تم نسخ النصتم نسخ العنوان
مراجعة ومناقشة تحت حديث ( لا يغتسل أحدكم في... - ابن عثيمينالشيخ : على نبيّنا محمّد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدّين ذكر المؤلف رحمه الله ثلاثة ألفاظ: "ثمّ يغتسل فيه" "ثمّ يغتسل منه" "ثمّ يغتسل ف...
العالم
طريقة البحث
مراجعة ومناقشة تحت حديث ( لا يغتسل أحدكم في الماء ...) و ( لا يبولن أحدكم ...) و ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تغتسل المرأة بفضل الرجل ...).
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
الشيخ : على نبيّنا محمّد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدّين ذكر المؤلف رحمه الله ثلاثة ألفاظ: "ثمّ يغتسل فيه" "ثمّ يغتسل منه" "ثمّ يغتسل فيه من الجنابة" فما الفرق بين فيه ومنه؟ نعم؟
الطالب : ...

الشيخ : فيه يعني يغترف؟
الطالب : ...

الشيخ : إيه، ثمّ يغتسل فيه، أنا قلت فيه، أي نعم ثمّ يغتسل فيه.
الطالب : ...

الشيخ : ينغمس، طيب ومنه؟
الطالب : ...

الشيخ : ومنه؟
الطالب : يغترف منه.

الشيخ : يغترف منه، طيب لماذا جاء في قوله في اللّفظ الثاني لأبي داود يغتسل فيه من الجنابة؟
الطالب : ...

الشيخ : ليقيّد الإطلاق في رواية البخاري، طيب في الحديث الذي بعده يقول عن رجل صحب النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، بماذا تتحقّق صحبة الرّسول صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم؟ نعم؟
الطالب : ...

الشيخ : إيش؟
الطالب : ...

الشيخ : باجتماعه بالنّبيّ.
الطالب : باجتماعه بالنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم ومات على ذلك.

الشيخ : نعم، ما الفرق بين صحبة الرّسول وغيره؟
الطالب : صحبة الرّسول يكفي ...

الشيخ : لا، نعم كمال؟ يلاّ إيش الفرق؟
الطالب : ...

الشيخ : من طول ملازمة.
الطالب : وأما صحبة النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم ولو لحظة.

الشيخ : نعم بالاجتماع به ولو لحظة، طيب في الحديث إشكال وهو أنّ الرّجل الذي صحب الرّسول صلّى الله عليه وسلّم كان مجهولًا، هل يقدح هذا في صحّة الحديث؟
الطالب : لا.

الشيخ : لماذا؟
الطالب : لأنّ الصّحابة كلّهم ثقات.

الشيخ : نعم.
الطالب : فلا يضرّ ...

الشيخ : نعم، لأنّ الصّحابة كلّهم ثقات عدول فلا يضرّنا أن نجهل عين الرّاوي منهم، أظنّ ما تكلّمنا عن المتن؟ طيب تكلّمنا على النّهي؟
الطالب : نعم.

الشيخ : النّهي يحيى؟
الطالب : النّهي هو طلب الكفّ ...

الشيخ : طلب الكفّ؟
الطالب : على وجه الإستعلاء.

الشيخ : على وجه الاستعلاء، طيب.
الطالب : بصيغة مخصوصة.

الشيخ : إيش؟
الطالب : بصيغة مخصوصة.

الشيخ : نعم بصيغة مخصوصة، طلب الكفّ على صفة الاستعلاء بصيغة مخصوصة، بارك الله فيك، يلاّ يا سمير ما هي الصيغة المخصوصة؟
الطالب : المضارع المقرون بلا النّاهية.

الشيخ : المضارع بلا النّاهية مثل قوله: لا تفعل، طيب اجتنب هل هذا نهي؟
الطالب : ...

الشيخ : ليش؟ "اجتنبوا السّبع الموبقات" ... هؤلاء؟
الطالب : ...

الشيخ : طيب كيف تقول ليس بنهي؟
الطالب : لأنّه لم يرد بصيغة لا تفعل.

الشيخ : نعم؟
الطالب : لم يرد بصيغة لا تفعل.

الشيخ : أي، يعني هذا ليس نهيا ولكنّه أمر؟
الطالب : بالاجتناب.

الشيخ : بالاجتناب، بارك الله فيك، طيب أمّا هل يقتضي التّحريم ولا يقتضيه هذا ليس من شأننا الآن.
نبدأ الدّرس الجديد إن شاء الله، قال: " "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تغتسل المرأة بفضل الرجل أو الرجل بفضل المرأة، وليغترفا جميعًا" أخرجه أبو داود والنّسائي وإسناده صحيح "
"أن تغتسل المرأة بفضل الرّجل" يعني إذا اغتسل الرّجل في إناء ثمّ فارق المكان فجاءت المرأة لتغتسل منه فهذا مورد النّهي، لأنّها الآن يصدق عليها أنّها اغتسلت بفضل الرّجل، وكذلك العكس أن يغتسل الرّجل بفضل المرأة، تغتسل المرأة بالماء ويفضل بعدها بقيّة فيأتي الرّجل ويغتسل بهذه البقيّة فهذا أيضًا مورد النّهي ثمّ بعد هذا النّهي أرشد النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم إلى أمر خير منه فقال: "وليغترفا جميعًا" واللّام في قوله: "وليغترفا" لام الأمر والضّمير يغترفا يعود إلى المرأة والرّجل، ومن المعلوم أنّه لا يراد به كلّ امرأة ورجل وإنّما يراد به المرأة التي هي الزّوجة والرّجل الذي هو الزوج.
قوله "وليغترفا جميعًا" ينبغي أن نقف عندها حتى نبيّن أشياء حول هذه اللاّم وأختها التي هي لام التّعليل، لأنّ كثيرًا من النّاس يخطئ فيها في القرآن الكريم، مثلًا لام الأمر إذا أتت بعد حرف العطف الواو أو الفاء أو ثمّ فإنّها تقع ساكنة لا تفتح ومثال ذلك قول الله تعالى: { ثمّ ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوّفوا بالبيت العتيق } { ثمّ ليقضوا تفثهم } اللاّم ساكنة، { وليوفوا نذورهم } اللاّم ساكنة، { وليطوّفوا } اللّام ساكنة، ومثالها بعد الفاء { من كان يظنّ أن لن ينصره الله في الدّنيا والآخرة فليمدد بسبب إلى السّماء ثمّ ليقطع فلينظر هل يذهبنّ كيده ما يغيظ } فهنا وقعت بعد الفاء ساكنة ولا بدّ.
لام التّعليل تكون مكسورة في كلّ حال كما في قوله تعالى: { ليكفروا بما آتيناهم وليتمتّعوا } ليكفروا وليتمتّعوا فمن قرأها ولْيتمتّعوا فقد أخطأ لأنّها تغيّر المعنى { هذا بلاغ للنّاس } وإيش؟ { ولينذروا به } { وليذكّر } ومن قرأها ولْيذكّر فقد أخطأ خطأ عظيما ولحن لحنا يتغيّر به المعنى، انتبهوا لهذا لأنّ كثيرًا ممّن يقرؤون القرآن تسمعهم وهم يعني جهابذة ليسوا عن جهل ولكن تفوتهم مثل هذه المسائل أو إنّهم يكسرونها لكن مع الإدراج نظنّ أنّهم يسكّنوها إنّما لا بدّ أن يكون الكسر بيّنًا { هذا بلاع للنّاس ولينذروا به } القراءة صحيحة وإلا خطأ؟
الطالب : خطأ.

الشيخ : { هذا بلاغ للنّاس ولينذروا به } خطأ؟
الطالب : نعم.

الشيخ : لا إله إلاّ الله! من يخطّئ معلّمه؟
الطالب : ...

الشيخ : نعم الخطأ مردود على أيّ إنسان مهما كان إذن { ولِينذروا } بكسر اللاّم { ولِيذكّر } لا بدّ تبيّن أنّ اللاّم مكسورة { وليذكّر أولوا الألباب } هنا "وليغترفا جميعًا" نقول ولِيغترفا وإلاّ ولْيغترفا؟
الطالب : ولْيغترفا.

الشيخ : ولْيغترفا لأنّ اللاّم لام الأمر.
طيب في هذا الحديث توجيه من الرّسول صلّى الله عليه وسلّم وأدب رفيع وهو أنّ الرّجل مع زوجته إذا وجب عليهما الغسل فلا ينبغي أن يذهب الرّجل يغتسل وحده ثمّ تأتي بعده المرأة أو المرأة ثم يأتي بعدها الرّجل، بل الأفضل أن يغترفا جميعًا، وهذا الذي أرشد إليه الرّسول صلّى الله عليه وسلّم هو الذي كان يفعله فقد كان هو وعائشة صلّى الله عليه ورضي عنها كانا يغتسلان من إناء واحد تختلط فيه أيديهما، حتى إنّها تقول دع لي دع إذا سبقها وتختلف الأيدي وهذا يقتضي أنّها إلى جنب زوجها تغتسل فصار في هذا سنّة قوليّة وسنّة فعليّة، وفيه أيضًا من الألفة والاقتصاد في الماء ما هو معلوم، لأنّ الرّجل إذا كان قد رفع الكلفة بينه وبين أهله فإنّ هذا يوجب زيادة الثّقة وزيادة المودّة.
في هذا الحديث من الفوائد أوّلًا: إرشاد النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم إلى ما هو مصلحة للأمّة حتى في الأمور التي قد يستحيا من ذكرها، لأنّ هذا قد يستحيي بعض النّاس من ذكره.
ومن فوائده: أنّ الأولى للإنسان أن لا يفرد أهله بغسل ونفسه بغسل.
ومن فوائد الحديث: أنّه يجوز للرّجل أن ينظر إلى أهله وليس بينه وبين أهله عورة، يعني: يجوز أن يغتسل وهو عار وتغتسل هي أيضًا وهي عارية ولا بأس بذلك، وأمّا الحديث الذي يروى عن عائشة قالت: " ما رأيته من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم -يعني الفرج- ولا رآه منّي " فهذا ليس بصحيح، إذن يؤخذ من ذلك جواز تعرّ الرّجل أمام زوجته والمرأة أمام زوجها.
ومن فوائد هذا الحديث: أنّه ينبغي للزّوج أن يفعل كلّ ما فيه ألفة بينه وبين زوجته ورفع كلّ كلفة فهذه الصورة التي ذكر الرّسول عليه الصّلاة والسّلام وأرشد إليها لا شكّ أنّها فيها الألفة ورفع الكلفة.
يرى بعض أهل العلم أنّ الرّجل إذا اغتسل بفضل المرأة فإنّه لا يرتفع حدثه لكنّهم اشترطوا شروطًا منها أن تكون خالية به، ومنها أن يكون قليلًا، ومنها أن يكون خلوّها به عن حدث لا عن نجاسة، وذكروا أشياء لكن الشّأن كلّ الشّأن أنّهم يقولون إنّ الرّجل لو تطهرّ به لم يرتفع حدثه فإن لم يجد غيره تطهّر به وتيمّم وهذا القول لا أساس له من الصّحّة، لماذا؟ أوّلًا أنّ الرّسول عليه الصّلاة والسّلام بيّن أنّ هذا النّهي ليس نهي تحريم ولكنّه نهي تأديب لقوله: "وليغترفا جميعًا" ثانيًا: لو فرض أنّه نهي تحريم فليس في ذلك إشارة إلى أنّه لو فعل لم يرتفع حدثه، وقد يقول قائل: إنّه لو فعل لم يرتفع حدثه لأنّه فعل لم يؤمر به فعمل عملًا ليس عليه أمر الله ورسوله فيكون مردودًا، نقول: لو سلّمنا هذا جدلًا فلماذا يفرّق بين الرّجل والمرأة؟ لماذا لا يقال: إذا اغتسل الرّجل بالماء خاليًا به فإنّ المرأة لا تغنتسل، أليس هذا هو مقتضى العدل في حديث واحد النّهي واحد فنقول في جانب منه أنّ الطّهارة غير صحيحة وفي جانب آخر نقول إنّ الطّهارة صحيحة هذا تحكّم واضح، ولولا أنّنا نشهد أنّ هؤلاء العلماء الذين ذهبوا هذا المذهب إنّما أرادوا الحقّ لكن نشهد أنّ هذا ليس بسليم القول غير صحيح والمسلك غير سليم، كيف تحتجّ بحديث واحد على مسألتين دلّ عليهما الحديث وتفرّق أنت بينهما؟ هذا شيء عجيب، على كلّ حال نقول إنّ هذا النّهي من باب إيش؟ التّوجيه والإرشاد وليس من باب التّحريم، لأنّه أرشد إلى صفة أحسن من هذه الصّفة وهي أن يغترفا جميعًا.

Webiste