تم نسخ النصتم نسخ العنوان
تفسير قول الله تعالى : (( يحسبون الأحزاب لم... - ابن عثيمينيحسبون  بمعنى يظنون وهي تنصب مفعولين أصلهما المبتدأ والخبر والمفعول الأول هنا قوله :  الأحزاب  والمفعول الثاني جملة  لم يذهبوا  يعني يظنون هؤلاء المنافق...
العالم
طريقة البحث
تفسير قول الله تعالى : (( يحسبون الأحزاب لم يذهبوا وإن يأت الأحزاب يودوا لو أنهم بادون في الأعراب يسألون عن أنبائكم ولو كانوا فيكم ما قاتلوا إلا قليلا ))
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
يحسبون بمعنى يظنون وهي تنصب مفعولين أصلهما المبتدأ والخبر والمفعول الأول هنا قوله : الأحزاب والمفعول الثاني جملة لم يذهبوا يعني يظنون هؤلاء المنافقون أن الأحزاب لم يذهبوا وهذا يدل على جبنهم وخوفهم وذعرهم لأنه حتى بعد ذهاب الأحزاب وتفريقهم يظنوا هؤلاء المنافقون أنهم لم يذهبوا يقول الله عز وجل :" لَمْ يَذْهَبُوا إلى مكة لخوفهم منهم وَإِنْ يَأْتِ الأَحْزَابُ كرة أخرى يَوَدُّوا يتمنوا لَوْ أَنَّهُمْ بَادُونَ فِي الأَعْرَابِ أي كائنون في البادية يَسْأَلُونَ عَنْ أَنْبَائِكُمْ أخباركم مع الكفار " قوله : وَإِنْ يَأْتِ هذا على سبيل الفرض والتقدير وقوله : الأحزاب جمع حزب وهم الطوائف الذي تحزبوا على النبي صلى الله عليه وسلم من قريش وغطفان وأسد وغيرهم لو أتى هؤلاء الأحزاب مرة أخرى لود هؤلاء المنافقون أَنَّهُمْ بَادُونَ فِي الأَعْرَابِ البادي هو الساكن البادية ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم لا يبيع حاضر ببادٍ وبادٍ هذه اسم فاعل ومعناها ساكن البادية فيود هؤلاء لو أنهم بادون في الأعراب أي ساكنون البادية لماذا يودون أنهم ساكنون البادية ؟ لأجل النجاة من هؤلاء الأحزاب وقوله : يَسْأَلُونَ عَنْ أَنْبَائِكُمْ جملة حالية من الفاعل في قوله : بادون يعني يود هؤلاء المنافقون أنهم في البادية يسألون عن أنبائكم ولا يشاركونكم في القتال تصورتم المعنى الآن فبين الله سبحانه وتعالى ذعر هؤلاء المنافقين من وجهين :
الوجه الأول : أنهم يظنون أن الأحزاب ما زالوا باقيين مع أن الأحزاب قد انصرفوا .
ثانياً : أنه لو فرض أن الأحزاب رجعوا فإنهم يتمنون أنهم في البادية لا يلحقهم مناوشات ولا قتال وإنما يسألون عن أنبائكم إذاًَ فجملة يسألون نقول إنها جملة في موقع نصب على الحال من فاعل بادون
قال الله تعالى : وَلَوْ كَانُوا فِيكُمْ هذه الكرة مَا قَاتَلُوا إِلَّا قَلِيلًا رياء وخوفاً من التعيير يعني لو هذه شرطية وجوابها هنا مقرون بـ ما وإذا كانت لو الشرطية مقرونة بـ ما فإن الأكثر ألا يقترن الجواب باللام لماذا ؟ لأن ما للنفي واللام للتوكيد واجتماع حرف يدل على التوكيد ما حرف يدل على النفي فيه شيء من التعارض والتناقض فتقول لو جاء زيد ما كلمته ولا تقول لو جاء زيد لما كلمته رحمك الله لكن إذا كان جوابها مثبتاً فإن الكثير أن تقترن به اللام تقول لو جاء زيد لكلمتك على الأكثر ويجوز لو جاء زيد كلمته قال الله تعالى : في سورة الواقعة لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا [الواقعة :65]قد اقترنت بها اللام لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلا تَشْكُرُونَ [الواقعة :70]أما ما فكما رأيت الآن لا تقترن بها اللام لكن قد تقترن بها اللام قليلاً ومنه قول الشاعر
" ولو نعطى الخيار لما افترقنا ولكن لا خيار مع الليالي "
الشاهد قوله لما افترقنا يقول الله عز وجل : وَلَوْ كَانُوا فِيكُمْ مَا قَاتَلُوا إِلَّا قَلِيلًا قليلاً هنا بمعنى إلا عدماً أو هي على ظاهرها أنهم يقاتلون ولكن قتالاً قليلاً هذا هو الأقرب لأن الأصل إبقاء الكلام على ظاهره إلا أن يقوم دليل على أن ظاهره غير مراد فهؤلاء لو كانوا فينا حينما يأتي الأحزاب لوجدتهم من جبنهم لا يقاتلون إلا قليلاً وفسر المؤلف هذه القلة بأنها من أجل الرياء وخوف التأليب يعني يراءون الناس بأنهم يقاتلون في سبيل الله ويخافون من تعيير الناس لهم فهم لا يقاتلون لتكون كلمة الله هي العليا وهذا من أهم ما يكون أعني إخلاص الإنسان عبادته لله سبحانه وتعالى هذا من أهم ما يكون ومن أشد ما يكون علاجاً على النفس لأن الأعمال الظاهرة كل أحد يستطيع أن يجعلها على أحسن ما يرام أليس كذلك كل أحد يستطيع إنه يقوم يصلي بقراءة متأنية وبركوع متأنٍ وبسجود متأنٍ وبقيام متأنٍ وبقعود متأنٍ لكن إصلاح القلب هو الصعب ولهذا كان صلاح القلب موجبا ًلصلاح البدن ولا عكس كما قال النبي عليه الصلاة والسلام : ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب فهؤلاء المنافقون ليس لديهم رغبة حقيقية في القتال الذي يريدون به إحدى الحسنين إما الشهادة وإما الظفر والسعادة لا لكنهم إنهم يقاتلون رياءً وخوفاً من التعيير فقط لا لله ومن كانت هذه نيته فإنه لن يقاتل القتال الذي ينبغي أن يكون سيكون فاتراً بخلاف الإنسان صاحب النية الخالصة لله عز وجل بل سيكون لديه دافع قوي يحدوه إلى العمل بما يرى أنه من طاعة الله سبحانه وتعالى

Webiste