تم نسخ النصتم نسخ العنوان
فوائد حديث ( أسبغ الوضوء ، وخلل بين الأصابع... - ابن عثيمينالشيخ : ففي هذا الحديث فوائد منها : وجوب الإسباغ في الوضوء، هذا إذا قلنا الإسباغ بمعنى الشمول والتعميم ، أما إذا قلنا أسبغه أي : ائت به كاملا ، فإنه يجب...
العالم
طريقة البحث
فوائد حديث ( أسبغ الوضوء ، وخلل بين الأصابع ...).
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
الشيخ : ففي هذا الحديث فوائد منها :
وجوب الإسباغ في الوضوء، هذا إذا قلنا الإسباغ بمعنى الشمول والتعميم ، أما إذا قلنا أسبغه أي : ائت به كاملا ، فإنه يجب فيما فيه التعميم ويستحب فيما فيه الكمية .
ومن فوائد هذا الحديث : حِرص النبي صلى الله عليه وسلم على إتمام الوضوء، وعلى أنه لا ينبغي التهاون به .
ومن فوائده : أنه إذا كان الإنسان مأموراً بإسباغ الوضوء وهو مِن شروط الصلاة فإكمال الصلاة من باب أولى، يعني إذا كنا مأمورين بأن نحرص على شروط الصلاة ونعتني بها فالصلاة من باب أولى، فيكون فيه إشارة إلى أنه يجب الاعتناء بالصلاة .
ومن فوائد هذا الحديث : الأمر بتخليل الأصابع، وهل الأمر للوجوب ؟
في هذا تفصيل : إن كانت الأصابع متلاصقة جدا بحيث لا يصل الماء إلى ما بينها فالتخليل واجب ، وإن كانت متسعة فالتخليل ليس بواجب.
فإن قال قائل : وهل للتخليل صفة مشروعة أو هو مطلق خلل بأي إصبع شئت وعلى أي كيفية شئت ؟
فالجواب الثاني : أن الأمر واجب.
ولكن بماذا تبدأ ؟
نقول : ابدأ بالخنصر بالنسبة لليمنى، ثم البنصر ثم الوسطى ثم السبابة ثم الإبهام، بالنسبة لليسرى تكون بالعكس: يبدأ بالإبهام إلى الخنصر .
ومن فوائد هذا الحديث : مشروعية المبالغة في الاستنشاق ، لقوله : بالغ في الاستنشاق إلى حدٍ يصل إلى احتمال نزول الماء إلى المعدة ، ودليل أن هذا حد المبالغة هو الاستثناء في قوله : إلا أن تكون صائما .
ومن فوائد الحديث : أن ما وصل إلى المعدة من الشراب عن طريق الأنف كالذي يصل إليها عن طريق الفم ، واضح ؟ لقوله : إلا أن تكون صائماً . ومن فوائد هذا الحديث : أن الصائم لا يُسن له المبالغة في الاستنشاق سواء كان صومه نفلًا أم فرضًا .
ومن فوائد هذا الحديث : الأخذ بالاحتياط ، لأن المبالغة في الاستنشاق للصائم ربما ينزل الماء إلى بطنه فيحتاط الإنسان ولا يبالغ .
فإن قال قائل : إذا كان الإنسان يتضرر بالمبالغة لأن بعض الناس يتضررون بها يحصل في هذا إما احتقان في بعض أجواب الأنف أو حساسية أو ما أشبه ذلك، فإنا نقول : يكفي من ذلك بأن يدخل الماء إلى منخريه.
وهل يستفاد من هذا أن الاستنشاق واجب ؟
قد يقول قائل : إنه يفيد أن الاستنشاق واجب، لقوله : بالغ فيه وصفة المبالغة لا تتحقق إلا إذا وجد الأصل.
وقد يقال : إنه لا يدل على الوجوب ، لأن الأمر بالصفة أمر بها إذا وقع الفعل ، فيقال : بالغ في الاستنشاق إن استنشقت ، ولكن سبق لنا أن الآية الكريمة تدل على وجوب المضمضة والاستنشاق لأنهما من الوجه .
ومن فوائد هذا الحديث : أن أمر النبي صلى الله عليه وسلم لواحد من الأمة أمر للجميع ، ولهذا يستعمل العلماء رحمهم الله الاستدلال بمثل هذه الأحاديث الموجهة إلى الواحد على أنها للعموم وهو كذلك ، فخطاب النبي صلى الله عليه وسلم لواحد من الأمة خطاب لجميع الأمة إلى يوم القيامة .
فإن قال قائل : أليس النبي صلى الله عليه وسلم قد قال لأبي بردة بن نيار في العَناق : إنها لن تجزئ عن أحد بعدك وهذا تخصيص فما الجواب ؟
الجواب من أحد وجهين :
إما أن نقول : إن هذا نص النبي صلى الله عليه وسلم على خصوصيته، وكونه ينص على خصوصيته دليل على أنه لو لم يخصص بهذا لكان الحكم عاما ، ولهذا لما قال الله تعالى : وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي إن أراد النبي أن يستنكحها قال : خالصة لك فدل ذلك على أن ما لم يخصص به الرسول عليه الصلاة والسلام فهو عام له وللأمة ، هذا وجه.
الوجه الثاني : أن المراد بالبعدية هنا بعدية الحال والصفة ، أي : لن تجزئ عن أحد لم تصل به الحال إلى حالك التي وصلت إليها ، وهذا الثاني اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- ، لأنه يقول : " الأحكام الشرعية تبنى على الأوصاف والعلل والمعاني وليست على الأشخاص " ، لأن الناس في حكم الله عز وجل واحد فلا يخص أحدا بعينه لأنه فلان ، بل يخص بوصفه لا بعينه ، وما ذهب إليه الشيخ رحمه الله هو الحق ، أي : أن الشرع لا يمكن أن يخصص أحدًا بعينه لأنه فلان ، بل لا بد من وصف إذا وجد في غيره ثبت الحكم في حقه .
قال : " ولأبي داود في رواية : إذا توضأت فمضمض " :
فعلى هذا يكون في حديث لقيط ذكر الاستنشاق وذكر المضمضة ، والمضمضة صرح النبي صلى الله عليه وسلم بالأمر بها : إذا توضأت فمضمض ، والمؤلف رحمه الله أراد بسياق هذه الأدلة الدالة على وجوب المضمضة والاستنشاق أراد بذلك التأكيد ، وإلا فلا شك أن الأنف والفم داخلان في الوجه .

Webiste