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا وتروح بطانا الطيور تطير من أوكارها في أول النهار وهي جائعة ليس في بطونها شيء، ثم تروح في آخر النهار إلى أوكارها وهي مملوءة البطون، تروح بطانا أي مملوءة البطون، مع أنها حينما طارت من أوكارها هل هي قصدت شيئا معينا تذهب إليه وتأكل منه؟ لا، إنما هي تطلب الرزق، قد يكون لها شيء معين مثلا من مزرعة عرفتها وقد لا يكون، لكنها أي الطيور متوكلة على بارئها وخالقها عز وجل فيرزقها من حيث لا تحتسب، ومن فوائد هذا الحديث حكمة النبي صلى الله عليه وسلم، فإن الرجل قال ليس عندي إلا إزاري، يعني ليس له رداء، أعلى جسده مكشوف عاري ليس عنده إلا إزار، أراد رضي الله عنه أن يجعله صداقا لها، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم من حكمته قال هذا لا يمكن، الإزار لا يمكن شقه لأنه إن شقه بقي أيش ؟ نصف إزار لا يصلح، وإن أعطاه إياها بقي عاريا ليس له إزار، وإن أبقاه معه لم يكن لها مهر، فلا يمكن هذا، الإزار إلا أن يكون لواحد منهما وحينئذٍ لا يصح أن يكون مهرا لها، فإن قال قائل: لماذا لم يقل أعطها إياه ثم تهبه لك؟ نقول هذا حيلة إلى أن يكون النكاح بأيش ؟ بدون مهر، والتحيل باطل ولا يجوز، ومن فوائد هذا الحديث أنه لا ينبغي للإنسان أن يستدين للمهر، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرشده إلى الإستدانة، ما قال استقرض من إخوانك أو ما أشبه هذا، وإذا كان هذا ليس بسنة أعني الإستدانة للمهر ليس بسنة فكيف بمن يستدينون عند النكاح لغير المهر بل للزيادة والبطر ومجاراة الأغنياء، فإن هؤلاء سفهاء في الواقع، لأنه إذا لم يكن عندك شيء فقد بين الله لك طريقة وبين الرسول عليه الصلاة والسلام لك طريقة، فالرسول صلى الله عليه وسلم قال من لم يستطع فعليه بالصوم وقال الله عز وجل وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله أما أن تذهب وتستقرض فإن هذا ليس بمشروع بل لو قيل بالكراهة كما قاله بعض العلماء لكان أولى، ومن فوائد هذا الحديث عناية النبي عليه الصلاة والسلام بأمته ورحمته بهم، لأن هذا الرجل لمّا لم يتيسر أن يكون إزاره صداقا جلس، ثم لما طال به المجلس قام لينصرف إلى أهله، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم لما رأى من حرصه أنه يريد أن يتزوج بهذه المرأة كلمه أمر به فدعي، ومن فوائد هذا الحديث فضيلة القرآن الكريم، لأن قوله هل معك؟ قال ماذا معك من القرآن؟ معي سورة كذا وكذا فقال تقرأهن عن ظهر قلبك؟ قال نعم، قال اذهب فقد ملكتكها بما معك من القرآن، هذا الحديث بهذا اللفظ يحتمل معنين: المعنى الأول أن الرسول زوجها بما عنده من العلم، وقال إن هذا الرجل عنده قرآن سوف يكون خيرا لها، لأن الباء في قوله بما معك لأيش؟ للعوض، زوجتها بما معك، والإحتمال الثاني أني زوجتكها بما معك أي أن تعلمها ما معك من القرآن، وهذا هو المتعين لأن الأول يعود النفع فيه إلى من؟ إلى الزوج لا تستفيد وإن كان لا شك أن صحبة الأخيار خير، لكنها لا تستفيد الفائدة المرجوة وما دامه يحتمل المعنى الثاني المطابق للأدلة العامة وهو أنه قوله بما معك من القرآن أي أن تعلمها ما معك من القرآن فإنه يتعين حمل الحديث عليه ، وهذه قاعدة مفيدة أن جميع النصوص إن كانت تحتمل معنيين أحدهما لا إشكال فيه والثاني فيه إشكال أن تحمل على ما لا إشكال فيه، لأن هذا هو عادة الراسخين في العلم، الذي يحملون المتشابه على المحكم، ومن فوائد هذا الحديث جواز جعل القرآن مهرا، أي تعليمه، أن يجعل تعليمه مهرا وهو واضح، وقد ذكر الفقهاء رحمهم الله أنه لا يصح جعل القرآن مهرا واستدلوا بحديث موضوع أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال لهذا الرجل: لن تجزي عن أحد بعدك مهرا، ولكنه موضوع غير صحيح، فلا عمدة عليه، فيجوز أن يكون تعليم القرآن مهرا، ولكن إذا قال قائل: هذا مهر مجهول لأن تعليمها لا يعلم أن يكون يستوعب مدة طويلة أو مدة قصيرة لأن الناس يختلفون في الحفظ، فيكون هذا مجهولا، فيقال الجهل في هذا قليل، والصداق ليس عوضا محضا حتى نقول لا بد من تحريره، بل هو شيء يستباح به الفرج، ولهذا يعفى فيه عن يسير الجهالة، فيقال يعلمها التعليم المعروف، تزيد يومين أو ثلاثة أو عشرة أو شهرا أو تنقص، ومن فوائد هذا الحديث جواز عقد النكاح بما يدل عليه من صيغة وأنه لا يشترط أن يقول زوجتك بل إذا قال كلمة يستفاد منها العقد انعقد بها النكاح لقوله ملكتكها بما معك من القرآن ، فإن قال قائل : في بعض ألفاظ الحديث زوجتكها، والقصة واحدة، ولا يمكن أن الرسول صلى الله عليه وسلم يكرر العقد يقول زوجتكها ثم يقول ملكتكها، أو يقول ملكتكها ثم يقول زوجتكها، قلنا هذا صحيح، والذي حصل هو أحد الصيغتين، بل الذي حصل هو إحدى الصيغتين لكن كون الناقلين ينقلون هذه بدلا عن هذه يدل على أنه أيش؟ لا فرق بينهما وأن المقصود ما دل على العقد وهذا هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أن النكاح كغيره ينعقد بما دل عليه، ولكن هل ينعقد بلفظ الهبة فيقول وهبتك ابنتي بالصداق الفلاني؟ الظاهر نعم، لأن العبرة بالألفاظ بأيش؟ بمعانيها ومقاصدها، هذا الرجل قال وهبتك ابنتي بكذا وكذا، وهذه الهبة هبة معاوضة ما هي هبة تبرع حتى نقول إن جواز النكاح بالهبة خاص بالرسول صلى الله عليه وسلم، طيب لو قال أعطيتك بنتي عقدا يعني أحضروا العاقد والشهود قال أعطيتك بنتي، ينعقد النكاح وإلا لا؟ على القول الصحيح ينعقد، ما داموا يفهمنون من هذه الكلمة أنه العقد فهي العقد، أما لو قال أخطب إليك ابنتك، فقال أعطيتك إياها، فهذا ليس بعقد، هذا ليس بعقد، ولهذا يوجد الآن في المجالس تأتي البنت الصغيرة لها ست سنوات أو ما أشبه ذلك فيقول الجالس لأبيها ما شاء الله هذه بنت حلوة لعلك تعطيني إياها، قال أعطيتك إياها ، ينعقد النكاح وإلا لا؟ لا ينعقد هذه إجابة خطبة وليست عقدا بخلاف ما قصد فيه العقد وهو إحضار الشهود وجلسوا مجلس العاقدين فقال أعطيتك بنتي بمهر قدره كذا فقال قبلت، فالصحيح أنه ينعقد، ينعقد النكاح بهذا، لأن صيغ العقود ليست ألفاظا متعبدا بها حتى نقول لا بد أن تكون بالصيغة الواردة، صيغ العقود خاضعة لأيش؟ خاضعة لأعراف الناس في كل زمان وفي كل مكان وفي كل أمة، طيب لو قال الرجل جوّزتك بنتي بكذا، يجوز؟ زوّجتك ؟! الأصل أنكحتك أو زوجتك لكن هذا قال جوزتك بنتي، يجوز ؟ نعم بناء على القول الراجح، أن النكاح ينعقد بما دل عليه، ومن فوائد هذا الحديث أنه لا يحتاج إلى إعادة القبول إذا دلت عليه الصيغة، لأن هذا الرجل لم يقل حين قال له النبي صلى الله عليه وسلم ملكتكها، لم يقل قبلت اكتفاء بقوله الأول زوجنيها، وهذا في جميع العقود إذا تقدم الطلب من الطالب فأعطاه المطلوب فلا حاجة إلى إعادة القبول، لو قال بعني سيارتك بألف ريال قال بعتك، ما يحتاج يقول قبلت، لأن قوله بعني بلفظ الطلب يغني عن قوله قبلت، كذلك هذا الرجل لم يقل حين قال له النبي صلى الله عليه وسلم حين قال له ملكتكها بما معك من القرآن لم يقل قبلت، والحديث له فوائد عند التأمل لكن هذا ما ظهر في هذه الساعة.

Webiste