تم نسخ النصتم نسخ العنوان
فوائد حديث : ( جاءت امرأة إلى رسول الله صلى... - ابن عثيمينالشيخ : هذا الحديث فيه فوائد كثيرة: أخذ بعض العلماء منه أكثر من أربعين فائدة، أكثر من أربعين، ويمكن بعض العلماء لا يستطيع أن يستخرج منه عشرين فائدة، ويم...
العالم
طريقة البحث
فوائد حديث : ( جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله جئت أهب لك نفسي ... ) .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
الشيخ : هذا الحديث فيه فوائد كثيرة: أخذ بعض العلماء منه أكثر من أربعين فائدة، أكثر من أربعين، ويمكن بعض العلماء لا يستطيع أن يستخرج منه عشرين فائدة، ويمكن مَن دون العلماء لا يستطيع أن يفهم إلا ست أو سبع فوائد لأن الناس يختلفون في الفهم اختلافاً عظيمًا، رُب نص واحد يأخذ منه بعض العلماء فوائد كثيرة وآخرون لا يأخذون فوائد كثيرة، ولهذا قيل لعلي بن أبي طالب: هل خصكم النبي صلى الله عليه وسلم بشيء يعني: من العلم؟ قال: " لا والذي فلق الحبة وبرأ النّسمة إلا فهمًا يُؤتيه الله أحدًا في كتابه " فهذا لا حدّ له " وما في هذه الصحيفة، قالوا: وما في هذه الصحيفة؟ العقل وفكاك الأسير وألا يُقتل مُسلم بكافر " ثلاث مسائل والباقي إيش؟ فهم يؤتيه الله من شاء، فتجد بعض الناس يأخذ من النص الواحد مسائل كثيرة وبعض الناس لا يأخذ، فلنعد هذه المسائل أولاً.
في هذا الحديث: أنه يجوز التحدث عن المبهم إذا لم يتعلق بتعيينه فائدة لقوله: "جاءت امرأة"، ولم يُعينها لأن تعيينها لا فائدة منه ولا ضرورة إليه.
ثانياً في هذا الحديث: جواز هبة المرأة نفسها لرسول الله صلى الله عليه وسلم هبة مجردة بدون عوض لقوله : "يا رسول الله جئت أهب لك نفسي" وهل يقاس عليه غيره؟
الطالب : لا .

الشيخ : لا، لا يجوز لامرأة أن تهب نفسها لأحد هبة مجردة عن العوض، ودليل ذلك قوله تعالى : { يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالَاتِكَ اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ } خالصة لك من دون المؤمنين، طيب فإن زوجت المرأة نفسها شخصًا بدون مهر فالنكاح صحيح، وعليه مهر المثل، وحينئذٍ نقف هنا لنقسم هذه المسألة.
القسم الأول: أن يتزوج الرجل المرأة بمهر معين مثل أن يقول ولي المرأة: زوّجتك بنتي بمهر قدره عشرة آلاف، فهذا جائز ولا حرج فيه بالاتفاق، وفي الحديث في آخره : "زَوَجُتُكها بما معك من القرآن".
القسم الثاني: أن يزوجها بمهر معين لكنه غير معلوم مثل أن يقول: زوِّجُتُكها بما في يدك من الدراهم وهو معه صرة من الدراهم قال : زوجتكها بما في يدك من الدراهم هذا أيضاً جائز ولا يضر فيه الجهل، وذلك لأن عقد النكاح ليس من عقود العوض التي تقع فيها المشاحة، ويكون كل من العاقدين يريد الربح المالي، عقد النكاح عقد متعة بقطع النظر عن عوضه، إذن هذا يصح.
القسم الثالث : أن يزوجها ويسكت فيقول زوجتك بنتي فيقول قبلت ولا يذكر لها مهراً فهنا يصح النكاح أيضاً بالاتفاق ويكون لها مهر المثل يكون لها مهر المثل.
القسم الرابع: أن يزوجها ويشترط الزوج أن لا مهر عليه، فيقول: أنا قبلت النكاح لكن بشرط أن لا مهر علي، فما الحكم؟
في هذه المسألة قولان للعماء:
القول الأول: أن النكاح غير صحيح، لأن الله اشترط للحل إيش ؟ المال قال : { أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُم } وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وعلى هذا فلا نكاح في هذه الحال، ويكون هذا الذي عُقد له خاطبًا من الخطاب إن خطب من جديد ورضينا أن نزوجه زوجناه وبالمهر.
والقول الثاني في المسألة : أن النكاح صحيح ويجب لها مهر المِثل قياسًا على ما إذا زوجه ولم يسم مهراً، ولكن هذا القياس قياسٌ مع الفارق، وذلك لأن المتزوجة بدون تسمية مهر قد دلت السنة بل قد دل القرآن والسنة على صحة نكاحها، فقال الله تعالى : { لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة } فقال : { لا جناح عليكم إن طلقتم النساء }.
ومن المعلوم أن الطلاق لا يكون إلا بعد صحة العقد، وهذه الآية صريحة في أن الإنسان يطلق زوجته بدون أن يُسمي لها مهرًا، وأما السُنة فحديث ابن مسعود رضي الله عنه: "في المرأة يتزوجها الرجل ولم يُسم لها مهرًا ثم يموت قال: لها مهر المثل، فقام رجل فقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بمثل ذلك" أفهمتم الآن ؟
الطالب : نعم .

الشيخ : هذا لا يصح أن يُقاس عليه ما إذا زوجها وشرط أن لا مهر، لأنه إذا شرط أن لا مهر فهو مُخالف تمامًا لظاهر القرآن وهو قوله تعالى إيش؟ { وأحلَّ لَكُمْ مَا وَراء ذلكم أن تَبْتَغُوا بأموالكم } فالقول الصحيح في هذه المسألة ما ذهب إليه شيخ الإسلام،
وأيضًا إذا تزوجها بشرط أن لا مهر عليه فهذه حقيقة الهبة، أليس كذلك؟ وقد قال الله تعالى في الهبة إنها خاصة بالرسول صلى الله عليه وسلم.
من فوائد هذا الحديث: جواز نظر الخاطب إلى مخطوبته، لقوله : "فصعَّد فيها النظر"، فإن قيل: إن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يخطب، قلنا: هذا أولى من الخاطب أن تأتي المرأة تعرض نفسها على الرجل، هذا أبلغ، فإذا جاز للخاطب الطالب أن ينظر فالمخطوب المطلوب؟
الطالب : من باب أولى .

الشيخ : من باب أولى طيب.
ومن فوائد الحديث: جواز تكرار النظر من الخاطب للمخطوبة لقوله : "فصعّد وصوّب" وهو كذلك، فلا حرج للخاطب أن يكرر النظر لمخطوبته، ولكن سبق لنا أنه لابد من شروط، لابد من شورط ولأن النظرة الأولى أو الواحدة قد لا تُعطي الإنسان تصوراً كاملاً عن المرأة.
طيب من فوائد هذا الحديث: أنه لا يجب على المرأة أن تستر وجهها عن الرجال الأجانب، لأن النبي صلى الله عليه وسلم صعد فيها النظر وصوبه، وأشد ما يرغب الرجل إليه من المخطوبة هو الوجه، وعلى هذا فيكون في الحديث دليل على جواز كشف المرأة وجهها عند الرجال الأجانب، هكذا استدل به بعض العلماء، والحقيقة أنه لا دليل في الحديث، أولاً: لأن هناك جوابًا مجملاً عن كل حديث يدل على أن المرأة يجوز أن تكشف وجهها عند الرجال الأجانب، هناك جواب مجمل وهو أن من المعلوم أن لكشف الوجه حالين: حال جواز، وحال منع، أليس كذلك؟ يعني أن كشف الوجه في أول الإسلام كان جائزًا، فإن الحجاب لم يفرض إلا في السُنة الخامسة أو السادسة، فكل حديث يدل على أن المرأة تكشف وجهها عند الرجال الأجانب فإنه يحتمل أن يكون قبل الحجاب، وإذا كان قبل الحجاب لا دليل فيه، والقاعدة المعروفة عند العلماء في الاستدلال أن ما كان محتملاً لا يصح أن يكون دليلاً، لأن المحتمل له معنيان، فحمله على أحد المعنيين بدون دليل يحتاج إلى دليل، ولهذا قالوا: " إذا وجد الاحتمال بطل الاستدلال "، فحينئذٍ نقول: هذا الحديث حديث سهل إن ثبت أن المرأة كاشفة وجهها فإنه محمول على ما قبل الحجاب، على أننا نمنع أيضاً نمنع من كون هذا الحديث دالاً على كشف المرأة وجهها، لأنه لا يلزم من تصعيد النظر وتصويبه أن تكون كاشفة، فالإنسان قد يستدل على المرأة بهيكلها وبهاء جسمها ومقاطعه مثلاً، لأنه قد يستدل بالجملة على التفصيل، فليس فيه دليل واضح على أنها قد كشفت الوجه، وحينئذٍ تبقى النصوص الدالة على وجوب ستر الوجه عن الأجانب تبقى مُحكمة لا معارض لها.
طيب ومن فوائد هذا ألحديث: حُسن خلق الرسول صلى الله عليه وسلم ، من أين يؤخذ ؟
الطالب : طأطأ رأسه .
الشخ : من قوله : "ثمّ طأطأ رأسه وسكت"، لم يقل: لا أريدك وهو لا يريدها فلم يقل: أنا قابل، ولكن من حُسن خلقه أنه طأطأ رأسه هكذا وسكت.
ومن فوائد هذا الحديث: حُسن أدب هذه المرأة، لأنها جلست ولم تتكلم ولم تزعل كما يقول التعبير العامي ما زعلت وراحت، مع أن المقام يقتضي أن تزعل أن تزعل جاءت امرأة تهدي نفسها على رجل بين الناس ثم لا يقبل، لكن من أدبها رضي الله عنها وصبرها وتحملها أنها جلست لعل النيي صلى الله عليه وسلم يقبل لا تدري لعل الله يُحدث بعد ذلك أمراً فجلست.
ومن فوائد هذا الحديث: أيضاً حُسن أدب الصحابة رضي الله عنهم في مخاطبة النبي صلى الله عليه وسلم، من أين تؤخذ؟ قول الرجل: يا رسول الله إن لم يكن لك بها حاجة فزوجنيها، ما قال يا رسول الله زوجنيها قال : إن لم يكن لك بها حاجة ، ونظير هذا القول ذي اليدين حين سلم النبي صلى الله عليه وسلم من ركعتين في صلاة الظهر أو العصر، لما صلى عليه الصلاة والسلام الظهر أو العصر ركعتين سلم، وكان النبي صلى الله عليه وسلم مَهيبًا يهابه أخص أصحابه به في القوم أبو بكر وعمر وهما أخص أصحابه فهابا أن يُكلماه، وفي القوم رجل له يدان طويلتان كان النبي صلى الله عليه وسلم يمزح عليه يسميه ذا اليدين، والإنسان الذي يمازح معه يكون فيه يعني يضرب على صاحبه فقال ذو اليدين : "يا رسول الله، أنسيت أم قصرت الصلاة؟". ما قال: نسيت، ولا قال: قُصرت، السرعان من الناس خرجوا يقولون: قُصرت الصلاة، لكن هذا الرجل قال: أنسيت أم قُصرت الصلاة، كمال الأدب، فيه احتمال ثالث لكنه بالنسبة للرسول عليه الصلاة والسلام غير وارد القسمة العقلية تقتضي ثلاثة احتمالات: نسي، قُصرت، ما هو الثالث؟
الطالب : التعمد .

الشيخ : تعمد السلام قبل التمام هذا الثالث غير وارد ولهذا لم يورده، لو أنه أورده لكان فيه إساءة أدب عظيمة، لكنه لم يورده، فقال النبي صلوات الله وسلامه عليه : "لم أنس ولم تُقصر" كيف لم أنس ولم تقص؟! أحد الاحتمالين غير صحيح وهو خبر، وهل في أخبار النبي عليه الصلاة والسلام ما ليس بصحيح؟ لا، ولكن بناءً على ظنه، بناء على ظنه وهذا نأخذ منه فائدة كبيرة وهو أن الذي يخير على حسب ظنه فيقع الأمر على خلاف ظنه لا يُعد كاذبًا، وإن كان حالفاً لم يحنث سواء في المستقبل أو في الماضي، لما قال : "لم أنس ولم تقصر" هنا أمران منفيان: أمر محتمل وأمر غير محتمل، لما جزم به الرسول عليه الصلاة والسلام، ما هو الغير محتمل؟ القصر لما قال: لم تُقصر تعين الثاني وهو النسيان ولهذا قال له : "بلى قد نسيته" فتعارض عند النبي صلى الله عليه وسلم الآن، تعارض ما في نفسه وما في نفس ذي اليدين، لأن النبي صلى الله عليه وسلم يعتقد أن الصلاة تامة وذو اليدين يقول: إنها غير تامة، فاحتاج إلى حَكَم بينهما، فرجع إلى من؟ إلى الناس قال : "أحق ما يقول ذو اليدين؟ قالوا: نعم، فتقدم فصلى ما ترك".
أنا أقول: إن من رأى أدب الصحابة وجدهم على أكمل ما يكون من الأدب مع الرسول عليه الصلاة والسلام ولهذا قال هنا : "يا رسول الله، إن لم تكن لك بها حاجة فزوجنيها".
من فوائد الحديث: أن النيي صلى الله عليه وسلم له أن يتزوج بلا ولي، له أن يتزوج بلا ولي لأن المرأة لما قالت : "قد وهبت لك نفسي" لم يقل: أين وليك يزوجك وهو كذلك له أن يتزوج بلا مهر وبلا ولي، وقد خصه الله تعالى بخصائص كثيرة في باب النكاح، لأن هذا فيه مصلحة عظيمة، كل امرأة تتصل بالرسول عليه الصلاة والسلام سوف تحفظ لنا سننا كثيرة وعلمًا كثيرًا في مسائله الداخلية، ولهذا أبيح له أن يتزوج ما شاء حتى نزل { لا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ }.
ومن فوائده أيضا: أن للنبي صلى الله عليه وسلم له أن يزوج دون أن يرجع إلى الولي لما قال الرجل: زوجنيها ما قال : لست بولي لها، ولا قال: أين وليك؟ فدل هذا على أن النبي صلى الله عليه وسلم له أن يزوج دون الرجوع إلى ولي نعم وهو كذلك لقوله تعالى : { النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ } وهو بهذه المرأة أولى من وليها إذا كان أولى بها من نفسها فهو أولى بها من وليها طيب .
ومن فوائد هذا الحديث: جواز المهر قليلاً كان أو كثيرا ، من أين يؤخذ ؟
الطالب : شيء .

الشيخ : من كلمة شيء، وشيء نكرة في سياق إيش؟
الطالب : ...

الشيخ : هل عندك من شيء ؟
الطالب : الاستفهام .

الشيخ : اجزموا يا جماعة .
الطالب : الاستفهام .

الشيخ : في سياق الاستفهام والنكرة في سياق الاستفهام .
الطالب : تعم.

الشيخ : تدل على العموم،
طيب هل يشمل كل شيء وإن كان غير مُتَمَوَّل؟
الطالب : لا .

الشيخ : عند الظاهرية نعم، عند الظاهرية يشمل كل شيء وإن كان غير متمول حتى لو قال : زوجتكها على قشر بيضة نعم لأنه شيء، حتى لو قال: زوجتكها على حبة شعير، لأنه؟
الطالب : شيء .

الشيخ : لأنه شيء، ولكن هذا القول ضعيف جدًا، لأن ما لا يتمول ليس بشيء، أليس كذلك ؟ نعم والدليل على ضعف هذا القول قول الله تعالى : { وأحل لكم ما وراء ذلك } إيش؟ { أن تبتغوا بأموالكم } فلابد أن يكون المهر متمولاً، ثم هناك أيضاً دليل آخر وهو قوله تعالى : { وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ } وحبة الشعير ؟
الطالب : ما تتنصف .

الشيخ : ما تتنصف، المهم: أن هذا من عيب المستدل أن يأخذ بدليل واحد ويترك بقية الأدلة، ولهذا يصعب كثيراً على الإنسان أن يخول لنفسه باب الاجتهاد دون أن يكون عنده سعة علم، الحين بعض الناس ولاسيما النشء الجديد تجده إذا علم مسألة بدليلها يحكم على طول دون أن ينظر إلى بقية الأدلة، وهذا نقص، لأن الأدلة الشرعية في الحقيقة كتلة واحدة لا تتجزأ لابد أن يكون عند الإنسان إلمام، ومن المعلوم أنه لا يمكن أن يُلم بكل دليل لكن لابل أن يكون عنده شيء.
طيب من فوائد هذا الحديث: جواز القسم بدون طلبه نعم ؟
الطالب : لا والله .

الشيخ : من قول الرجل : "لا والله يا رسول الله" من قوله : "لا والله يا رسول الله" مع أن النبي عليه الصلاة والسلام لم يطلب منه أن يقسم، لكن المقام يستدعي التوكيد، فلذلك أقسم الرجل.
ومن فوائده: جواز مخاطبة الكبير للشرف بـ لا .
الطالب : لا والله .

الشيخ : من قوله: لا، وله شواهد قال النبي عليه الصلاة والسلام لجابر بن عبل الله: بعنيه يعني بعني الجمل، فقال: لا، عند الناس الآن يستعيبون أن يقولوا كلمة لا لذي الشرف والسيادة، يقولون: مالك لوى بدلاً من لا، ولكن ما دام الصحابة رضي الله عنهم وهم أكمل منا أدبًا يُخاطبون الرسول عليه الصلاة والسلام وهو أعظم الناس سؤددًا وشرفا بكلمة لا فلا ينبغي أن ندعها ونقول: إن غيرها أولا منها.
ومن فوائد هذا الحديث: حكمة النبي عليه الصلاة والسالم حيث قال له : "اذهب إلى أهلك فانظر هل تجد شيئا؟" لأن النبي عليه الصلاة والسلام إنما قال ذلك لاحتمال أن يكون هذا الرجل في بيته شيء لم يعلم به، وهذا يقع كثيرا يكون في بيتك شيء وتنفيه وهو موجود إما نسياناً وإما لأنك لا تعلم به، أليس كذلك كثيراً ما يأتي الأهل بشيء وأنت لا تعلم ، إذن نأخذ منه: حكمة الرسول عليه الصلاة والسلام في معاملة الصحابة.
من فوائد هذا الحديث: كمال أدب الصحابة أيضا مع الرسول عليه الصلاة والسلام، فإن الرجل لما قال له: "اذهب فانظر هل تجد شيئا؟" ذهب مع أنه في الأول يقول: "لا والله ما عندي شيء" ومع ذلك ذهب، وهذا الذهاب يحتمل أنه امتثال لأمر النبي عليه الصلاة والسلام ويحتمل أن الرجل قدّر في نفسه لعل الرسول عليه الصلاة والسلام بلغه أن في البيت شيئا لم يعلمه عن طريق الوحي ولهذا ذهب الرجل، على كل حال هو يدل على كمال أدبه، لأنه ذهب بدون أن يستفهم.
ومن فوائد هذا الحديث: جواز لبس خاتم الحديد لقوله : "انظر ولو خاتماً من حديد" ولو خاتماً من حديد لأن المقصود من الخاتم أن يلبس وإلا ما الفائدة، خاتم من حديد ولا يلبس ما الفائدة منه قد يقول قائل يُباع ، إذا بيع على من؟ على من يلبسه وهذه المسألة اختلف فيها العلماء، فمنهم من قال: إنه لا يجوز لبس خاتم الحديد، واستدل بحديث لكنه ضعيف أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: "إنه حلية أهل النار"، وهذا يدل على الذم، ولكن الصحيح أنه جائز لهذا الحديث الثابت في الصحيحين وهو أقوى من قوله : "إنه حلية أهل النار" على أن حديث: "إنه حلية أهل النار" يُحتمل أن المعنى: أن المشركين في ذلك الوقت كانوا يتحلون به فقال: إنه حليتهم تنفيرا من التشبه بهم لا من أجل كراهة الحديد ذاته. فالله أعلم، لكن ما دام عندنا حديث ثابت في الصحيحين فالأخذ به أولى، وهل يُقاس على ذلك ما تحفظ به الساعة وهو ما يسمى بإيش؟ السير أو ... ؟ يرى بعض العلماء أن يُقاس على الخاتم من الحديد وأنه لا يجوز للرجل على القول بالتحريم أو الكراهة أن يلبس هذا النوع من سيور الساعات، ولكن قد ينازع في ذلك، لأن الغالب أن المقصود من هذه السيور حفظ الساعة دون النظر إلى كونه حُلية، وإن كان بعض الناس قد يقصد هذا السير ولهذا تجده يختار شيئا معيّنا دون شيء آخر، لكننا إذا قلنا بأن الأصل وهو الخاتم ليس بحرام فهذا الفرع من باب أولى.
قال لا والله ما وجدت شيئاً إلى هنا انتهى ما سبق استنباط الفوائد منه .
فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "انظر ولو خاتماً من حديد" من هذه الجملة نستفيد أولاً: أن المهر يصح بالقليل والكثير لقوله : "انظر ولو خاتماً من حديد" ويصح أيضاً في المنافع كما سيأتي إن شاء الله، ويستفاد من هذه الجملة: جواز لبس خاتم الحديد لقوله : "ولو خاتماً من حديد" وحينئذ يطلب الجمع بينه وبين وصف النبي صلى الله عليه وسلم خاتم الحديد بأنه حلية أهل النار والجمع إنما يُطلب عند التقابل للترجيح، وهذا الحديث كما رأيتم في الصحيحين أما حديث إنّ خاتم الحديد حلية أهل النار، فإن كثيرا من العلماء ضعفه وقال: إنه لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم، وحينئذ لا يكون مقاومًا لهذا الحديث الصحيح حتى يُطلب الجمع.
ومن فوائد هذا الحديث: أنه يوجد في الصحابة الفقر العظيم بحيث إن الرجل لا يجد إلا ما يلبسه يؤخذ من قوله : "ولا خاتما من حديد ولكن هذا إزاري".
ومن فوائد هذا الحديث: أنه لا يجب ستر أعلى البدن، ووجهه: أن هذا الرجل ليس له رداء كما قال سهل : "ما له رداء"، ويدل لذلك أيضاً حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الثوب : "إن كانَ واسعًا فالتحف وإن كان ضيقًا فائتزر به" وقد صلى جابر نفسه رضي الله عنه بإزار، وكان رداؤه عنده يستطيع أن يلبسه.
ومن فوائد هذا الحديث: جواز القسم أو الحلف بلا استحلاف، لأن الرجل حلف دون أن يستحلفه النبي صلى الله عليه وسلم فأقره النبي صلى الله عليه وسلم والنبي صلى الله عليه وسلم لا يقر على شيء مُحَرَّم، ولهذا كان من أدلة الجواز إقرار النبي صلى الله عليه وسلم للشيء كما كان العلماء رحمهم الله يستدلون بهذا على حل الشيء فيقولون: هذا يفعل على عهد النبي صلى الله عليه وسلم نعم
ومن فوائد هذا الحديث أيضاً: أن الإنسان لا يجوز أن يبذل ضروراته لغيره لقول النبي عليه الصلاة والسلام : "وإنْ لبسته لم يكن عليك منه شيء" لم يكن عليك منه شيء، وظاهر هذا الحديث هذه الجملة فيها إشكال لقوله : "إن لبسته"، وذلك أن الإزار للرجال لا يماثل إزار النساء، وإذا كان لا يماثله فإن لبس المرأة للإزار يكون تشبهًا بالرجال، وتشبه النساء بالرجال من كبائر الذنوب، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لعن المتشبهات من النساء بالرجال، فماذا نقول عن ظاهر هذا الحديث؟ يمكن أن يجاب عنه بأن المراد بلبسها إياه استعمالها له سواء لبسته على هيئة ما يلبسه الرجل أو على هيئة أخرى، كأن تجعله سراويل مثلا لأن اللبس له وجوه متعددة شتى، حَتَّى إن أنس بن مالك رضي الله عنه لما ذكر زيارة النبي صلى الله عليه وسلم له ولأمه أو جدته مُليكة ذكر أنه أخذ حصيرًا قد اسود من طول ما لُبس، والحصير لا يلبس ولكنه يُستعمل، فلبس كل شيء بحسبه فإذا كان ظاهر هذا الحديث أن المرأة تلبس إزار الرجل فإنه يجب حمله أنها تلبسه على وجه إيش؟ لا يماثل لبس الرجل له لئلا تقع في التشبه المتوعد عليه باللعنة.
ومن فوائد هذا الحديث: أن الإنسان إذا صبر ظفر، فإن هذا الرجل مكث وأطال القيام فلما قام جعل الله له فرجًا، يقول: "جلس الرجل حتى إذا طال مجلسه قام".
ومن فوائد هذا الحديث: جواز جعل المنفعة مهرا لقوله لما قال : "ما معك من القرآن قال معي سورة كذا وسورة كذا فدعاه، عددها فقال تقرؤهن عن ظهر قلبك؟ قال نعم ، قال اذهب فقد ملَكُتُكها بما معك من القرآن" واضح؟ إذن فيجوز أن يكون المهر عيناً، ويجوز أن يكون منفعة، ويدل لهذا أيضاً يعني يؤيد هذا ما جرى لموسى عليه الصلاة والسلام فإن مهر إحدى البنتين كان رعاية الغنم لمدة ثمان سنين أو عشر سنين.
ومن فوائد هذا الحديث: جواز أخذ الأجرة على تعليم القرآن، جواز أخذ الأجرة على تعليم القرآن ، واضح؟ لأن عوض هذا التعيين كان البضع، والبضع لا يستباح إلا بالمال لقوله تعالى : { وأحل لكم ما وراء ذلكم أن تبتغوا بأموالكم } .
ومن فوائده أيضاً: جواز جعل تعليم القرآن أجرة، فهل هناك فرق بين هذه الفائدة والتي قبلها؟
الطالب : نعم .

الشيخ : نعم، إيش الفرق ؟
الطالب : الفرق إذا كان ... وإذا كان بغير عوض .

الشيخ : لا لا ، نحن ذكرنا فائدتين ، الأولى : جواز أخذ الأجرة على تعليم القرآن ، والثاني جواز جعل تعليم القرآن أجرة نعم ؟
الطالب : الأول واحد يعلم القرآن ويأخذ الأجرة عليه .

الشيخ : على التعليم .
الطالب : على التعليم والثاني يجعله أجرة مثلاً واحد يعطي أو يزوج بنته وهو يجعل هذا القرآن مهراً لها ، أو يعطي شيئاً وهو يقابل في مقابله ... القرآن .

الشيخ : يعني مثلاً شخص قال عندي بيت فقلت: أجرني إياه على أن أعلمك القرآن، شخص أمي ما يعرف القرآن فقلت أجرني إياه بأن أعلمك القرآن، فهنا جعلنا تعليم القرآن نفسه أجرة .
أما المسألة الأولى فإننا جعلنا مَن يُعلم القرآن يأخذ عليه أجرة، مال دراهم ، ففرق بين المسألتين ، طيب ذهب بعض أهل العلم إلى أنه لا يجوز أن يُجعل تعليم القرآن مهراً، لا يجوز أن يجعل تعليم القرآن مهراً ، واستدلوا بحديث ضعيف وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "لن تكون لمن بعدك مهرًا". وهذا الحديث ضعيف لا يصح، وعلى تقدير صحته فإنه يمكن أن يُفسر قوله: لمن بعدك أي بعد حالك كما قلنا في حديث .
الطالب : أبي بردة بن نيار.

الشيخ : أبي بردة بن نيار حين قال له النبي عليه الصلاة والسلام في العناق : "إنها لن تجزى عن أحد بعدك" قال شيخ الإسلام ابن تيمية : " ليس المراد بعده في الزمن بل بعده في الحال والوصف " وذلك لأن الشريعة الإسلامية لا تُعطي أحدًا حُكمًا لتعيين شخصه، لا تعطيه يعني مثلاً ما تعطيه هذا حرام على زيد لأنه زيد أبداً لأن الأحكام الشرعية كلها معلقة بالوصف والمعنى المقضي لها حتى خصائص الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ليست خصائص لأعيانهم، فالنبي عليه الصلاة والسلام أعطي آيات بينات، لأنه محمد بن عبد الله ؟
الطالب : لا ، رسول الله .

الشيخ : لأنه ؟
الطالب : رسول الله.

الشيخ : رسول الله لأنه رسول الله، وهذا الذي ذهب إليه ابن تيمية هُوَ الحق، أن الشرع لا يعطي شخصاً بعينه حكماً إلا لسبب عام أو لمعنى يقتضيه يشمل الحكم من شاركه في هذا المعنى طيب .
ومن فوائد هذا الحديث: أنه قد يكون فيه إشارة إلى اشتراط القدرة على تسليم المهر من أين؟ من قوله : "تقرأهن عن ظهر قلب" لأن الإنسان الذي لا يقرأ القرآن عن ظهر قلب ربما لا يحصل على مصحف، لاسيما في الزمن السابق في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام لكن الذي يحفظ عن ظهر قلب قادر على أن يُعلم، نعم.
ومن فوائد هذا الحديث: انعقاد النكاح بما يدل عليه، لقوله: "فقد مَلَكُتُكها بما معك من القرآن" وذكر المؤلف ثلاثة ألفاظ : ملكتكها، زوّجتكها، أمكناكها بما معك من القرآن، وقد اختلف العلماء في هذه المسألة هل ينعقد النكاح بكل لفظ يدل عليه أو لابد من لفظ معيّن؟ فالمذهب أنه لابد من لفظ معين وهو لفظ التزويج أو الإنكاح، أو الأمة يقول لها: أعتقتك وجعلت عتقك صداقك كما جرى ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم في صفية بنت حيي، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أعتقها وجعل عتقها صداقها، طيب المشهور من المذهب أنه لا يصح إلا بلفظ النكاح أو التزويج أو ملكتكها أو أعتقتها وجعلت عتقها صداقها في الأمة ، والصحيح أن ، نعم قبل هذا نقول ما هُوَ الدليل؟ قالوا: لأن هذا هُوَ اللفظ الذي جاء به القرآن، قال تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ } وقال : { وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ } { وَأَنكِحُوا الأَيَامَى منكم } فهذا هو اللفظ الذي جاء به القرآن فيجب أن نتقيد به، فيقال: إن المراد بهذا اللفظ ليس تعيين اللفظ، ولكن بيان المراد والمعنى، وإذا سلكتم هذا المسلك في الاستدلال لزمكم أن تقولوا إن البيع لا ينعقد إلا بلفظ البيع، لأن هذا هُوَ اللفظ الذي جاء به القرآن، فلفظ الإنكاح أو التزويج أو ما أشبه ذلك إنما جاء على الدلالة على المعنى المراد لا لتعيين هذا اللفظ، وكل شيء لا يُتعبد بلفظه فإنه يرجع فيه إلى العُرف هذه قاعدة مفيدة ، " كل شيء لا يتعبد بلفظه فإنه يرجع فيه إلى العرف " من العقود، لأن العقود حقائقها تعود إلى العُرف المصطلح عليه، فالصحيح إذن أن عقد النكاح كغيره من العقود ينعقد بكل لفظ دل عليه سواء بلفظ التزويج أو الإنكاح أو بلفظ: أعتقتك وجعلت عتقك صداقك، أو ملكتُكَ بنتي، أو زوجتك بنتي، أو ما أشبه ذلك ما دام هذا اللفظ يُحدد المعنى فإنه ينعقد به النكاح، نعم .
ومن فوائد هذا الحديث: أنه يجب على الزوج أن يُسَلّم المهر لقوله : "فَعَلِّمهَا".
ومن فوائد قوله : "فعلمها" الرد على قول من قال: إن الباء في قوله : "بما معك" إيش؟ للسببية، وأنه يتعين أن يكون معناها العوض، أي: ملكتك بما معك من القرآن بحيث تعلمها إياه.
وفي رواية قال له : "انطلق فقد زوجتكها فعلمها من القرآن" وفي رواية للبخاري : "أمكناكها بما معك من القرآن" .
ولأبي داود: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : "ما تحفظ؟ قال: سورة البقرة" سورةُ ولا سورةَ ؟
الطالب : سورة .

الشيخ : طيب "ما تحفظ" ما هذه استفهامية، يعني: أي شيء تحفظ من القرآن؟ قال : "سورةَ البقرة" سورةَ بالنصب كذا؟ من أجل أن يطابق الجواب السؤال كقوله تعالى : { وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ }. بالنصب، فإذن الصواب "سورةَ البقرة والتي تليها ، قال : قم فعلمها عشرين آية" ولكن هذا اللفظ الذي رواه أبو داود يعارض اللفظ الذي في الصحيحين لأن ظاهر الفظ الذي الصحيحين أنه زوجها بكل ما معه من القرآن ، وهذا يقول : "علمها عشرين آية" فالظاهر أن هذه اللفظة غير محفوظة.

Webiste