قال الله تعالى : << وإذ قال موسى لقومه اذكروا نعمة الله عليكم إذ جعل فيكم أنبياء وجعلكم ملوكا و ءاتاكم مالم يأت أحدا من العالمين >>
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
ثم قال الله تبارك وتعالى: وإذ قال موسى لقومه يا قوم اذكروا نعمة الله عليكم وإذ قال موسى إذ هذه ظرف ، ومن القواعد المقررة عند النحويين أن كل ظرف أو جار ومجرور فلابد أن يكون له متعلق ، لأنه لا يقع إلا مأمورا أو مأمورا فيه ، إن كان ظرفا فمأمور فيه وإن كان جار و مجرور فهو في محل المفعول به فيكون معمولا فيه ، إذا لابد لكل ظرف أو جار ومجرور لابد له من متعلق ، هذا المتعلق هو الآن في الواقع ، ولهذا قال الإمام مالك:
لابد للجار من التعلق بفعل أو معناه نحو مرتق
وجه ذلك أن نقول إنه لابد منه لأن الظرف مفعول فيه فلابد من فعل يقع فيه ، والجار والمجرور في محل المفعول به ، فيكون: وإذ قال موسى إذ هذه ظرف تحتاج إلى عامل أرى أن جميع المعربين إلا من لا نقدر على إعرابهم في القرآن الكريم كلما جاءت إذ غالبا يقدرون لها: اذكر إذ قال ، وهنا هل نقول إن متعلق إذ اذكر فيكون هنا الخطاب موجها إلى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، أو أن المراد اذكروا أي يا أهل الكتاب ، نقول يحتمل هذا وهذا ، فإن كان الثاني فمعناه أن الله سبحانه وتعالى بنفسه يذكره وإن كان الأول فمعناه أنه أمر رسوله أن يذكرهم ومؤدى المعنيين واحد ، اذكروا إذ قال موسى لقومه وهم بنو إسرائيل . يا قوم اذكروا نعمة الله عليكم يا قوم ناداهم مناداة البعيد ، قال أهل البلاغة: وهذا يدل على إعراضهم و صدودهم وعلى بلاهتهم ، ولاشك أن بني إسرائيل من أشد الناس عتوا حتى على نبيهم موسى عليه الصلاة والسلام ، ولذلك قال: يا قوم اذكروا نعمة الله عليكم والنعمة هي الإفضال والإحسان ، والمراد اذكروا هذه النعمة لتقوموا بشكرها . ثم بين هذه النعمة فقال: إذ جعل فيكم أنبياء هذه إذ متعلق بأنبياء ، لأنها بمعنى إنعام أي اذكروا إنعام الله عليكم إذ جعل فيكم أنبياء . وقوله: إذ جعل فيكم في هذه للظرفية ، وينبغي أن نجعلها على معناها وألا نجعلها بمعنى من منكم أنبياء ، بل نقول فيكم ، لأن النبي يكون من ثقة قومه ومن أشراف قومه وهي كقوله تعالى: وهو الذي بعث في الأميين رسولا منهم إذ جعل فيكم أنبياء و أنبياء فيها قراءتان: أنبياء و أنبئاء وكلاهما قراءة صحيحة لأنهما سبعيتان . وهل المراد هنا بالأنبياء الرسل أو الأنبياء الذين دون الرسل ؟ يحتمل هذا وهذا ، لأن فيهم رسلا وفيهم أنبياء بلا رسالة . وجعلكم ملوكا إذ سيره ملوكا ، وتأمل الفرق بين الأنبياء والملوك ، الأنبياء قال: فيكم أنبياء ، والملوك قال: جعلكم ملوكا فهل معنى العبارة الثانية كالأولى ولكنه جعل الملك عاما ، لأن أي واحد منهم يمكن أن يكون ملكا بخلاف النبوة فإنها من عند الله، ولهذا قال: فيكم أنبياء ولم يقل: جعلكم ملوكا، أو يقال جعلكم ملوكا والملوكية هنا اعتبارية أي باعتبار كونكم خدما أذلاء لآل فرعون أصبحتم الآن أحرارا تملكون أنفسكم ولا أحد يقيدكم بما يريده ؟ الجواب يحتمل هذا وهذا ، يحتمل بمعنى جعلكم ملوكا أي جعل فيكم ملوك، ولكنه في النبوة قال: فيكم أنبياء لأنه ليس كل أحد يستطيع أن يكون نبيا بخلاف الملك فإنه ربما يكون أي واحد ملكا ، أو أن المراد بالملكية هنا الملكية النسبية يعني باعتبار أنكم كنتم أذلاء وخدما لآل فرعون أصبحتم الآن مالكين لأنفسكم ، ولاشك أن هذا وهذا حصل . وآتاكم ما لم يؤت أحدا من العالمين آتاكم بمعنى أعطاكم ، والفرق بين أتاكم و آتاكم أن أتاكم بمعنى جاءكم، و آتاكم بمعنى أعطاكم ، ولهذا آتاكم تنصب مفعولين ، لكن ليس أصلهما المبتداء والخبر ، المفعول الأول في هذه الآية الكاف والثاني من ، يعني الذي لم يؤت أحدا من العالمين . وقوله: لم يؤت أصلها لم يؤته لكن حذف العائد الذي يعود على اسم الموصول، والأصل ما لم يؤته أحدا من العالمين ، وعلى هذا فتكون أحدا مفعولا ثانيا أو أولا ؟ ثانيا نعم . أحدا من العالمين أي من العالمين الذين سبقوكم ، بل والذين في وقتكم، وهنا تأمل أنه لم يقل عليه الصلاة والسلام: ما لم يؤتي، ما لم، بل قال: ما لم يؤت وبينهما فرق ، لو قال: ما لم يؤتي صار بنو إسرائيل أو صار قوم موسى أكبر الناس إلى يوم القيمة ولم يعط أحد مثلهم ، لكن إذا قال ما لم يؤت يعني في الماضي وهو كذلك لأن الله تعالى آتى هذه الأمة ـ والحمد لله ـ ما لم يؤت بني إسرائيل ولا غيره . ثم قال: يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم نستمر أو في أسئلة ؟ نستمر طيب . يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة الظاهر نأخذ الفوائد ؟ طيب الفوائد .
لابد للجار من التعلق بفعل أو معناه نحو مرتق
وجه ذلك أن نقول إنه لابد منه لأن الظرف مفعول فيه فلابد من فعل يقع فيه ، والجار والمجرور في محل المفعول به ، فيكون: وإذ قال موسى إذ هذه ظرف تحتاج إلى عامل أرى أن جميع المعربين إلا من لا نقدر على إعرابهم في القرآن الكريم كلما جاءت إذ غالبا يقدرون لها: اذكر إذ قال ، وهنا هل نقول إن متعلق إذ اذكر فيكون هنا الخطاب موجها إلى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، أو أن المراد اذكروا أي يا أهل الكتاب ، نقول يحتمل هذا وهذا ، فإن كان الثاني فمعناه أن الله سبحانه وتعالى بنفسه يذكره وإن كان الأول فمعناه أنه أمر رسوله أن يذكرهم ومؤدى المعنيين واحد ، اذكروا إذ قال موسى لقومه وهم بنو إسرائيل . يا قوم اذكروا نعمة الله عليكم يا قوم ناداهم مناداة البعيد ، قال أهل البلاغة: وهذا يدل على إعراضهم و صدودهم وعلى بلاهتهم ، ولاشك أن بني إسرائيل من أشد الناس عتوا حتى على نبيهم موسى عليه الصلاة والسلام ، ولذلك قال: يا قوم اذكروا نعمة الله عليكم والنعمة هي الإفضال والإحسان ، والمراد اذكروا هذه النعمة لتقوموا بشكرها . ثم بين هذه النعمة فقال: إذ جعل فيكم أنبياء هذه إذ متعلق بأنبياء ، لأنها بمعنى إنعام أي اذكروا إنعام الله عليكم إذ جعل فيكم أنبياء . وقوله: إذ جعل فيكم في هذه للظرفية ، وينبغي أن نجعلها على معناها وألا نجعلها بمعنى من منكم أنبياء ، بل نقول فيكم ، لأن النبي يكون من ثقة قومه ومن أشراف قومه وهي كقوله تعالى: وهو الذي بعث في الأميين رسولا منهم إذ جعل فيكم أنبياء و أنبياء فيها قراءتان: أنبياء و أنبئاء وكلاهما قراءة صحيحة لأنهما سبعيتان . وهل المراد هنا بالأنبياء الرسل أو الأنبياء الذين دون الرسل ؟ يحتمل هذا وهذا ، لأن فيهم رسلا وفيهم أنبياء بلا رسالة . وجعلكم ملوكا إذ سيره ملوكا ، وتأمل الفرق بين الأنبياء والملوك ، الأنبياء قال: فيكم أنبياء ، والملوك قال: جعلكم ملوكا فهل معنى العبارة الثانية كالأولى ولكنه جعل الملك عاما ، لأن أي واحد منهم يمكن أن يكون ملكا بخلاف النبوة فإنها من عند الله، ولهذا قال: فيكم أنبياء ولم يقل: جعلكم ملوكا، أو يقال جعلكم ملوكا والملوكية هنا اعتبارية أي باعتبار كونكم خدما أذلاء لآل فرعون أصبحتم الآن أحرارا تملكون أنفسكم ولا أحد يقيدكم بما يريده ؟ الجواب يحتمل هذا وهذا ، يحتمل بمعنى جعلكم ملوكا أي جعل فيكم ملوك، ولكنه في النبوة قال: فيكم أنبياء لأنه ليس كل أحد يستطيع أن يكون نبيا بخلاف الملك فإنه ربما يكون أي واحد ملكا ، أو أن المراد بالملكية هنا الملكية النسبية يعني باعتبار أنكم كنتم أذلاء وخدما لآل فرعون أصبحتم الآن مالكين لأنفسكم ، ولاشك أن هذا وهذا حصل . وآتاكم ما لم يؤت أحدا من العالمين آتاكم بمعنى أعطاكم ، والفرق بين أتاكم و آتاكم أن أتاكم بمعنى جاءكم، و آتاكم بمعنى أعطاكم ، ولهذا آتاكم تنصب مفعولين ، لكن ليس أصلهما المبتداء والخبر ، المفعول الأول في هذه الآية الكاف والثاني من ، يعني الذي لم يؤت أحدا من العالمين . وقوله: لم يؤت أصلها لم يؤته لكن حذف العائد الذي يعود على اسم الموصول، والأصل ما لم يؤته أحدا من العالمين ، وعلى هذا فتكون أحدا مفعولا ثانيا أو أولا ؟ ثانيا نعم . أحدا من العالمين أي من العالمين الذين سبقوكم ، بل والذين في وقتكم، وهنا تأمل أنه لم يقل عليه الصلاة والسلام: ما لم يؤتي، ما لم، بل قال: ما لم يؤت وبينهما فرق ، لو قال: ما لم يؤتي صار بنو إسرائيل أو صار قوم موسى أكبر الناس إلى يوم القيمة ولم يعط أحد مثلهم ، لكن إذا قال ما لم يؤت يعني في الماضي وهو كذلك لأن الله تعالى آتى هذه الأمة ـ والحمد لله ـ ما لم يؤت بني إسرائيل ولا غيره . ثم قال: يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم نستمر أو في أسئلة ؟ نستمر طيب . يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة الظاهر نأخذ الفوائد ؟ طيب الفوائد .
الفتاوى المشابهة
- جاء في القرآن عن بعض الأنبياء قوله تعالى ((... - ابن عثيمين
- يسأل عن الصلاة عن الأنبياء يقول هل يجوز الصل... - ابن عثيمين
- هل يؤخذ فائدة من الآية (( وإذ قلتم يا موسى )... - ابن عثيمين
- شرح قول ابن مالك رحمه الله: و ألزموا إضافة إ... - ابن عثيمين
- فوائد قوله تعالى : << وإذ واعدنا موسى ......... - ابن عثيمين
- تفسير قوله تعالى: (إذ دخلوا عليه فقالوا سلاما. - ابن عثيمين
- قال الله تعالى : << ولوطا إذ قال لقومه إنكم... - ابن عثيمين
- شرح قول المصنف وقوله : ( وإذ نادى ربك موسى أ... - ابن عثيمين
- تتمة الأسئلة - ابن عثيمين
- سؤال في قوله تعالى: (( وإذ استسقى موسى لقومه... - ابن عثيمين
- قال الله تعالى : << وإذ قال موسى لقومه اذكرو... - ابن عثيمين