تم نسخ النصتم نسخ العنوان
وعن عائشة رضي الله عنها :( أن النبي صلى الله... - ابن عثيمينالشيخ : ثم نبدأ بقراءة الليلة : قال : " وعن عائشة رضي الله عنها :  أن النبي صلى الله عليه وسلم قَبَّل بعض نسائه ، ثم خرج إلى الصلاة ولم يتوضأ  أخرجه أحم...
العالم
طريقة البحث
وعن عائشة رضي الله عنها :( أن النبي صلى الله عليه وسلم قبل بعض نسائه ، ثم خرج إلى الصلاة ولم يتوضأ ). أخرجه أحمد وضعفه البخاري .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
الشيخ : ثم نبدأ بقراءة الليلة :
قال : " وعن عائشة رضي الله عنها : أن النبي صلى الله عليه وسلم قَبَّل بعض نسائه ، ثم خرج إلى الصلاة ولم يتوضأ أخرجه أحمد وضعفه البخاري " :
عائشة هي إحدى أمهات المؤمنين رضي الله عنهن، وهي التي تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم بكراً ، وهي أحب النساء إليه كما سُئل: من أحب النساء إليك ؟ قال : عائشة .
وهي رضي الله عنها ذكرت هنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قَبَّل بعض نسائه فمن هذا البعض ؟
لعله هي، لكن كنّت عن ذلك بالبعض حياء أو غير ذلك من الأسباب. وقولها : نسائه يعني زوجاته ، كما قال الله تعالى : يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن .
ثم خرج إلى الصلاة ولم يتوضأ : ومن المعلوم أن غالب تقبيل الإنسان لامرأته لاسيما إذا كان يحبها أن يكون لشهوة.
فخرج إلى الصلاة ولم يتوضأ : أخرجه أحمد لكن ضعفه البخاري -رحمه الله-، لكن المؤلف -رحمه الله- أتى بهذا الحديث ليستدل به على أن مس المرأة وتقبيل المرأة لا ينقض الوضوء ، والحقيقة أنه لا حاجة إلى أن نأتي بدليل على ذلك لأن الأصل عدم النقض ، فلا حاجة إلى أن نأتي بدليل على أنه لا ينقض ، إذ أنَّ من ادَّعى أن مس المرأة لشهوة أو بتقبيل أو غير ذلك ينقض الوضوء فعليه الدليل ، لأن الأصل بقاء ما كان على ما كان ، وهذا القول أعني : كون مس المرأة بشهوة لا ينقض الوضوء هو القول الراجح الذي لا تدل الأدلة على غيره .
وقال بعض العلماء : إن مس المرأة مطلقا ينقض الوضوء ، سواء كان لشهوة أو لغير شهوة .
وتوسط بعض العلماء فقال : إن كان لشهوة نقض الوضوء ، وإن كان لغير شهوة لم ينقض الوضوء .
وأظن هناك قولاً بأنه إن مسَّ من تحل له فإنه لا ينتقض وضوؤه ، وإن مس من تحرم عليه انتقض وضوؤه ، ولعل هذا القول راعى قائلُه أنَّ مس من لم تحل له محرم فينبغي أن يتوضأ لأن الوضوء إذا كان كما توضأ النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فإن الإنسان يغفر له ما تقدم من ذنبه.
فإذا قال قائل : ما دليل من قال : لا ينقض الوضوء ؟
فالجواب : أن دليله عدم الدليل ، لأن الأصل بقاء الوضوء حيث تم على وجه شرعي فلا يمكن أن ينقض إلا بدليل شرعي ، وحينئذ دليل هؤلاء هو الأصل البقاء على الأصل ، وعدم الدليل على النقض .
أما دليل من قال : إنه ينقض الوضوء مطلقا : فاستدلوا بقول الله تعالى : أو جاء أحد منكم من الغائط في آية الوضوء ، أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا وفي قراءة : أو لمستم النساء ، والأصل أن اللمس يكون باليد ، والآية ليس فيها قيد : أن يكون بشهوة فتكون دالة على أن مسَّ المرأة مطلقا ينقض الوضوء .
وأما من قال : إنه لا ينقض إلا بشهوة فاستدل بالآية ، إلا أنه قال : إن حمل الآية على معنى مناسب للنقض أولى من القول بالإطلاق ، والمعنى المناسب للنقض هو الشهوة ، لأن مسها لشهوة مظنة حصول الحدث ، إما إنزال أو إمذاء ، فعُلِق الحكم بما يكون فيه مظنة الحدث وهو الشهوة .
ولكن القول الصحيح كما أقوله الآن : أنه لا ينقض الوضوء مطلقا ولو لشهوة ما لم يحدث بشيء يخرج منه .
وأما الجواب عن الآية الكريمة : فإن اللمس فيها أو الملامسة يراد بها الجماع بلا شك ، وبهذا فسرها عبد الله بن عباس رضي الله عنهما ، تَرجمان القرآن الذي دعا له النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن يعلمه التأويل ويفقهه في الدين .
ويدل على أن هذا هو المتعين : التقسيم الذي في الآية ، فالله عز وجل ذكر طهارتين وموجبين للطهارة :
فالطهارتان: المائية والترابية.
والموجبان للطهارة : الحدث الأصغر ، والحدث الأكبر، أليس كذلك؟
الطالب : بلى .

الشيخ : طيب يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين هذا طهارة مائية في الحدث الأصغر .
وإن كنتم جنبا فاطهروا هذه طهارة مائية في الحدث الأكبر.
وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا : وإن كنتم مرضى أو على سفر فتيمموا ، لكن قوله : أو جاء أحد منكم من الغائط أو هنا بمعنى الواو ، يعني وجاء أحد منكم من الغائط، أو لامستم النساء .
جاء أحد منكم من الغائط : هذا موجب للطهارة الصغرى .
أو لامستم النساء : هذا موجب للطهارة الكبرى .
لو قلنا : لمستم النساء يعني انتقض الوضوء بمس المرأة ، لكان الذي ذُكر في الآية موجباً واحدًا مكررًا وحذف منها موجبٌ آخر لا بد من ذكره حتى تكون الآية دالة على الحدث الأصغر والأكبر .
ثم نقول دليل آخر: أن الله تعالى يعبر عن الجماع بالمس ، كقوله تبارك وتعالى : لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة . وقوله : وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن أي : تجامعوهن ، فتبين بهذا أن المراد بالملامسة إيش ؟
الجماع .
ذكرنا أن قوله : أو جاء أحد منكم من الغائط بمعنى وجاء ، فهل هناك شاهد يدل على أنَّ أو تأتي بمعنى الواو ؟
الجواب: نعم، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم : أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحد من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك : فقوله : سميت به نفسك أو أنزلته بمعنى : وأنزلته في كتابك ، لأن ما سمى الله به نفسه إما أن يكون نازلًا في الكتاب أو علمه الله أحدًا من خلقه عن طريق الوحي فثبت بالسنة ، أو استأثر به في علم الغيب عنده .
فتبين بهذا أن أو تأتي بمعنى الواو في اللغة العربية .
وعليه فنقول : إذا قبل الرجل امرأته وهو على وضوء لشهوة ولو مع انتصاب ذكره فإنه لا ينتقض وضوؤه ما لم يحدث بمذي أو غيره، فينتقض بالحدث لا بالمس ، هذا هو القول الراجح في هذه المسألة .

Webiste