تم نسخ النصتم نسخ العنوان
التعليق على تفسير الجلالين : (( إلا عباد الل... - ابن عثيمين وما تجزون إلا ما كنتم تعملون إلا عباد الله المخلصين  أي المؤمنين استثناء منقطع قوله تعالى  إلا ما كنتم  هذا استثناء منقطع والاستثناء المنقطع هو الذي يح...
العالم
طريقة البحث
التعليق على تفسير الجلالين : (( إلا عباد الله المخلصين )) أي المؤمنين استثناء منقطع ذكر جزاؤهم في قوله : (( أولئك لهم )) في الجنة (( رزق معلوم )) بكرة وعشيا .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
وما تجزون إلا ما كنتم تعملون إلا عباد الله المخلصين أي المؤمنين استثناء منقطع قوله تعالى إلا ما كنتم هذا استثناء منقطع والاستثناء المنقطع هو الذي يحل محله لكن فإن قيل لماذا لم يعبر بلكن بدل إلا ما دام أن المعنى على الاستدراك لأنه استثناء منقطع فلماذا لم يؤت بحرف الاستدراك الأصلي الذي هو لكن؟
قلنا الجواب على ذلك أنه أتى ليفيد قوة اتصال الثاني بما بعده لأن الأصل في الاستثناء الاتصال والأصل في لكن عكسه الانقطاع فإذا جاءت لكن فصلت ما بعدها بما قبلها لكن إذا جاءت إلا صار كأن في ذلك إشارة إلى قوة اتصال ما بعدها بما قبلها وهو كذلك فإنه لما ذكر جزاء المجرمين ذكر جزاء المخلصين
وهذا من كون القرآن العظيم مثاني تثنى فيه المعاني المتقابلة إذا ذكر الوعيد ذكر الوعد وإذا ذكر المؤمن ذكر الكافر وإذا ذكرت الجنة ذكرت النار وهكذا لأنه مثاني لأنه لو جاء الكلام على نسق واحد في ذكر الخوف والنار لغلب على القارئ جانب الخوف وأدى ذلك إلى القنوط من رحمة الله ولو جاء الكلام على نسق واحد في الوعد والترغيب لأدى ذلك إلى الرجاء فيقع الإنسان في الأمن من مكر الله عز وجل فكان القرآن يأتي بهذا وبهذا جنبا إلى جنب من أجل أن يكون الإنسان دائرا بين الخوف والرجاء
وقوله إلا عباد الله المراد بالعبودية هنا عبودية الشرع لأن العبودية نوعان عبودية القدر وعبودية الشرع عبودية القدر شاملة لكل أحد أليس كذلك يا احمد؟ أنت معنا وإلا ...؟ عبودية القدر شاملة لكل أحد يعني للمؤمن والكافر والبر والفاجر كما قال الله تعالى إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا فالكل خاضعون لقدر الله عز وجل لا يمكنهم الفرار منه ولا مصادمته ولا الاستكبار عنه أما عبودية الشرع فهي خاصة بمن أطاع الله عز وجل وتعبد لله بشرعه فيخرج منها من ؟ الكافرون لأن الكافر ليس عبد لله تعالى بشرع بل هو مستكبر عن شرعه هذه الآية إلا عباد الله المخلصين من أي النوعين ؟ من عبودية الشرع يعني إلا الذين تعبدوا الله بشرعه وأخلصهم الله تعالى لطاعته فهؤلاء ليسوا كمن سبق نعم قال إلا عباد الله المخلصين قال المؤلف أي المؤمنين ولكن المخلص فيه نوع اصطفاء أخلصهم الله لنفسه فكانوا عبادا لله لا لغيره لأن التزام طاعة الله هو تحقيق عبادة الله والإنسان العاصي لله عنده من عبادة غير الله بقدر ما حصل منه من المعصية صح العاصي لله عنده من الخروج منه...بقدر ما حصل منه من المعصية لأن الله قال أفرأيت من اتخذ إلهه هوا وأضله الله على علم إلى آخر الآية فهذا يدل على أن كل إنسان عصى الله وكل عاص لله فهو إنما يعصيه لهوى لنفسه فقد نقص من عبودية الله بقدر ما فعل من المعصية إذن فالمخلص فيه نوع من الاصطفاء أخلصهم الله لنفسه فكانوا عبادا لله حقا ولهذا قال المخلصين وعباد الله المخلصون هم الذين أخلصهم الله لنفسه فلم يجعل للشيطان عليهم سلطانا كما قال تعالى في حق الشيطان لأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين فالمخلص محفوف برعاية الله سبحانه وتعالى وعنايته عن الشيطان المهم أن المخلص أشد وقعا من المؤمن ولهذا قال هنا المخلصين الذين أخلصهم الله لنفسه فلم يكونوا عبادا لغير الله المخلصين قال " استثناء منقطع " هل هناك استثناء غير منقطع ؟ نعم وهو المتصل وضابطه أن يكون المستثنى من جنس المستثنى منه هذا المتصل المنقطع أن يكون المستثنى من غير جنسه والنحويون يمثلون بمثال للمنقطع يقولون قام القوم إلا حمارا لأن الحمار ليس من جنس القوم فالاستثناء منقطع وذكر جزاؤهم إلا عباد الله المخلصين ذكر جزاؤهم في قوله أولئك لهم رزق معلوم أولئك لهم في الجنة رزق معلوم بكرة وعشية أولئك الضمير يعود على عباد الله المخلصين وأتى بأولئك الدال على البعد مع قرب ذكرهم إلا عباد الله المخلصين أولئك ولم يقل هؤلاء بل قال أولئك تعظيما لشأنهم وبيانا لعلو مرتبتهم والإشارة للبعيد تأتي لتعلية الشأن وتعظيمه كما قال الفرزدق يخاطب جريرا
" أولئك آبائي فجئني بمثلهم إذا جمعتنا يا جرير المجامع "
قال أولئك آبائي أشار إليهم بإشارة البعيد تعظيما لهم وتعلية لشأنهم أولئك لهم رزق معلوم أي عطاء قال المؤلف " في الجنة "والأولى أن تطلق كما أطلق الله عز وجل لهم رزق معلوم في الجنة وقد يقال أيضا يجازون أيضا في الدنيا لكن ظاهر سياق الآية فواكه وهم مكرمون في جنات النعيم يدل على أن الرزق الحاصل لهم في الجنة وقوله رزق بمعنى عطاء معلوم يقول المؤلف " بكرة وعشية " فكأنه يشير إلى أن المراد بالمعلوم معلوم الوقت ولو قيل أنه أعم معلوم الوقت ومعلوم النوع ومعلوم في الدنيا ومعلوم عند ملاقاته لكان أشمل فإن هذا الرزق معلوم في الدنيا لأن الله تعالى أعلمنا به وهو أيضا معلوم الوقت ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا وهو معلوم العين والنوع إذا لاقوه كما قال الله تعالى في سورة البقرة وأتوا به متشابها فهو معلوم لديهم في الدنيا وكذلك في الآخرة

Webiste