تم نسخ النصتم نسخ العنوان
تفسير قول الله تعالى : (( والذين يسعون في آي... - ابن عثيمينقال :  وَالَّذِينَ يَسْعَوْنَ فِي آيَاتِنَا  قال المؤلف : " القرآن في الإبطال "  يسعون  السعي يطلق على مجرد الحركة ويطلق على الركض بشدة ، ففي قوله تعالى...
العالم
طريقة البحث
تفسير قول الله تعالى : (( والذين يسعون في آياتنا معاجزين أولئك في العذاب محضرون ))
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
قال : وَالَّذِينَ يَسْعَوْنَ فِي آيَاتِنَا قال المؤلف : " القرآن في الإبطال " يسعون السعي يطلق على مجرد الحركة ويطلق على الركض بشدة ، ففي قوله تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ [الجمعة:9]المراد بذلك مطلق الحركة وليس مراد أن تركض وإذا قلت : يسعى في الطواف بين الصفا والمروة يسعى بين العلمين فالمراد بذلك الركض هنا يسعون في آياتنا يحتمل أن يكون المراد بذلك مطلق الحركة ويحتمل أن يراد به الحركة الشدة وإقدام وهذا الأخير أبلغ أي أن هؤلاء يسعون جاهدين في آيات الله ، وقول المؤلف : في آياتنا أي " القرآن " وجهه أن الذين لا ينكرون آيات الله الكونية وإنما ينكرون آيات الله الشرعية على أنهم أحياناً يطلبون آياتاً كونية تعجيزاً للرسول صلى الله عليه وسلم كما حكى الله عنهم في قوله : وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأَرْضِ يَنْبُوعًا * أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الأَنهَارَ خِلالَهَا تَفْجِيرًا * أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلًا * أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُه قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا [الإسراء:93]كم آية طلبوها من الآيات الكونية هنا ومع ذلك قال الله سبحانه وتعالى : قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي يعني توجيهاً له أن يبعث رسول بدون آيات يؤمن على مثلها البشر وما أنا إلا بشر رسول ، المهم أن الآيات هنا فسرها المؤلف بالآيات الشرعية وقال : " إن المراد بها القرآن " ويحتمل أن يراد بها الآيات الكونية والآيات الشرعية جميعاً ، لأن هؤلاء كما يعاجزون في القرآن يعاجزون أيضاً في الآيات الكونية ، وكان القرآن آية من آيات الله لاشتماله على ما يعجز عليه البشر ، بل إن الله تحدى البشر وغيره قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا [الإسراء:88]وقال تعالى : وَقَالُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الآيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ * أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ [العنكبوت50:51]، قال : وَالَّذِينَ يَسْعَوْنَ فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ لنا مقدرين عجزنا لأنهم يفوتوننا وأنهم يفوتوننا معاجزين المعاجز هو الطالب لإعجاز غيره فهي عاجزه مثل قاتله فالمعنى أنهم يعاجزون الله أي يطلبون على زعمهم ما به العجز ولهذا قال المؤلف رحمه الله : " أي مقدرين عجزنا وأنهم يفوتوننا ، هؤلاء الذين فعلوا ذلك يعاجزون الله ويطلبون ما به عجز عنه ويقولون : اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ [الأنفال:32]هذا تعجيز لله عز وجل لكن الله سبحانه وتعالى حكيم لا يريده إلا ما أراده بل هو يجعل هذه الأمور حسب ما تقتضيه الحكمة قال الله تعالى : أُوْلَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ قلت لكم قبل قليل إن هذه الجملة هي خبر إيش ؟ الذين يسعون خبر المبتدأ الآن جملة خبرية وقوله : أولئك في العذاب محضرون أي محضرون في نفس العذاب لا إلى النار بل يحضرون حتى يوضعوا في نفس العذاب والعذاب بمعنى العقوبة والنكال وهذا خبر يراد به التهديد لا مجرد أن نعلم بأن هؤلاء سيحضرون في العذاب ويعذبون بل المراد التهديد والتحذير من صنيعهم .

Webiste