تم نسخ النصتم نسخ العنوان
تفسير الآية : (( فكيف إذا جمعناهم ليومٍ لا ر... - ابن عثيمين  فكيف إذا جمعناهم ليوم لاريب فيه ووفيت كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون  أي فكيف تكون حالهم كيف تكون حالهم في هذا الوقت إذا جمعناهم ليوم لاريب فيه، والاستف...
العالم
طريقة البحث
تفسير الآية : (( فكيف إذا جمعناهم ليومٍ لا ريب فيه ووفيت كل نفسٍ ما كسبت وهم لا يظلمون )) .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
فكيف إذا جمعناهم ليوم لاريب فيه ووفيت كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون أي فكيف تكون حالهم كيف تكون حالهم في هذا الوقت إذا جمعناهم ليوم لاريب فيه، والاستفهام للعظيم يعني ما أعظم ما تكون حالهم في تلك اليوم وما أشد حسرتهم إذا جمعناهم ليوم لاريب فيه أي جمعناهم لهذا اليوم أي فيه، واللام تأتي دائما بمعنى في ويسمونها لام التوقيت ومنه قوله تعالى: يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن أي في قبل عدتهم أي في استقبال عدتهم، فاليوم لاريب فيه أي جمعوا لهذا اليوم أي فيه وهو يوم القيمة . وقوله: لاريب فيه إما أنه خبر بمعنى النهي المعنى: لا ترتابوا فيه، أو أنه خبر على حقيقته والمعنى أن الله عزوجل يخبر عن هذا اليوم بأنه لاريب فيه أي لاريب في وقوعه، وهذا اليوم قد دل عليه الكتاب والسنة والعقل، أما الكتاب فما أكثر الآيات التي فيها إثبات اليوم الآخر، وما أكثر الأمثال التي يضربها الله عزوجل لإثبات هذا اليوم ببعث الخلائق، وأما في السنة فكثير أيضا إثبات هذا اليوم، وأما في العقل فلأن العقل يدل بالضرورة على أن هذه الخليقة لابد أن يكون لها معاد تحاسب عليه على ما أمرت به لأنه ليس من المعقول أن ينشئ الله خليقة يأمرها وينهاها ويبعث إليه الرسل وينزل عليها الكتب ويستباح دماء من لم ينقد لهذه الكتب ويتبع هؤلاء الرسل ثم تكون النتيجة أن تموت هذه البشرية ولا تبعث تكون ترابا، لو وقع هذا الفعل من أي أحد لقيل هذا سفه من أسفه السفه، لو أن الإنسان صنع ثوبا وخاطه وأتقنه ومن أحسن ما يكون ثم في النهاية أحرقه لعد الناس كلهم هذا سفها فكيف بهذه الخليقة التي خلقها الله عزوجل وأنزل عليها الكتب وأرسل إليها الرسل وأباح دماء وأموال من لم ينقد بهذه الكتب ويتبع هؤلاء الرسل ثم تكون النتيجة أن تتلف هذه الخليقة بدون أي معاقبة وبدون أي حساب، فالكتاب والسنة والإجماع والعقل كلها دلت على ثبوت هذا اليوم الذي قال الله فيه: فكيف إذا جمعناهم ليوم لاريب فيه . ووفيت كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون وفيت يعني أعطيت ومنه قولهم: وفاه حقه أي أعطاه حقه وافيا، وقوله: كل نفس من البشر؟ أو من غيرهم؟ من البشر والجن يعني من المكلفين الذين أمروا ونهوا هم الذين يوفون أجورهم أما من لم يتوجه إليه أمر ولا نهي فإنه يجمعون يوم القيمة ولكن ليس لهم أعمال يجازون عليه فلا يشملهم قوله: ووفيت كل نفس ما كسبت كيف تكون حال هؤلاء الذين تولوا وهم معرضون؟ تكون أسوأ حال ـ والعياذ بالله ـ لأنهم ينظرون إلى الناس وقد جوزوا بالثواب العظيم وإلى أنفسهم وقد جوزوا بالعذاب المهين فتكون أعمالهم حسرات عليهم ـ والعياذ بالله ـ يوم القيمة ولا يستفيدون لا من دنياهم ولا من أخراهم . وقوله: كل نفس ما كسبت يعني من خير أو شر بدليل العموم في كلمة: ما، ولكن كيف توفى؟ أم الخير فيوفى العامل الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، وأما في الشر فيوفى السيئة بمثلها إن لم يعفوا الله عنه، قد يعفوا الله عنه وقد يكون له أعمال صالحة تكفر هذه السيئات، فجزاء الله عزوجل وتوفيته للأعمال دائر بين الفضل والعدل، بين الفضل في أهل الخير، والعدل في أهل السوء، أما القسم الثالث وهو الجور والظلم فهذا ممتنع ولهذا قال: وهم لا يظلمون لا يظلمون فلا ينقص من حسناته ولا يزاد في سيئاته، ونحن نعلم أن من أوفى غيره حقه فلا يخلوا من ثلاث حالات، إما أن يوفيه بالفضل أو بالعدل أو بالجور إلا الله عزوجل فإن وفائه دائر بين العدل والفضل، وأما الجور والظلم فهذا ممتنع كقوله تعالى: ولا يظلم ربك أحدا ما ربك بظلام للعبيد ومن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا يخاف ظلما ولا هضما وفي الحديث القدسي أن الله تعالى قال: يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا . والآن نرجع إلى فوائد الآية التي ذكرناها.

Webiste