تم نسخ النصتم نسخ العنوان
تتمة تفسير الآية : (( ربنا لا تزغ قلوبنا بعد... - ابن عثيمين يقول الله عز وجل:  ربنا لا تزغ قلوبنا  فإذا استقامت القلوب ولم تمل استقامت الجوارح عقيدة وقولا وعملا . وقوله:  بعد إذ هديتنا  هذه الجملة لا يراد بها ال...
العالم
طريقة البحث
تتمة تفسير الآية : (( ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمةً إنك أنت الوهاب )) .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
يقول الله عز وجل: ربنا لا تزغ قلوبنا فإذا استقامت القلوب ولم تمل استقامت الجوارح عقيدة وقولا وعملا . وقوله: بعد إذ هديتنا هذه الجملة لا يراد بها الافتخار وإنما يراد بها التوسل بالنعم السابقة إلى النعمة اللاحقة، فكأنهم يقولون: ربنا إنك مننت علينا بالهداية أولا فنسألك أن تمن علينا بثبوت هذه الهداية فلا تزغنا، فيكون في هذا الدعاء ثناء على الله عزوجل بماذا؟ بالهداية السابقة، هم لو قالوا: ربنا لا تزغ قلوبنا كفى، لكن قالوا: بعد إذ هديتنا ليتوسلوا بنعمه الله السابقة إلى نعمه اللاحقة وليثنوا على الله عزوجل بنعمه السابقة وأنه عز وجل أهل للفضل والإنعام . بعد إذ هديتنا هداية الدلالة وإلا توفيق؟ أو الاثنين؟ نعم الاثنين، فالمؤمنون هداهم الله هداية التوفيق، وهداية الدلالة، هداية الدلالة أن بين لهم الحق، وهداية التوفيق أن وفقهم لسلوك الحق ، فمن الناس من يحرم الهدايتين، ومن الناس من يحرم الهداية الثانية، ولا أظن أن أحدا يحرم الهداية الثالثة لا الهداية الثانية فقط، يعني لا أظن أن أحدا يعطى الهداية الأولى والهداية الثالثة، لأنه لا يمكن أن يتوفق إلا بعد، إلا بعد العلم، من الناس من يحرم هدايتين فلا يكون عنده هداية الدلالة ولا هداية التوفيق مثل: مثل النصارى، ضالون لم يعرفوا الحق ولم يعملوا به ، ومن الناس من يحرم هداية التوفيق مثل اليهود، فاليهود علموا لكن لم يعملوا، ومن الناس من يرزق هدايتين كالمؤمنين الذين أنعم الله عليهم، فهنا هديتنا هداية الدلالة وهداية أيش؟ التوفيق، فهم هدوا إلى الحق للدلالة عليه وهدوا إلى الحق بالتوفيق، هل تستطيعون أن تأتوا بدليل على هداية الدلالة فقط ؟ نعم عادل ؟ نعم وأما ثمود فهدينهم فاستحبوا العمى على الهدى كذا؟ طيب، هداية التوفيق ؟ إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء يعني لا توفقه للهداية ولكن الله يهدي من يشاء، أما هداية الدلالة فلاشك أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد هدى الناس ودلهم وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم . وهبنا من لدنك رحمة هب بمعنى أعطى، والهبة هي العطاء بلا عوض وكمالها بلا منة، الإعطاء بلا عوض هبة وكمالها أن لا يصحبها منة ، والله سبحانه وتعالى له المنة علينا كما قال الله تعالى : بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان والأمر هنا الصيغة هنا لأيش؟ للأمر أو للدعاء؟ للدعاء نعم، وهب لنا أي أعطنا من لدنك أي من عندك، وأضافوا هذه الهبة إلى الله لئلا يكون لأحد عليهم منة سواه، هذا من وجه، ولأنها إذا كانت من عند الله وهو أكرم الأكرمين صارت هبة عظيمة، لأن العطاء على قدر من؟ على قدر المعطي، ولهذا قالوا: هب لنا من لدنك أي هبة لا يمن بها علينا أحد سواك، وهبة عظيمة لأنها تأتي من عندك، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام لأبي بكر حين سأله أن يعلمه دعاء يدعوا به في صلاته قال قل: اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني قال: وهبنا من لدنك رحمة رحمة الرحمة سبق لنا أيضا مرارا وتكرارا أن الرحمة صفة من صفات الله عزوجل، تطلق على نعمه، لأنها من آثار رحمته كما قال الله تعالى: وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته وقال الله للجنة: أنت رحمتي أرحم بك من أشاء ومنه قول الله تعالى: وأما الذين ابيضت وجوههم ففي رحمة الله هم فيها خالدون فتطلق الرحمة على هذا وهذا، من أي النوعين في هذه الآية: هب لنا من لدنك رحمة ؟ الثانية التي هي النعم وهي من آثار رحمته، هب لنا من لدنك رحمة والرحمة يحصل بها المطلوب وينجوا بها الإنسان من المرهوب، فإن جمعت مع المغفرة صارت بالرحمة حصول المطلوب وبالمغفرة النجاة من المرهوب . إنك أنت الوهاب الجملة هنا استئنافية للتعليل والتوسل، يعني أننا إنما طلبنا منك الهبة هبة رحمة لأنك أنت الوهاب، وهي مكونة من إن واسمها وخبرها، واسمها الكاف وخبرها الوهاب، والضمير أنت يسمى ضمير فصل، وضمير الفصل له ثلاث فوائد من يعرفها؟ التوكيد، الفصل بين الخبر والصفة يعني اعداد عن الأول، والتوكيد، فهد؟ والحصر طيب هذه ثلاثة أشياء، يعني له ثلاث فوائد: أولا: الفصل بين الصفة والخبر، والثاني: التوكيد، والثالث: الحصر، ونضرب مثلا لهذه يتبين به الأمر، إذا قلت: زيد الفاضل، فإن كلمة الفاضل يحتمل أن تكون خبرا ويحتمل أن تكون صفة والخبر محذوف والتقدير: زيد الفاضل حاضر، فإذا قلت:زيد هو الفاضل، تعين أيش؟ أن تكون خبرا، كذلك إذا قلت: زيد الفاضل يحتمل أن يكون غيره فاضلا أيضا، فإذا قلت: زيد هو الفاضل. هذا حصر نصه بالحصر يعني ليس غيره فاضلا كما قال تعالى: وإن جندنا لهم الغالبون . الثالث: التوكيد فإنك إذا قلت: زيد الفاضل حكمت له بالفضل، لكنك إذا قلت هو الفاضل زدته توكيدا، هنا إنك أنت الوهاب تنطبق عليه هذا، فنقول: أنت ضمير فصل للتوكيد والحصر وتعين ما أن ما بعده خبر أيش؟ لا صفة.
وقوله: إنك أنت الوهاب الوهاب يعني كثيرة الهبة، ولا يصح أن تكون للنسبة؟ يصح، يصح أن تكون للنسبة ويصح أن تكون للمبالغة، ويمكن أن نقول إنها للأمرين جميعا، فهو الوهاب يعني كثير العطاء، وهذه صفة لازمة له، وهو كذلك كثير من يعطى يعني الذين يعطيهم الله كثيرون لا يحصون، قال النبي عليه الصلاة والسلام: يد الله ملآ صحا الليل والنهار أرأيتم ما أنفق منذ خلق السموات والأرض فإنه لم يغظ ما في يمنيه شف كيف؟ أي نعم لم ينقص، وقال الله في الحديث القدسي: يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل إنسان مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا غمس في البحر وهل ينقص في البحر شيئا؟ لا، فالله عزوجل لا يحصي أحد هباته أبدا حتى بالنسبة لك أنت بنفسك لا تحصيه هبات الله لك وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها .

Webiste