تم نسخ النصتم نسخ العنوان
تفسير قول الله تعالى : (( وإذا تتلى عليهم آي... - ابن عثيمين وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا  القرآن  بَيِّنَاتٍ  واضحات بلسان نبينا محمد صلى الله عليه وسلم  قَالُوا  في هذه الجملة الشرطية وهي  إذا  فعل الشر...
العالم
طريقة البحث
تفسير قول الله تعالى : (( وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قالوا ما هذا إلا رجل يريد أن يصدكم عما كان يعبد آباؤكم ... )) .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا القرآن بَيِّنَاتٍ واضحات بلسان نبينا محمد صلى الله عليه وسلم قَالُوا في هذه الجملة الشرطية وهي إذا فعل الشرط تتلى جوابه قَالُوا مَا هَذَا إِلَّا رَجُلٌ وقوله : ما هذا إلا رجل هذه ما النافية وهنا لم تعمل لماذا ؟ للانتقاض النفي وقد قال ابن مالك في ألفيته : " مع بقى النفي ، إعمالا ليس أعملت ما دون إن مع بقى النفي " فإذا انتقض النفي فلا عمل والله أعلم .
" للذين ظلموا " فَالْيَوْمَ لا يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَفْعًا وَلا ضَرًّا وَنَقُولُ لكن فقال : " ونقول للذين ظلموا " والإظهار في موضع الإضمار ذكرنا في أن له فائدة دائمة مستمرة وهي التنبيه وفائدة خاصة في كل سياق بحسبه فهنا يقصد بها التعميم يعني للذين ظلموا من هؤلاء وغيرهم والإشارة إلى سبب الحكم وهو قوله : ونقول لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّتِي كُنتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ إيش بعد ؟ والتعميم والإشارة إلى علة الحكم وهو الظلم لأن لو قالوا ونقول لهم ما استفدنا أن سبب قول الله لهم وتوبيخه إياهم هو الظلم ، طيب .
قال : وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ نبدأ بالإعراب أولاً قوله : آياتنا بينات هذه بينات حال من آياتنا لأنه وصف بعد معرفة ، والوصف بعد المعرفة إذا كان نكرة فيكون حالاً وكذلك إذا كان جملة فالأوصاف بعد المعارف إذا كانت نكرة أو جملة تكون حالاً والأوصاف بعد المعرفة إذا كانت معرفة تكون نعتاً ، الحال والنعت كلاهما وصف ولكن إن وافق متبوعه في التعريف والتنكير فهو نعت وإلا كان المتبوع معرفة والثاني نكرة أو جملة فهو حال وقوله : قَالُوا مَا هَذَا هذا جواب الشرط إلى آخره يقول الله عز وجل : إذا تتلي عليهم آياتنا أي إذا تقرأ عليهم آياتنا ولم يبين القارئ فيشمل أن يكون القارئ النبي صلى الله عليه وسلم أو غيره ، ادخل في الصف ، إذا تليت عليهم آيات الله بينات أي ظاهرات فما ظهورها هنا ؟ هل ظهورها بمعنى أنها واضحة أنها كلام الله لعجزهم عنا أو بينات فيما تدل عليه من معاني سامية لا يمكن أن يأتي بمثلها البشر أو الأمران ؟ يشمل هذا وهذا فهي بينة في ذاتها واضحة أنها ليست من كلام البشر وهي بينة في موضوعها وما تدل عليه من أنها ليست من أحكام البشر لأنها لا تتناقض ولا يكذب بعضها بعضاً وهذا يدل على أنها من عند الله ، لو كانت هذه الآيات خفية لكان لهم شيء من العذر في ردها ولكنها آيات نعم بينات لا عذر لهم في ردها ومع هذا يقول الله عز وجل : قالوا ما هذا إِلَّا رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يَصُدَّكُمْ يقول المؤلف في تفسيرها : " واضحات بلسان النبي محمد صلى الله عليه وسلم ، قالوا ما هذا إِلَّا رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يَصُدَّكُمْ عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُكُمْ ما هذا أي الذي جاء بها وادعى أنها من عند الله إلا رجل يريد أن يصدكم وانظر كيف تحمل هذه الجملة من الاحتقار والإنكار ما هو معلوم ، فقولهم : ما هذا أتوا به بصيغة الحاضر وإن كان غائبا للاحتقار وقولهم : إلا رجل هذا للإنكار لأنهم أتوا بصيغة نكرة كأنهم لا يعرفونه كأنهم رجل أجنبي منهم ، قالوا ما هذا إلا رجل ولم يقولوا : ما ذلك الرجل إلا رجل بل قالوا : ما هذا إلا رجل احتقاراً وإنكاراً يُرِيدُ أَنْ يَصُدَّكُمْ عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُكُمْ يعني لا يريد أن يهديكم سبيل الرشاد ولكن يريد أن يصدكم أن يصرفكم ويمنعكم عما كان يعبد آباؤكم ، وما الذي يعبد آباؤهم ؟ الأصنام من الأشجار والأحجار وغيرها هذا هو غرض هذا الرجل الذي جاء بهذه الآيات التي تليت عليهم وليس غرضه لا الصلاح ولا الإصلاح هكذا ردوا لحق بهذا الدعوى الباطلة وقوله : عما كان يعبد آباؤكم ولم يقولوا : عما كنتم تعبدون لإثارة الحمية في نفوسهم لأن الإنسان يصعب عليه أن يدع ما كان آباؤه عليه لاسيما مثل هؤلاء الجهلة ، لو قالوا : عما كنتم تعبدون لكان يمكن أن يقال : إنهم عبدوا على غير أساس لكن لما قالوا : عما كان يعبد آباؤكم كأن هذه العبادة لهذه الأصنام كأنها أمر مستقر كان عليه الآباء ولا ينبغي لكم أن تتركوا ملة آبائكم ولهذا يقولون كما حكى الله عنهم في الآيات الأخرى : إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ [الزخرف:22]أو مقتدون آيتان عما كان يعبد آباؤكم من الأصنام والمراد بالآباء هنا ما يشمل آباء الصلب وأولاد الأدنى والآباء الأعلون أو الأعلين وهم الأجداد وإن علو ، وقوله : آباؤكم هل أمهاتهم كذلك ؟ نعم لكن الإنسان تأخذه الحمية لأبيه أكثر مما تأخذه لأمه لأن من المعلوم أن الأب رجل والرجل أعقل من المرأة فإذا كانت أباؤكم يعبدون هذه الأصنام ويصرون على عبادتها وهم العقلاء فإنه لا ينبغي لكم أن تتبعوا هذا الرجل الذي كان يريد أن يصدكم عما كان يعبد آباؤكم ، وقالوا في القرآن : مَا هَذَا إِلَّا إِفْكٌ كذب مُفْتَرًى على الله أعوذ بالله ، وطعنوا في الرسول وطعنوا في القرآن والرسول طعنوا فيه بمعنى لسوء قصده وأنه لا يقصد الإصلاح وإنما يريد أن يصدكم عما كان يعبد آباؤكم وطعنوا في الوحي الذي جاء به هذا الرسول وقالوا : مَا هَذَا إِلَّا إِفْكٌ مُفْتَرًى وتعلمون أن هذه الصيغة حصر فعلى زعمهم ليس في القرآن شيء صدق كل القرآن جملة وتفصيلاً إفك مفترى ، إفك أي كذب وبنفسه كذب وعلى من ؟ مفترىً على الله ، لأن هناك كذب مطلق يكذبه الإنسان ولا ينسبه إلى أحد وهنا كذب يفتريه الإنسان على غيره فالقرآن يقولون إنه كذب وإنه مفترً على الله ولا ريب أن هذه دعوى باطلة ، فالقرآن كما وصفه الله : وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا [الأنعام:115]وكذلك القرآن من عند الله عز وجل بدليل أن الله عز وجل تحدى هؤلاء أن يأتوا بمثله فلم يأتوا وهو دليل من أنه من عند الله وكل أخباره صدق وحق خلاف ما طعنوا به هؤلاء ، وقالوا ما هذا إلا إفك مفترى فطعنوا في الرسول وطعنوا في المرسل به والطعن فيهما طعن في الله عز وجل كيف ؟ لأن تمكين الله لهذا الرسول وتأييده له وإنزال الآيات عليه وهو كاذب حكمة أو سفه ، سفه والله عز وجل يؤيد رسوله بما ينزل عليه ويسرد له بأنه حق والرسول عليه الصلاة والسلام يدعو الناس علنا وسراً فلو كان كاذباً على الله عز وجل والله يؤيده ويمكنه لكان تمكين الله له في غاية ما يكون من السفه وهذا طعن في الله عز وجل وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ هذا أيضاً دعوى ثالثة كاذبة لكنه أتى بالإظهار في موضع الإضمار فقال ، لم يقل وقالوا ، بل :

Webiste