تم نسخ النصتم نسخ العنوان
فوائد حديث ( هو الطهور ماؤه ، الحل ميتته ). - ابن عثيمينالشيخ : في هذا الحديث فوائد منها: حرص الصّحابة رضي الله عنهم على تلقّي العلم، وذلك بمعرفة سبب الحديث وهو سؤالهم النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم والصّحابة ل...
العالم
طريقة البحث
فوائد حديث ( هو الطهور ماؤه ، الحل ميتته ).
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
الشيخ : في هذا الحديث فوائد منها: حرص الصّحابة رضي الله عنهم على تلقّي العلم، وذلك بمعرفة سبب الحديث وهو سؤالهم النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم والصّحابة لا شكّ أنّهم أحرص النّاس على العلم، ولهذا كلّما ورد عليك من الأشياء التي لم يسأل عنها الصّحابة وهي ممّا ينقدح في الذّهن فاعلم أنّ سؤالك عنها بدعة كما قال العلماء رحمهم الله فيمن سأل عن كيفيّة صفات الله فقالوا: هذا السّؤال بدعة لأنّ الصّحابة لم يسألوا عنه.
ومن فوائد هذا الحديث: أنّ ماء البحر طهور، أنّ ماء البحر طهور بدون استثناء إلاّ ما يقيّده في الحديث يعني إلاّ إذا تغيّر بنجاسة وإلاّ فإنّه طهور، حتى لو فرض أنّه قد طفى على سطحه شيء من الأذى أو من الدّهن أو من البنزين أو ما أشبه ذلك فإنّه طهور، لأنّ هذا لا يغيّره.
ومن فوائد هذا الحديث أيضًا: حسن تعليم الرّسول عليه الصّلاة والسّلام وإجابته حيث يعمد إلى الأشياء الجامعة العامّة، وقد أعطي صلّى الله عليه وسلّم جوامع الكلم واختصر له الكلام اختصارًا، وجه ذلك أنّه قال: هو الطّهور ماؤه .
ومن فوائد هذا الحديث: جواز زيادة الجواب على السّؤال إذا دعت الحاجة إلى ذلك، وجهه؟ أنّ الرّسول عليه الصّلاة والسّلام زاد على سؤال السّائلين لبيان حكم ميتة البحر فقال الحلّ ميتته لماذا؟ لأنّ هؤلاء إذا كان أشكل عليهم الوضوء في ماء البحر فالظّاهر أنّه سيشكل عليهم ميتة البحر إذا وجدوا سمكًا طافيًا على الماء ميّتًا سوف يشكل عليهم من باب أولى، فلهذا أعلمهم النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم بحكم ميتة البحر مع أنّهم لم يسألوا عنه.
ومن فوائد هذا الحديث: أنّ جميع الأسماك والحيتان حلال لعموم قوله: ميتته وميتة هنا مفرد مضاف فيعمّ فكلّ ما في البحر من أسماك وحيتان فإنّه حلال وطاهر أو غير طاهر؟
الطالب : طاهر.

الشيخ : من أين علمنا أنّه طاهر؟
الطالب : حلال.

الشيخ : من أنّه حلال لأنّ لدينا قاعدة مفيدة وهي أنّ كلّ حلال فهو طاهر، كلّ حلال فهو طاهر وليس كلّ طاهر حلالًا، وكلّ نجس فهو حرام وليس كلّ حرام نجسًا، صحّ؟ نعم كلّ حلال فهو طاهر هذه واحد وليس كلّ طاهر حلالًا، كلّ نجس حرام وليس كلّ حرام نجسًا، طيب كلّ حلال طاهر واضح، ليس كلّ طاهر حلالًا مثل: الأشياء الضّارّة كالسّمّ والدّخّان والحشيشة وما أشبه ذلك فهذه إيش؟ طاهرة وهي حرام على خلاف في مسألة الحشيشة والخمر، لكن على القول الرّاجح أنّها طاهرة، طيب الثّانية كلّ نجس حرام صحّ؟
الطالب : نعم.

الشيخ : الدّليل؟ قل لا أجد فيما أوحي إليّ على طاعم يطعمه إلاّ أن يكون ميتة أو دمًا مسفوحًا أو لحم خنزير فإنّه رجس فعلّل الله تعالى التّحريم بالنّجاسة فدلّ ذلك على أنّ كلّ نجس فهو حرام، هذا من جهة الأثر الدّليل الأثري، الدّليل النّظري إذا كان يجب علينا أن نزيل أثر هذا الشّيء من ظاهرنا فكيف إيش؟ ندخله إلى بواطننا وليس كل حرام نجسًا صحّ؟
الطالب : نعم.

الشيخ : نعم وهو كذلك كالدّخان والسّمّ وشبهه فإنّه حرام وليس بنجس، طيب إذن نستفيد من هذا الحديث: أنّ جميع ميتات البحر حلال وجميع حيتانه وأسماكه حلال حيّها وميّتها فإن قال قائل ما تقولون فيما كان من جنس السّباع من الحيتان أحلال هو أم لا؟ الجواب حلال، هو حلال يوجد أسماك وحيتان في البحر تعدو على الإنسان وتأكله كما يعدو السّبع في البرّ ويعدو الإنسان فهل هذه حرام؟ الجواب: لا، حتى لو كانت على صورة حيّة أو على صورة إنسان أو على صورة كلب فإنّها حلال لعموم الأدلّة، فإن قال قائل: هل في القرآن ما يدلّ على حلّ ميتة البحر؟ قلنا نعم وهو قوله تعالى: وأحلّ لكم صيد البحر وطعامه متاعًا لكم قال ابن عبّاس رضي الله عنهما في تفسير قوله تعالى: وطعامه إنّه ما أخذ ميتًا طيب لو أنّ الماء تغيّر بسمك ميّت فهل يكون طهورًا؟
الطالب : نعم.

الشيخ : نعم يكون طهورًا لأنّه تغيّر بشيء طاهر حلال فلا يضرّ، ثمّ قال: " أخرجه الأربعة "، من هم الأربعة؟
الطالب : ...

الشيخ : طيب، " وابن أبي شيبة واللّفظ له وصحّحه ابن خزيمة والترمذي ورواه مالك والشافعي وأحمد " الأئمّة الثلاثة رووا الحديث، وقوله: " اللّفظ له "، اعلم أنّ العلماء رحمهم الله الذين ينقلون من الأصول كصاحب البلوغ وغيره قد يختارون أحد الألفاظ ولو ممّن دون غيره رتبة في الصّحّة، لأنّه أشمل وأوسع فيختارون هذا اللّفظ وإن كان قد رواه من هو أشدّ منه تحريّا للصّحيح ،لكنّه يكون بلفظ مختصر أو سياق ليس بجيّد أو ما أشبه ذلك، المهمّ أنّهم قد يختارون اللفظ لفظ المخرّج وإن كان أقلّ رتبة من الآخر لحسن سياق اللّفظ.
وقوله: " صحّحه " أي حكم بصحّته، واعلم أنّ الحديث الصّحيح عند العلماء هو ما اجتمع فيه خمسة شروط: الأوّل: أن يكون الرّاوي له عدلًا، والثاني: أن يكون تامّ الضّبط، والثالث: أن يكون الإسناد متّصلًا، والرّابع: أن يكون سالمًا من الشّذوذ، والخامس: أن يكون سالمًا من العلّة القادحة، خمسة شروط أعدها عليّ؟
الطالب : ما رواه عدل تام الضبط.

الشيخ : لا، قلها كما قلتها أنا.
الطالب : عدل، تامّ الضّبط، متّصل الإسناد وخالٍ من الشّذوذ وخالٍ من العلّة.

الشيخ : نعم، هذا هو الصّحيح فإن اختلّ بتمام الضّبط بأن كانت الشّروط تامة إلاّ تمام الضّبط فيكون الرّواة أو أحدهم عنده خفّة في الضّبط انتقل من الصّحّة إلى الحسن وصار حسنًا، فإن اختلّت العدالة فهو ضعيف وإن اختلّ الضّبط كلّه فهو ضعيف، وإن اختلّ اتّصال السّند فهو ضعيف، وإن اختلّت السّلامة من الشّذوذ فهو ضعيف، وإن اختلّ من السّلامة من العلّة القادحة فهو ضعيف، انتبه حتى لو فرض أنّ الحديث روي في كتاب يعتبر من الكتب الصّحيحة، ومن ذلك مثلًا ما رواه مسلم في صفة صلاة الكسوف أنّ الرّسول صلّى الله عليه وسلّم صلّى ثلاث ركوعات في كلّ ركعة، فهذا وإن كان في صحيح مسلم فهذا وإن كان في صحيح مسلم فإنّه شاذّ لعدول البخاريّ عنه واتّفاق البخاري ومسلم على أنّ في كلّ ركعة ركوعين، وقد أجمع المؤرّخون على أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم لم يصلّ صلاة الكسوف إلاّ مرّة واحدة، وعلى هذا فيحكم على ما سوى الرّكوعين في كلّ ركعة بأنّه شاذّ.
ومن ذلك أيضًا ما رواه مسلم في حديث المعراج حيث إنه رواه عن شريك وقدّم فيه وأخّر فيعتبر هذا مخالفًا لما اتّفق عليه الإمامان البخاري ومسلم يعتبر شاذّا، ومن ذلك على القول الرّاجح أفلح وأبيه إن صدق فإنّ قوله: وأبيه لم ترد في البخاري إنّما وردت في إحدى روايات مسلم وعلى هذا فتكون شاذّة، على كلّ حال الشّذوذ في الحقيقة وإن كان مخرّجًا في كتاب صحيح فإنّ الوهم وارد على كلّ إنسان ليس كلّ أحد معصوم من كلّ وهم، لا بدّ أيضًا يسلم من العلّة القادحة وهي التي تقدح في أصل الحديث أو في سند الحديث، وأمّا غير القادحة فإنّها لا تضرّ، ومن غير القادحة اختلاف الرّواة في مقدار ثمن جمل جابر رضي الله عنه، واختلافهم أيضًا في مقدار ثمن القلادة التي في حديث فضالة بن عبيد هل هو اثنا عشر دينارًا أو أقلّ أو أكثر هذا لا يضرّ لأنّها علّة غير قادحة، المهمّ إذا قيل ما هو الصّحيح على اصطلاح المحدّثين؟ قُل: ما رواه عدل تامّ الضّبط بسند متّصل وسلم من الشّذوذ ومن العلّة القادحة، فإن اختلّ تمام الضّبط وباقي الشّروط موجودة فهو الحسن، وإن اختلّت بقيّة الشّروط فهو الضّعيف.

Webiste