تم نسخ النصتم نسخ العنوان
حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا جرير عن الحسن... - ابن عثيمينالقارئ : حدثنا عثمان بن أبي شيبة، حدثنا جرير، عن الحسن بن عبيد الله، عن أبي عمرو الشيباني، عن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:  أفضل الأعمال -...
العالم
طريقة البحث
حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا جرير عن الحسن بن عبيد الله عن أبي عمرو الشيباني عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أفضل الأعمال أو العمل الصلاة لوقتها وبر الوالدين
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
القارئ : حدثنا عثمان بن أبي شيبة، حدثنا جرير، عن الحسن بن عبيد الله، عن أبي عمرو الشيباني، عن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أفضل الأعمال - أو العمل - الصلاة لوقتها ، وبر الوالدين .

الشيخ : هذه الأحاديث كما ترون فيها بيان أن الأعمال مراتب، في الفضل، وكل ما كان أفضل فهو أحب إلى الله عز وجل، ولهذا جاء بعضها بلفظ: أي: العمل أحب إلى الله وفي بعضها: أي العمل أفضل كلما كان العمل أفضل كان أحب إلى الله، ولكنكم ترون في هذه الأحاديث أن بعضها قد يخالف الآخر في ظاهره ، فمثلا في حديث أبي هريرة سئل النبي صلى الله عليه وسلم : أي الأعمال أفضل؟ قال : إيمان بالله، قال ثم ماذا: قال: الجهاد في سبيل الله ؟ قال: ثم ماذا؟ قال: حج مبرور . ومعلوم أن الصلاة أفضل من الجهاد وأفضل من الحج المبرور ، كما دل عليه حديث ابن مسعود رضي الله عنه.
وقيل إن هذا الخلاف باعتبار حال السائل أي أن النبي صلى الله عليه وسلم يعرف من حال السائل أن الأفضل في حقه كذا دون كذا ويبقى الفضل الآخر المطلق في أحاديث أخرى ، وهذا أقرب ما يكون.
وقيل إن أفضل اسم تفضيل، فإذا قيل عن هذا العمل أفضل وعن هذا العمل أفضل فلا منافاة لاشتراكهما في الأفضلية ، وعلى هذا فيكون الأفضل على تقدير من أي: من أفضل الأعمال ولكن هذا ليس بوجيه، فحين يوجه السؤال إلى النبي صلى الله عليه وسلم فيقال: أي العمل أحب إلى الله؟ لا يستقيم ، صحيح أن السائل يريد العمل الأعلى ، والظاهر والله أعلم أن الصواب هو الوجه الأول ، وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم يخاطب كل إنسان بما يليق بحاله.
ولا شك أن الإيمان بالله هو الأصل، فهو أفضل من الصلاة ، ولا تقبل صلاة بلا إيمان بالله ، ولا شك أن الصلاة أيضا أفضل من الجهاد في سبيل الله، لأنها عمود الإسلام ، ولأن تاركها كافر ،بخلاف الجهاد ، الجهاد ذروة سنام الإسلام، فهو كماله وأما الصلاة فإنها عمود الإسلام، فهي أصل من أصوله.
وكذلك بر الوالدين مع الجهاد هذا يمكن أن يختلف الناس فيه، فنقول لشخص: برك لوالديك أفضل من الجهاد، ونقول للآخر: جهادك أفضل من بر الوالدين، فمثلاً إذا كان الأول ضعيف البنية قليل الإقدام وكان والداه محتاجين له ، فلا شك أن بقاءه عند والديه أفضل، وإذا كان الأمر بالعكس رجل قوي نشيط شجاع ، ووالداه لا يحتاجانه كثيراً فهنا الجهاد في حقه أفضل.
وكذلك يقال في الحج المبرور مع الجهاد، تتفاضل بحسب حال الشخص وفي الأحاديث في جملتها: إثبات محبة الله عز وجل وأن الأعمال تتفاضل عند الله في المحبة ، فبعضها أحب إلى الله من بعض ، وهذه المحبة هل هي محبة حقيقية أو مراد بها الثواب والأجر؟
كافة أهل السنة والجماعة فيما أضافه الله إلى نفسه أنه على حقيقته، وأن صرفه إلى غير ظاهره تحريف وعلى هذا فنقول: إن المحبة محبة حقيقية ثابتة لله عز وجل على الوجه اللائق به ، وليس محبة طلب النفع أو طلب دفع ضرر بل هي محبة لأن المحبوب فعل ما يرضيه عز وجل فهي محبة كمال محبة إحسان محبة خير. وأما من أنكر المحبة وقال المراد بالمحبة الثواب أو إرادة الثواب، فهذا لا شك أنه محرف.
وتعليل بعضهم أن المحبة إنما تكون بين شيئين متجانسين فهذا تعليل عليل، بل باطل، لأننا نرى أن المحبة تكون بين شيئين بينهما من التضاد ما هو واضح فالإنسان مثلاً يحب بيته الشرقي دون الغربي، مع أن الكل جماد ليس من جنسه بل من أبعد الأشياء عنه يحب قلمه الأزرق أشد من محبة قلمه الأحمر مثلا يحب الساعة الفلانية أكثر من الساعة الفلانية
وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: هذا أحد جبل يحبنا ونحبه فأثبت المحبة بين الإنسان والجماد، فكيف لا تثبت المحبة بين خالق ومخلوق ؟!
ثم يقال أيضاً: من الأدلة العقلية على ثبوت المحبة لله عز وجل: إثابة الطائعين على طاعتهم تدل على أن الله يحب الطاعة ، ويحب المطيع ، ولولا المحبة ما أثابهم، وهذا دليل عقلي لا ينكره أحد، والعجب أن هؤلاء الذين ينكرون المحبة يقولون إن العقل يمنعها أو إن العقل لا يدل عليها، لأن لهم طريقين في النفي، منهم من قال: إذا كان العقل لا يثبت هذه الصفة فلا نثبتها، ومنهم من قال: إذا كان العقل ينفي هذه الصفة فلا تثبتها. وبينهما فرق، فذاك يقول: إثباتها يتوقف على إثبات العقل لها فإن لم يثبتها وجب عليك النفي ، والثاني يقول: نفيها يتوقف على نفي العقل لها.

Webiste